وردت إلى «الشروق» أسئلة عديدة عن القروض سواء العقارية أو السيارات، وقبل أن نجيب عنها، يستعرض اليوم الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى فى الأزهر سابقا معنى المال الحلال ثم يتحدث غدا عن المال الحلال الطيب، حتى يوضح للقراء الأساس الذى يجب الاستناد إليه، ومنه يتم الحكم على القروض. يقول الشيخ جمال قطب: إن المال هو مال الله الخالق لكل شىء أعاره لنا ليختبرنا كيف نتصرف فيه، ومدى التزامنا بضوابط الشرع إنتاجا واستهلاكا وإدخارا، وأول ضوابط المال، كيفية الحصول عليه والوصول إليه. حتى يصبح مالا حلالا يمكن حيازته، والمال الحلال يصل من أحد مصادر أربعة، الكسب الحلال الموافق للشرع وثانيا الهبة أو الهدية ممن يملك وثالثا الميراث الشرعى، وآخرها ما يخصص بطريق شرعى وقانونى من المال العام دون مجاملة او محسوبية. وأفضل المصادر الأربعة، المصدر الأول المتمثل فى كسب الإنسان بجهده البدنى أو المالى أو العقلى فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) «خيركم من أكل من عمل يده، وإن نبى الله داوود خير من أكل من عمل يده»، وكذلك رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فكان يرعى الغنم ويعمل بالتجارة، فالجهد البشرى أطيب العمل وأفضل الكسب. ثم يأتى ميراث الإنسان من مورثيه فهذا كسب طيب إذ يحصل الفرد عليه بحكم علاقة القربى أو الرحم أو الزوجية فكل ما يصل إليك ميراث شرعى فهو مال حلال لك حرية التمتع به والتصرف فيه وذلك دون تطفل من الوارث ولا عبث بالحقوق الشرعية. ثم الهدايا التى يتبادلها الناس محبة وتقاربا على أن تكون الهدية ممن يقدر عليها دون إرهاقه ومما ينتفع المتلقى غير مشروط بغير المحبة الخالصة فى الله تعالى لا ينتظر لها بدلا ولا مثلا. وآخر مصادر المال الحلال هو ما تتيحه الجهات الرسمية الحقيقية من الأموال العامة وتعطيه للأفراد المتساوين فى المراكز القانونية دون تفاضل ولا محاباة. وكما يشترط للمال العام فى المعطى أن يكون ذا سلطة شرعية صحيحة وألا يجامل أو يفاضل فإنه يشترط فى الآخذ أن يكون محتاجا وأهلا لهذا المال وإلا رده، والمال العام لا حق فيه إلا للمحتاج والعاجز أو القائم بعمل عام فيقوم فى المال العام أو الوصى فى مال اليتيم «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا» (النساء 6) وهذا هو الإطار العام للمال الحلال الذى يمكن الحصول عليه، أما الاحتفاظ بالمال والانتفاع به فلابد أن يصبح المال الحلال طيبا... وغدا نكمل الحديث عن المال الحلال الطيب.