بوابة شموس نيوز – خاص كنا علي بعد شهور قليلة من انتقالنا من النوبة الغريقة الي النوبة المستنسخة .. كنا نعاني اشد المعاناة من المناخ القاسي والسكن في عمق الصحراء .. كنا قد اقمنا جسرا علي اكتاف الرجال تحمل الضحايا الذين يتساقطون من عدم التأقلم مع حياتنا الجديدة التي فرضت علينا فرضا إلي المقابر .. بعض الأرواح زهقت من وجودها في اجساد بعضنا فآثرت الاحتجاج بالهرب منها وكأنها تعاقبنا .. وكأنها تفضحنا علي ما فعلناه بأنفسنا .. بموافقتنا علي ترك بلادنا .. ضاقت تلك الارواح ببعضنا فهربت وتركت الاجساد تذهب الي المقابر .. في خضم تلك الاحداث المأساوية اعلنت الدكتورة حكمت ابوزيد وزيرة الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت زيارة قري التهجير .. وكان احد ابناء قريتي والذي كان مديرا لفرع احدي الشركات في اسوان جاء علي عجل الي القرية يحث كبار القرية والقرية الجارة قرية ابوسمبل بحسن استقبال الوزيرة .. ووضع خطة الاحتفال بقدوم الوزيرة وكيفية استقبالها وهمس احد رجالات القرية في اذنه بأنه لابد ان يكون في رفقة الوزيرة سيدة من سيدات القرية فالظروف قد يجبرها بالبوح بما لا تستطيع البوح به للرجال .. واقترح عليه ان تكون زوجته القاهرية اللهجة وايضا ال(ستايل) ان تكون مرافقة للسيدة الوزيرة .. فوافق علي الفور .. وفي اليوم المحدد لوصول الوزيرة وصلت زوجته قبلها وهنا اطلق احدهم اعيره نارية تحية للسيدة الوزيرة فرد عليه احد اقاربه وبطريقة الفنان علي الكسار (يا مغفل موش هي ديات الوزيرة وفر الطلقات ) .. ثم وصلت الوزيرة واستمعت جيدا الي شكاوي الاهالي باهتمام وبتأثر .. ويبدوا انها فوجئت مثلنا بمدي الظلم الواقع علي اناس ضحوا ببلادهم من أجل الوطن الام .. ويبدوا انها اعلنت ذلك في اجتماع لمجلس الوزراء وتقدمت باستقالتها في زمن لم يكن مسموحا فيه الاستقالة فاقيلت واختفت ولم نسمع عنها الا في السبعينات انها تقيم في ليبيا .. والدكتورة حكمت ابوزيد كانت قد زارت بلادنا الغريقة قبل الهجرة بسنوات قليلة واتذكر وكنت في ذلك الوقت في الصف السادس الابتدائي وكان قد تم تنظيم رحلة نيلية الي قرية عنيبة مقر المركز والتي تقع غرب النيل علي بعد حوالي 15 كيلومتر تقريبا من قريتنا حيث ستلقي السيدة الوزيرة خطابا لأبناء النوبة تطمئنهم علي الخير الكثير الذي ينتظرهم في المهجر وتم تحفيظنا بعض الهتافات وكان أحد اقاربي ذو الصوت الجهوري القوي واللهجة السكندرية العميقة هو من سيهتف ونقوم نحن بالترديد .. وعند كل مقطع من خطابها كان يهتف عاشت حكمت عاشت حكمت ونحن نردد .. وكان برفقة الدكتورة حكمت نائبها الاستاذ صفوت وذكرت في خطابها بأن نائبها صفوت سوف يتابع كل صغيرة وكبيرة تهم ابناء النوبة فوقف عمنا هاتفا عاشت صفوت عاشت صفوت ونحن نردد بقوة وببراءه وراءه عاشت صفوت عاشت صفوت رغم ان صفوت كان رجلا !!.. كنا نهتف ونردد دون وعي .. حيث تم استغلال طيبة النوبيين وتصديقهم بما يقولوه استغلالا سيئا خبيثا من مسئولي تلك الفترة حينما حنثوا بوعودهم من حيث البيوت التي لم تكن صحية اطلاقا وغير متوافقة مع البيئة الصحراوية وكذلك عدم استصلاح الاراضي وتسليمنا لها مزروعة كما وعدنا !!…#يحيي_صابر