البداية الصحيحة للإصلاح الرياضي قيام الجمعيات العمومية للاتحادات والأندية بدورها الذي حدده القانون أي الرقابة والمحاسبة الواعية لتحقيق الصالح العامة وأظن أن تراجع الأداء الرياضي فأي مكان يعود إلى غياب المرجعية والرقابة، وقد تعودنا على تصدي الحكومات بكل الأدوار الحاضنة والراعية بداية من الدعم المالي غير العادل وانتهاء بتجاهل مظاهر الفساد المنتشر في معظم الهيئات الرياضية. غطاء الدولة كان موروثا من عهود الأنظمة الشمولية عندما كانت تقوم بكل المهام وتغض البصر عن الأخطاء والمخالفات والتجاوزات حتى لا تدين نفسها، ولكن هذا الوضع لم يعد قابلا للاستمرار عقب ثورة 25 ينايرالتي فضحت الممارسات الظالمة وفي الجانب الرياضي لعبت سياسة "العين الحمراء" التي طبقتها اللجنة الأوليمبية الدولية دورا حاسما في محاربة ما يسمى بالتدخلات الحكومية في شئون الهيئات الرياضية ونجحت نسبيا في الحد من هذه التجاوزات التي تغطي على الفساد بل وتضفي عليها بعض الشرعية الزائفة وتبطش بالشرفاء أحيانا. وهنا يبرز أهمية تعظيم دور الجمعيات العمومية التي تضم أسرة اللعبة المعنية برقابة أعمالها وتطويرها وتطهيرها من الفساد إن وجد وتجديد الثقة في مجالس الإدارة أو سحبها إذا ثبت بأدلة دامغة ارتكاب مخالفات جسيمة. والظاهر أن الجمعيات العمومية باعتبارها شريحة من شرائح المجتمع كانت غائبة أو مغيبة بل وطالها الفساد وهنا تبدو خطورة الواقع الرياضي في مصروالذي كان قائما طوال سنوات وشهد تفشي المخالفات واحتكار المناصب والظلم وإهدار المال العام وانتهاك اللوائح والقوانين. وفي تقديرنا أن قيام عدد كبير من أعضاء أسرة كرة القدم المصرية بالتحرك والدعوة إلى اجتماع منظم في مدينة الأقصر بالصعيد ثم اجتماع آخر في المنصورة ربما يعقبه ثالث بالقاهرة أسفرت عن الاتفاق على سحب الثقة من اتحاد الكرة تعتبر مبادرة هي الأولى من نوعها في طريق انتزاع حق ممارسة الديمقراطية الرياضية ومحاسبة المخطئين وتطبيق نوع من الرقابة الصارمة على المال العام الذي يتم إهداره دون حسيب أو رقيب. الجمعية العمومية لكرة القدم المصرية تضرب المثال وتأخذ زمام المبادرة وترفض الاستسلام لمحاولات إخضاعها لإغراء يتم حاليا بمبالغ مالية تحت ستار دعم الأندية الكادحة في حين أنها رشوة صريحة تتسلمها قبل ساعات من الاجتماعات حتى توافق على تمرير المطلوب من انتهاك للوائح وإهدار المال العام وللأسف تكررت هذه المشاهد حتى أصبحت تقليدا معلوما للجميع في الساحة الرياضية ولم يكن بمقدور الدولة إيقاف هذا السلوك المدمر تجنبا لاتهامات التدخل الحكومي التي كانت تواجه بمنتهى التشدد من جانب المجتمع الرياضي الدولي. ورغم قيام الثورة يبدو أن اتحاد الكرة نائما في العسل غير مستوعب زلزال التغيير الشامل وانهيار أركان الفساد الذي كان منشرا ولم تبرأ الحركة الرياضية من آثاره، فقد صدر بعد تردد قرار استئناف الدوري بجميع درجاته، لكن سمير زاهر طرح منفردا الاكتفاء بالدوري الممتاز وإلغاء الهبوط متجاهلا الأغلبية الصامتة من الأندية القاعدة الحقيقية للعبة في مأزق خطير، ربما يتسبب في إفلاس وإغلاق معظمها وعندما شعر الاتحاد بخطورة صحوة الجمعية العمومية التي كان يتلاعب بها دوم ويتحصن بها أمام المخالفات المتكررة قام بالأغرب وطلب من المجلس العسكري الأعلى الذي يدير البلد فتوى حول إقامة دوري الدرجتين الثالثة والرابعة وإلغاء الهبوط وهى من صميم اختصاص اتحاد اللعبة مما يعكس فساد الفكر والإدارة والممارسة. الجمعية العمومية للكرة المصرية إذا امتلكت الإرادة والشجاعة واستعادت حقها الشرعي في محاسبة الاتحاد عن أخطائه ومخالفاته وتجاوزاته سيكون ذلك بداية الطريق الحقيقي للإصلاح الرياضي. المفاجآة الاعتراف الذي أدلى به عبر الفيسبوك عضو رابطة المشجعين عن قيامه بالمشاركة في الاعتداء على أتوبيس منتخب الجزائر بالقاهرة في نوفمبر 2009 واعترافه بأن ذلك الحادث المفجع تم بإيعاز وتحريض من سمير زاهر وأيمن يونس ربما يكون رصاصة الرحمة. آخر كلام لماذا غابت أندية الأهلي والزمالك والإسماعيلي عن مبادرة أندية الجمعية العمومية ولماذا تعمدت تحاشي الانضمام للصحوة ضد الفساد؟ سؤال يعكس الواقع الرياضي. *