عادة عندما أكتب عن ذكرياتي وعن حياتي لا أريد أن أكون كالمحاسب طبعا الذي يحاسب ويدون كل صغيرة وكبيرة بل عادة أدون ما يبدو لي أنه مهما من المواضيع والأحداث خاصة التي تبقى دائما تشغل حيزا كبيرا من تفكيري 0 ومع هذا طبعا فإنه عادة أرغب عبر كل محاولتي هذه في أن أقدم رؤيتي حول كيفية تعاطي بلادي مع القضايا والهموم وساعات الشدة والضيق التي عاشتها وتعيشها وكذلك من أجل أخذ العبر للمستقبل0 يضاف إلى هذا كله أن الأحداث السياسية سواء أكانت كبيرة أوصغيرة تبقى في صلب إهتمامي0 وبناء على ما يتوفر لي من علم ومعرفة ومن معلومات عامة وخاصة وعلى ما يمليه علي ضميري من جهة ومن جهة ثانية فإن هناك قضايا كثيرة كانت قد واجهتها بلادي ولم تتمكن الحكومات التي تعاقبت عليها من معالجتها بشكل كف ونهائي 0 لهذا طبعا علي أن أضع جيدا في حسباني أن مصطلح إدخال التحسينات لا يمكن أن يفهم مستقبلا على أنه مجرد توزيع اللوم والعتاب وإنما هو ضرورة ملحة من أجل القدر على التعاطي مع الوتيرة المتسارعة لتغير الأحداث0 هذا طبعا مع عدم نسياني لعائلتي التي تتسم بالحيوية 0 كما أنني عندما أفكر في عائلتي بالتأكيد تغمرني الفرحة فرحة بالحياة معهم في كل لحظة 0 وع هذا يظل يساورني الغلق بالتأكيد بشأن المستقبل الذي ينتظر أبناء الجزائر ترى هل سينعمون بالأمن والسلام والإستقرار في المستقبل القريب والبعيد0 لأن الأخبار و الصور التي أصبحت تصلنا من العراقوسوريا واليمن وليبيا وفلسطين كلها طبعا تشير إلى مشكلات لايزال لم يتوصل إلى إيجاد حل لها0 يضاف إلى ذلك مانراه في الجزائر اليوم من لاجئين سوريين وأفارقة قد فروا إلى الجزائر هربا من بؤسهم وطمعا في حياة أفضل حتى طبعا بالمغامرة بحياتهم 0 إضافة طبعا إلى هروب أبناء الجزائر في رحلات عبر القوارب إلى أوروبا تحت ظروف قاسية يصعب تصورهاأقول هذا في وقت يستورد فيه العالم العربي طبعا كل سنة من السلاح مابين 10 إلى 12 في المائة من الناتج القومي0 لكن الشيئ المحير والمخيب لأمل الشعوب العربية هو إن في بلدان العلم والتجديد يستعمل في الدفاع عن النفس يعني الدفاع عن الوطن لكن في بلداننا العربية طبعا يستعمل في قهر الشعوب وفي القمع الداخلي وليس للعدو الخارجي لذا طبعا فقد صبرت طويلا لكن اليوم قد أصبحت السنين تغلبني على أمري فهي طبعا تجري سراعا هذا طبعا وتبقى كتابتي هذه المتواضعة والبسيطة تعبر عن أفكاري في مرحلة حرجة من المراحل مرت بها الجزائر وتمر بها اليوم 0 ولا أريد أن ينزل عليها طبعا ستار أو تنسى 0 وحتى طبعا وإن كانت قضية البحث عن حلول لهذه الأزمة المتفاقمة والمتشابكة التي تعيشها الجزائر أو محاولة معالجة المواضيع السياسية في هذه المرحلة صعبة ومعقدة 0وحتى طبعا في كل المراحل في الجزائر أكثر تعقيدا 0 فإن العلم الحديث قد أصبح في معظم دول العالم العربي والإسلامي منقول والتجديد فيه عبارة عن ظاهرة مستعارة 0 أقول هذا طبعا لأن التقليد قد يكون في معظم مراحله سهلا لكن التجديد الأصيل طبعا يبقى شاقا0 فحتى وسائل وأدوات التطور والنمو والإزدهار والأمن قد أصبحت في عالمنا لعربي في القرن الواحد والعشرين لها إستعمالات مختلفة عن الهدف الذي قصده أولئك المخلصين لهذا البلد العريق والذين سخروا حياتهم لصنعها وما توصلوا إليه من علم وتكنولوجيا0 هذا طبعا ويبقى العالم العربي اليوم يعيش مرحلة إختطلت فيها الأمور فأصبح طبعا ما يضيع ليس العلم والتجديد وإنما يضيع الحلم الوطني ولا يكون بعد ذلك بديل سوى القمع والقهر0 لأنه طبعا عندما يضيع الحلم يصبح أمام الأنظمة في بلداننا العربية طريق واحد بدايته محطة تلفزيونية وإيذاعية ونهايته دبابة ومدفع وطائرة 0 حيث عندما تعجز هذه الأنظمة أن تقنع شعوبها بالكلام تجعل السلاح طبعا يتولى مهمة إخضاع هذه الشعوب بالنار0 هذا طبعا وقد أصبحت قوى سيطرة في بلداننا العربية ليست داخلية قط بل قد أصبحت عالمية في مرحلة قد تلاشت فيها المسافات على الأرض وحتى في الفضاء وتمركزت المصالح والمطامع والغايات 0 هذا طبعا قد دفعني لهذه الكتابات المتواضعة والبسيطة لأسباب يمكن أن نذكر منها عامل الزمن والسنين التي تجري سراعا وثانيها طبعا مادمت على قيد الحياة ومن قبل أن ينزل صمت الأبدية0 وحتى طبعا لا يقول أي جزائري لماذا لازم الصمت ولم يكتب مادام في مقدوره الكلام وقبل فوات الأوان 0 هذا طبعا في وقت قد بدأت تظهر فيه بعض إمارات الصحوة في المناخ العام الجزائري والمتمثلة طبعا في البحث عن الحقيقة و أصبح هناك تساؤل عظيم يحاول معرفة أين مكانه وكيف يمكن الوصول إلى حقيقة الداء واكتشاف الدواء وما السبيل إلى ذلك 0 ومع أن روابط الإنتماء العضوي بالأرض هي أقوى في حالة الشعب الجزائري فإنه في الحقيقة إذا تمكنت الجذور في الأعماق فإن عملية القطع بعد ذلك أو لخلع قد تصبح عمليا تصديا لواحدة من ظوهر الطبيعة ذاتها وهذا طبعا صعب 0ولهذا فإن السرعة واجبة والعنف قد أصبح في عجلة من أمر0هذا طبعا ويبقى القول بأن مسألة الحفاظ على مقومات الحياة الطبيعية جنبا إلي جنب مع الأوضاع الإجتماعية يحب أن يصبح في صدارة إهتمامات لحكومة القائمة في الجزائر فهي طبعا مهمة لايجب أن ترك للنخب السياسية للإضطلاع بها لأنه طبعا مهمة يمكن في النهاية أن لا يجد حلا للأوضاع الإجتماعية السائدة في المجتمع الجزائري إلا إذا نجحت الحكومة طبعا في إيجاد حلول للمشاكل الإقتصادية السائدة في هذه المرحلة في الجزائر وحتى في المنطقة المغاربية وفي القارة السمراء 0 وهذا طبعا مما يتطلب البحث عن مشاريع تنموية واسعة 0 فلا يمكن اليوم طبعا تبسيط الأمور في و قت قد أصبحت كثير من البلدان المغاربية تنقصها الإردة والقدرة على القيم بتطوير سياسات حديثة خاصة من جانب المصادر الطاقوية ما دامت بلداننا لا تستطيع أن تعتمد مثلا التكنولوجية النووية يضاف إلى ذلك أن هذه الطاقة حتى البلدان المتطورة لم تساهم كثير في حل مشاكل الطاقة لذا طبعا فبلداننا لا يمكنها مثلا أن تستخدم التكنولوجية النووية كمصدر من مصادر توليد الطاقة 0 لذا طبعا لابد من العمل على إستثمار موارد جديدة من أجل تطوير مصادر الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح إضافة إلى تطوير تقنيات الإقتصاد في إستخدام الطاقة هذا طبعا ويمكن القول بأن الأمور كانت قد بدأت تتغير في الجزائر في السنوات التي سبقت وفاة الرئيس هواري بومدين في عام 1978 وكان حينئذ في السادسة والأربعين0 ولقد بذلت يومها جهود كبيرة لإعادة إنعاش جبهة التحرير الوطني0 كما تأسست يومها طبعا مجالس إستشارية على مختلف المستويات بعد إنقضاء فترة من المناقشات المنفتحة نسبيا والخاضعة لبعض التوجيهات0 حيث تم وضع دستور جديد ثم طرح بعد ذلك للإستفتاء الشعبي فقد أعطى هذا الدستور نوعا من الحرية وتم بموجبه إنشاء مجلس شعبي يضم 261 عضوا كما تم شرعنة صلاحيات الرئيس التي يمارسها بالفعل وإعطائه صلاحيات جديدة كحق إصدار المراسيم عندما لا يكون المجلس منعقدا بغية إستباق أي آثار غير متوقعة أو غير مقصودة 0هذا طبعا وكانت قد أ نشأت الجمهورية الجزائرية طبعا نتيجة الصراع الطويل ضد الإستعمار الفرنسي دام أكثر من قرن وثلاثة عقود من الزمن لكن طبعا بعد قد أصبح مؤسستان تدير هذه الجمهورية وهي طبعا حزب جبهة التحرير والمؤسسة العسكرية0 فقد إستخدمت هاتين المؤسستين لتأسيس نظام حكم إستبدادي تحتل إدار الدولة فيه مركزا محوريا كماأن هاتين المؤسستين تستمد مداخيلها من صناعة النفط 0 فقد كانت البداية بتعرض الرئيس أحمد بن بلة الرجل المدني وأول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة لإنقلاب عسكري في عام 1965 على يد قائد سلسة طويلة من السكريين هو هواري بومدين قيل عنه يومها بأنه شخصية صارمة ومتحفظة 0 فقد تمكن طبعا بالإضطلاع بالمهمة المعقدة والتي تمثلت في توحيد القوة المبعثرة للجيش الجزائري والتي حارب جزء منها ضد الفرنسيين داخل البلا وبعضها حارب من الخارج وجعلها جيشا وطنيا واحدا متمسكا0 كما أحاط طبعا الرئيس هواري بومدين نفسه بالموالين إليه وقام بإستخدام سلطته المتزايدة في تطبيق سياسة التنمية من خلال الدولة 0 وهي السياسات التي كانت تهدف في حقيقتها إلى تحقيق التنمية الإقتصادية في وقت قصير على شاكلة النمط المتبع في كل من سوريا ومصر 0 كما كانت طبعا المراسيم هي أسلوب الحكم في تلك الفترة أو المرحلة وهي الطريقة المتبعة في كل الأنظمة المماثلة مع وجود قليل من مناقشة سياسة الدولة بين صفوف الجماهير والشرائح الشعبية الجزائرية إلا أنه في الحقيقة قد كان الإنتقاد محظورا فكانت وسائل الإعلام الجزائرية تتكلم بلسان واحد كما كانت أجهزة الإستخبارات والأجهزة الأمنية تطبق على أي معارضة واستخدم الحزب الواحد كأداة سيطرة بدلا من أن يكون وسيلة للحوار0 كما أن الدستور الجديد طبعا قد مهد الطريق أمام الإنتقال السهل للسلطة إلى خليفة بومدين العقيد الشادلي بن جديد في عام 1979 0 أما المرشح الثاني الذي هو وزير الخارجية في عهد الرئيس هواري بومدين لمدة طويلة فقد أصبح رئيسا للجمهورية بعد عقدين من الزمن يعني في عام 1999 0 كما كانت هناك محاولة لإدخال سلطة مدنية في النظام الجزائري وهذا طبعا بإنشاء مؤسسات غير عسكرية ففي عام 1979 إنشأ مكتب سياسي لحزب جبهة التحرير ولجنة تمثيلية مركزية وكذا لجان متعددة لتقرير السياسات لكن هذه العملية طبعا قد تم توقفها مباشرة بعد إضطرابات منطقة القبائل 0 هذه الإضطرابات التي قد كانت مقلقة بالنسبة لقادة المؤسسة العسكرية الجزائرية وهذا مما جعلهم يعيدون السيطرة على حزب جبهة التحرير الوطني إلى الشادلي بن جديد كما أنه في عام 1984 أعادوا الأركان العامة للجيش بعد أن كانت قد ألغيت في عام 1967 بصفتها مركز السلطة البديلة فأصبح الشادلي بن جديد في هذه المرحلة مسئولا فقط أمام قادة الجيش بشكل ير رسمي 0 كما كانت هناك محاولة أخرى طبعا لتقليص سلطة المؤسسسة العسكرية أثناء الإضطرابات الإقتصادية الحادة التي نتجت عن الهبوط الحاد لأسعار البترول في ثمانينيات القرن الماضي 0 وأدى هذا الوضع المزري طبعا إلى وضع دستور جديد يسمح بتأسيس أحزاب سياسية جديدة فكانت من هذه الأحزاب طبعا جزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ في أول إنتخابات تعددية في جزائر الإستقلال فكسبت أكثر من نصف الأصوات في إنتخابات البلدية لعام 1990 0 كما حصلت على ربع أصوات الناخبين في الدور الأول من الإنتخابات التشريعية لعام 1991 وهذا طبعا مما جعل كبار قادة الجيش يشعرون بتهديد كبير لنفوذهم 0 وهذا مما جعلهم يضغون على الرئيس الشادلي بن جديد لحل المجلس الشعبي الوطني ثم أقالوه بإنقلاب أبيض واستبدلوه بمجلس رئاسي يتكون من خمس أعضاء فأقدم هذا المجلس على إلغاء المرحلة الثانية من هذه الإنتخابات وهذا طبعا مما أدى إلى حدوث إحتجاجات واضطرابات ثم تحولت فيما بعد إلى صراعات وهذا طبعا مما جعل المؤسسة العسكرية تتولى السلطة بنفسها لعقد من الزمن0