د.أسامة أبوزيد يكتب :حقًا.. أم الدنيا    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    البنتاجون يرفع ميزانية الدفاع لحوالى تريليون دولار.. رسالة ردع أم حرب؟    الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات قيصر ويؤكد بدء مرحلة البناء    وزير الخارجية الأمريكي: المحادثات بشأن أوكرانيا لا تهدف إلى فرض اتفاق على أي طرف    علي ناصر محمد يوضح سبب اختياره دمشق كمحطة إقامته بعد خروجه من صنعاء    المصري يتخطى زد في كأس عاصمة مصر    إبراهيم زاهر رئيسا لنادي الجزيرة حتى 2029    عصام صاصا و 15 آخرين أمام المحكمة غداً بسبب مشاجرة المعادي    الشيخ مصطفى إسماعيل.. «دولة التلاوة» يحتفى بقارئ القصر الملكي    قلم على ورق    جامعة تبوك تحتفى باليوم العالمى للغة العربية    ياسمين عز لمحمد صبحي: لما تتكلم عن السعودية الزم حدودك    البلطى بكام النهاردة؟.. أسعار وأنواع الأسماك فى أسواق الإسكندرية    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    البنك المركزي الروسي يخفض سعر الفائدة إلى 16% لهذا السبب    بوتين: لا نية لدى كييف للحل السلمي والمبادرة الاستراتيجية في يد روسيا    كأس أمم أفريقيا.. منتخب الجزائر يستبعد حسام عوار ويستدعى حيماد عبدلى    حمدى رزق يكتب:«زغرودة» فى كنيسة ميلاد المسيح    على ناصر محمد يكشف تفاصيل الوحدة اليمنية: خروجى من صنعاء كان شرطًا    مستشار رئيس الجمهورية يؤدى واجب العزاء فى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    استمرار عطل شبكة Cloudflare عالميًا يؤثر على خدمات الإنترنت    القبض على التيك توكر نورهان حفظي لتنفيذ عقوبة حبس بقضية مخدرات    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تتفقدان قرية النساجين بحي الكوثر والمنطقة الآثرية ميريت آمون    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الداخلية تضبط 3 سيدات بالإسكندرية للإعلان عن أعمال منافية للآداب    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    وزير الخارجية: مصر وروسيا متفقتان على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    كشف ملابسات وجود هبوط أرضى بطبقة الأسفلت الملاصق لسور أحد الكبارى بطريق السويس بالقاهرة    حلمي طولان: لم يُطلب مني المنافسة على كأس العرب.. ووافقت لحل الأزمة    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    بث مباشر| مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء ونظيره اللبناني في بيروت    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحالة الانتخابية" التي حجمت انتصار ثورة مصر!!
نشر في شموس يوم 24 - 11 - 2011

اللافت للنظر أن هاجس البحث عن رئيس جديد لمصر بدأ أثناء وجود الرئيس المخلوع حسني مبارك في القصر الرئاسي بالعروبة، في الأيام الأولى لاندلاع ثورة الغضب التي تفجرت يوم 25 يناير، وكانت ما تزال دماء الشهداء تسيل على إسفلت ميادين التحرير، وهذا منطقي ومفهوم في إطار العلاقة الطويلة والمعقدة بين المواطن المصري والفرعون الذي يسكن المعبد أو القصر، كشكل من أشكال الاستقرار الذي ينشده وإن كلفه التضحية ببعض حريته.
ففي هذا الوقت كان محمد البرادعي- كعادته- يقوم بجولة بين العواصم الأوروبية مدعوًا لإلقاء محاضرات، تلك الجولات التي أثرت كثيرًا على شعبيته لدى قطاعات واسعة من المثقفين والفاعلين على الساحة السياسية، فضلاً عن رجل الشارع العادي الذي كان ينتظر منه قيادة المظاهرات ضد النظام، وقتها أدلى البرادعي بحديث لمحطة تليفزيون أجنبية أعلن فيه استعداده لتولي الرئاسة في الفترة الانتقالية دون أن يعرض أحد عليه ذلك!
وبعد أيام نزل عمرو موسى إلى الميدان الملاصق لمكتبه، وقال لمراسلي الأخبار- لأنه أكثر حنكة- إن بعض "شباب الثورة" طالبوه بالترشح وإنه لن يتخذ قرارًا إلا بعد دراسة الموقف، ثم توالت الأنباء عن ترشح شخصيات أخرى من كافة الاتجاهات، غير عشرات الطامحين إلى الشهرة.
في الوقت ذاته ظهر شباب ما قبل الثلاثين عامًا على الفضائيات، كل منهم يسبق اسمه باسم "ائتلاف" ثوري ينتمي إليه، ويتحدث عن ذكريات الميدان، والبطولات الشخصية والعامة، وانتشرت كابات (جمع كاب) وتي شيرتات تحمل شعارات هذه الائتلافات، كما انتشرت عشرات الصفحات على (فيس بوك) تحمل اسمها، حتى إن متابعًا دءوبًا- مثلي- لم يكن يستطيع ملاحظة الفروق بينها، وما يزال، إن كانت ثمة فروق أصلاً في العقائد السياسية والأيديولوجية، اللهم إلا الفارق بين التيارات الدينية، إسلامية وقبطية، والأخرى الليبرالية على اختلاف توجهاتها. بدأ هؤلاء الشباب حديثًا مبكرًا عن تكوين أحزاب تأخذ اسمها من مفردات الثورة: "الميدان، التحرير، الشهداء، الشباب، العدل.. الخ" تستعد لخوض الانتخابات البرلمانية "المقبلة" ليحصدوا ثمار "ثورتهم"، بعضها تم إعلانه بالفعل حين تكدست "الكراتين" المتشابهة في الأسماء والشعارات أمام لجنة الأحزاب، والبعض الآخر لم يخرج من حيز الدعاية لشخص أو لمجموعة، وقد شكلت الأسماء المتعددة هذه صدمة لكثيرين- أنا أولهم- من الذين كانوا يحلمون بأن تفرز حالة الميدان حزبًا واحدًا، يستطيع أن يواجه القوى التقليدية في الواقع السياسي المصري، والتي تتكون من جناحين لا ثالث لهما: جناح المنتفعين "الفلول" الذين يهرولون وراء السلطة أينما حلَّت، ويقدمون لها خدماتهم وأموالهم مقابل امتيازات تسهل أعمالهم، من الاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي إلى منبر الوسط والحزب الوطني، وجناح الإسلام السياسي، الذي بدأ بجماعة الإخوان المسلمين وما تفرع عنها من جماعات أصولية وسلفية.. الخ.
هذه "الحالة الانتخابية" التي بدأت واستعرت قبل أن يهدأ غبار الميدان، ساهمت بشكل كبير في تحجيم نتائج الثورة، وقدرتها على الانتقال بمصر إلى دولة ديمقراطية تحكمها مؤسسات فاعلة تأخذ شرعيتها من تنظيمها ودورها الذي تؤديه وتلبيتها المطالب التي قامت من أجلها، لا من رضاء الحاكم عنها، إذ إن التسابق المبكر لحصد الثمار صرف الانتباه عن الميدان، وعن التأكد من سير الأمور في الاتجاه الذي يحقق مطالب الثوار، فكان أن تُرِكَت الساحة فارغة للمجلس العسكري الذي يدين بالولاء للنظام القديم- بعد أن صفقوا له برعونة ورومانسية- ولمستشاريه الذين أتقنوا تعقيد المشهد بحرفية اعتادوا عليها، بحيث لا يستطيع أحد أن يغير شروطه إلا بخسائر جسيمة، كتلك التي تُدفع الآن، حيث اضطر الشباب إلى ترك دوائرهم الانتخابية(!)، والعودة إلى الميادين مرة أخرى، يدفعون ضريبة دم جديدة لإزاحة ساكن جديد للقصر، يجاهر بأنه- كسابقه- يأخذ شرعيته من رضاء الأغلبية الصامتة ويلوح بسلاح الاستفتاء!!
"الحالة الانتخابية"، إذن، تسيطر على المشهد داخل وخارج الميادين: ففي الخارج نشاط ملحوظ يقوم به الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة والرجل الثاني في المجلس العسكري- ربما لأن المشير يتعالى!- حيث عقد اجتماعًا مع من يظنهم "قوى سياسية فاعلة" بهدف إيجاد مخرج من الأزمة، فهرول إليه الطامحون: الإخوان المسلمون وعمرو موسى وغيرهما، الذين يرون أن إجراء الانتخابات الآن ستحملهم إلى مقاعد السلطة، وإن التأخير ليوم واحد يؤثر على فرصهم، لذلك أكد المجلس العسكري على إقامة الانتخابات في موعدها- استجابة لتلك الضغوط- رغم المخاطر الجسيمة التي تلوح في الأفق، ولم يجد نفسه مضطرًا لتقديم تنازلات، كالاعتذار عن الأخطاء أو تعزية أهالي "الضحايا".. الخ، وإن فعل بعد رجاءات عديدة، وعبر مسئولين أقل أهمية من الرجلين الكبيرين، المشير وعنان! وفي داخل الميدان هناك متعجلون كثيرون، يتظاهرون لبعض الوقت ويلتقطون صورًا ويتحدثون للفضائيات، ثم يهرولون إلى دوائرهم لكسب ود الناخبين.. يقولون إن الانتخابات هي الطريق إلى الديمقراطية، دون نظر إلى أنها جزء من خطة المجلس ومستشاريه لتفريغ الثورة من محتواها عبر اقتراع معقد، يحمل المستأنسين إلى البرلمان، أولئك المنوط بهم انتخاب هيئة تأسيسية تضع الدستور الجديد، الذي يراد له أن يكون مؤدبًا، يحفظ للقوى القديمة هيمنتها على مصادر المال والسلع وتحريكهما، ولقادة الجيش ميزانيهم السرية وصفقات السلاح!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.