ليته روحه تَخِفُّ، فيطلب استدعاءك من لحظات الغياب، مستعينا بالطاقة الشريرة لإحضار شيطانك، في غمضة عين، وكأنك علي أطراف أصابعه، عندئذ ستصدقين أنت التي تكرهين نهارات وسط البلد أنه حبس الليل في غرفته لأجلك. سيتأكد أن العالم يتواطأ معه، لتحقيق مشيئته في أن يراك، تعبرين الممر الضيق، تتمايلين في إيقاع منضبط ومن ثم تفضحين عناقا مؤجلا، يطويه بين يديه. ليته روحه تخف، فتأتين منساقة لنداء غامض، ومع ذلك سيمشي ضد رغبته، لن يدعوك للتمهل، ريثما يلم نثار الزجاج من روحه، ويوقف رعشة في أصابعه. ياللمتردد! سيتركك تقطعين عشرين عاما، وشارعا مزدحما بالعربات العمياء، للوصول إليه، فقط سيتمني بينه وبين نفسه طبعا لو أنه يدعوك لأن تعبثي بالكتب فوق مكتبه، وتسألي عن "الحب في زمن الكوليرا" و"مدار السرطان" حتي يهدهد وحشا يأكل روحه، طوال أسبوع من غيابك. ليت روحه تخف، بينما تستديرين كطائر حذر، مهيئة جسمك لغياب، جعل الحجرة تضيق علي جسده، رغم أنك تركت أطيافك تحتله بهمجية الغزاة الطاعنين في الحرب. هكذا تقولين : هي غزوة خاطفة، تخلف أرضا محروقة، وأسيرا ينتظر رصاصة في صدر، اعتاد الآخرون أن يتركوا زهورهم السوداء في ساحته ، ثم يرحلوا، دون مناديل عاطفية. ليت روحه تخف، وهو يهم بعناق، فيري سدا من رفاق الوظيفة، يحول دون ذهاب عينيه في جسمك العبقري، فله عينان تشبهان سؤالا طاعنا في الصمت، وماضيا شحيحا في المحبة، عينان خاويتان من ألم الحنين، تكاد تقتلهما الآن الرغبة في مشية أبدية بشوارعك المراهقة، يدا بيد، لكنها الأغاني التراثية أفسدت روحك، بالتواريخ المثقلة بقهر الأنوثة. ليت روحه تخف، أو تتناسخ في صورة علي جدار، أعلي سريرك، ليته ذلك العبيط صورة تطرد النوم من عينيك، فربما تعرفين معني أن تقضي الليل وحيدة، تحاصرك أشباح الذكريات الناتئة، كحبة حزن ناضجة، تقاوم السقوط. أوليته ساعة حائط ملولة، تدفعك بعنف، من حافة نومك المطمئن إلي: 1 الطقس الرديء خارج المترو 2 أسئلة العم الذي يجيد ضبط رابطة العنق 3 الأهل المنتظرين في ريف الدلتا بجوار الباب 4 والأخ غير الشقيق في مزارع المانجو ربما تعرفين معني أن يمشي رجل في العاصفة وحيدا، دون يد تمسح الغبار عن روحه المتسخة بالمطر. أنت الآن نائمة في دهاليزك السرية. فامنحي تلك القصيدة العجوز فرصة أن تلوك سنواتك العشرين كوحش يقتلع مدينة ساحلية من جذورها، ويعلقها في الهواء بين صدره وقائمتيه الأماميتين ليت روحه تخف، وليت أن الطاقة الشريرة التي يدعيها لنفسه كانت حقيقة!