هذه المقالات منتقاة من الصحف المختلفة ولا تعبر عن رأي الموقع، وإنما نقدمها لحضراتكم لإبداء الرأي فيها.. من باب التعوّد لسنوات طويلة، يشعر فريق "الزمالك" تقليدياً بحالة من "الأمان" ترتبط بحالة من "وضوح الرؤية" تبث في النفس حالة من "الاستقرار" كلما نظر إلى جدول ترتيب أندية الدوري العام فوجد اسمه في المركز الثاني، لكن المشكلة بدأت عندما استيقظ الفريق ذات صباح فوجد نفسه فجأة معتلياً قمة الجدول، فما كان إلا أن أصيب بحالة من "الفزع" ترتبط بحالة من "غياب الرؤية" تبث في النفس حالة من "القلق". وبدلاً من أن يغتنم الطريق المفتوح أمامه يرتد إليه صراخه في البرية: «فين الأهلييييييييي؟» وكأنه سرق شيئاً في غفلة من الزمن ليس من حقه. شيء من هذا القبيل يحدث الآن لجماعة الإخوان المسلمين كإحدى النتائج المباشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير فور سقوط النظام. فمع كامل احترامنا لكل من الأهلي والزمالك في مجاليهما، وللإخوان المسلمين في مجالها، فإننا يمكننا بسهولة أن نستبدل بكلمة "الزمالك" في الفقرة السابقة كلمة "الجماعة"، وأن نستبدل بكلمة "الأهلي" كلمة "النظام". ولا عيب في ذلك إطلاقاً، إذ إن عقوداً طويلة من العمل من موقع "المعارضة" عوّدت الزمالك، مثلما عوّدت الإخوان، على تطوير حواس الخطر وأساليب المقاومة أكثر من تطوير حواس الثقة وأساليب القيادة. العيب ألا يدرك الطرفان، كل في مجاله، أن جميع الأطراف في مصر الآن في حالة من التعلم الإجباري فرضتها عليها ظروف درامية مفاجئة. إلى هنا تنتهي المقاربة بين فريق كرة القدم وفريق كرة السياسة. فقد فرضت الثورة على الجماعة واقعاً جديداً، مثلما فرضته علينا جميعاً، وإذا كان للزمالك نصيب من الخبرة بالمركز الأول في فترات متباعدة فلم يكن للإخوان أي خبرة به إطلاقاً على مدى أكثر من ثمانين عاماً هي عمر الجماعة، ومن ثم فإن التحدي أضخم وأخطر وتبعاته -بحكم الفارق في المقاربة- أعمق تأثيراً ليس في الجماعة وحسب، بل في مستقبل الوطن كله. سنستريح جميعاً حين نذكّر أنفسنا من وقت لآخر في هذه الفترة الاستثنائية من عمر الوطن بأننا جميعاً، على اختلاف خلفياتنا ورؤانا وأحلامنا، نمر بحالة من التعلم غير مسبوقة في حياة الوطن تملؤنا أملاً ونشوة في لحظة، وفي لحظة أخرى جزعاً وتوتراً. دعونا نستمتع باللحظتين دون إفراط فإذا كانت القلوب تطمئن في لحظة الأمل والنشوة فإن العقول تتعلم أكثر من لحظة الجزع والتوتر. وفي نهاية المطاف مصر تستفيد حين نتمكن من أن نقتنص من اللحظتين أفضل ما فيهما. ورغم ذلك، فإنني أفشل في أن أرى كيف يمكن لقيادة الإخوان المسلمين أن تستفيد حين تعلن مقاطعتها لجريدة مثل هذه الجريدة (المصري اليوم)، أو لأي وسيلة إعلام على الإطلاق، فمهما كانت الحجة لا يمكن لقرار كهذا أن يكون صحيحاً، ولا يمكن لقرار كهذا إلا أن يعيد إلى الذاكرة الطريقة التي تعامل بها نظام مبارك مع قناة الجزيرة وغيرها من أصوات تجاهد كي تكون حرة. ولأننا جميعاً نعلم ماذا كانت نتيجة ذلك في النهاية فإننا نربأ بجماعة من الوطن مؤثرة كجماعة الإخوان المسلمين أن تنحرف إلى هذا المنزلق. *