التغيير للأفضل في المجال الرياضي يجب أن يتم من خلال الشرعية ولذلك لم أعجب لفشل ما يسمى بمليونية جمعة التطهير الرياضي في القاهرة والتي شارك فيها ما لا يزيد على 300 شخص اصطدموا بمعارضين على شاكلتهم لهم مطالب فئوية أخرى وبلطجية ممن اختاروا ميدان التحرير موطنا ثابتا وملاذا آمنا ومشهدا ممتعا يكسر الملل ويضاعف من أرزاقهم في أغلب الأحيان. الصدمة كانت شديدة لمنظمي هذه المظاهرة فلم يجدوا مساندة أو حتى مباركة من رياضيين آخرين وخرجوا منها حاملين خيبة الأمل غير مصدقين ما حدث واكتفى المتحمسون منهم بالقول إنهم أوصلوا الرسالة، ولم يوضحوا إلى من أرسلوها؟ هم طالبوا بإقالة سمير زاهر ومجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم. وفي ظني أن المظاهرات والمسيرات والهتافات والاعتصامات لن تخدم ولن تكون وسيلة لطرد سمير زاهر من الجبلاية، فما حدث في ثورة 25 يناير مع الرئيس السابق أسهل كثيرا من الإطاحة برئيس اتحاد الكرة في أي بلد في العالم، والمدهش أن الغاضبين يعلمون الحقيقة ويتجاهلونها متصورين أن بضعة متظاهرين في التحرير سينهون المشكلة ويخرج سمير زاهر ويأتي رئيس جديد "على المزاج"، ولكن الحقيقة أن الدولة بكل صلاحياتها التى تخول لها إقالة أي مسئول حتى على وزن وزير الداخلية الأخير الذي أطاحوا به في مظاهرة، لا تستطيع ولا تملك الاقتراب أو المساس برئيس اتحاد الكرة. هم يعلمون أن المؤسسات الرياضية لها معاييرها الخاصة جدا التي تكفل لها الاستقلالية وتوفر لها الحصانة ضد التدخلات الحكومية، والأمثلة متعددة في كثير من الدول عندما اضطرت الحكومات إلى الإطاحة باتحادات ولجان أوليمبية لأسباب تراها مقنعة ودرءا للفساد، فتكون النتيجة وقفة صارمة من الاتحاد الدولي، ولفت نظر ثم إنذار، وتلويح بتجميد النشاط الرياضي الدولي وينتهى إلى إيقاف النشاط كله. المؤسسات الرياضية الدولية تحمي الاستقلالية لكنها لا تتستر على الفساد، وتحث الجمعيات العمومية بالوقوف بصلابة ضد المخالفات الإدارية والمالية ومحاسبة الاتحادات وإذا اقتضى الأمر لها الحق في سحب الثقة، وفي المقابل ترفض بشدة التدخلات الحكومية حتى لو بالحق. المتظاهرون في جمعة التطهير الرياضي {عارفين كده} ومع ذلك هتفوا مطالبين الحكومة بإقالة زاهر وفرقته، ونحن معهم في الرأي فقد ارتكب اتحاد الكرة من الأخطاء والتجاوزات الكثير سواء في تراجع معايير الشفافية في الإدارة وغياب مفهوم العمل الجماعي وغموض القرارات وسياسة تسريب المعلومات واستقطاب رؤساء الأندية الفقيرة وتقديم الأموال لهم بشكل يثير الريبة والشكوك قبل اجتماعات الجمعيات العمومية، والالتفاف على سياسات التسويق وبيع حقوق البث الفضائي. اتحاد الكرة يستحق الإقالة منذ شهور لسوء تعامله مع كرة القدم كلعبة لها ثقلها الشعبي ولم يكن نزيها في تطبيق العدالة على الأندية، وارتكب إهمالا جسيما ستدفع الكرة المصرية ثمنه غاليا في عدم الاستعداد القانوني والإداري والفني لبدء دوري المحترفين ابتداء من عام 2012 ولا يوجد مؤشر واحد يفيد بالتحضير لهذه النقلة التاريخية والخطيرة، والغموض يلف الجميع، والدولة تراقب وتعلم بالانهيار لكن لا تملك التدخل خوفا من الحصانة الدولية. الخطايا لا تحصى والتصدى لها يجب أن يتم من خلال جمعية عمومية جادة تفهم ما تفعله ومتوحدة لإصلاح المسيرة وتطهير الاتحاد وفي ظني أن التجمع الجديد للأندية المعارضة الذي يعتزم سحب الثقة خلال أيام، يواجه عقبات من صنع سمير زاهر وفرقته وأولاها البحث عن مكان بعد اعتذار دار الدفاع الجوي عن استضافة الاجتماع دون إبداء الأسباب، وأخشى أن يكون انضمام نادي الزمالك بثقله، مصدرا للخلاف وليس القوة بسبب عدم تماسك النادي واحتمالات عدوله في آخر لحظة رغم إعلانه استضافة لقاء تمهيدي قبل جمعية سحب الثقة. التطهير تملكه الجمعية العمومية المتضررة من سياسات زاهر وليس شرذمة من المتظاهرين في ميدان التحرير، فهل تنجح؟ *