المنظمة الدولية للهجرة ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات يوقعان مذكرة لتعزيز السلام والأمن    مدير متحف اللوفر يقدر الأضرار الناجمة عن السرقة بأكثر من 80 مليون يورو    وزير الكهرباء: الجهاز التنفيذي للمحطات النووية خطوة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة    أحمد موسى عن استقبال الجاليات المصرية للرئيس السيسي في بروكسل: مشهد غير مسبوق    الدكتور أحمد القاصد يترأس اجتماع لجنة الاحتفال بعيد جامعة المنوفية ال 49    صندوق الاستثمار ينجز أكبر إصدار سندات بتاريخ فلسطين    الذهب يتراجع عالميًا ويؤثر على الأسعار المحلية في مصر    رقابة بلا جدوى !    القضاء الإدارى يرفض 45 طعنا ويقبل 3 على الاستبعاد من الترشح لانتخابات النواب    إسرائيل تغلق جمعية لرعاية الأيتام بالضفة وتصادر محتوياتها    تركمانستان والعراق يوقعان مذكرة تعاون طاقي واستيراد غاز    ساركوزى يبدأ قضاء عقوبة السجن 5 سنوات    توروب يعلن قائمة الأهلي لمواجهة الاتحاد السكندري غدًا    حقيقة مفاوضات الأهلي مع المغربي بنتايج لاعب الزمالك (خاص)    ضبط 3 أشخاص يديرون مصنعين ومحل لإنتاج أعلاف مجهولة المصدر ودون ترخيص    وزير الخارجية يدعو التقدم لامتحانات الوزارة: لدينا عجز فى خريجي الحقوق    صحف ومواقع أوروبية: التاريخ يعود إلى مكانه الطبيعى    دموع وتصفيق.. العرض الخاص لفيلم «ويبقى الأمل» يشعل أجواء مهرجان الجونة    الليلة.. محمد الحلو يُجدّد حضوره الفني بمهرجان الموسيقى العربية    هل على ذهب الزينة زكاة؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد صبحي: مجلس الإسماعيلي خيب آمالنا ووزارة الرياضة أنقذت الموقف    كورتوا: قرار إقامة مباراة برشلونة وفياريال في أمريكا ليس عادلا    برلمانى: القمة المصرية الأوروبية خطوة جديدة لتعزيز الحضور المصري الدولي    مصرع سيدة على يد طليقها امام مدرسة بالسادات وأمن المنوفية يكثف جهوده لضبط المتهم    إصابة شاب فى حادث اصطدام ميكروباص بشجرة بقنا    النائب محمد عبد الله زين: أين الحد الأدنى للأجور؟.. وعضو المجلس القومي: لا تحملوا القطاع الخاص فوق طاقته    اكتشاف مقبرة جماعية لقتلى عراة فى منطقة تل الصوان شرقى دوما السورية    تعشق السيارات ومثلها الأعلى مارجريت تاتشر.. 31 معلومة عن ساناي تاكايتشي أول امرأة تتولي رئاسة الحكومة في اليابان    جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في القاهرة    كريم عبد العزيز خارج سباق رمضان 2026    انتصار تصطحب ابنها في عرض السادة الأفاضل وتلتقط صورا مع شخصية الفيلم الكرتونية    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    أستاذ فقه: حب آل البيت جزء من الإيمان ومصر نالت بركتهم بدعاء السيدة زينب    هل يجوز للمرأة تهذيب حواجبها إذا سبب شكلها حرجا نفسيا؟ أمين الفتوى يجيب    صحة الشرقية: فحص 1062 طالبا بمدارس القنايات ضمن مبادرة سوء التغذية    تعليم وصحة الفيوم يتابعان التطعيمات اللازمة لطلاب المدارس للوقاية من الأمراض    ابنى عنده برد باستمرار ؟.. مدير مركز الحساسية والمناعة بالأزهر يجيب    دورة تدريبية في جامعة بنها لأعضاء لجان السلامة والصحة المهنية «متقدم»    منافسة شرسة بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم نجم منتخب المغرب    زوج يرمي زوجته من البلكونة في ببورسعيد بسبب صينية بطاطس    صبحى يهنئ يد الأهلى بعد التتويج بلقب إفريقيا    الاتحاد الأوروبي: تخفيف قيود التأشيرات أمام الطلاب المصريين    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    مثالية للدايت والطاقة، طريقة عمل سلطة الكينوا بالأفوكادو والطماطم المجففة    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    شون دايش مدربا لنوتنجهام فورست    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا ذهب يكتب في العتمة؟
نشر في شموس يوم 10 - 08 - 2016

جزعت لرحيل محمود درويش. كنت في أمريكا وكان يرقد مريضاً في احدى مستشفياتها، وماعلمت، حتى جاءني خبر غيابه الأخير في رغبته الى تذوّق سكون الموت، فعرفت سرّ كوابيسي التي أثقلت لياليّ الأمريكية. موت شاعر وسيم، مشدود جسده كرمح صعقني. شعرت بالحرج من رحيله المباغت، وداهمني حداد زائغ، منعزل، متفكك. تمرنّا على الموت، نتحمله بسكون في كثافة هذا العالم، لكننا نصعق ما زلنا، تتقطع أنفاسنا ونرسل صرخات مكتومة حين يغادر شاعر. مات محمود درويش وانفتحت ثانية، ستائر قلبي كاملة على جسامة غيابه، فالموت تطاول كثيراً وتحدانا في عقر دارنا وقصائدنا، ودّك أساس الكلمات. لم أكن بالضرورة، قارئة مثالية لشعر درويش، ولم أكن أعرف أيّ المشاعر أبذلها له، وكنت مذنبة قطعاً في فوضى تذوقّي الخاص للشعر، لكنه درويش كان يكمل دورانه، رقصه، وحوله يدور بريق الأنوار، كأنما الأنوار كلها لم تسطع الا لهدف واحد : التمهيد لغياب عجائبي مخيف، يردم الهواء المتحرك بين الحياة والموت، تلك الهوة الجنونية التي تركتها وراء درويش ذراته المختفية.
ماذا ذهب يكتب في العتمة الكاملة، الرجل كثير الشعر، كثير الحب، كثير فلسطين، كثير الأسفار المتقلبة فتنته في المدن والمنافي. لمن ترك فلسطين كتلاً مزرّقة، بطيء نبضها، منتفخ قلبها ويملأ السواد شوارعها. ماذا ذهب يفعل وحيداً، من دون فرضية صغيرة جداً، استثناء وحيد، امكانية عودة ما، معلقة في الهواء، أو مطمورة في ‘البروة ‘ أو في ‘رام الله ‘. موته هجوم ارادة خشنة فظة، تدفقت كريح جليدية على قامته الفارعة، على قصائده وفلسطينه، لا أدري من أيّ شريان اخترقته، أو من أية سماء، ومن أية غفلة، ومنعته من أن يكون الى أبد الآبدين، شاعراً وسيماً تنساب كلماته بلا انقطاع بين ذرات عالمنا المُضجر. غداً، على عادتنا في النسيان، نغذّ السير في نسيانك. غير ان غيابك جعل كل الأشياء بلا ملامح، واستقّر العالم في بلاهته وقبحه، وكنّا نتحملّه معك بشكل أفضل. كلماتك تأخذ الفتنة على عاتقها وكل كلمة كأنها فتنة أولى. أيها الشاعر الراحل، لن تجد أي مصدر للمرارة والحزن والتعب حيث رحلت، لكنك تقبع تحت نظام الموت الصارم جداً وليس يُشغلك بعد ترتيب القصائد. حفل مشيتك الراقص يرتعش بعيداً في ذاكرتي الآن :
حطام جسدك الممشوق، ووحيد في محيط ساكن وقد خلفّت لنا مطراً من الكلمات لأجل أن نُنعم التفكير في جدوى الحب، وجدوى الوطن والمكان، ولأجل أن نتنّزه في حدائق الشعر، نسترجع بعض روحنا، نرتعش، نتدفأ، نحتمي، نتغذّى، نكبر ونخرج من طيات الذّل، نتمطىّ حتى السماء، وذات يوم تكون فلسطين، ندخلها من تعب كلماتك، ندخلها في كل سطر كتبته. الحيل الصغيرة التي كنت أُجيزها لنفسي كلما جمعنا سفر في دعوة واحدة: أن أجلس وحيدة وبعيدة عنك، ان أتجنبّ الكاميرات التي تلاحقك، أن أتظاهر أن وهج حضورك لم يحرقني الى أن تناديني وتسألني : كيف الشعر؟ فيهدأ روعي ويقيني أن كل ما كنت أتظاهر به ليس أكثر من خداع لنفسي، فقد كنت في الحقيقة أسير اليك وان على مبعدة، كأنني مشدودة بخيط نحو نور حضورك الذي أُحبّ، والذي كنت وددت لو خزنّت منه قبل أن ترحل، لتغتذي به أيامي المعتمة. شلني الخوف من رحيلك وانهار قصر الكلمات، وكلّه من المرمر. الهاتف الذي رنّ يُنعيك، والأرقام التي لمعت في الظلام وأيقظتني من نوم ساخن ثقيل، لم تدر أيّ تعب حمّلتني. انشغالي بأميركا لم يترك لي وقتاً لمتابعة الأخبار، فجاء رحيلك مباغتاً، مهيباً، صاخباً. ألم، مزيد من الألم، وكان جسدك ممّددا في احدى مستشفيات هيوستن، على مقربة منيّ، وما عرفت، فقط الكوابيس، والمزاج المعتكر، وها هو نعيك يُضيء الأرقام في العتمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.