روساتوم تستعرض «الحلول النووية المتقدمة» في المنتدى العربي السابع بالأردن

اختتمت الهيئة العربية للطاقة الذرية أعمال "المنتدى العربي السابع حول آفاق الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر"، الذي استضافته العاصمة الأردنية عمان خلال الفترة من 16 إلى 18 ديسمبر 2025. وشهد المنتدى حضوراً لافتاً لشركة "روساتوم" الروسية التي استعرضت أحدث ابتكاراتها في قطاع المفاعلات الصغيرة.
ركزت نسخة هذا العام من المنتدى، الذي يُعقد كل عامين، على تقنيات المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMR) وتطبيقاتها في تأمين احتياجات الدول العربية من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب.
وفي كلمة له خلال المنتدى، سلط أليكسي ليجين، ممثل شركة روساتوم، الضوء على الريادة الروسية في هذا المجال، مؤكداً أن التكنولوجيا الروسية توفر حلولاً تجمع بين السلامة القصوى والكفاءة الاقتصادية. واستعرض ليغين نماذج لمشاريع قائمة أثبتت نجاحها، وفي مقدمتها محطة "أكاديميك لومونوسوف" النووية العائمة، التي أكملت أكثر من خمس سنوات من التشغيل الآمن، متجاوزة حاجز المليار كيلوواط/ساعة من الطاقة المنتجة.
إقرأ أيضاً| روساتوم الروسية تُطلق أول مصنع ضخم لإنتاج أنظمة تخزين الطاقة ببطاريات الليثيوم
كما اشار إلى أن روساتوم كانت السباقة في بدء الإنتاج المتسلسل لمفاعلات RITM-200 الصغيرة بقدرة 55 ميغاواط، والمصممة للعمل على كاسحات الجليد النووية، إضافة إلى استخدامها في المحطات البرية والعائمة. وترى روساتوم اهتماماً متزايداً من الشركاء الأجانب بهذه الحلول الروسية. ففي العام الماضي، تم توقيع أول عقد تصدير في العالم لبناء محطة مفاعل صغير قائم على تقنية RITM-200N مع أوزبكستان، وفي مارس من هذا العام وقّعت روساتوم اتفاقية حكومية دولية مع ميانمار حول مبادئ التعاون في مجال إنشاء المفاعلات الصغيرة.
وقد ناقش المشاركون في المنتدى أيضاً إمكانات استخدام التقنيات النووية في مجالي الطب والزراعة، حيث قدّم كونستانتين بانين، رئيس العمليات الدولية في روساتوم للعلوم، الحلول الروسية في هذا المجال. وتُعد روساتوم اليوم من روّاد العالم في توريد النظائر الطبية والمستحضرات الصيدلانية المشعة، حيث تصدّر منتجاتها إلى أكثر من 50 دولة حول العالم. كما تقوم ببناء أكبر مصنع في أوروبا لإنتاج المستحضرات الصيدلانية المشعة وفق معايير ممارسات التصنيع الجيدة GMP، وتُصنّع معدات تشخيصية وعلاجية لأمراض بدرجات مختلفة من التعقيد. إضافة إلى ذلك، تعرض روساتوم على شركائها الأجانب إنشاء مرافق للبنية التحتية الطبية ومراكز متعددة الوظائف لمعالجة المنتجات الطبية والغذائية.
ومن جانبه، قدّم إيليا أوشماروف، مدير التعاون الدولي والتجارة وقائد كونسورتيوم المركز الدولي للأبحاث MBIR، عرضاً حول مفاعل MBIR البحثي السريع متعدد الأغراض، باعتباره بنية تحتية بحثية عالمية لاختبار المواد المبتكرة لأنظمة الطاقة النووية من الجيل الرابع، بما في ذلك المفاعلات ذات دورة الوقود المغلقة. وأشار المتحدث إلى أن الدول العربية تطور الطاقة النووية بشكل نشط ليس فقط لتنويع اقتصاداتها وتحقيق أهدافها المناخية، بل أيضاً لتنفيذ برامج بحثية طويلة الأمد. وأوضح أن المركز الدولي للأبحاث القائم على مفاعل MBIR يوفر فرصاً واسعة للتعاون العلمي، ويشكّل منصة شراكة مع المؤسسات العلمية والصناعية في الدول العربية التي تنظر إلى العلوم النووية كأساس للتنمية المستدامة، وأمن الطاقة، وتطوير الطب النووي، وغيرها من التطبيقات الحيوية.
المفاعلات الصغيرة المعيارية
تُعد المفاعلات الصغيرة المعيارية (SMR) من أكثر المجالات الواعدة في القطاع النووي، حيث يعمل جميع اللاعبين الرئيسيين على تطوير حلولهم الخاصة القائمة على هذه التقنيات. وتهدف هذه الحلول إلى توفير كهرباء وحرارة نظيفة ومستدامة للمناطق النائية والجزر، ودعم تطوير رواسب المعادن الواعدة. وتمتلك روساتوم تقنيات مرجعية لإنشاء محطات صغيرة القدرة سواء في النسخ البحرية أو البرية. وتوفر مشاريع روساتوم في هذا المجال مصدراً موثوقاً للكهرباء مع تعرفة طويلة الأمد يمكن التنبؤ بها، ما يجعل تقنيات SMR محل اهتمام من قبل كبار المستهلكين الصناعيين الذين يتبنون نهجاً مسؤولاً في اختيار مصادر الطاقة لمرافقهم الإنتاجية ومناطق عملهم.
وتُعد وحدات الطاقة العائمة حلاً فعالاً وجديداً لتحديات إمداد الطاقة في المناطق النائية، ولمشاريع الاستثمار الكبرى في مجال استخراج المعادن، وللمنشآت الصناعية كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وتُعتبر محطة الطاقة النووية الحرارية العائمة في مدينة بيفيك بمنطقة تشوكوتكا حالياً المحطة العائمة الوحيدة العاملة من هذا النوع، وهي أيضاً أقصى محطة نووية شمالية في العالم. وقد شكّل تشغيلها في مايو 2020 نقلة نوعية في دعم التنمية المستدامة للمناطق النائية في روسيا. وتضم المحطة وحدة الطاقة العائمة «أكاديميك لومونوسوف» المزودة بمفاعلين من طراز KLT-40S، بطاقة كهربائية تبلغ 70 ميجاوات وطاقة حرارية تصل إلى 50 جيجا كالوري/ساعة، إلى جانب بنية تحتية ساحلية مخصصة لنقل الطاقة الكهربائية والحرارية إلى المستهلكين، فضلاً عن تزويد مدينة بيفيك بالتدفئة.
كما سيُبنى أول مفاعل نووي بري صغير القدرة في التاريخ الروسي الحديث بمنطقة أوست- يانسكي في ياكوتيا، حيث سيوفر الكهرباء للمؤسسات الصناعية، بما في ذلك تطوير منجم كيوتشيوس.
ويعتمد المفاعل على تصميم RITM-200 المستخدم في كاسحات الجليد النووية من مشروع 22220، بطاقة حرارية تبلغ 190 ميجاوات وقدرة كهربائية تصل إلى 55 ميجاوات. ويتميز هذا النوع من المحطات بصغر حجمه وطابعه المعياري وقصر مدة إنشائه مقارنة بالمحطات النووية الكبيرة، مع عمر تشغيلي يصل إلى 60 عاماً وفترات إعادة تحميل وقود كل ست سنوات. ومن المتوقع تشغيل المحطة في عام 2028.