مظاهرة بتركيا دعما لاحتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية ضد الحرب بغزة    ماكرون يعرب عن استعداده لمناقشة مسألة الأسلحة النووية للدفاع عن أوروبا    ياسر سليمان: جميعًا نحمل نفس الألم والمعاناة.. وكل الشكر لمركز أبو ظبي لدعمه للرواية العربية    كم حصيلة مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج؟ وزير المالية يجيب    تباين البورصات الخليجية في ختام التداولات وسط ارتفاع أسعار النفط    كنائس كفر الشيخ تحتفل بأحد السعف | صور    مذكرة لرئيس الوزراء لوقف «المهازل الدرامية» التي تحاك ضد المُعلمين    بوريل: الأوروبيون لن يذهبوا للموت من أجل دونباس لكن عليهم دعم كييف    وزير الخارجية يشارك بمائدة مستديرة حول اضطرابات التجارة وسلاسل الإمداد بالشرق الأوسط    «جورجييفا»: العالم لم ينجح في تشارك منافع النمو مع المناطق الأكثر احتياجاً    انطلاق مباراة المقاولون العرب وسموحة بالدوري    سامسون أكينيولا يضيف الهدف الثاني للزمالك في شباك دريمز الغاني    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    المئات يشيعون جثمان ضحية زوجها بكفر الزيات وانهيار أطفالها.. صور    حزب الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    وزير الصحة: إشادات عالمية بنجاح مصر في القضاء على فيروس سي    "الرعاية الصحية" تشارك بورشة العمل التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات    «أبو الهول» شاهد على زواج أثرياء العالم.. 4 حفلات أسطورية في حضن الأهرامات    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    «بحوث القوات المسلحة» توقع بروتوكولًا مع «المراكز والمعاهد والهيئات البحثية بالتعليم العالي»    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    تحرير 78 محضرا في حملة للمرافق لضبط شوارع مدينة الأقصر    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    عاجل| البيت الأبيض: إسرائيل طمأنت واشنطن بأنها لن تدخل رفح الفلسطينية حتى يتسنى لنا طرح رؤانا ومخاوفنا    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 18886وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    أفضل أوقات الصلاة على النبي وصيغتها لتفريج الكرب.. 10 مواطن لا تغفل عنها    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدستور» تطلق حملة لإعادة تشغيل المصانع المغلقة والمتعثرة
نشر في شموس يوم 20 - 07 - 2017

كتب: مها البدينى- رمضان حسن- أميرة خالد – طه صلاح – شعبان بلال- سوزان يونس- أريج الجيّار
ماكينات وتروس لم تكن تتوقف عن الدوران، هدير الآلات كان يمتزج بصيحات العمال فى خلايا نحل لا يكل ذكورها وإناثها، ثم فجأة عشش الصمت، وصدئت تروس الماكينات، وغلّقت أبواب المصانع أمام عمالها الذين لم يعودوا يجدون رواتب تكفى قوت يومهم، فى ظل الخسائر التى حالت دون جلب الخامات والمواد اللازمة لإعادة التشغيل. تعاقبت الحكومات، وملفات أكثر من 4500 مصنع أعلنت توقف نشاطها تتراكم على مكاتب المسئولين، ولا حل لإعادة أكثر من ربع مليون عامل إلى وظائفهم، بعدما انتقلوا إلى طابور البطالة، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011 وأيام حكم الإخوان. والآن، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة لإعادة النظر فى ملف المصانع المغلقة، وإزالة العوائق التى تحول دون إعادة فتحها، بل إنشاء مصانع جديدة وتشجيع المستثمرين على افتتاح شركات ومصانع تحقق طفرة فى الإنتاج وتخلق فرصا للعمل، وبالطبع خلق كل ذلك تحديات كبيرة، كان لا بد من مواجهتها. فى هذا الملف، تزور «الدستور» أكثر من 20 مصنعًا فى 5 مدن صناعية، لمعرفة أسباب إغلاقها، ونتائج ذلك على العمالة والسوق، بهدف محاولة التوصل إلى حل لإعادتها إلى العمل من جديد.
«حديد أبوزعبل».. الغربان تعشش داخل خطوط الإنتاج
البداية كانت فى القليوبية حيث مصنع أبوزعبل، الذى توقف إنتاجه منذ سنوات. دخلته «الدستور» عبر وسطاء، فلم نجد سوى هياكل حديدية ضخمة، بقايا تكشف عن مصنع حديد قوى كان شوكة فى حلق العدو الصهيونى، الذى قصفه خلال حرب الاستنزاف، لمساهمة المصنع فى التصنيع الحربى حينها، إلا أن الوضع تغير الآن فأصبح مأوى للغربان السوداء التى تُعشش داخل الهيكل الحديدى وخطوط الإنتاج، بعدما قررت الحكومة غلقه فى التسعينيات لثقل مديونياته. وأمام المصنع، كان يجلس 5 من موظفى الأمن أمام لافتة زرقاء قديمة مكتوب عليها «مكتب الاستعلامات» بالمصنع، تحدثنا إليهم لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء غلق المصنع الضخم، فرد عبدالحميد محمود: «5 آلاف عامل تشردوا، والمصنع مُغلق منذ 20 سنة»، فيما قال محمد هندى، رئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين المفوض له الحضور رسميًا داخل المصنع: «الطاقة الإنتاجية قبل إغلاق المصنع على ى. الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ضمن قرارات الخصخصة، وصلت إلى 2 مليون طن حديد مسلح و650 ألف طن عروق صلب».
وناشد «هندى» الرئيس عبدالفتاح السيسى بإعادة تشغيل المصنع، مشيرًا إلى أن تكلفة تشغيله فى التسعينيات كانت 100 مليون جنيه، وتكلفة إعادته اليوم لا تقل عن 350 مليون جنيه، مشيرًا إلى أن مصنع حديد أبوزعبل تم إنشاؤه فى أواخر الستينيات فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان المصنع يعمل فى بداية إنشائه بطاقة عمالية 1300 عامل. وذكر أن السبب الرئيسى الذى جعل إسرائيل تقصف المصنع فى عام 1970، هو تصنيعه عروق الصلب المخصصة للأسلحة العسكرية، ما تسبب فى وفاة 88 عاملًا وإصابة 79 على الأقل.
وحاولت «الدستور» التحدث إلى الإدارة، وتحديدًا الشئون القانونية، ولكن مسئوليها رفضوا الإدلاء بأى معلومات، بدعوى أن الشركة القابضة للصناعات المعدنية أخطرتهم بخطاب رسمى بعدم الحديث مع أى جهات إعلامية أو التصوير داخل المصنع، وأثناء الحديث قالوا: «المصنع سيتم طرحه للبيع للقطاع الخاص».
«روستيكو».. أكبر مؤسسة للأثاث تتحول إلى «خرابة»
عشرات المصانع فوق الجبل الأصفر بمركز الخانكة، ومعظمها مرخصة وكانت تعمل على أعلى مستويات، إلا أنها قد توقفت لأسباب غير معلومة.
البداية كانت من شركة ومصنع روستيكو، وهو من أكبر مصانع تصنيع الأثاث فى مصر، وكان يعمل على مدار 24 ساعة فى اليوم، بطاقة 1000 عامل، لكنه تحول إلى موقع مهجور يحرسه خفير بأجر شهرى. وقال أحد أهالى الجبل الأصفر، يدعى محمد النمر فى الأربعين من عمره، إنه كان يعمل فى صغره عندما كان يدرس فى الإعدادية فى المصنع، لكن أزمة حدثت فى الشركة أدت إلى إغلاق المصنع، وينتشر بين الأهالى أن الشركة بيعت إلى أحد البنوك وتعرضت للإغلاق بعدها دون أسباب. وذكر النمر أن العاملين بتلك المصانع يعملون حاليًا بالأجرة اليومية، ولا يجدون أى عمل، بالإضافة إلى أنهم حصلوا على تعويض نظير تسريحهم من العمل، لكن هذه الأموال سرعان ما تم إنفاقها وتعرضوا بعدها للإفلاس والبطالة.
«سيمو».. مضخة الورق والكرتون مغلقة بأقفال حديدية
بجوار سلسلة المصانع المغلقة فى القليوبية، يظهر مصنع الورق «سيمو» صامتًا، وذلك بعد إعلان الشركة خسارتها وإغلاقه سنة 2013، ووقتها خسر 7٫195 مليون جنيه، وتأثر إنتاج المصنع بعد سطو مسلح على الشركة، تسبب فى تعطيل معدات العمل، إضافة إلى حريق هائل شب فى الورق، وبعدها طلب عماله، وعددهم 460 عاملًا، الخروج إلى المعاش المبكر، حيث تصل معاشاتهم إلى 1٫5 مليون جنيه يتقاضونها من الشركة القابضة للكيماويات. «الدستور» وجدت المصنع الذى كان فى الماضى مضخة كبيرة لكل مستلزمات التعبئة والتغليف بالورق والكرتون، مغلقًا بأقفال حديدية، صدأت لعدم استخدامها، وواقع الأزمة تظهر فى أن الشركة تحتاج إلى ماكينة دوبلكس تصل تكلفتها لنحو 30 مليون جنيه لإنتاج من 100 إلى 120 طن ورق شهريًا، بما يحقق انتعاشًا للمصنع، إلا أن مديونيات المصنع وخسائره كانت حائلًا فى ذلك، وفق أحمد الخياط، عامل سابق بالمصنع، الذى طالب الدولة بالتدخل لدعم المصنع وإعادة فتحه من جديد، وحل مشاكله ومديونياته، بدلًا من فتح مصانع جديدة. وكشف مسئولون، عن أن استعادة نشاط الشركة التابعة للشركة القابضة الكيماوية، ستساعد بشكل كبير فى حل مشكلة القمامة عن طريق إعادة تدوير الكرتون والورق مرة أخرى، كما ستساعد على تشغيل العمال، وقدّر مراقبون وخبراء فى صناعة الورق تكلفة إعادة الشركة ب30 مليون جنيه. وأعلن رضا العدل، الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن الشركات التى عادت لأحضان الحكومة فى 2017 من المستثمرين الأجانب بأحكام قضائية، صارت غير قادرة على الإنتاج نهائيًا، بعد تدميرها، خاصة شركة «سيمو للورق»، إذ تم فك القطع النحاسية من المعدات، مما جعلها غير قادرة على العمل، مشيرًا إلى أن الحكومة باعت شركات منتجة واستلمتها غير قادرة على الإنتاج.
ولفت إلى أن الحكومة بنهاية العام الماضى شكلت لجنة من وزراء العدل والمالية وقطاع الأعمال العام والاستثمار لدراسة أوضاع الشركات، التى صدرت أحكام قضائية نهائية بردها للدولة، لكن ظلت هذه الشركات «محلك سر»، حسب عمال، وغير قادرة على العمل.
«بريمو للمكرونة».. ماكينات المصنع تصرخ من الصدأ
كانت المنطقة الصناعية الثانية بمدينة السادس من أكتوبر منذ سنوات قليلة، واحدة من كبرى المناطق الصناعية التى تضم عددًا كبيرًا من مصانع المواد الغذائية وعددًا من الصناعات الأخرى، ولكن الآن أصبحت الطرق شبه خالية من المارة، والمصانع أبوابها مغلقة، ولافتات المصانع تراكمت عليها الأتربة حتى اختفت معالمها وتفاصيلها، إذ لجأ عدد من أصحاب المصانع إلى غلقها سواء بسبب تعثرها ماليًا، أو لتعرضها لمشاكل إنتاجية.
وبدأت «الدستور» رحلتها من المنطقة الصناعية الثانية، بحثًا عن المصانع المغلقة، وكان أولها مصنع بريمو للمكرونة الإيطالى بشارع رقم 18 بالقطعة 42 بالمنطقة، الذى اضطر مالكه المستثمر الإيطالى إلى غلقه، وتسريح العمال منه منذ حوالى سنة تقريبا.
«صاحب المصنع قفله، ومشى العمال كلها، وقال إنه هيعملّه صيانة»، هكذا قال الخفير، الذى رفض نشر اسمه، حيث كان يجلس حارسًا أمام بوابة المصنع الرئيسية، وأضاف: «صاحب المصنع عينى حارس عليه من أكتر من سنة، والمصنع مادخلوش حد من ساعتها، كمان اتوقفت كل تعاملات المصنع وتليفوناته، ومدير المصنع بس اللى بييجى كل فترة».
كان الحارس يجلس أمام بوابة من أصل ثلاث بوابات كبيرة للمصنع، حيث يلى هذه البوابات مباشرة مبنى صالة الإنتاج، التى تقدر مساحتها بحوالى 1000 متر -على حد قول الخفير.
تجولت «الدستور» داخل المصنع، كانت الكلاب والقطط أهم ساكنى المناطق الموجودة حول مبنى المصنع، كما كان هناك بعض مخلفات الإنتاج من ورق كرتون، وأكوام من أكياس البلاستيك، وخراطيم مياه كبيرة الحجم، ملقاة بجانب سور المصنع، وعند الدخول لمبنى صالة الإنتاج، كان أغلب أجزاء ماكينات التشغيل قد بدأت تتآكل من الصدأ، الذى لحق بها نظرًا لعوامل الجو، والظروف البيئية، بعدما تم إيقاف تشغيلها منذ فترة طويلة.
جدير بالذكر أن مصنع «بريمو» تابع للشركة العربية الإيطالية للمواد الغذائية «رويال فود» لتصنيع المكرونة بأنواعها، التى اشتهرت بحملة إعلانية كبيرة عن مكرونة بريمو منذ عدة سنوات.
كان كشك عم محمد السنى شاهدًا على بداية هذا المصنع، الذى يوجد على نصية شارع مصنع بريمو، وقال عم محمد: «المصنع كان شغال ميه ميه، والعمال كانت فيه كتير، وكان فاتح بيوت ناس كتير»، وتساءل السنى عن السبب وراء غلقه منذ أكثر من 18 شهرًا تقريبًا -على حد قوله. وتابع عم محمد: «كنت أعرف أغلب العمال اللى كانوا فى المصنع، كانوا زى ولادى، كلهم شباب غلابة، وقفل المصنع ضرهم، وقطع عيشهم».
وعن إغلاق المصنع، أضاف: «سمعنا إن صاحب المصنع قفله وسافر بلده، والعمال هى اللى اتشردت، ومنهم اللى ساب أكتوبر ورجع بلده، وفيه اللى راح مصانع تانية علشان ياكل عيش، ولازم الدولة تشوف حل لمشاكل المصانع دى، وترجع تشغل الشباب فيها تانى، ففى الظروف اللى البلد بتمر بيها دى، إحنا محتاجين للمصانع دى».
كما أكد خالد عبدالنبى (29 سنة – عامل بمصنع دومتى لمنتجات الألبان، وعامل بمصنع بريمو للمكرونة قبل إغلاقه) أن بداية عمل المصنع كانت جيدة، وقال: «كنا نعلم أنه يحقق أرباحًا جيدة إلى حد ما، ولكن الفترة الأخيرة كان المصنع خلالها يمر بمرحلة شديدة الصعوبة، حيث اضطر مدير المصنع إلى تسريح عدد كبير من العمال، لمواجهة نقص الأرباح، ومحاولة حل الأزمة التى لحقت بالمصنع».
وتابع خالد: «كان عدد العمال فى المصنع حوالى 800 عامل تقريبا، وكان هناك خطان لإنتاج للمكرونة بريمو»، وعن سبب إغلاق المصنع أضاف: «لأن العديد من المصانع الكبيرة أغلقت أبوابها بسبب المديونيات وارتفاع أسعار الدولار، كما كان لنقص العمال أيضا أثر فى ذلك، فبعض العمال تركوا المصنع وانتقلوا لمصانع أخرى بحثًا عن مرتبات أفضل».
وأضاف: «كنا بنشتغل الوردية 9 ساعات فى اليوم، وكان المرتب بيبدأ من1200 جنيه وكنا راضيين، ولازم الدولة تشوف المصانع المقفولة دى وتشغلها».
«فارس العربى».. متعثر بأمر من البنك الأهلى.. وصاحبه: أنقذونى
مصنع «فارس العربى»، الذى يمتلكه المهندس محمد القاضى وزوجته، رفض البنك الأهلى فرع بلقاس، حتى الآن، أن يقرضه، ما أبقى المصنع مُتعثرًا، هناك حوالى 320 عاملًا فى المصنع يعملون فى إنتاج الملابس وبالأخص الجينز لتصديره إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول المهندس القاضى: «أمريكا تستورد مننا الجينز لأن أسعارنا تعتبر الأفضل على مستوى العالم، بعد انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار».
يحكى القاضى عن المعوقات التى تعرض لها قبل البدء فى إنشاء مصنعه، ويضيف: «بدأت العمل بنفسى، وبعد 9 أشهر افتتحت مصنعى الجديد بعد إنهاء جميع الأوراق المطلوبة، ولدى فى المصنع خطا إنتاج ويعمل لدى حوالى 1250 عاملًا، بمتوسط مرتبط للعامل 1200 جنيه شهريًا، وأثر ارتفاع سعر الدولار على إنتاجى وعلى العمل فى المصنع، وقبل شهر ديسمبر 2016 كان بإمكانى إنتاج الملابس بمليونى جنيه شهريًا، الآن أحتاج إلى 4 ملايين جنيه لإتمام مهمتى فى العمل بالمصنع واستمرار الإنتاج».
يتحدث القاضى عن أهم العقبات التى تعرض لها وهى الإجراءات الروتينية التى تلاحق المستثمرين ودمرت مستقبل الصناعة فى مصر.
ويحكى قصته مع هيئة التنمية الصناعية، عندما حاول شراء أرض لبناء المصنع وتقدم فى قرعة الأراضى الخاصة بالمستثمرين 3 مرات ولكن لم يتم اختياره، بالرغم من امتلاكه سجلًا صناعيًا ورخصة تشغيل، ولكن المفارقة عندما تم اختيار آخرين أحدهما يعمل «سباكًا» والآخر «كهربائيًا» اشتريا الأراضى وبنيا مصانع بالفعل بغرض تأجيرها ولم يشغلاها حتى الآن.
يقول منفعلًا: «مش كفاية المصيبة اللى عندى ومحدش بيساعد عشان نقدر نكمل، والبنك رافض يدينا القروض، دى أكبر إعاقة فى ظل ارتفاع أسعار الخامات والدولار». يوضح القاضى حجم الطاقة الإنتاجية لمصنعه قائلًا: «نصدر حاويتين تحوى كل منهما 50 ألف قطعة، بحوالى 40 ألف دولار فى الشهر، ونحتاج للقروض من البنوك لاستمرار العمل فى ظل العقبات التصنيعية التى تواجه المستثمر المصرى».
«الجيزة للملابس الجاهزة» متوقف بعد تراكم الديون
أمام مصنع الجيزة للملابس، الذى تم إغلاقه سنة 2013، بعد عمل دام 22 سنة، بسبب المديونيات الخانقة، التقينا سمير فوزى، الذى عمل سابقًا فى مصنع ليشرح لنا مشكلة المصنع وما آل إليه الحال: «المصنع كان يقوم بتصنيع أفضل أنواع الملابس وبسبب المديونيات تم إغلاقه وهرب المستثمر، الذى يُدعى وحيد بطرس، إلى الخارج».
ويضيف: «المصنع كان يعمل بأفضل أنواع الأقمشة ويقوم بالتصدير إلى الخارج، إلى أمريكا وإنجلترا وألمانيا، ولكن مع أزمة المديونيات، تم غلق المصنع وتشريد العمال، وهم حوالى 300 عامل، وكنا نتقاضى 1200 جنيه متوسط مرتب، وكانت الطاقة الإنتاجية تصل إلى 10 ملايين قطعة فى العام، يتم تصديرها إلى أمريكا، وتقريبًا القطعة يبلغ سعرها دولارًا ونصف الدولار.
ويؤكد فوزى: «لابد من إرسال دعوة لحل مشاكل المصنع وتسويتها، ودعوة المستثمر للعودة إلى مصر لحل مشاكله مع البنوك، خاصة البنك المصرى لتنمية الصادرات، والتى اقترض منها وضرورة تسديد مديونياته للدولة ومستحقات العاملين وتسهيل ذلك، مع العلم بأننا قمنا بتقديم دعاوى للقضاء ضد صاحب العمل لاسترداد مستحقاتنا وحصلنا على حكم بصرف 30 مليون جنيه كتعويضات نهاية الخدمة، وأخذنا أحكامًا نهائية من أجل صرف مستحقاتنا التى وصلت إلى 30 مليون جنيه كتعويضات، كما قام البنك المصرى لتنمية الصادرات بنزع ملكية الأرض من صاحب المصنع والحجز على الماكينات وبيعها من أجل الاستفادة منها لتسديد المديونيات.
ويشير محمود أمين، عامل سابق بمصنع الجيزة بالملابس، إلى أن المصنع تعثر بسبب تراكم المديونيات عليه مما تسبب فى هرب المستثمر للخارج، وغلق المصنع وتشريد العمال، وتسبب ارتفاع الأسعار والخامات إلى تراكم المديونيات على المصنع، ما أدى إلى تشريد 300 عامل يتقاضى كل منهم 1500 جنيه، فى المتوسط، شهريًا.
«سلامة للأجولة المنسوجة».. منشأة مرفوعة من الخدمة
أمام مصنع سلامة الصناعى بالعاشر من رمضان، انتظرنا 15 عاملًا تم تسريحهم من العمل لكى يحكوا لنا قصة عملهم بالمصنع، الذى كان ينتج الأجولة المنسوجة، وقصة توقفه، مطالبين بعودته للعمل مجددًا.
يقول خالد نبيل، عامل فى المصنع، إن صاحب المصنع أعطاهم إجازة وعند عودتهم لأداء عملهم بعد انتهاء فترة الإجازة فوجئوا بغلق المصنع بأمر من المحكمة الاقتصادية، حيث وجدوا لافتة «مغلق بحكم المحكمة الاقتصادية».
ويضيف: «العمال كانوا بين مصنعين؛ مصنع سلامة ويضم 220 عاملًا والمصنع الآخر (أوتو باك) ويضم 170 عاملًا لتعبئة المواد الغذائية، وهو تابع لمجموعة سلامة الصناعية، وكنا نعمل فى إنتاج الأجولة المنسوجة (شكائر التعبئة)، وتم إشهار إفلاس (أوتو باك) ولكن المصنع تم إغلاقه فقط بحكم المحكمة، لتراكم المديونيات على صاحب العمل وعدم تمكنه من سداد قروض البنوك، وتم إغلاق المصنع بعد حجز البنك على الأرض وبعض الماكينات، فالمصنع مغلق منذ 5 سنوات، والعمال اتبهدلت بعد غلقه ورفعنا قضايا واتحكم على صاحب المصنع بالحبس سنتين وأعلنوا عن مكافأة للعمال ولكن لم يستلموها حتى الآن».
أحد العمال شرح منفعلًا: «تبلغ مديونيات المصنع حوالى 130 مليون جنيه بسبب قروض البنوك ومع أزمة الدولار وارتفاع الأسعار، زادت حدة المشكلة وزادت المديونيات على صاحب العمل، ما تسبب فى غلق المصنع وتشريد العمال، وتم شراء الماكينات الخاصة بالمصنع من النمسا، وحجزت البنوك عليها لتعويض خسائرها، ونطالب بعودة المصنع للعمل من جديد لأن معظم العمال يعملون باليومية والظروف المعيشية أصبحت صعبة». ويضيف محمد حسنى، بلغة الاستنجاد: «إحنا متشردين وبنشتغل باليومية ب30 جنيه ومش عارفين نأكل عيالنا، وفيه عمال ماتت من قبل ما تاخد مستحقاتها».
ويضيف: «معانا حكم ضد صاحب المصنع بالسجن 25 سنة، ولم يتم تنفيذه حتى الآن وهو حر طليق».
ويقول محمد بدوى، مدير المصنع سابقًا، إن المصنع تم افتتاحه عام 1993 وتم إغلاقه فى 2012 بسبب تعثر المديونيات، ولكن العمال مظلومون فى هذا، وتم فصل الجميع من التأمينات الاجتماعية، ولدينا حكم من المحكمة بصرف 5 ملايين جنيه تعويضات لجميع العمال البالغ عددهم 330 عاملًا، بالإضافة إلى 13 مليون جنيه نهاية الخدمة، ويضيف بدوى: «البنوك قدمت دعاوى قضائية على صاحب الشركة للحجز على الماكينات، من أجل بيعها لتعويض خسائرها من القروض».
ووجه عمال مصنع سلامة الصناعية رسالة للرئيس السيسى قائلين، «إحنا ولادك ياريس، صاحب المصنع شردنا وقفل المصنع»، وطالبوا بحل المشكلة مع صاحب المصنع.
ويشير محمد أحمد إلى أنهم لجأوا إلى وزارة القوى العاملة ولم تستجب لهم، وإلى صندوق الطوارئ ولكن دون مجيب، مشيرين إلى أن المصنع كان يحقق أرباحًا كل سنة، وبدأ صغيرًا وكبر على أيديهم، «لأن العمال مكانوش بياخدوا غير مرتبهم، ومش بياخدوا أى نسبة من الأرباح، ساكتين على صاحب المصنع».
وبناءً على الأوراق الثبوتية المدرجة فى المحكمة الاقتصادية، فإن مصنع سلامة هو عبارة عن مصنعين يعمل فيهما 330 عاملًا، حيث قام صاحب المصنع ممدوح سلامة بإعطاء العاملين إجازة مدفوعة الأجر بتاريخ 482012، وعند عودة العاملين إلى الشركة يوم 592012، تبين أن الشركة مغلقة، بناءً على قرار محكمة المنصورة الاقتصادية الصادرة بجلسة 872012 بغلق نهائى، وفقًا للدعوة رقم 15 لسنة 2008 إذ أعلن صاحب المصنع إفلاسه، للتهرب من دفع مرتبات ومستحقات العاملين.
وبعدها تقدم العمال بدعوة قضائية إلى محكمة بلبيس العمالية وصدر حكم المحكمة بمكافأة للعاملين وحكم بحبس صاحب العمل لمدة سنتين، ولم يتم تنفيذ الحكم حتى الآن، فيما فُصِل جميع العاملين، من التأمينات من تاريخ غلق المصنع 92012، وقدم العمال شكاوى لجميع الجهات الخاصة بالعاملين (وزارة القوى العاملة-صندوق الطوارئ) ولم يحصل العمال على أى حق من مستحقاتهم والقضية مازالت معلقة منذ 5 سنوات، والتعويضات موجودة بالمحكمة من حصيلة بيع أحد المصنعين ب 13 مليون جنيه مستحقات للعمال من نهاية الخدمة.
وفى مكتب العمل، التقينا عبدالناصر فكرى، مفتش بمنطقة العاشر من رمضان، الذى تحدث عن أزمة المصانع المغلقة، التى تؤثر على عمل العمال قائلًا: «نتلقى العديد من الشكاوى بخصوص المصانع المغلقة أو المتعثرة، إذ يتسبب ذلك فى تسريح الكثير من العمال، ولدينا فى مدينة العاشر من رمضان حوالى 2000 مصنع تم إغلاقها، وهناك العديد من العوامل التى تسببت فى إغلاق المصانع بسبب ارتفاع أسعار الدولار والمديونيات وارتفاع المواد الخام».
«روز» و«سالمكو» و«بيبى هوم» الخراب يحل بدلًا من العمال
فى المنطقة الصناعية الثانية ب«العاشر من رمضان»، تحول مصنع روز للحلويات لصاحبه إسماعيل إبراهيم إسماعيل إلى مقلب للنفايات والقمامة، وهناك أمام المصنع وجدنا خفيرًا وزوجته فى حراسة المصنع، قال الخفير وهو يبدو عليه القلق والخوف: «المصنع مغلق منذ 20 سنة، صاحبه سافر خارج البلاد، وتم تسريح جميع العاملين بالمصنع».. وبجوار المصنع يوجد المخزن، وتعمل به إحدى الحارسات التى قالت: «عندى بنتان واحدة عندها 32 سنة، والتانية 25 سنة، كلتاهما تعملان بمصنع ملابس ومفروشات، صاحب المصنع فصلا بنتى الصغيرة من غير ما يديها تأمين أو أى تعويض، ولا أستطيع تجهيز البنتين للجواز، ولا أستطيع العمل حاليًا بعدما كبرت، وأتمنى أن أرى بنتىّ تعملان برواتب جيدة تعينهما على ظروف الحياة الصعبة». وفى مصنع «بيبى هوم» لملابس الأطفال، جنوب مدينة «العاشر من رمضان»، وجدنا باب المصنع مقيدًا بالسلاسل من الخارج، ولم نجد الحراس ولكن وجدنا الكلاب الصغيرة تلهو أمام المصنع بعد إغلاقه بالجنازير، ولم يختلف الوضع كثيرًا عن مصنع «سالمكو للغزل والنسيج» المتخصص فى إنتاج غزل ونسيج الأقمشة الإكليرك وغيرها من الأقمشة والمنسوجات، الذى تم غلق أبوابه عام 2010 وفصل 800 عامل منه، بعد أن ارتفعت مديونياته ولم يتمكن صاحب المصنع، وهو سورى الجنسية، من الاستمرار، إذ وصلت مديونيات المصنع إلى 13 مليون جنيه بالضرائب و106 ملايين جنيه من البنوك التى اقترض منها الأموال لتشغيل المصنع، وفقًا للقضية رقم 8297 لعام 2010م.
«إكسبريس للحوم».. 650 عاملًا ضحايا أشرف السعد
أمام مصنع إكسبريس للحوم، تحدثنا مع سيد عبدالصمد، 55 سنة، وكان يعمل بالمصنع، الذى يمتلكه رجل الأعمال أشرف السعد، بجانب مصانع أخرى كان مصيرها الغلق بعد هروبه بالأموال خارج البلاد.
يقول عبدالصمد: «عملت بمصنع إكسبريس لأكثر من 22 سنة، بمرتب 250 جنيهًا شهريًا، وكان المصنع متميزا بشهرته وتسويق منتجاته من اللحوم لفنادق شرم الشيخ والساحل الشمالى والغردقة، وعدد عمال المصنع كان يتجاوز ال650 عاملًا، ووصل متوسط مرتب العامل إلى 1200 جنيه، ومتوسط إنتاجه 50 ألف دولار شهريًا، وتم تشريد جميع العمال بعد هروب السعد خارج البلاد وتم غلق المصنع وحجز أحد البنوك أراضى المصنع وبيعت الماكينات لتعويض خسائرها من القروض التى منحتها لصاحب العمل».
وأضاف: «سبب غلق المصنع يرجع إلى حصول أشرف السعد على قرض كبير من البنك، ولم يستطع سداد القرض، فلجأ البنك إلى الحجز عليه، ومن ثم بيعت معدات المصنع بثمن زهيد، وهرب السعد خارج البلاد دون أن يصرف رواتب عمال المصنع ومستحقاتهم التى وصلت إلى 20 مليون جنيه». وتابع: «نظمنا إضرابًا ومظاهرات، للمطالبة بحقوقنا، وفى الآخر البنك صرف لكل واحد فينا 5000 جنيه، والعمال اتشردوا ومش لاقيين شغل».
وطالب عبدالصمد، الحكومة والبنوك والجهات المسئولة، بضرورة تشغيل مصنع إكسبريس للحوم، وإعادة تشغيل العمال، وفتح بيوتهم من جديد أو تشغيل عمالة جديدة. ومن ضمن ممتلكات أشرف السعد أيضا، 5 مصانع فى منطقة العاشر من رمضان تم إغلاقها وتسريح العمالة منها، ويعد مصنع إكسبريس من ضمن المصانع التى تم إغلاقها بعد هروب صاحبها بالأموال للخارج، منذ أكثر من 25 سنة، ولم يتم النظر فى قضايا العمال وتعويضهم حتى الآن، ولكن بيعت جميع المعدات بالمصنع للبنوك لتعويض خسائرها من القروض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.