اليوم الخميس| آخر تقديم ل 178 فرصة عمل بالإمارات ب 24 ألف جنيه    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر للقطاع العام والخاص والبنوك والمدارس    البابا تواضروس الثاني يتحدث عن "صمود الإيمان" في اجتماع الأربعاء    الهيئة العليا للوفد توافق على طلب رئيس الحزب بطرح الثقة في نفسه    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 10-7-2025 مع بداية التعاملات    أسعار الفراخ اليوم الخميس 10-7-2025 بعد الهبوط الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    قانون الإيجار الجديد.. هل يُنهي صراعات الماضي؟    الدولار ب49.58 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 10-7-2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 10-7-2025 بعد تجاوز حديد عز 39 ألف جنيه    سماع سلسلة انفجارات قوية في العاصمة كييف وسط دوي صفارات الإنذار    لولا: البرازيل قد ترد بالمثل على رسوم ترامب الجمركية    دمشق: نرحب بأي مسار مع "قسد" يعزز وحدة سوريا    الجيش الإسرائيلي يُعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    جيش الاحتلال يُعلن العثور على جندي منتحرًا في قاعدة عسكرية جنوب إسرائيل    نتنياهو على حافة الهاوية.. مُفاوضات شكلية وحرب بلا أفق    البنتاجون: الوزير هيجسيث أكد لنتنياهو أهمية إنهاء الحرب في غزة وعودة جميع المحتجزين    "صفعة برازيلية".. كيف كان مشوار باريس سان جيرمان نحو نهائي كأس العالم للأندية؟    ماذا قدم أحمد ربيع ليخطف أنظار مسؤولي الزمالك؟    الأهلي سينعش خزينة الزمالك بقرابة 7 مليون جنيه.. ما القصة؟    حداد ودموع واحتفال.. كيف نعى نجوم كأس العالم ديوجو جوتا؟    «عشان أوضة اللبس».. محمد عمارة يُطالب الأهلي ببيع وسام أبو علي وزيزو وإمام عاشور    حبس المتهم بمطاردة فتاة والتحرش بها في الفيوم 4 أيام    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 10-7-2025    "وسط الدخان الأسود".. 20 صورة ترصد ملحمة رجال الحماية المدنية في مواجهة جحيم سنترال رمسيس    في حراسة مشددة.. وصول أسئلة الأحياء وعلوم الأرض والإحصاء والرياضيات التطبيقية لمراكز التوزيع    إصابة 9 عمال في حادث إنقلاب سيارة ربع نقل بطريق "بنها – المنصورة الجديد" بالقليوبية    وفاة المخرج سامح عبد العزيز.. وموعد ومكان صلاة الجنازة    يُعرض في 13 أغسطس.. عمرو يوسف يروج ل"درويش" وينشر البرومو الرسمي    10 صور لاحتفال زيزو مع أحمد السقا بفيلمه الجديد    نجل عمرو مصطفى يقتحم عالم الغناء بأغنية إنجليزية من كلماته وألحانه (فيديو)    هدى الإتربي تتألق بإطلالة ساحرة في أسبوع الموضة ب باريس (فيديو)    الوداع الأخير.. المطرب محمد عواد في عزاء أحمد عامر ثم يلحق به اليوم فجأة    ما حكم الوضوء بماء البحر وهل الصلاة بعده صحيحة؟.. أمين الفتوى يحسم (فيديو)    الولايات المتحدة تشهد أسوأ تفش للحصبة منذ أكثر من 30 عاما    استشهاد أم وأطفالها الثلاثة في قصف للاحتلال على خان يونس    الضل، رحلة أدبية إلى قلب الإنسان وحقيقته الغائبة للكاتب خالد الشربيني    بالأسعار والمساحات، الإسكان تطرح أراضي تجاري إداري سكني    نجم الأهلي السابق ينصح برحيل ثلاثي الفريق    نتيجة تخبرنا أين نقف الآن، ألونسو يكشف سبب الهزيمة أمام باريس سان جيرمان    اليوم، غلق باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس الشيوخ    ما أحكام صندوق الزمالة من الناحية الشرعية؟.. أمين الفتوى يوضح    شيكابالا يدعم إبراهيم سعيد بعد خروجه من السجن.. ماذا قال؟    عانى من علامة "غريبة".. رجل يكتشف إصابته بسرطان عدواني    لرسوبه في التاريخ.. أب يعاقب ابنه بوحشية    تذكرتى تطرح برومو حفل أنغام نجمة افتتاح مهرجان العلمين بنسخته الثالثة    جامعة كفر الشيخ: مركز التطوير المهنى نموذج خدمى متكامل    موقف صلاح مصدق من الرحيل عن الزمالك    «مستقبل وطن» يختتم اجتماعاته اليوم بلقاء مرشحي الشيوخ 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    المشدد 6 سنوات لتاجر الكيف لإتجاره في الترامادول بالمنيرة    أهالي المفقودين في «غرق الحفار»: «منتظرين جثامينهم.. عايزين ندفنهم»    عميد القلب السابق يكشف المؤشرات الأولية ل الإصابة ب الجلطات (فيديو)    مستشار الرئيس لشؤون الصحة: ظهور متحور كورونا الجديد «نيمبوس» في 22 دولة    أحمد سعد يثير الجدل بحقيبة هيرمس.. لن تتوقع سعرها    أصيب به الفنان إدوارد.. 5 علامات تكشف إصابتك بسرطان الكلى    «ترقب ومعاناة».. طلاب الثانوية العامة يروون ل«المصري اليوم» رحلة البحث عن الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شذرات من السيرة النبوية المعطرة
نشر في شموس يوم 24 - 09 - 2015


تمهيد
ثم استوطن ابراهيم عليه السلام ارض الشام في فلسطين وكانت زوجته سارة عاقرا ولم تنجب له . فلما اعطاها الملك الجبار (هاجر ) جارية لها وهبتها الى زوجها ابن عمها ابراهيم عليه السلام لعله ينجب منها فواقعها ابراهيم عليه السلام فحملت وولدت له ولدا اسماه ( اسماعيل ) فدبت الغيرة في نفس سارة وطلبت منه ابعادها وولدها عنها بعيدا فأمره الله تعالى ان يخرج بهاجر وولدها الى ارض مكة في الحجاز وهي ارض غير ذات زرع ولا ماء جبلية بعيدة بعيدة ليس فيها ماء ولا تنبت زرعا .
فاخذها ابراهيم عليه السلام وولدها معها الى ارض الحجاز فلما وصل ارض مكة انزلهما في بقعة محاطة بالجبال من كل جانب وتركهما في اكمة ومعهما شنة من ماء وجعبة فيها طعام وعاد ادراجه من حيث اتى .
فلما رأته زوجته انه تركهما وقفل راجعا لحقته وهي تنادي عليه وهو ساكت لا يرد فلما وصلا الى منطقة ( كداء) نادته من ورائه :
– يا ابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به انيس او اي شيء نأوى اليه .
قالت له ذلك مرارا وهو مستمر في سيره لا يلتفت اليها.
فقالت له:
– الله امرك بهذا ؟؟؟
قال : نعم
قالت : اذن لا يضيعنا الله .
وفي رواية اخرى قالت:
– الى من تكلنا الى الله ؟
– قال: نعم
– قالت : رضيت .. لا يضيعنا الله .
ثم رجعت .
وهذه هي المرة الاولى التي تطأ اقدام ابراهيم عليه السلام ارض مكة وموقع البيت العتيق .
عاد ابراهيم عليه السلام الى الشام في ارض فلسطين الى زوجته سارة . ولما نزلت الملائكة لتصب العذاب على قوم لوط نتيجة اجرامهم وفعلهم المنكر ونزلوا عند ابراهيم عليه السلام ضيوفا فنحر لهم عجلا سمينا الا انه شاهد ان ايديهم لا تصل الى الطعام فنكرهم وخافهم فاخبروه انهم رسل الله تعالى الى لوط عليه السلام فلما سمعت سارة بالحكاية لفت نفسها بخرقة ( صرة ) او ربما تكون اشبه بالعباءة واتت اليهم مسلمة فضحكت فبشروها وزوجها ابراهيم بالبشرى بالولد فتعجبت من الامر كيف تلد وهي عقيم وزوجها شيخ كبير . عندها ضربت وجهها بيدها قائلة:
– كيف أ لد وانا عجوز عقيم ان هذا لامر عجيب .
حملت سارة فانجبت له ( اسحاق) ورزقه الله تعالى من وراء اسحاق ولده يعقوب قال تعالى :
( ولقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ * فلما راى ايديهم لا تصل اليه نكرهم واوجس منهم خيفة قالوا لا تخف انا ارسلنا الى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب * قالت أألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشئ عجيب * قالوا اتعجبين من امر الله رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت انه حميد مجيد * ) سورة هود الايات \ 69-73 .
رجعت ( هاجر ) الى ولدها بعد ان غاب عن عينها زوجها ابراهيم عليه السلام راجعا الى ارض فلسطين فجعلت تشرب من الشنة فيدر لبنها فترضع ولدها لعدة ايام حتى نفد الطعام و الماء فعطشت فجف حليبها وانقطع من شدة العطش وعطش وليدها واصبحت تنظر اليه وهو يتلوى او يتلبط من العطش والجوع وأضامها الضيم في نفسها وصارت تتهيب ان تنظر الى وليدها وهو يتلبط من العطش فنظرت الى جبل ( الصفا ) لعلها تنظر شيئا فاسرعت اليه صاعدة فوقه لعلها ان تجد فرجا او منقذا او تجد شيئا ما يرويّ عطش وجوع ولدها فلم تر شيئا فنزلت ثم نظرت الى جبل يقابله وهو جبل ( المروة ) لعلها تجد ضالتها فيه فسارت اليه مسرعة فصعدته فلم تجد شيئا فبقيت تجري بين الصفا والمروة سبع مرات لعلها تجد ما يعينها على حاجتها حتى تعبت وشعرت بالارهاق ..
فقالت في نفسها لأذهب فأرى ولدي (الرضيع) ماذا يفعل وماذا
حل به فاذا هو على حاله يتضور جوعا وعطشا و كأنه ينشغ للموت فكانت هذه المرات السبع هي اشواط السعي السبعة بين الصفا والمروة من شعائر الله في الحج والعمر ة .
قال الله تعالى :
( ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم )
سورة البقرة \ 158.
ومن هنا شرع السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة سبعة اشواط .
واذا بصوت سمعته فقالت :
– أغث ان كان عندك خير …
فاذا به جبريل عليه السلام يقول:
– بعقبه على الارض …
فنظرت الى الطفل وهو يضرب بعقب رجليه الارض ينازع الموت والحياة فانبجس الماء من تحت عقب الطفل ( اسماعيل ) فكان ( زمزم ) فشهقت شهقة فرح عظيمة وهي ترى الماء منبثقا . ثم اخذت تغرف الماء في سقائها ثم شربت وارضعت ولدها . وفي هذا قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم :
– (رحم الله ام اسماعيل لو تركت زمزم – او قال لو لم تغرف الماء- لكانت زمزم عينا معينا) اي عينا سائلة جارية .
فقال لها جبريل عليه السلام :
-( لا تخافي الضيعة فان ههنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وابوه ان الله لا يضيع اهله ).
وكان البيت مرتفعا قليلا عن الرابية فتأتيه السيول من الجبال المحيطة بهذه البقعة فتاخذ عن يمينه وشماله فبقيت ساكنة قرب الماء ( زمزم ) فكان لها ولولدها رواءا وغذاءا حتى جاءت قافلة بهم رفقة من جرهم مقبلين من ( كداء) فرأوا طيرا تحوم في السماء فقالوا :
– هذا طائر يبحث عن الماء .
فارسلوا من ينظر اليهم فلما جاء الجري فوجدوه ماءا فاقبلت القافلة مع من فيها وقالوا لام اسماعيل عليه السلام :
– اتقبلين ان ننزل عندك ؟؟
– قالت: نعم ولكن لا حق لكم بالماء
– قالوا: نعم
فارسلوا الى اهليهم فنزلوا معهم في هذه البقة فكثر السكن . فكانت
( مكة ).
جاء ابراهيم عليه السلام متفقدا زوجته وولده وكان ابنه اسماعيل قد بلغ السعي في العمل واكتمل يافعا . فلما وصل مكان البيت الحرام حيث وجدهما ساكنين . وفي الليل راى في المنام رؤيا ان الله يأمره بذبح ولده اسماعيل وكان ذلك في ليلة اليوم الثامن من ذي الحجة فأجل الامر الى النهار للتروي والتفكر فيه وليعلم هل هذه الرؤيا من الله تعالى ام من الشيطان فسمي هذا اليوم الثامن من ذي الحجة ( يوم التروية ) . الا ان الرؤيا جاءته في الليلة التالية ايضا في ليلة اليوم التاسع من ذي الحجة فعرف ان هذه الرؤيا رؤيا حق وانها من الله تعالى وهنا قد صدق الرؤيا وعرف انها رؤيا حق ومؤكدة وسمي هذا اليوم يوم ( عرفة ) ثم راى نفس الرؤيا في ليلة اليوم العاشر من ذي الحجة فتاكد الخبر انه امر من الله تعالى يامره ان ينحر ولده ( اسماعيل ) فهمّ بنحر ولده لذلك سمي اليوم العاشر من ذي الحجة ( يو م النحر) عند ذلك اخبر ولده اسماعيل بالامر بشفقة و حنان ليأخذ رأيه في هذا البلاء العظيم فاطاع الولد (اسماعيل) اباه فيما اراد فلما قال له ابوه :
-(يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى).
الصافات \102
وكان يعلم ان امر الله تعالى لابد نافذ وكذلك ليعلم ما عند الفتى اليافع من الصبر والجلد عند تلقي هذا الامتحان العظيم .
فقال له ولده اسماعيل بكل طاعة وتوقير لابيه وطاعة واستسلام لامر الله تعالى :
– ( يا ابتي افعل ما تؤمر ستجدني انشاء الله من الصابرين)
الصافات \ 102
على قضائه وقدره والممتثلين لامره سبحانه وتعالى .
فاستسلما لامر الله تعالى واذعانا لامره وحكمته همّ ابراهيم عليه السلام بذبح ولده اسماعيل واسلم الولد نفسه لابيه فوضعه على الارض باتجاه البيت واخذ السكين في يده وكبر( الله اكبر) وقرب السكين من رقبة ولده اسماعيل لذبحه . وهنا جاء الفرج حيث سمع ابراهيم عليه السلام نداءا من السماء :
( ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا ) وان قد حققت ما امرناك به في المنام من التسليم بذبح ولدك (اسماعيل ) . لقد مننا عليك وجاءك الفرج من عندنا وانقذناك من الكرب العظيم وبمثل هذا الجزاء سنجزي المحسنين المطيعين لامرنا امثالك فهذا هو البلاء المبين وامر الله تعالى ان يذبح كبشا سمينا كبيرا بدلا عن ذبح ولده فداءا له وفي رواية اخرى قيل انزل الله سبحانه وتعالى كبشا من السماء ليذبحه ابراهيم عليه السلام فداءا عن ولده (اسماعيل) عليه السلام .
عند ذلك قام بفك رباط ولده اسماعيل عليه السلام واخذا بعضهما با حضان الاخر وهما يبكيان فرحا بهذا الامر وتنفيذا لامر الله تعالى واخذ ابراهيم عليه السلام الكبش ونحره فكان اضحية عن اسماعيل عليه السلام ومن هنا سنت الاضاحي في الاسلام .
وقيل ان اسماعيل قال لابيه عليهما السلام :
( ياابت اشدد رباطي حتى اصبط ولا اضطرب عند النحر واكفف ثيابك وشمر عن ساعدك لئلا ينتضح شيء من دمي على ملابسك فتراه امي فتحزن او تراه انت فتتذكر الحالة فتحزن واسرع مرور السكين عند الذبح ليكون الذبح اهون علي وكبني على وجهي لكي لا ترى وجهي عند الذبح لئلا تنظر اليه فترحمني ) وهذه هي المرة الثانية التي جاء بها ابراهيم عليه السلام الى ارض مكة وموقع البيت العتيق .
قال الله تعالى:
( فلما بلغ معه السعي قال يابني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى قال ياابت افعل ما تؤمر ستجدني انشاء الله من الصابرين * فلما اسلما وتله للجبين * وناديناه ان يابراهيم * قد صدقت الرؤيا انا كذلك نجزي المحسنين * ان هذا لهو البلاء المبين * وفديناه بذبح عظيم * وتركنا عليه في الاخرين * سلام على ابراهيم * كذلك نجزي المحسنين *) الصافات\ 102- 110
فلما شب اسماعيل واكتمل وتعلم العربية من جرهم الذين سكنوا معه قرب الكعبة في مكة فاعجبهم فزوجوه احدى بناتهم واختاره الله تعالى نبيا .
ومرت الايام والسنون حيث ماتت هاجر زوج ابراهيم ام اسماعيل عليهما السلام فجاء ابراهيم عليه السلام يتفقد زوجته وولده فدلوه على بيته فعرف ان زوجته قد ماتت وان ولده تزوج فسأ ل زوجة ولده عن حالتهم ومعيشتهم وهيأتهم فاخبرته انهم في ضيق وشدة وشكت اليه .
فقال لها :
– اذا جاء زوجك اقرئ عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه
فلما جاء اسماعيل عليه السلام فكأنه آنس شيئا فقال لزوجته – هل جاءكم من احد؟
قالت : نعم جاءنا شيخ صفته كذا وكذا فسألني عنك فاخبرته وسالني كيف عيشنا فا خبرته في جهد وشدة .
فقال اسماعيل عليه السلام لزوجته :
– فهل اوصاك بشيء ؟
قالت : نعم امرني ان اقرأ عليك السلام ويقول لك غيّر عتبة بابك .
فقال : ذاك ابي وقد امرني ان افارقك فألحقي باهلك .
فطلقها وتزوج بغيرها .
وهذه هي المرة الثالثة التي جاء ابراهيم عليه السلام الى ارض مكة وموقع البيت الحرام.
ولبث ابراهيم عليه السلام مدة غير قصيرة في فلسطين ثم قدم الى مكة حيث ترك ولده اسماعيل عليهما السلام ليتفقد حالته فلما جاء سال زوجته عن زوجها ولده اسماعيل عليه السلام فاعلمته انه ذهب للصيد ورجته النزول عندها لاقرائه
فسالها عن طعامهم وشرابهم فاخبرته ان طعامهم اللحم والشواء وشرابهم الماء. من ( زمزم)
فقال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم .
وسالها عن عيشهم وهيأتهم ؟
فقالت : نحن بخير وسعة وأ ثنت على الله تعالى .
فقال لها : اذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وأخبريه ان يثبت عتبة بابه .
ثم رجع قافلا الى الشام وهذه هي المرة الرابعة التي جاء ابراهيم عليه السلام فيها الى ارض مكة وموقع البيت الحرام .
و جاء اسماعيل عليه السلام الى بيته و سال امراته ان كان احد جاء اليهم فاخبرته :نعم شيخ حسن الهيئة – واثنت عليه-
وقالت :
– سالني عنك فاخبرته و سالني كيف عيشنا فاخبرته انّا بخير
قال لها: وهل اوصاك بشيء؟
قالت نعم : هو يقرؤك السلام ويأمرك ان تثبيت عتبة بابك .
فقال: ذلك ابي وقد امرني ان امسكك .
وقيل لما عاد ابراهيم عليه السلام قافلا الى الشام فلما وصل الى ( الثنية) من ارض مكة – موقع معروف – توجه الى ربه تعالى بالدعاء مستقبلا البيت الحرام قائلا:
( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون )
ومكث ابراهيم عليه السلام مدة ثم جاء اخرى يتفقد ولده اسماعيل عليه السلام فوجد ه جالسا يبري النبال تحت دوحة فوق زمزم فلما راى اسماعيل عليه السلام اباه قام اليه مشغوفا فتعانقا او صنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد عند لقائهما من فراق طويل .
وقال ابراهيم عليه السلام :
– يا ا سماعيل ان الله امرني بأمر.
فاجابه اسماعيل عليه السلام :
– فاصنع ما امرك به ربك .
– او تعينني ؟؟
– وأعينك ..
– فان الله امرني ان ابني ههنا بيتا .
واشار الى اكمة مرتفعة على ما حولها وهو موقع الكعبة المشرفة المباركة فاخرج اسها . فعند ذلك بدءا بالعمل فكان اسماعيل عليه السلام ياتي بالحجارة ويناولها لابيه وابوه عليهما السلام يبني البيت العتيق .
فرفعا القواعد من البيت حتى اذا ارتفع البناء جيئ بالحجر الاسود فوضع له وهما يدعوان الله:
( ر بنا تقبل منا انك انت السميع العليم )
سورة ال عمران \ 7 12
وقيل ان الحجر قد انزل من الجنة ابيضا فسودته سيئات العباد . والله تعالى اعلم .
وكان ابراهيم عليه السلام – لما رتفع البناء- يقف على حجر ثم يبني الجدار فكان هذا الحجر هو مقام ابراهيم عليه السلام بجوار الكعبة المشرفة قال تعالى:
( واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ).
وهذه هي المرة الخامسة والاخيرة التي جاء فيها ابراهيم عليه السلام الى مكة المكرمة وقد بنى فيها هو وولده اسماعيل عليهما السلام الكعبة المشرفة . بيت الله الحرام
ومن هنا كانت الليالي العشر التي اقسم الله تعالى فيها في سورة الفجر هي العشر الاوائل من ذي الحجة قال الله تعالى :
( والفجر* وليال عشر* والشفع والوتر * والليل اذا يسر * هل في ذلك قسم لذي حجر *)
سورة الفجر الايات \ 1-5
من الايام الفضيلة وصيامها مشروع من عند الله تعالى وفيها تتم مناسك الحج وتنتهي بعيد الاضحى المبارك . ومن المهم ان اذكر ان كل ما حدث لابراهيم الخليل وولده اسماعيل عليهما السلام وما قامت به زوجته (هاجر ) اصبحت مناسك في الاسلام يتوجب الالتزام بها خاصة في الحج والعمرة وعيد الاضحى المبارك مثل الاضاحي والسعي والصلاة بجوار مقام ابراهيم عليه السلام وشرب ماء زمزم وغيرها .
فقد اتخذ الله تعالى ابراهيم عليه السلام خليلا ونبيا ورسولا وانعم الله تعالى عليه بان رزقه اسماعيل واسحاق عليهما السلام .
فمن ذرية اسماعيل عليه السلام امة العرب وفيهم رسول الله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن ذرية اسحاق يعقوب والعيص ومن ذرية يعقوب بني اسرائيل اذ ان يعقوب هو اسرائيل ذاته واولاده – الاسباط – يوسف واخوته- ومن العيص الروم فهم اولاد العيص بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام جميعا .
ومن الاء الله تعالى على ابراهيم عليه السلام ان جعل في ذريته النبوة والكتاب حيث جعل كل الانبياء من ذرية ابراهيم عليه وعليهم السلام وجعل كل الانبياء من ذرية اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام وبعثهم الى اقوامهم او الى اممهم بينما جعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحده من ذرية اسماعيل بن ابراهيم عليهم السلام دون غيره ومن امة العرب وجعله خاتم الانبياء والمرسلين وبعثه الى الناس جميعا – كما مر بنا – وفضله على جميع الانبياء والمرسلين وجعله رحمة للعالمين
قال الله تعالى (وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب ) اية 27
ومن الائه ان بين له قواعد البيت الحرام فاقامها على اتم وجه بمعاونة ابنه اسماعيل عليهما السلام كما بينا قال تعالى :
( واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم ) ال عمران الاية\ 127 .
وهكذا صارت ولاية البيت الحرام وامارة مكة لاسماعيل عليه السلام وبنيه من بعده انتشرت ذريته في الحجاز وكانوا على دين الاسلام دين سيدنا ابراهيم عليه السلام قرونا طويلة ولا يزالون على ذلك . و سيبقى الى اخر الدنيا – الا من شذ منهم – فصححه الانبياء من بعده وكان خاتمهم الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم فهو النبي المجتبي والرسول المهتدى و رحمة للعالمين .
ولاجله الف هذا الكتاب .
امير البيان العربي
د. فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى – لدروز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.