: الحيرة بين مضاجع اللظى و الأمل نبيلة حماني شاعرة مغربية من الجيل الجديد ، يلقبونها ب أيقونة الشعر الرومانسي ، هي فعلا شاعرة و أيقونة الرومانسية الممزوجة بالأحزان و الأشجان ، تكتب عن الماضي بصيغة الحاضر ، و تكتب عنهما بصيغة المستقبل … تهاجر بين اللظى و الماء في غابات التيه و الألم … بوح عميق و نبيل : تشتغل الشاعرة نبيلة حماني عبر تيمة البوح ، فالذات العاشقة تعتبر البوح ملاذها الآمن ، البوح تفجير للعواطف الجياشة ، البوح حكمة : ( تأخذني الريح في سبيلها الى مضاجع الأمل … يدعوني نسيم عابر مسافات الحلم لاستعذاب ربيع تنامى بخاطري ) كبرياء الذات العاشقة تتسم بالنبل و العمق و الألم : ( و يمنعني كبرياء نائح على أكوام خيبتي من ائتمان همسات الحلم … ) هذا الكبرياء اللعين يتكرر عدة مرات في القصيدة لكن بطرق غير مباشرة .. عبر رومانسية البوح التي تجيدها الشاعرة نبيلة حماني قمنا بتجميع بعض شذراتها الجميلة و التي تقول فيها : ( لو علمت الأطيار البيض كم هي جميلة لركنت لي لأحدثها عن قصة الجمال فيها ، عن بهاء الألوان ، عن الصفاء بالأعماق ، عن بهاء الكون الذي تتواجد فيه بعيدا عن الخوف و الحزن … ) . حديث المنع النبيل : تتكرر كلمة المنع في قصيدة ( سبيل الريح ) 7 مرات ، مما يدل على استعمال كلمة ( يمنعني ) لتمرير خطابات الكبرياء للذات العاشقة : ( يمنعني قربك و بعدك .. يمنعني عزوف عن معابدي و حنين لم يزل يرج أضلعي .. من سكون زوابع الألم .. ) و تذهب الذات العاشقة بعيدا في بحر خيالها و استيهاماتها لتظهر هذا المنع الباذخ و النبيل : ( كما يمنعني تورط في بحر لظاي واللهاث خلف رسو القمر بسماء قلعتي .. يمنعني تنهدي على شمعة باهتة الأنوار ) و كذلك : (وأنت صمت يثرثر بداخلي .. مستقر يأبى عن زماني الرحيل .. ) و كذلك : ( وتمنعني حسرة باقية من الانصهار روحا حلقت نوارس بياض على بحرك الزاخر بفواكه الفصول .. ) في نفس اطار المنع و الحكمة ، تقول الأستاذة نبيلة حماني في شذرة من شذراتها الجميلة : ( لو عرف النهر ، كم أنا عاشقة له ، كم يثيرني زلاله ، و الظلال على ضفافه ، لغنى لي لحن الحقيقة الخفية ، و لجعلني أحيى من خلاله خصبا على الأرض … ) . ذات المخاطب العاشق النبيل : هي ذات في ذات عاشقة و طاهرة ، هو صوت ايجابي ، صوت قدسي ، فتخاطبه الذات العاشقة قائلة : (وأنت صمت يثرثر بداخلي .. مستقر يأبى عن زماني الرحيل .. ) و أهم صفات الذات المخاطبة ما يلي : ( نوارس بيضاء ، بحر زاخر بفواكه البحر ، ربيع نائي ، لقاء منتظر ، همسات الحلم ، أبواب الرجاء … ) . قاموس الحزن النبيل عند الشاعرة : في قصيدة ( سبيل الريح ) يتعدد هذا القاموس كما نلاحظ : ( هجير اللظى ، بحار غربتي ، كبرياء نائح ، حنين لم يزل ، زوابع الألم ، ترسبات ألم … ) . خاتمة : و هكذا تمتعنا الشاعرة نبيلة حماني بنصوصها الغنية و العميقة و تجعلنا نكتشف خبايا كتابة حكيمة لشاعرة مجيدة يلقبونها أيقونة الشعر الرومانسي … مجدالدين سعودي كاتب و اعلامي و ناقد مغربي نص قصيدة ( سبيل الريح ) سبيل الريح تأخذني الريح في سبيلها إلى مضاجع الأمل .. يدعوني نسيم عابر مسافات الحلم لاستعذاب ربيع تنامى بخاطري .. يأخذني جنون يسكنني للقاء منتظر .. يأخذني إليك هجير اللظى .. استفحال ليل عدا.. أبى أن يغادر بحار غربتي .. ويمنعني كبرياء نائح على أكوام خيبتي من ائتمان همسات الحلم .. من الاستكانة لنداء المقل .. كنت اعانق حسرة على أبواب الرجاء .. يمنعني قربك و بعدك .. يمنعني عزوف عن معابدي و حنين لم يزل يرج أضلعي .. من سكون زوابع الألم .. من التيه على مشارف رباك .. من ركوب قوارب الشوق المثقل بالأمل .. كما يمنعني تورط في بحر لظاي واللهاث خلف رسو القمر بسماء قلعتي .. يمنعني تنهدي على شمعة باهتة الأنوار لا تضيء ما بعمقي من سراديب .. من التماس سبيل إليك .. تمنعني قيود بادية و اخرى متوارية وكل الأصفاد من الانطلاق نسيما إليك.. وأنت صمت يثرثر بداخلي .. مستقر يأبى عن زماني الرحيل .. تمنعني ترسبات ألم بقلاعي من كل العهود .. من استشعار إشراق آتي .. وأشواك السبل الضارية .. من المضي على جفن قرير .. وتمنعني حسرة باقية من الانصهار روحا حلقت نوارس بياض على بحرك الزاخر بفواكه الفصول .. نبيلة حماني