إلى إربد عروس الشمال كانت زيارتي بدعوة من الفنانة الشابة رنا حتامله، كانت المناسبة معرض فني تشكيلي جميل يحمل اسم (تواصل)، في بيت نجم الدين لثقافة والفنون ملتقى المثقفين والفنانين، والذي حمل اسم الأستاذ والمربي والمثقف نجم الدين عبدالله الناصر، وكان منزله الذي صار مركزا ومنارة ثقافية وفنية تجمع إعمال المبدعين بكل المجالات الثقافية والفنية. كانت سنوات طويلة على آخر زيارة لي لمدينة إربد، فآخر ما أذكره زيارة بمناسبة اجتماعية للمدينة على أطرافها قرب جامعة اليرموك في منتصف تسعينات القرن الماضي، وحين قدت السيارة في مساء ذلك اليوم واتجهت للشمال، كانت النسمات العليلة تداعب روحي حتى وصلت الى مشارف بلدة الحصن الجميلة والتاريخية، وكان مخيم عزمي المفتي في مواجهتي، فأوقفت السيارة ونزلت منها أتنشق الهواء العليل ونسمات اربد وعبق تاريخ ضارب القدم، والتقطت عدستي بعض اللقطات التي توثق اللحظة النادرة والجميلة، لأواصل الطريق بعدها عبر بلدة الحصن، فتذكرت الفنان الكبير توفيق النمري الذي كنت وما زلت من أشد المعجبين بأغانيه التي تحمل عبق الريف، فترنمت ببعض من عبارات تلك الأغاني التي ما زالت بعض من عباراتها عالقة بالذهن. وصلت اربد وبجوار جامعة اليرموك أوقفت السيارة، وفضلت أن آخذ سيارة أجرة لتوصلني المكان كي لا أتوه في شوارع المدينة واتأخر، واتصلت بالفنانة الرقيقة رنا حتامله التي أعطت السائق العنوان، وكانت في استقبالي في لحظة وصولي، فكان اللقاء الأول مع هذه الشابة والفنانة الرقيقة أمام بيت نجم الدين، حيث عبق التاريخ والفن والجمال، وفي داخل المعرض كان لقائي مع الفنانة الكبيرة نعمت الناصر، والتي كنت قد تعرفت عليها حين حضرت لها معرضا متميزا في منتدى الرواد الكبار في مدينة عمان قبل ذلك، والتقيت مع عدد كبير من الفنانين والفنانات، فالمعرض كان عبارة عن تظاهرة فنية كبيرة بعدد اللوحات ومشاركة الفنانين، والتقيت الصديق الشاعر الألق ناصر القواسمي الذي عاد من عمّان لاربد بمجرد أن عرف أني فيها، وكانت فرصة طيبة للتعرف مواجهة على الفنان الرائع طارق الناصر الذي رافقت أنغامه المتميزة المعرض، لأجول بعدها في اروقة المعرض برفقة الفنانة رنا حتامله، متذوقا عبق مدارس مختلفة من الفن التشكيلي الجميل، وكانت فرصة رائعة أن أتعرف على بعض من ابداعات روح الفنانة رنا مباشرة، بعد أن كنت متابعا لألقها عبر الشبكة العنكبوتية. غمرني أهل اربد والمشرفون على المعرض برقتهم وحسن الاستقبال والضيافة، وحين حان موعدي للعودة لعمّان كنت بالكاد تمكنت من الاعتذار للصديق الشاعر ناصر القواسمي، الذي أصر بقوة أن لا يتركني أعود لعمّان قبل دعوة عشاء وسهرة رغم تأخر الوقت، فوعدته أن أكون ضيفه في زيارة قادمة ان شاء الله ذلك، وأوصلني مع صديق له الى سيارتي وودعوني بمثل الحفاوة الكبيرة التي استقبلت فيها، لأغادر اربد وأنا اشعر أني تركت بها بعض من مزق الروح، وفي الحصن التقطت عدستي بعض من الصور لليلها الجميل، متجها لعمّان من جديد استعدادا للعودة الى رام الله العشق والجمال، وكانت هذه اللقطات ال 61 للمعرض أحببت مشاركتكم بها، فزيارة اربد والمعرض وبيت نجم الدين، لا يمكن أن تمر دون أن تترك آثارها على الروح والقلب.