10 يونيو 2025.. ارتفاع أسعار الأسمنت واستقرار الحديد في المصانع اليوم    ترامب ينضم إلى حملة الهجوم على الناشطة السويدية المتضامنة مع غزة جريتا ثونبرج: شابة غاضبة وغريبة    15 شهيدا و224 مصابا خلال محاولة فلسطينيين الحصول على المساعدات وسط غزة    جوارديولا يُعبر عن حزنه لما يحدث في غزة: هذا يؤلم جسدي.. لا يمكننا الصمت    تصفيات المونديال.. موعد مباراة فلسطين وعمان والقنوات الناقلة    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    ارتفاع شديد في درجات الحرارة بالإسكندرية.. والعظمى تسجل 30 درجة مئوية    إصابة 6 اشخاص في حادث تصادم أتوبيس مع دراجة نارية في العمرانية    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة «ERCP» في وحدة المناظير بمستشفى المبرة    قرار جمهوري بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ    بالفيديو.. المغازي يكشف موعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ 2026    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    أسعار البيض والفراخ اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    إمام عاشور: الأهلي قادر على الفوز بمونديال الأندية    أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    تراجع سعر الذهب وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    ترقبوا.. موعد نتيجة الصف الثاني الإعدادي في القاهرة الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    التربية والتعليم تبدأ استقبال اعتذارات المعلمين عن المشاركة في أعمال امتحانات الثانوية العامة حتى الخميس المقبل    أمينة خليل تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد حفل زفافها على أحمد زعتر في اليونان (صور)    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة بنها تعلن توافر فرصة عمل ب«كلية الزراعة» (الشروط والمستندات المطلوبة)    سارة وفيق ترد على انتقاد طارق الشناوي ل "ريستارت": "عرفت تبقي تريند من غير ما تنقد الفيلم"    إحالة سيدتين للجنايات بتهمة الاتجار في المخدرات وسرقة المواطنين بالساحل    إصابة 3 أشخاص إثر استهداف مسيرة إسرائيلية "وادي جنعم" بأطراف بلدة شبعا جنوب لبنان    "عيالي نزلوا هنا كانوا بيضحكوا".. نهر النيل يبتلع فرحة أسرة في ليلية زفاف بأسيوط- صور    فى أحضان الفراعنة.. عروض فنية لقصور الثقافة بالأقصر في احتفالات عيد الأضحى    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    قتيل و4 جرحى حصيلة الهجوم الروسي على أوديسا جنوب أوكرانيا    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 10 يوينو 2025    الصور الكاملة لحفل «واما» بعد تألقهم ب الساحل الشمالي في عيد الأضحى 2025    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    حقك لازم يرجع.. وزير الزراعة يزور مسؤول حماية الأراضي المعتدى عليه ب سوهاج    ذكريات كأس العالم!    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    ترامب: إيران ستشارك في مفاوضات المحتجزين في غزة.. وسنرى ما سيحدث    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    أول تعليق من يحيى عطية الله لاعب الأهلي بعد غيابه عن مباراة الفريق أمام باتشوكا    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    حاكم كاليفورنيا ينتقد قرار ترامب بنشر المارينز ويصفه ب "المختل"    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    منتخب إيطاليا يهزم مولدوفا بثنائية نظيفة في تصفيات كأس العالم    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترجمة الأدبية وتفاعل الثقافات
نشر في شموس يوم 18 - 05 - 2017

تتعدد مجالات الترجمة في سوق اللغة، ونستطيع أن نقول أن أكثر مجالات الترجمة دقة وصعوبة هو مجال الترجمة الأدبية المتعلق بتحويل النصوص الأدبية كالقصص والروايات والمسرحيات والشعر والنثر من لغة إلى أخرى، وتتطلب هذه الترجمة توافُر معرفة أدبية واسعة وشاملة لدى المتخصصين في هذا المجال.
يتميز كل نص أدبي بصور جمالية وتعبيرية واستعارات وكنايات مخصصة لنقل المعنى المُراد من النَّص؛ أي الأفكار والمواضيع التي كُتِبَ النَّص لإيصالها، فعندما يحدد المترجِم نص أدبي معين لترجمته؛ يجب عليه أن يدرس تلك الصور الجمالية والأفكار التي يحملها النص وأن يفهم المعنى المُراد منها قبل أن يقوم بترجمتها، حيث أن ركيزة عملية الترجمة هي نقل المعنى كاملاً بدون نقصان، ومجرد النظر إلى الكلمات والجُمَل ومن ترجمتهم إلى لغة أخرى هو شيء غير كافٍ لارتقاء الملَف المترَجم للمستوى الذي يكون فيه مماثلاً للنص الأصلي، فعلى سبيل المثال؛ إن كان النص الأصلي يحتوي على جملة: That moment, I was on the clouds. لا يجوز ترجمة هذه الجملة حرفياً ك: في تلك اللحظة كنت على السحاب، لأن الجُملة المستَخدمة في الإنجليزية تعني: في تلك اللحظة كنتُ أشعر بسعادة غامرة، لذلك فإنه يجب على المترجم أن يكون على دراية واسعة بالمصطلحات الإنجليزية التي تحمل معاني دلالية أو رمزية في طياتها.
من الأمور الأخرى الواجب على المترجم مراعاتها هي جنس العمل الأدبي، فعلى سبيل المثال؛ إن كان المترجم بصدد ترجمة خطابٍ مسرحيّ فعليه أن يأخذ بعين الاعتبار العلاقات فيما بين الشخصيات في الخطاب واللغة المناسِبة للموضوع، أما بالنسبة للقصص القصيرة؛ فعلى المترجِم أن يُراعي التركيز الشكلي والموضوعي والوحدة الموضوعية في النَّص، فبالإضافة إلى ترجمة الكلمات والصور الجمالية والمعاني المُراد إيصالها؛ يجب على المترجِم أن يكون حريصاً على إيجاد تماسك لغوي واضح المعالم مماثِل لذاك الموجود في النص الأصلي، ولعل أصعب نوعٍ يتعامل معه المترجمين في المجال الأدبي هو الشعر حيث يصعُب إيجاد نص مُتَرجَم يحمل نفس الشكل الفني والإيقاع والمعنى والصور الشعرية بشكلٍ مماثلٍ للنص الأصلي.
من خلال ما تمّ ذكره سابقاً؛ نستطيع أن نستنتج بأن المترجمين المختصين في مجال الترجمة الأدبية يجب أن تتوافر فيهم صفات عالية تتمثل معرفة واسعة بلغة النص الأصلي واللغة المترجَم إليها، ودراية كبيرة في ثقافة اللغتين؛ أي ثقافة شعبيهما وعاداتهم وتقاليدهم، حيث أن لهذا أثراً كبيراً في دقة وصحة نقل المعنى من لُغة إلى أُخرى، إضافةً إلى ذلك؛ يجب على المترجم أن يمتلك موهبة الكتابة الإبداعية التي ترقى به إلى مستوى ترجمة النصوص الأدبية بصورها الجمالية وتراكبيها الدلالية واستعاراتها بطريقة جذابة. (1)
الترجمة الأدبية من الحقول المعرفية الرصينة جداً وهي واحدة من أهم أنواع الترجمة الاختصاصية التي تغطي مختلف الأجناس الأدبية مثل الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات والشعر.
ويتولى ترجمة النصوص الأدبية مترجمون حاذقون لهم القدرة على الربط الشامل بين الخبرة في مجال الترجمة والمعرفة الأدبية الواسعة لأن ترجمة الأعمال الأدبية ليست مهمة سهلة.
والترجمة الأدبية لا يمكن النظر إليها من زاوية كونها فناً قائماً بذاته لأنها أكثر من ذلك بكثير حيث أن الروائع الأدبية تضم مثلاً جمالية وتعبيرية، كما أن لكل جنس أدبي مشاكل ترجمية خاصة به دون غيره.
فعلى سبيل المثال يقوم المترجم بترجمة الخطاب المسرحي أو غيره من الخطابات.
وهذا النمط من الترجمة لا يقتصر ببساطة على قراءة النص وكتابته حيث يتعين عل المترجم أن يقرر أنتقاء اللغة المناسبة للموضوع الذي هو بصدد ترجمته وكذلك العلاقات فيما بين الشخصيات.
والمثال الآخر يتعلق بالقصص القصيرة التي تشكل صعوبات في الترجمة من خلال وجوب المحافظة على التركيز الشكلي والموضوعي والوحدة الموضوعية في النص الأدبي وهذه أمور لابد من المحافظة عليها من خلال التماسك اللغوي واضح المعالم.
ويصعب على المترجمين بشكل خاص التعاطي مع ترجمة الشعر وخاصة ما يتعلق بالشكل الفني والإيقاع والمعنى والصور الشعرية التي تميز الشعر في اللغة الهدف.
كما أن صناعة السينما توظف المترجمين الأدبيين لترجمة الأفلام إلى اللغات الآخرى.
لابد أن يتحلى المترجم الأدبي المقتدر بمعرفة متميزة بلغتين أو ثقافتين أجنبيتين أو أكثر من ذلك وخبرة في عالم الأدب فضلاً عن الموهبة في مجال الكتابة الإبداعية. (2)
ماذا نعني بالترجمة الأدبية؟
المعني الأول والأساسي هو ترجمة الأدب, ولكن للتعبير معان ثانوية شائعة, علي عدم دقتها, من أهمها الترجمة التي توحي للقارئ بأن النص كتب باللغة المترجم إليها أصلاً (وتسمي اللغة الهدف أو المستهدفة) لا باللغة المنقول عنها (وتسمي اللغة المصدر أو المصدرية).
وقد لا يكون هذا النوع الأخير في نظر البعض ترجمة لأي نوع أدبي معترف به, كالقصة والرواية والشعر والمسرح, بل قد يكون ترجمة لمقال أو حتي لدراسة علمية, ما دام المترجم قادراً علي تجنب العجمة والغموض, وتوخي الفصاحة والوضوح.
كان أستاذنا شكري عياد يقول لنا: مثلما لا توجد كيمياء إنجليزية وفرنسية وعربية, بل كيمياء فقط, لا يوجد أدب جدير بهذا الوصف يقتصر علي اللغة التي كتب بها, فما دام أدباً فلابد أن يقبل الترجمة إلي أي لغة أخري.
يقول ينوتي إن هذا المذهب أدي إلي طمس معالم التفرد الثقافي والفني للأعمال الأدبية التي تترجم عن لغات أجنبية إلي الإنجليزية, بحيث أصبحت لا تكاد تختلف عن الأعمال المكتوبة أصلاً بالإنجليزية, كما إن دور المترجم هنا لا يظهر, بل إنه يختفي وراء النص, ولا يكاد القارئ يشعر بما فعله المترجم أو بمدي تفسيره الخاص للنص الأجنبي, وتقوم حجة ينوتي (الإيطالي الأصل) علي إمكان إظهار الطابع الإيطالي لعمل مترجم إلي الإنجليزية باختيار أبنية أو ألفاظ إيطالية الأصل أو الجرس حتي تنقل إلي القارئ الإحساس بأنه نص أجنبي (إيطالي في هذه الحالة).
أي إن ينوتي يدعو إلي لمسة تغريب تؤدي إلي إمتاع القارئ بالغرابة اللغوية التي تصبح وسيلة للفصل بينه وبين النصوص المكتوبة بالإنجليزية أصلاً.
ولكن نظرية ينوتي, التي قد تصلح للترجمة فيما بين لغات من أسرة واحدة (كالفرنسية والإيطالية والإسانية) أو لغات تربطها وشائج ثقافية متينة, مثل معظم اللغات الأوروبية الحديثة التي استقت ما استقته من اللاتينية واليونانية, نظرية لا تصلح للترجمة من لغات تنتمي إلي عائلة معينة (كالهندية الأوربية) إلي لغات تنتمي إلي عائلة أخري (كاللغات السامية).
لكل لغة, كما يقول عالم اللغة المعاصر مايكل هاليداي, منطقها الخاص الذي تقسم العالم وفقاً له تقسيماً خاصاً, بمعني أن بعض اللغات لديها أسماء لأشياء لا نظير لها في لغات أخري, والمقصود أسماء المجردات بصفة خاصة, فما أيسر أن تقبل لغة أسماء المجسدات التي تأتي بها لغة أخري دون تغيير, وما أصعب أن يجد الإنسان مقابلات للمجردات الناجمة عن خبرة أصحاب اللغة الأخري بالعيش في بيئة مختلفة وثقافة مختلفة.
وقد لا يرجع الاختلاف إلي البيئة أو حتي الثقافة بمعناها الواسع وحدهما, بل قد يرجع إلي أسلوب التفكير الخاص بأهل تلك اللغة, وتقسيمهم للفئات الفكرية أو' المقولات' تقسيماً خاصاً.
وهنا لن يستطيع المترجم أن ينقل الغريب بلغته الغريبة وإلا تسبب في الغموض, أي أقام حاجزاً يمنع القارئ من الفهم, إذ يقول دارسو اللغة والفكر إن الإنسان لا يفهم إلا ما يعرفه.
إن صح هذا, فكيف نقدم للقارئ ما لا يعرفه بحيث يفهمه؟ كانت هذه ولا تزال من المسائل الجوهرية في الترجمة عموماً, لا ترجمة الأدب خصوصاً, وقد وجد الرواد لها حلولاً رائعة لا نزال نتبعها علي الرغم مما أدخلناه فيها من تعديلات, وأهم هذه الحلول تقسيم المجهول إلي عدد من المعلومات (والأصل أن مفرد هذه الكلمة معلوم كما نجد عند إخوان الصفا ولم يؤنث إلا في السبعينيات من القرن الماضي).
وهكذا نجح كبار مترجمينا في تقديم المفاهيم الفلسفية والفكرية إلي القراء في القرن العشرين, دون أن يشعر أحد بالركاكة (مثل زكي نجيب محمود ولويس عوض ومحمد بدران وغيرهم من الرواد).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.