وقبل الهجرة من النوبة الغريقة قامت الدكتورة حكمت ابوزيد وزيرة الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت بزيارة بلاد النوبة حيث كان اللقاء في قرية عنيبة حيث المركز .. وأذكر قبل زيارتها طلب منا مسئولي الاتحاد الاشتراكي الذهاب الي عنيبة لنكون في استقبالها وتحيتها ولتحفزينا قالوا لنا ان الوزيرة ستقوم بتوزيع هدايا ومكافآت مالية للحضور واذكر انني في ذلك الوقت كنت في الصف السادس الابتدائي وقاموا في المدرسة بتدريبنا علي بعض الهتافات .. ولبعد المسافة استأجرنا مركبا شراعيا اقلتنا من توشكي الي عنيبة وصحبنا في هذه الرحلة النيلية الجميلة عمنا محمد عبده الشهير بمحمد دارية وكان سكندري اللهجة ذو صوت جهوري قوي وكان يقوم بالهتاف ونحن نردد وراءه .. وبعد راحة قصيرة في قرية مصمص حيث تناولنا طعام الغذاء عند احد اقاربنا لا اتذكر هل كان عمنا علي طيبي ام شقيقه استاذنا عبده طيبي وصلنا الي عنيبة عصرا حيث الوزيرة ستصل المغرب .. وفعلا وصلت وخطبت كلاما جميلا مثل كل الخطب التي كنا نسمعها في ذلك الوقت المغلفة بالكلمات الجميلة والامال العريضة والخير الكثير الذي ينتظر ابناء النوبة في المهجر وعند كل مقطع من الخطبة كان عمنا يقف هاتفا عاشت حكمت عاشت حكمت ونحن نردد وراءه عاشت حكمت عاشت حكمت .. وكانت في بعض الفقرات تذكر اسم جمال عبدالناصر فكنا نهتف عاش الزعيم جمال عبدالناصر ..واذكر ان وكيل الوزارة كان برفقه الوزيرة وكان اسمه صفوت .. وحينما اشارت الوزيرة اليه في خطابها وقف عمنا هاتفا عاشت صفوت عاشت صفوت نحن نردد وراءه عاشت صفوت عاشت صفوت ..رغم ان صفوت كان رجلا !!!.. كان يطلق علينا في ذلك الوقت الجيل الصاعد ..وهذا الجيل وانا واحد منهم تمرس علي الهتافات وحفظ جمل من الميثاق كتلك التي القاها حمدين صباحي حينما التقي بهم الرئيس انور السادات ونسج بها نضاله !!!.. كلام وشعارات جوفاء ساهمت في خلق جيل يعشق الخطب الرنانة والخروج علي النص ..ثم كانت النتيجة فيما بعد كارثية بمعني الكلمة …وحينما عدنا الي القرية بدون مكافآت ولا هدايا سأل جدي عمنا محمد دارية ان شاءالله اتعشيتوا كويس فرد عليه العشاء كان بصل ياشيخ امام …..يحيي صابر