ياسر أيوب..........2010/12/20 لا أعرف ما الذى يمكن أن يقوله الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة، حين سيضطر لمواجهة الناس فى الحادى والثلاثين من ديسمبر بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة على انتهاء مباراة القمة بين الأهلى والزمالك وما قد تشهده من حوادث عنف وشغب وإجرام قد لا تبقى مقصورة على استاد القاهرة وحده وإنما قد تنتقل إلى شوارع وميادين وأحياء لا أول لها ولا آخر.. ففى حوادث الشغب التى وقعت الأيام الكثيرة الماضية.. اضطر رئيس الحكومة الأردنية لتوضيح أن الخلاف السياسى بين أهل الأردن والفلسطينيين الذين استوطنوا الأردن هو الذى أدى إلى الشغب وانفجار قنبلة الكراهية.. واضطر رئيس الحكومة الروسية لتوضيح أن خلافاً بقى مكتوماً فى الصدور بين أهل العاصمة موسكو والذين هاجروا إليها من مختلف المدن والأنحاء الروسية إلى أن فجرته كرة القدم فى مباراة لنادى سبارتاك موسكو.. واضطر رئيس الحكومة التركية للتأكيد على أن خلافات عرقية وتاريخية كانت هى الزيت التى سكبته الكرة على مباراة فى اسطنبول.. لكن ماذا سيقول الدكتور نظيف.. فلا خلافات عرقية أو سياسية أو تاريخية أو دينية أو جغرافية بين أنصار الأهلى وأنصار الزمالك.. كيف سيبرر رئيس حكومة مصر ما سيشهده استاد القاهرة فى الثلاثين من ديسمبر من عنف وكراهية ودماء تسيل دون أن يكون لها أى تفسير أو مبرر واحد.. وقد يعاتبنى أحدهم لأننى أفترض السيناريو الأسوأ وأسبق البلاء قبل وقوعه.. ولكننى شخصياً أفضل الإعلام الذى يسبق بالخوف والتحذير ويحرض على الانتباه والقلق.. وقد أتيحت لى الفرصة طيلة الأيام الماضية لرصد ظواهر كثيرة تنبئ بما سيجرى فى استاد القاهرة.. اتفاقات سرية وخطط واجتماعات يعقدها أمراء الغضب والانتقام.. وحتى لو لم ألاحظ ذلك ولم أسمع أو أعرف بما يجرى التخطيط له.. ألم يستوقفكم ما جرى فى مباراة الناديين الكبيرين لكرة السلة يوم الجمعة الماضى.. المباراة كان جمهورها ينتمى للزمالك فقط لأن جمهور الأهلى كان ممنوعاً من الدخول نتيجة سابقة شغب وخروج على القانون.. وفاز الزمالك بالمباراة.. ورغم ذلك قامت بعض جماهير الزمالك بالشغب والعنف والخروج على كل القواعد وحطموا الصالة المغطاة باستاد القاهرة.. فماذا يعنى ذلك.. ماذا يعنى شغب وعنف جمهور لم يكن هناك جمهور منافس يستفزه.. والمباراة انتهت بانتصار فريقه.. ولم تشهد المباراة طول الوقت ما يسمح لأى أحد طبيعى بالانفعال الزائد إلى هذا الحد.. أليس هذا دليلاً على أن التخطيط للعنف كان سابقاً على المباراة ومخططاً له ومقصوداً بصرف النظر عما ستشهده المباراة نفسها وأيا كانت نتيجتها.. وإذا كان ذلك كله قد جرى فى مباراة لكرة السلة.. فهل يمكن تصور أن ذلك كان مجرد بروفة أخيرة استعداداً لليلة الكبيرة فى كرة القدم يوم الثلاثين من ديسمبر.. وأرجو ألا يتخيل أحد أننى افتتحت الحديث بحيرة الدكتور نظيف لأننى أقصد تحميله المسؤولية.. لا هو ولا الأمن مسؤولان عن ذلك.. ولكنها أزمتنا كلنا.. وخطيئة الذين يتصورون أن الأمن وعصاه الغليظة هو الحل الحاسم لأى أزمة.. الذين سبق أن حاولوا تصوير المتعصبين للأهلى والزمالك باعتبارهم مجرد مدمنى مخدرات أو أبطال حفلات ماجنة.. الذين يمارسون إعلاماً يحرص على مغازلة الناس على حساب الحقيقة والضمير.. الذين يشعلون طول الوقت نيرانا على ورق أو شاشات.. والذين بدأوا تكريس مبدأ أن صاحب الحق هو صاحب الصوت الأعلى فقط والذى يصرخ طول الوقت ويشتم طول الوقت.. وللأسف.. لم يعد أحد فى بلادنا ينال حقوقه إلا إذا كان كذلك.. المحترم لا حقوق له ولا مكان أيضا.. لا فى السياسة أو الشارع ولا فى كرة القدم أيضا.. فماذا تنتظرون من مجتمع صار أصحاب الأصوات العالية فقط هم الذين يحكمونه ويقودونه فى جميع المجالات.