نحن الآن فى منتصف رمضان. شهر الخير، والفوازير وبرامج التسالى والتهريج والتجريح.. والدراما، فهناك 60 مسلسلا يتابعهم الملايين عبر شاشات التليفزيون، فينتهى مسلسل ليبدأ التالى. وهو ما اعتبره خبراء إحياء للدراما المصرية لكنى أتوقف أمام واحد من تلك المسلسلات وهو «حرب الجواسيس» الذى يتناول قصة سامية فهمى المأخوذة عن المخابرات المصرية، فنصفه حتى الآن موسيقى تصويرية رتيبة وحزينة وكئيبة، ونصفه الآخر مراقبات «واحد يمتطى فيسبا نصف سلندر ليراقب شخصا يقود سيارة سريعة». وناس تدخل من باب لتخرج من باب آخر. وسيارة تمضى فى طريق بين بولندا وألمانيا مثلا، فيقطع بك مخرج المسلسل المسافة كاملة فى رحلة طويلة مملة. والممثلون يتحدثون ببطء شديد لعله الظن بأنها لغة العصر وزمن الستينيات الأبيض والأسود. وقدم لنا المسلسل حتى الآن رجال المخابرات المعروف عنهم الذكاء فى صورة لا تليق بهم، وغير حقيقية، فهم يندهشون دهشة مفزعة عندما يشاهدون فتاة تدخل فندقا.. مجرد دخولها الفندق يثير الفزع، فتصدر الأوامر للتحرك لمراقبتها دون أن نعرف سببا واضحا لذلك وهذا كله فى إيقاع بطىء جدا. مع أن السينما والدراما الغربية تعاملت مع قصص الجاسوسية بإيقاع سريع لا يمنحك الفرصة كى تتثائب!. نكت هذا المسلسل لم تنته بعد، فالأخ المدعو نبيل، لم ينطق بشىء حتى الحلقة الثانية عشرة، وسامية فهمى لم تبدأ عملها فى الجاسوسية بعد، فماذا ينتظرون.. هل رمضانهم 50 يوما؟! البرامج نصفها حوارات جيدة، تكشف الأسرار بشياكة، كما فى برنامج فيش وتشبيه وبطلته لميس الحديدى التى قدمت حلقات مثيرة مع أشرف السعد ورامى لكح وياسين منصور.. ونصف البرامج الآخر عبارة عن نكت وتهريج، وضحك على الضيوف فى تكرار لأفكار سابقة مستخدمة من قبل، كما فى برنامج حيلهم بينهم كمان وكمان. ولا أفهم لماذا الاحتفاظ بالاسم الخليجى للبرنامج.. هل هو ضمن حقوق الملكية الفكرية أم أنه استخدام واستغلال لنجاح سابق؟! طونى خليفة حامل لواء برامج من نوعية ثالثة، يطلق عليها برامج الاستفزاز. وهو مذيع لبنانى متمكن وواثق من نفسه، ويملك كل المقومات الشخصية التى تمنحه ألف سلاح فى مواجهه ضيوفه، باعتبار أن تلك المواجهات فكرية وعقلية تهدف إلى كشف جوانب غير مرئية وغير معروفة عن الشخصية العامة. ولست ضد تألق أى مذيع لبنانى أو عربى فى القاهرة، فقد حظى جورج قرداحى بالحب والاحترام من الجميع، وهو يبدع بالثقافة والحوار الراقى.. لكن أسلوب طونى خليفة يستحق وقفة، فالمواجهات بين المذيع والضيف ليست حروبا أو مبارزة يتصارع فيها المجالدون الرومان، أمام القيصر وحاشيته فى الكوليزيوم، وتنتهى بمقتل مصارع. ويبدو أن طونى خليفة، يرى استوديو برامجه مثل حلبة المصارعة الرومانية، وهو يقع فى بعض الحلقات أسيرا لفكرة مطاردة الضيف كى يستسلم، ظنا منه، كما يظن عشرات المذيعين، أنها مباراة يستعرض فيها المذيع قوته الذهنية أمام المشاهد، وأنه ينتصر ويوصف بالذكاء حين ينهار ضيفه.. والأسوأ من ذلك أن المذيع، يعتقد أن ضيوفه حضروا إليه كى يفعل معهم كما يفعل «بائع الفطير فى العجين»، دون أن يسمح لهم بالاعتراض بكلمة.. من أين أتى هؤلاء بهذه الظنون؟! طونى خليفة كان منحنيا أمام ذكاء ومنطق الفنانة يسرى، ومتراجعا ومترددا أمام قوة شخصية الفنان حسين فهمى، وهزمه الأستاذ مفيد فوزى، عندما رد على سؤال مستعينا بزميل طونى المعروف زاهى وهبى، وكنت أفضل أن ينهض أستاذنا ويغادر بعد السؤال الأول.. وقد قدم طونى واحدة من أسوأ حلقاته مع الفنانة مريم فخر الدين، خرج فى تلك الحلقة عن الذوق واللياقة واللباقة، وقدم عرضا فى إيذاء المشاهدين بإيذاء الضيفة، دون احترام لتاريخها السينمائى أو لعمرها وكبر سنها.. أو حتى مراعاة لأنفاسها التى كانت تلهث حتى تلتقطها.. لقد شعرت بضيق شديد عندما تابعت تلك الحلقة، شعرت بالضيق، حين كان طونى خليفة يشهر سيفه فى وجه من لا تملك قوة حمل قلم رصاص.. تلك ليست شجاعة، ولا هى براعة، ولا علاقة لها بالفن التليفزيونى.. هذا الفن الذى يجب أن يحترم فيه مقدم البرنامج ضيوفه، ويحتفى بهم، ويسألهم فى فنهم، وفى ملعبهم، دون الخروج إلى الحياة الخاصة.. فما هى علاقة الفنانة هند صبرى بسؤال عن الجنس قبل الزواج.. ما هذا الإسفاف.. لماذا يا طونى؟!.