ما هي سياسة إعادة الهيكلة والبناء الجديدة التي أصبحت ضرورة ملحة في العالم العربي؟ وما الذي دعا إلى فكرة سياسية إعادة الهيكلة والبناء في عالمنا العربي ؟ وما الذي تبشر به هذه السياسة الشعوب العربية؟ إنها أسئلة ملحة ومحرجة في هذه الفترة الحرجة والمرحلة الصعبة التي يمر بها العالم العربي؟ عند بداية التفكير في أصول هذه السياسة الجديدة وجوهرها في عالمنا العربي كنت أعتقد طبعا وأتصور أن شيئا واحدا مهما يجب أن يؤخذ في الإعتبار وهو أن هذه السياسة الجديدة ليست نزوة لدى بعض الشخصيات العربية الطموحة أو مجموعة من زعماء العرب بل إن هذه السياسة الجديدة أصبحت ضرورة ملحة نشأت من عمليات التطور العميقة في مجتمعاتنا العربية فهذه المجتمعات أصبحت الآن ناضجة للتغيير وتتوق إليه منذ آمد بعيد وأي تأخر اليوم يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الداخلي في هذه المجتمعات في المستقبل القريب0 وهذا ما سيحمل في طياته إذا ما تحدثنا بصراحة ووضوح عن الأزمات السياسية والإجتماعية والإقتصادية الخطيرة التي يمكن أن تتعرض لها مجتمعاتنا العربية في المستقبل 0 ولقد توصلت إلى هذه النظرة البعيدة وأن كانت طبعا بسيطة وكذا هذه الإستنتاجات المتواضعة والتحاليل العامة والصريحة للوضع الذي تطورت إليه المجتمعات العربية بحلول القرن الجديد القرن الواحد والعشرين 0 وهذا الوضع الحالي وما نجم عنه من مشاكل قد يواجه القيادات العربية الجديدة التي جاءت وستأتي بعد هذا الربيع العربي خاصة في المستقبل القريب 0 وهذا مما يتطلب منا مناقشة هذه النتائج الأساسية لهذا التحليل المتواضع الذي يوجب علينا أن نعيد تقييم أشياء كثيرة وعديدة ونعيد النظر في تاريخنا العربي القريب والبعيد نسبيا على السواء0فالعالم العربي اليوم الذي قامت فيه ثورات طردت الإستعمار والإستدمار الغربي هو عالم قديم ذو تاريخ فريد حافل بالإنتصارات والإبتكارات والإنجازات وحتى الأحداث الفاجعة0 وقد قدم هذا العالم خاصة في القرون الوسطى الكثير من الإكتشافات وحتى الشخصيات البارزة 0 ومع هذا فالدول العربية القائمة اليوم تعتبر دول فتية لا مثيل لها في التاريخ أو في العالم الحديث أقول هذا طبعا حتى وإن كنت لم أختر حياتي بل هي إختارتني حيث ولدت في مدينة صغيرة كانت تسمى بمدينة القلب الكبير وتكنى طبعا بسيدي هلال عند العامية من الناس ثم بعد التقسيم الإداري الجديد فقد أصبحت تسمى بمعارك المالح نظرا لقربها بواد المالح التي كانت قد جرت عدة معارك أثناء الإستعمار الفرنسي0 كما أن هذه المدينة الصغيرة والجميلة طبعا في ولاية المدية والتي تاريخيا تسمى بالتيطري لأنها أيام الحكم العثماني كانت تمى باليك التيطري 0هذا طبعا ويبقى القول بأن بلادي الجزائري بعد خروج الإستعمار أو لإستدمار الفرنسي 0 فقد تحولت إلى محطة أنظار العالم 0 كما أنه بعد مرور ثلاثة عقود على إستقلالها والتي كانت طبعا قد عاشتها تحت نظام الحزب الواحد والرأي الواحد فقد تعرضت في تسعينيات القرن الماضي إلى مرحلة عدم الإستقرار0 مع أن الشعب الجزائري قد كان مؤمن بأن قوى الديموقراطية بإمكانها أن تعمل على تعزيز مبادئي الديموقراطية والحرية 0 لكن الفئة العسكرية الحاكمة قد قامت بلعبإ خطيرة من الخداع والتآمر خوفا من أن تخسر السلطة تحت شعار حماية الدولة الوطنية وحماية الديموقراطية0فقامت هذه الفئة طبعا بإنقلاب عسكري على أول رئيس للجمهورية الجزائرية بعد الإستقلال الريئس الذي إنتخبه الشعب وزج به في السجن لمدة تقدر بأكثر من عقد ونصف من الزمن 0 لهذا طبعا يمكن بأن الجزائر لم تكن عادية في ثمانينيات القرن الماضي وبالرغم طبعا من الصعوبات والآحزان التي عشتها في ثمنيات القرن الماضي متنقلا بين السجون من سجن البرواقية لى سجن الحراش إلى سجن تازوت ولاية باتنة إلى سجن تيزي وزو 0 فإنني أشعر بالرضى لأنني إستطعت تخطي جذور الأعراف والتقاليد التي كانت سائدة يومها يعني تقاليد نظام الحزب الواحد0 ذلك الحدث الذي شكل يومها نقطة تحول رئيسية في الجدال الدائر في أنحاء العالم العربي حول النظام الديموقراطي في الجزائر0 لذا طبعا فقد كان لابد من تغيير الأحداث في المجتمع الجزائري وإدخال الإصلاحات الحديثة إلى بلد لايملك سوى الحد الأدنى من البنية التحية وكسر التقاليد التي تحد من دور الديموقراطية وإعطاء الأمل بالتغيير للفئات الجزائرية التي فقدت الأمل في الحرية والديموقراطية0 ومع هذا طبعا فليست بالضرورة هذه الحياة التي كنت سأختارها لكنها بالتأكيد حياة مليئة بالأشواك0 ومع هذا فإنني كنت أتمنى أن تكون حياتي مليئة بالفرص والمسئوليات والإنجازات0 لأنني في الحقيقة قد كنت أدرك أن المستقبل دائما يخبيئ لي المزيد من التحديات التي يتوجب على الجزائر مواجهتها0 وهذا طبعا مما يوجب علي مواجهتها0 كما أنه بعد تعرض للإعتقال والسجن تحققت من أنني لن أستطيع تحقيق سعادتي الشخصية في الحياة 0 ومع هذا طبعا فإنني في الحقيقة رجل فخور بإثي الثقافي والديني وأشعر بواجب شخصي يدفعني إلى الكشف عن وجه الإسلام الحقيقي دين الصبر والتعددية والإختلاف البناء والمفيد0 لقد كنت شاب أحارب في سبيل إدخال الحداثة والإنفتاح الثقافي والتكنولوجي للجزائر0 فلقد كنت أشعر مع أنني شاب في مقتبل العمر وفي ربيع الشباب بأن الجزائر الديموقراطية تستطيع أن تصبح حلما ومثالا يقتدى به في العالم العربي والإسلام0 كما أنه قد كان يتوجب على الشعب الجزائري أن يحسم خياراته بين البقاء على عقلية الماضي أو العمل والإنفتاح على رؤى التقدم المستقبلية 0 لهذا طبعا فقد تركزت كل تحركاتي السياسية طبعا التي خضتها حتى النهاية طبعا على عملي الدؤوب لكي تسود العدالة الإجتماعية والحرية0 وهي بالطبع قيم تستحق أن تخاض التحركات السياسة والثقافية والإجتماعية والإقتصادية في سبيلها0 لكنني أنا اليوم مؤن بأن مهمتي قد كانت وستظل أكثر صعوبة000 يتبع