لا شك أن الأمن الاجتماعي له علاقاته المتشابكة بالتنمية الاقتصادية والحياة التي تعد من أهم الدوافع للذكر والإتقان والتفسير الصحيح لما يدور حولنا من ظواهر وأحداث ، وما ينبغي العمل به للتعمير والبناء ونشر السلام والمحبة والعدالة ، والتعاون العالمي ، وكذا ينظم الأمن الاجتماعي آليات للحاكم والمحكوم وللروابط والدول وكل التجمعات للتكاتف والتكافل والتدبر لمنع الفتن والتخريب ‘ بل للاهتمام بالتعليم والبحث والابتكار والاختراع، وحماية المجتمعات من الجوع والخوف ، وسرعة حل مشكلة البطالة مع التثقيف الموجه أحيانا ، وإعادة النظر في أسباب تسريبات الامتحانات والخطط والمحادثات ، ودراسة حيثيات طلب دول آسيوية -مثلا- للانضمام في الاتحاد الأفريقي أو الأوروبي ، وما علاقة ذلك بمنابع المياه وتطوير الاقتصاد بإقامة مشاريع غير مسبوقة في اماكن أمنية في المقام الأول ، وإذا كان الأمر كذلك، فما دور الاقتصاد الإبداعي؟ ، وما المقصود به من خلال فن كتابي جديد (القصة الشاعرة)، له معايير مستحدثة تستوجب نظرية نقدية جديدة لا تقف عند قراءة النصوص بالكم ، او بالظاهرة، وإنما تعني بفك شفرات وأبعاد وعلاقات ودلالات واستدعاءات المتصل والمنفصل ورسائل المتواليات النصية الجزئية وتوظيف المفردة والعلامات والأقنعة والترميز والإيقاع وما يستدعيه النص للوصول بالقراءة من – مجرد الشكل إلى المضمون وتقنيات المبنى- إلى الرسالة الأكبر؟ هل خرجنا من قوقعة الخلط بين الاقتصاد والتكثيف والإيجاز؟ وهل وصلنا إلى درجة من سبر أغوار النصوص، أم مازلنا نقف عند إشكاليات المصطلح والمفهوم ومسلسلات الأسطورة وسرقتها وفوازير الشبكة العنكبوتية وازدراء البحث والدين، والحداثة وما بعدها ، وعفوا نردد تفكيكية وبنيوية وثورة معلوماتية دون تفريق بين الأصالة والجمود؟ ، أم سنعيش الموت مع "موت المؤلف" ، "موت الإله" ، "موت الناقد" ، "موت الحداثة" ، وغيرها من مقولات مستغربة في ظل الركود الإبداعي ، ومحاولات اللصوص والمدعين لتشويه كل مبتكر بالتقليد والسرقات والاستنساخ (القصة التليغراف ، القصة المستديرة ، القصة الشمعة ، .. ) وتغييب الوعي العربي ، والفساد الأخلاقي وسياسات مختلة ، مع ارتفاع للأسعار وجوائز وألقاب دون معايير؟ هل سنعرف الطريق إلى عتبات وتصورات جديدة وفق معيارية منهجية، أم سنقف -مثلا- عند سردنة الشعر وشعرنة السرد وتداخل الاجناس، والفصل بينها وكلاسيكيتها ، ولماذا يهتم العالم بهذا التداخل الآن رغم أنه قديم؟ وهل صحيح أن دراسة التوازن بين القيم المادية والروحية ، والعالمية والعولمية تحجب المبتكر من الأجناس الأدبية ، وتتيح الفرصة كي يشتعل الصراع بما زرعته أيدينا؟ متى ندرك أن الإرهاب الفكري يضرب الإنسان في كل مكان؟ أين الضمير النقدي لفك الاشتباك بين المشابهات ، وإبراز الخصوصيات والتفرد؟ وأين التذوق؟ وما دور المؤسسات والجامعات والاتحادات العربية؟ هل تحولت المعارك الأدبية في القصة الشاعرة إلى معارك صامتة تنخر في قلب الأمن الاجتماعي؟ هل يمكن أن نتصور تصريحًا لأستاذة الفقه المقارن تؤكد فيه مشروعية اغتصاب الأسيرات؟ ما معنى تجديد الخطاب الدعوي/ الديني/ الثقافي / .. هل بدأنا العودة للقراءة ، أم بدأ الغزو الصهيو أمريكي لفاعليات وزارتي الثقافة والشباب والعمل الجماهيري ، و"سنخترع العجلة من جديد"؟ لقد ثارت القصة الشاعرة على سلبيات الواقع الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية المتغيرة ، وأكدت على أهمية الأمن الاجتماعي والقيمة الإبداعية المضافة ، فهل قلة نصوص القصص الشاعرة التي أزاحت التابوهات منعت الانتشار والنقد الأكاديمي؟ هل يمكن أن تكون القصة الشاعرة مُنتجًا ثقافيا يُباع ويُشترى؟ وما سرّ العلاج بها؟ وأين القصة الشاعرة من تحديات الحاضر واستشراف المستقبل؟ وما دورها في حماية الهوية ومواجهة التطرف؟ وإذا كانت المؤسسات تعاني من الموت الأكلينيكي ، فالإبداع الحقيقي لايعرف إلا الحياة وإسعاد البشرية .. أين نقاد القصة الشاعرة ومبدعوها من هذه القاعدة ، وما القيمة المضافة لهذا الفن الكتابي الجديد التي لم يتناولها النقد تناولا جادا؟ قد لا يمكن للباحث ان يفصح عن كل أغلاط القديم ، كما أنه لايستطيع الكشف عن كل إيجابيات أو سلبيات المستحدث، لكنه لا يصاب بالإحباط ، ويتمكن –بنسبة كبيرة- من تحديد قراراته واتجاهاته ، فيطرح الأسئلة ، والحلول يبلورها العقل الجمعي ، وليست ألسنة الببغاوات ما بين أغلبية أو أكثرية ، ولعبة الصناديق في العمليات الانتخابية ، والمصالح الوظيفية والسياسية المؤقتة. لم تجد القصة الشاعرة رواجًا إعلاميا بنفس القدر الذي كشفت فيه الأدعياء ، وأثارت ميزة الإبداع والتنظير ، وتفاعلت مع الواقع ومتطلباته بإدراك عال للعنصر المهيمن ، ومن ثم التعامل الذكي مع الدال المفرد عبر التركيب اللغوي ، و"إن هذا الاشتغال على اللغة أعطى إمكانية للمؤلف بأن يدرك التفاعل الممكن بين المدلولات المفرزة لخلق المستوى التحتى للمعنى" كما أنها دفعت الباحث الجاد والناقد غير المتقولب والمبدع المتميز ، وكذلك المتلقي الذواقة إلى إعادة القراءة بمعايير ومناظير جديدة ، ولنتأمل معًا كيف أن التحكيم العلمي لايمنع أبدا دور الذائقة ‘ بل يتم التنظير والتقعيد بما تمليه النصوص التي تروق للذائقة وبما أضافت للمشهد الإبداعي والتحولات الثقافية التي تحتم بدورها قراءات متأنية وأسئلة مدهشة ورسالة نبيلة لاتقوم أبدا على "انتفاخ الأنا" والتعصب لأفكار مسبقة قد تشوّش على ضمير النقد ، إنما التحكيم العلمي هو ذاك الذي يوازن بين الذائقة والأمن الاجتماعي والقيمة الإبداعية المضافة ، كما يوازن بين القيم الروحية والمادية أو بين العالمية والعولمة ، وحول الضمير النقدي يقول الدكتور أحمد الصغير: "إذا مات ضمير الناقد فلا يعول عليه" ما زالت العصا الأوربية التي أتى بها جيل الستينيات إلى مصر تضرب في الجبال الراسيات ، وتحرق في جذوع النخلات العربية والمصرية ، فبعد أن ضيعوا جمهور الشعر العربي ، ليصل الجمهور بذوقه إلى أن يغني أغنية "باحبك ياحمار" ، ويترك الأطلال والجندول ، استطاع هذا الجيل أن يوقف مد التفوق الشعري العربي مرة أخرى .. حينما يكون هناك جنس أدبي مستحدث ومستطرف ومبتكر ويقام له مؤتمرات رسمية عديدة ، فلابد أن نعرف ماسبب اعتراض المعترضين .. حينما كتب الخليل بن أحمد معجم العين أول معجم في تاريخ البشرية استهزأ به الناس كثيرا ، لأن الخليل كان رجلا عبقريا عالما ، ولم يعرفوا أن معجم العين سوف يكون مسبارا لكل المعاجم اللغوية على مستوى العالم حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وحينما اكتشف الخليل أوزان الشعر العربي حضر إلى بيته أحدهم ليتعلم بحور الشعر ، وظل شهورا يختلف إلى بيت الخليل ليتعلم لكنه لم يستطع أن يجيدها ، فقال له الخليل: إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ماتسطيع ، ففهم الرجل أن الخليل يقلل من فهمه لأوزان الشعر العربي ، وما كان منه إلا أن ثارت ثورته ليقلل من أهمية البحور الشعرية وعلم العروض الذي بناه الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي رحمه الله وقدس الله روحه . ذلكم حال الذين لايعرفون ما معنى القصة الشاعرة ، فقد فوجئت بمن لايفرق بين كلمة الشاعرة وبين كلمة الشعرية ، هو لا يعرف الفرق بين النسب والمصدر الصناعي واسم الفاعل ، ويقول إنه شاعر عربي فحل ، لكن فحولته بالتأكيد بعيدة عن الشعر العربي وعن اللغة العربية . فوجئت بالمرضى النفسيين الذين يتحدثون على أنهم مركز دوران الكرة الأرضية ومن عليها وماعليها ، وهم يتحدثون عن أنفسهم بان مايقرونه هو الصواب وما يتركونه فهو المنكر ، فيهرفون بما لايعرفون .. صدر أكثر من عشرة كتب جميعها عن القصة الشاعرة نقدا ونماذج ، ومعظم المتحدثين لم يقراوا سطرا واحدا من هذه الكتب! كيف يتحدث من لايفهم أصلا في أي نوع إبداعي ؟ ثم يتحدث عن جنس أدبي مستحدث هو لم يقرأ عنه سطرا ، ولايعرف له ماهية . ستبقى القصة الشاعرة في تنام مستمر ، وسوف تتطور أكثر وتنتشر عالميًّا بدليل شهادة المنصفين من الباحثين والنقاد والكتاب العرب والأوربيين على حدٍّ سواء ، فهاهنا تقول الباحثة والكاتبة البولندية آرينا ميكوفسكي ، المحاضرة في معهد الدراسات الاستشراقية التابع لجامعة وارسو ببولندا: "لقد قرأت الملف المرسل بخصوص القصة الشاعرة .. أقول : نحن أمام صنف أدبي جديد غير مسبوق في الشرق والغرب .. ورغم قواعده الصارمة فهذا الأدب سيكون له مستقبل كبير إذا تم الاهتمام به … " إن الفن المصري والعربي هو المرآة الحقيقة التي يرى فيها العالم نفسه ، فهل يُكرم نبيُّ في وطنه؟ يقول الناقد الإنجليزي كولردج: "إن عظمة الشاعر في قدرته على الرقص بسلاسة وهو مقيد بالأغلال" ، وقصيدة النثر – مع تحفظي على الاصطلاح- تحاول الفكاك من سيطرة الموسيقى إما لجهل الكاتب بها أو للاستخفاف بالقواعد والأصول الفنية العريقة لهذا الفن ، والتفعيلة من الأصول الفنية للشعر ، فإذا غابت التفعيلة ، فأين الأغلال التي تميز الشعراء عندما يرقصون بسلاسة على سلم الإبداع؟ يقول الشاعر صلاح اللقاني: "قصيدة النثر أدخلها الصغار في أزمة حقيقية ، فمن حيث الشعر (مافيش) ومن حيث النثر كلام فارغ" ومن هنا فإن القصة الشاعرة ترد وبقوة على كتاب قصيدة النثر لالتزامها بالتفعيلة التدويرية ومقومات الشعر الأخرى ، والانفتاح في مقابل انغلاق قصيدة النثر، كما أنها –أي القصة الشاعرة- ترد على من يخلطون بين القصة بأنواعها وبين القصة الشاعرة لأن القصة عموما فن نثري مختلف تماما عن فن الشعر ، ويجوز أن نقسم الأدب الحديث إلى شعر ، نثر ، دراما ، قصة شاعرة.. ليس كل شعر مستفيد بالدراما يمكن اعتباره قصة شاعرة ، وليست كل قصة (نثر) بها صور شعرية مثلا يمكن اعتبارها قصيدة ، وكذلك لايُمكن أن تُقرأ القصة الشاعرة إلا بمعايير القصة الشاعرة ، وبالتالي فإن الهجوم على الجديد دون قراءة متأنية ومعايير صارمة تؤدي بنا إلى الآراء الانطباعية أو الأهواء النقدية القاتلة للعملية الإبداعية ومن هنا كانت معايير القصة الشاعرة التي كشفت المدعين وأكدت أنه لابد من استحداث نظرية نقدية تواكب الأجناس الأدبية الجديدة ، و"كفانا اجترارا من الغرب" الذي لا يهمه الأمن الاجتماعي في المنطقة العربية ، فما بال ابتكارتها الأدبية؟ إن وجود سمات مشتركة / مشابهات أو حتى تداخل بين الفنون لا يمنع من خصوصية كل فن وتفرده ، فالقصة الشاعرة بها كثير من مميزات الفنون الكتابية الأخرى ، ولكن تزيد عليها في اتخاذها من معاييرها الخاصة وقيمتها المضافة ثوبًا قشيبا تزهو به ، ورغم قلة النصوص إلا أن القصة الشاعرة شقت طريقها رغم ما يتعرض له مبدعها وناقدها على السواء من محاولات للتشويش والتهميش ، وكما أنه لم يعد التمركز حول قضية معينة في العملية الإبداعية هو الأصل ، فإن الانفتاح على التجريب لم يعد بسيولة غير نهائية كذلك ، وإنما هي معطيات الشارع الثقافي التي تمنح وتمنع وفقًا لمعايير متجددة وضوابط ثورية مستحدثة ، ولاتُغني هذه المُستجدّات عن الحفاظ على أصول الفنون بمتعتها ورسالتها ، وبما تتضمنه من كشف ومكاشفة ، أو تقييم تارة وتقويم تارة أخرى، ويتحمل الناقد الإبداعي مسئولياته تجاه هذا الزخم وتلك الإشكاليات لفك شفرات النص ، واستلهام مفردات الموهبة والرسالة في آنٍ واحد ، وذلك بتفعيل الذائقة مع تلك المعايير بعيدًا عن المدعين وأصحاب الأحاسيس القصيديرية وبما أن القصة الشاعرة تهتم بالاقتصاد الإبداعي واختصار القوالب ، مع قيمتها المضافة ، فإنه من السهل على المتابع ملاحظة أن الاقتصاد في التصريحات والتأني من أهم سمات المبدع المتحقق في القصة الشاعرة ، وبالتالي فإن القصة الشاعرة لم تعد مجرد ظاهرة من الظواهر الأدبية عبر الشبكة العنكبوتية ، وإلا فإنها تتساوى بالكيانات الجديدة مثل الصالونات والنقابات الألكترونية والتشكيلات التي تقلد هذا الفن الكتابي دون الالتزام بمعاييره ! .. نقطة ومن أول الصبر النقد الموضوعي لا يحكم على مبدع ما من خلال قراءة لنص واحد ، ولا يحكم على ناقد ما بمقال واحد مثلا ، وإلا كان الدافع هو الابتزاز وتصفية الحسابات ، وما أكثرها في زمن المشابهات والتطاول والمكاسب الزائفة وغياب مبدأ كيفية الاختلاف ، مع وجود نخبة انتهازية تؤيد الاستبداد والإرهاب الفكري بمسمى حرية الرأي .. ، فهل من الحرية الإقرار بالشذوذ وزواج المثليين؟ وهل من الحرية أن تظل مؤتمرات المؤسسات الرسمية قائمة على المؤامرات "النتية" وسرقة الأفكار؟ هل من يراقب مباريات كرة القدم –مثلا- من العرب يستطيع أن يلعب مثلهم؟ وهل الانكفاء على الذات تعني الخصوصية ، أم تعني هزيمة الأمن الاجتماعي ، ومن ثم الأمن القومي؟ قد تكون المشكلة في الأدعياء الذين يزاحمون مبدعي القصة الشاعرة بنصوص لا تنتمي إلى هذا الفن الكتابي ، وربما عن جهل أو غيرة أو نتيجة لفوضى المتسلقين "النتية" ، وهذا دور الناقد الذي يربأ بنفسه عن مهاترات الواقع الافتراضي ، وقد أكدت القصة الشاعرة عالميتها رغم معاييرها شبه الصعبة