ولن يقلقَ عليكَ أحد. إنّكَ مُصابٌ بصمتِ ضمائرهم … فقطْ ! يتَرَاشَقُونَ بجسدكَ ويتزايدونَ على آخر رعشةِ موتٍ تجلسُ عند شفتيكَ . يرمّمون حزنكَ بالملح .. والبحر ، يبشّرونكَ بنبوءةِ " الماء" ويرسمون هالات الأرق حول عينيْكَ. شوارعُ مدينتكَ غارقة بالعطش ، ليست بها إشاراتٌ للمرور، مقفلة من جهتكَ ومفتوحةٌ على كلّ اللّغْط الكوني. تتلمس زرّ النور ، فيصعقكَ ضوءٌ عاهر يزْني بالهويّة على مرأى ومسمعٍ من كلّ " الأرض". تحملُ صوتكَ بين يديكَ.. تدور به في " مستشفياتهم" كحَمْلٍ كاذب لامرأة غير وَلُود. تمشي كل الطريق لكنكَ لا تكتمل.. فيصبح صمتك اكثر استدارةً من المعتاد ! وحدكَ تعرفُ أن الصوت ذاكرة طَعنها المكان ! فما الفرق إذا نِمتَ على سرير وثير أو في قبر جماعي ؟ تَمْشي في الشّوارع مُنْدسّا في حذائكَ المُثقلِ بخطواتِ التّرحيل، تبحث في عيونهم عن وطن صغير بحجم "لعبة طفولية " لكنكَ لم تعُدْ نداً لليابسة ! فمهما ترفعُ ظلك عن الأرض وتحاول أن تقف مستقيماً، ستتعثر بروحكَ المعلّقة في الهواء .. بين رصاصتين. من ذا الذي أوهمكَ بأنْ ينْحتَ لضحكتكَ تمثالاً ؟ انهم يعرفونكَ من الوشم القبيح على معصمكَ: آثارُ "صفقة الأرض" ! يسأَلونك بخبث عن أحوال القلب ، فتجيتهم ببساطتك المعهودة : "لا شيء في جوارير القلب سوى بقايا وطن وبعض الصبر" وحدك تعرفُ أن "الظلّ" يتعقّبكَ باستمرار ، يتحيّن الفرصة لكي يطعنكَ في الظهر! تريّثْ قليلاً .. أَتُهَيّجكَ رائحة الموت إلى هذا الحدّ؟ إضربْ لَهُم موعدًا عِندَ فُوهَةِ البحر ولا تتساقطْ من جسدكَ الآنَ .. فأمُّكَ تخبزُ مَلاتيتَ شهادةٍ محشوّة بالزّعتر إنتظر قليلاً .. ما زال لديكَ متّسعٌ لِلْموتْ ! ياسمينة حَسيبي (من نصي النثري – لديك متسع للموت- بتصرف)