أسعار الفاكهة في سوق العبور ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 2025    أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق ثاني أيام عيد الأضحى المبارك    مجانًا خلال العيد.. 13 مجزرًا حكوميًا بأسوان تواصل ذبح الأضاحي    الأسهم الأمريكية ترتفع بدعم من بيانات الوظائف وصعود «تسلا»    هل ترتفع اسعار اللحوم بعد العيد ..؟    5 مشروعات تنموية جديدة فى الأقصر بالتعاون مع هيئة تنمية الصعيد.. صور    17 شهيدا جراء هجمات الاحتلال على محافظتي خان يونس ورفح الفلسطينية    وزير العمل يهنئ فلسطين بمنحها "عضو مراقب" بمنظمة العمل الدولية    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب بابوا غينيا الجديدة    الشناوي: الأهلي يُحارب لعدم التتويج بثلاثية الأبطال تواليًا.. ونهائي الوداد علامة استفهام    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    رسميًا.. جون إدوارد مديرًا رياضيًا لنادي الزمالك    ثاني أيام عيد الأضحى.. مقتل شاب بطلق ناري في نجع حمادي    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الأحياء (فيديو)    محافظ أسيوط يشارك المواطنين احتفالات عيد الأضحى بنادي العاملين بالمحافظ    في ثاني أيام العيد.. إصابة 4 أبناء عمومة خلال مشاجرة في سوهاج    «الداخلية»: ضبط 363 قضية مخدرات و160 قطعة سلاح وتنفيذ 85690 حكما قضائيا خلال 24 ساعة    ننشر أسماء 7 مصابين بانقلاب ميكروباص ببنى سويف    القبض على المتهم بقتل والدته وإصابة والده وشقيقته بالشرقية    أسما شريف منير: اخترت زوج قريب من ربنا    إيرادات ضخمة ل فيلم «ريستارت» في أول أيام عيد الأضحى (تفاصيل)    أواخر يونيو الجاري.. شيرين تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين بالمغرب    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الأزهر للفتوى يوضح أعمال يوم الحادي عشر من ذي الحجة.. أول أيام التشريق    "البحوث الإسلامية": عيد الأضحى مناسبة إيمانية عظيمة تتجلى فيها معاني التضحية    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    الصحة: أكثر من 1.4 مليون قرار علاج على نفقة الدولة في 5 أشهر    10 نصائح لتجنب الشعور بالتخمة بعد أكلات عيد الأضحى الدسمة    الصحة تنظم المؤتمر الدولي «Cairo Valves 2025» بأكاديمية قلب مبرة مصر القديمة    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    أسعار الحديد اليوم في مصر السبت 7-6-2025    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 7-6-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    محافظ الإسماعيلية يوجه بفتح الأندية لنزلاء دور الرعاية والمسنين (صور)    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    صدام ترامب ونتنياهو بسبب إيران.. فرصة تاريخية لدى رئيس أمريكا لتحقيق فوز سياسي    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    مبالغ خيالية.. إبراهيم المنيسي يكشف مكاسب الأهلي من إعلان زيزو.. وتفاصيل التعاقد مع تركي آل الشيخ    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    زيزو: جيرارد تحدث معي للانضمام للاتفاق.. ومجلس الزمالك لم يقابل مفوض النادي    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    ترامب يأمر بدعم تطوير الطيران فوق الصوتي وتوسيع إنتاج المسيرات الجوية    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس الدم ( رواية مسلسلة ) الحلقة ( 13 ) والأخيرة
نشر في شموس يوم 27 - 08 - 2014

p style=\"text-align: justify;\"ليس من المبالغة القول أن كلا من \" بيني \" و\" مولي \" لم يغمض لهما جفن في تلك الليلة المشئومة .. ليلة تحطم الكأس المصونة !
أخذت \" بيني \" ، التي أنهت الجلسة وصرفت العضوات في شيء من الغضب ، تدور وتدور حول نفسها وهي تلوي أصابعها كأنها تريد أن تكسرها وتحطمها جزاء لها علي إفلاتها للكأس العزيزة وتركها تتحطم .. ولم تكن حالة الكاهنة بأقل سوأ واضطرابا لكنها تدخلت محاولة تهدئة صديقتها التي كانت في أبشع حالة عصبية ممكنة :
\" سنجد حلا .. \"
\" أخرسي ! \"
صاحت \" بيني \" بوجهها فصمتت \" مولي \" علي الفور .. كانت تعرف أن صديقتها ليست في حالتها الطبيعية ولا يمكن مؤاخذتها علي ما تتفوه به من إساءات الآن :
\" أصمتي .. دعيني أفكر ! \"
كانت الكاهنة تري أنه ليس ثمة ضرورة لكل تلك الضجة التي تفتعلها \" بيني \" ف:
\" يمكننا ببساطة أن ندخل كأسا أخري في الطقوس بدلا من كأس أمك ! \"
توقفت \" بيني \" عن الدوران وثبتت مكانها كعمود خشب ترمقها بعينين مخيفتين مثيرتين للهلع :
\" بلهاء غبية .. من قال لك أن الكأس يمكن الاستغناء عنها ؟ أتظنينها مجرد قطعة من الزجاج ؟! \"
غضبت \" مولي \" لذلك الاتهام لكنها احتفظت بنبرتها الهادئة لاستلال الغضب من نفس صديقتها المسيطرة :
\" كان يمكننا تفادي الأمر لو أنك لم تملئي الدنيا صراخا وتشعري كل الموجودين بأن هناك مصيبة قد حدثت وأننا خسرنا بؤرة جماعتنا ! \"
أفلتت أعصاب \" بيني \" منها .. كانت تدخن سيجارة بعصبية بالغة فرمتها وداستها بقدمها العارية بجنون ثم اندفعت ناحية \" مولي \" الواقفة بجوار أحد الجدران فصدمتها بعنف ودفعتها إلي الخلف فأرتطم ظهرها بالحائط وشهقت متألمة .. صرخت \" بيني \" بوجه محتقن وفكين بارزين :
\" أيتها الغبية .. ألا تدركين ما يحدث ! إنها كأس خاتانا المقدسة ولا شيء في الكون يضاهي قوتها ولا يناظر فعلها .. ومعني أننا فقدناها إننا فقدنا فرصتنا في الخلود ! \"
وضعت \" مولي \" يديها علي ظهرها متألمة ودفعت \" بيني \" إلي الخلف لتبعدها عنها وتخفف الألم الناجم عن التصاق ظهرها بالحائط الصلب خلفها .. كانت كلا الفتاتين في حالة يرثي لها لكن \" بيني \" كانت علي حافة الانهيار فعليا ووجها يوحي بأنها قد تقدم علي مصيبة دون أن تدري !
هدأت أخيرا بعد أن دفعتها \" مولي \" بالقوة في اتجاه مقعد وأرغمتها علي الجلوس .. جلست \" بيني \" بصعوبة ثم انفتحت في البكاء !
في تلك اللحظة سمعت الفتاتان صوتا غريبا قادما من حجرة الأم \" خاتانا \" .. كانت الأم المقدسة تصرخ متحشرجة وكأن هناك من يخنقها ويصرعها !
...
كان \" جون براجي \" في حي قذر يصطاد فريسة ويعاونه شابين من الصيادين .. أحدهما كان مولعا بالكاهنة \" مولينجا \" ويطلب قربها لذلك أنغمس في تلك الجماعة الخطرة وقبل أن يعمل صيادا قاتلا لدي الفتيات الغريبات الأطوار .. أما الآخر فقد كان خطيب احدي العضوات وكان شأنه شأن الأول واقع في حبائل الحب والطاعة العمياء لفتاته اللعوب .. كان الصيادون الآخرون قد تخلفوا عن موعدهم الليلة دون تقديم أي أعذار أو إفادة بما يعترضهم من عقبات تحول دون تأديتهم لمهامهم الليلية اليوم .. كانت تلك أول مرة يتخلف فيها الصيادون دون عذر !
\" براجي \" ، الذي هو أكثر الصيادين إخلاصا ووفاء ل\" بيني \" وجماعتها ، لم يفكر مجرد تفكير في الامتناع عن تأدية مهامه حتى بعد علمه بأن تحطم الكأس المقدسة ، التي يخدمونها هي في الأساس لا صاحباتها أنفسهم ، لكنه شعر بشيء مريب .. شيء غامض يحدث وكارثة تتقدم في الأفق بسرعة البرق منذرة بهول كبير ينتظر الجميع !
وقد كان حدسه صائبا في الحقيقة لأن بقية الصيادون ، وعددهم أربعة عدا \" براجي \" ومعاونيه ، كانوا في تلك اللحظة في منزل \" بيني \" !
في منزل \" بيني \" وفي مقر الجماعة بوجوههم المكشوفة وبشخصياتهم المعلنة .. وكان ثمة خلاف كبير ناشب وجدال ساخن يوشك أن ينتهي .. بمأساة !
...
أسرعت الفتاتان نحو غرفة الأم الكبيرة .. وجدا \" خاتانا \" علي الأرض تتلوي وتبصق سائلا كثيفا من فمها .. صرخت بمجرد أن وقعت عيناها علي ابنتها :
\" \" بيني \" النجدة .. أين الكأس ؟! \"
لم تكن \" خاتانا \" تعلم بشأن تحطم الكأس بعد ويبدو أن قدرتها الخارقة خذلتها تلك المرة فلم تعرف بما يدور علي بعد خطوات من فراشها .. أغمق لون \" بيني \" بينما همست \" مولينجا \" مرددة أنشودة سلام باللغة القديمة من أجل شفاء الأم .. لم تدعها \" خاتانا \" تكمل الترنم فصرخت فيها بصوت أجش غليظ النبرات غريب علي حنجرتها المعتادة :
\" لا تشحذي البركة الآن .. أريد الكأس ! \"
خرست \" مولي \" وبدا أن شيئا كامنا في جسدها ينسحب بعيدا :
\" إنك تتكلمين الإنجليزية الآن ! \"
فاجأتها \" بيني \" بالعبارة فشحب وجه الأولي وانعقد حاجباها وتساءلت متوترة توترا عظيما :
\" ماذا ؟! \"
بنفاد صبر أجابت \" بيني \" :
\" إنك تنشدين بالإنجليزية .. لقد فهمت ما تقولينه كلمة كلمة ! \"
وضعت \" مولي \" يديها علي شفتيها وأغلقت فمها .. لقد نسيت اللغة القديمة ولم يعد بوسعها تذكر كلمة واحدة منها !
\" يا إلهي ! \"
همست \" مولينجا \" فصرخت فيها \" بيني \" :
\" لا تذكري ذلك الاسم علي لسانك ! \"
كان لذكر اسم الإله وقع رهيب علي \" خاتانا \" التي أطلقت صرخة رعب ومدت يدها وكأنها تزود عدوانا عن نفسها :
\" سأموت يا \" بيني \" ! \"
\" لا .. لا لن تموتي .. \" مولينجا \" أفعلي شيئا .. أيتها الكاهنة أفعلي شيئا ! \"
توترت \" مولينجا \" حقا .. أحست بدبيب برودة في معدتها وشعرت برغبة حارقة في الفرار .. فجأة اندفعت جاثية علي ركبتيها وأخذت تقيء !
تدفقت دماء غزيرة كشلال من جوف \" مولينجا \" ثم أربد وجهها وشعرت أن شيئا هائلا ينسحب من معدتها ويندفع تجاه حلقها محاولا القفز عبر فمها المفتوح .. داهمها ألم ممض هائل وشعرت بأن أضلاعها تتباعد وتتحطم مفسحة الطريق لشيء ضخم يود الخروج منها !
لحظتها \" خاتانا \" المحتضرة فأشارت بيد سقيمة إلي ابنتها وهتفت بوحشية :
\" سيخرج منها الآن .. تخلصي منها ! \"
بهتت \" بيني \" التي استدارت لتري كاهنتها ساقطة علي بطنها تضرب وجهها بالأرض وتئن وتعول وتصرخ مستنجدة :
\" ما هذا الذي سيخرج منها ؟! \"
\" سيقضي علينا .. تخلصي منها ! \"
تحول وجه \" خاتانا \" تحولا مروعا .. بدأت تشققات عميقة تظهر عليها وتسطح جلدها وأنسحب فوق هيكلها بشدة حتى اعتقدت \" بيني \" أن أمها ستتفسخ حية أمامها !
لم تكن \" مولينجا \" تدري شيئا عما يدور حولها ولا تسمع شيئا من حوار الأم الغريبة وابنتها .. كانت فقط تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة بينما تجاهد لنزع هذا الشيء من أعماقها .. شعرت \" بيني \" بالخطر وتوترت كل خلية فيها .. نادتها نزعتها الوحشية وأذكت تحذيرات أمها جنونها من شيء لا تعرف ما هو بالضبط .. واصلت \" مولي \" السقوط ببطء وهامت علي وجهها علامات غياب كامل عن الوعي وطفت علامات زرقاء علي جلدها وظهرت في أعماق عينيها بقع بيضاء آخذة في التقدم نحو عدساتها التي أخذت تعتم ويتغير لونها تغيرا خطرا .. صرخت \" خاتانا \" للمرة الأخيرة بعد أن استنفدت كل قواها هي الأخرى :
\" تخلصي منها ! \"
لمعت عينا \" بيني \" بوحشية وتلفتت حولها باحثة عن سلاح مناسب لم تجد شيئا في الغرفة فهرعت خارجة تفتش بجنون حتى عثرت علي مضرب الكرة الخاص بوالدها .. جرت عائدة إلي الغرفة فوجدت أن \" مولي \" غائبة تماما عن الوعي لكنها لا تزال جاثية علي ركبتيها وثمة شيء لزج أحمر مخيف بدأ يبزغ من فمها المفتوح .. كان شيء كذيل طويل ولكن \" بيني \" لم تضيع مزيدا من الوقت في تأمله .. بل هزت مضربها بدون براعة وهوت علي رأس صديقتها وشريكتها في كل شيء بضربة عنيفة .. تلقت \" مولي \" الضربة فأفاقت قليلا من غشتها ولمعت نظرة ميتة في عينيها .. لكن \" بيني \" عاجلتها بالثانية والثالثة .. لم تهجع \" بيني \" بل شعرت بقوة غامضة في عروقها تدفعها ليس لضرب \" مولي \" فحسب بل لقتلها وتمزيقها .. انتابتها حالة تلبس كاملة وهوت غير مدركة لما تفعله وحين أفاقت وجدت صرخات أمها التي تنازع قد صمتت ومعها صرخات الكاهنة ، التي غادرتها قوتها مع الروح القديمة ، ورقدت برأس مهشمة وسط بركة دماء بينما هناك ذيل طويل ملطخ بالدم قد ظهر من داخل فمها وأخذ يزحف ، دون أن يكتمل خروجه ، فوق الدماء محاولا الإنفتاق تماما والخروج من جسد الكاهنة الميتة .. صرخت \" بيني \" وهمت بضرب الكائن الغريب الذي لم يكن سوي ذيل طويل لكن الطرقات الملحة والجرس الذي يرن بإصرار منعاها من تنفيذ بغيتها ..
ألقت نظرة مجنونة علي أمها المتلوية وصديقتها الميتة وهرعت تفتح الباب .. أمام الباب كان أربعة من الصيادون يقفون بوجوه متحفزة للعدوان .. رأت الشر واضحا في أعماق عيونهم لكنها تظاهرت بالتماسك .. كانوا قادمين لوضع حد لكل شيء .. تكلم كبيرهم ، اختاروه هم ليتكلم باسمهم بدلا من \" جون براجي \" الذي لا زال متشبثا بالإخلاص الأعمى المأفون ، دون أن يعطيها الفرصة للرد :
\" إننا أيتها السيدة نقدم لك احترامنا ونعلن أنه لم يعد بوسعنا بدأ من تلك اللحظة الاستمرار في تقديم خدماتنا إليكم ! \"
همت \" بيني \" بالصراخ في وجوههم لكن واحدا آخر أكثر عدوانية قال لها بجمود :
\" إننا نعرف أن الكأس المقدسة قد تحطمت ولا ديون في رقبتنا لكم بعد ذلك ! \"
بحقد هتفت \" بيني \" الخائفة :
\" لقد شفيناكم من أسقمناكم ومنحناكم الخلود ! \"
ضحكوا جميعا منها ورد كبيرهم المنتخب بغيظ :
\" لا لم تفعلي بل الكأس هي التي فعلت ذلك ! \"
ألتقط آخر الخيط وقال ببرود :
\" إنكم تعرضوننا للخطر من أجل أنفسكم ! \"
بحقد وذعر أجابت \" بيني \" :
\" ليس بوسعكم التقاعد عن خدمتنا وأنت تعلمون ذلك جيدا \"
\" كفي ! إننا نمدكم بالطرائد منذ عقود وها هي ذي النتيجة .. نتعرض نحن للخطر ، للموت .. وأنتم تقبعون هنا تحتفلون بالنصر وتتبادلون الكأس في سلام .. إننا لسنا منكم ولا نشارك في طقوسكم .. أنتم تعرفون أننا لا نخدمكم أنتم بل نخدم الكأس .. فإذا ذهبت الكأس فليس من حقكم مطالبتنا بأي خدمات بعد ذلك .. تولوا أمر أنفسكم يا سادة .. لقد تمرد الصيادون .. نحن نعلن التمرد ! \"
تعالي صوت أنين من الداخل فانسحبوا جميعا .. تركوها ككلبة جريحة ليس بوسعها لعق جراحها ورحلوا .. انهالت الدنيا منهارة فوق رأسها فوجدت نفسها بلا وعي تتجه صوب الهاتف وتفعل شيئا لم تفكر ولم تجرؤ علي فعله من قبل .. هاتفت العضوات بالجماعة عضوة عضوة بأسمائهن الحقيقية لأول مرة وأمرتهن بالمجيء فورا إلي المقر الخاص بهم .. لم تمنحهم عذرا ولم تقبل لإحداهن مبررا للغياب وهددتهن بالثبور لو امتنعن عن تنفيذ أوامرها !
تعالت صرخات \" خاتانا \" من الداخل فألقت \" بيني \" السماعة علي الأرض وجرت إلي الداخل .. في الحجرة ، حيث تركت أمها وضحيتها قتيلة ، وجدت أمها ملقاة علي الأرض .. كانت المرأة الموغلة في العمر قد سُحبت أو زحفت بعيدا عن موضعها الأول أمتارا .. ثمة خيط من الدم يحدد المسافة التي زحفت أو جُرت عبرها المرأة .. كانت راقدة علي ظهرها وعيناها مفتوحتان .. بلا حراك .. ساكنة هامدة .. ميتة !
انهارت \" بيني \" فوق جسد أمها الآخذ في التحول إلي اللون الأزرق .. حركتها بعنف ، هزتها ، دفعتها ، صفعت جانبي وجهها .. صرخت فيها أن :
\" أفيقي .. أفيقي يا أماه ! \"
لكن المرأة التي خرجت ذات يوم من فتحة في كهف \" شنغريلا \" معززة بوعد بالخلود كانت قد انتهت .. ماتت لأن حياتها كانت مرتبطة بحياة الكأس .. وحين اختفت الكأس وتحطمت انتهت آخر علاقة لها بسطح الأرض !
صرخت \" بيني \" مذعورة محتجة مزلزلة الكون بصرخاتها الوحشية :
\" لا لا لا .. لا يمكن أن يحدث هذا .. لا يمكن أن يحدث هذا ! \"
صمتت المرأة فجأة حين أحست بشيء يتسلل خلفها .. لامسها جسم لزج متلصص وسرعان ما أبتعد عنها .. أطبقت شفتيها وابتلعت ذيل صرخاتها وأحست ببرودة الموت تسري في أعقابها وبكرة ثلجية تذوب في أحشائها !
ألتفتت خلفها مذعورة .. لا شيء هناك عدا الجثة الساكنة وبركة الدم !
وهم !
لقد أتي زمان تصاب فيه \" بيني كينجا \" بالوهم والهلاوس .. عادت ترعي جثة أمها فوجدتها قد بدأت في التشقق !
أخذت العجوز غير الأرضية تتفسخ وتتشقق وأنقسم جلدها إلي خطوط طولية ممزقة ونبتت كرات زرقاء مخيفة علي أنسجتها المتحللة .. أحست \" بيني \" بالشيء اللزج المتلصص يلامسها بحذر ثانية .. ألتفتت خلفها بسرعة هائلة لكنها لم تكن كافية بالمرة !
كان الفراش خلفها تماما فهوت علي ظهرها فوقه .. وشيء لزج مغطي بالدم يلتف حولها معتصرا جسدها النحيل !
...
بدأت العضوات يتوافدن علي المكان .. بلا ثياب غريب وبلا أقنعة للمرة الأولي .. لم يأتين تلك المرة ليقمن طقوسهن بل ليعلمن أي شيء تخبئه لهن زعيمتهن القوية التي تلاشي عقلها تماما !
فتحت \" بيني \" لهن الباب ببنطلون ممزق وبلوزة ملوثة بالدم وفي عينيها نظرة عميقة مثيرة للهلع .. سمحت لهن بالدخول ثم أغلقت الباب !
...
احتاجوا لبضع ساعات لإخلاء الجثث وحملها بعيدا .. أصيب رجال الشرطة بالذعر وهم يرون بيتا عاديا كُدست فيه نحو عشرين جثة في ضربة واحدة .. عشرين جثة كلهن لنساء .. نساء ممزقات متورمات متفسخات لكنهن كلهن يبدين شابات وفي عمر واحد !
أحتار الشرطيون في الأمر .. أبلغ بعض المارين أمام البيت عن سماع صرخات مروعة تدوي داخله وعن دماء تنساب عبر عتبة الباب .. أتت الشرطة وحاولت الحصول علي موافقة أهل البيت للدخول لكن لم يكن هناك أحد يمنحهم أذنا بالدخول .. اقتحموا المكان أخيرا ليجدوا الجميع موتي !
كلهن سيدات .. كلهن ميتات !
استدعيت عدة عربات إسعاف وبدأ البحث عن اسم أصحاب المنزل :
\" بيني كينجا أوزوالد \" وأمها \" خاتانا أوزوالد \" .. الفتاة من مواليد .. \"
وقفت الكلمات في حلق الرجل .. فلا شيء في الدنيا سيدفعه لأن يقول هذا ويعرض نفسه للاتهام بالجنون .. ألتقط شخص آخر الأوراق من بين يديه :
\" من مواليد 1978 .. من مواليد سبعينات القرن .. الماضي ! \"
ضحك بعضهم رغم شدة التوتر .. ضحايا مذبحة بأكملها بالداخل وهم يضحكون بالخارج :
\" تلك الفتاة يجب أن يكون عمرها ثمانية وتسعون عاما .. أي هراء هذا ؟! \"
فجأة خرج بعض الرجال جريا من البيت وسُمع صوت نداء واستغاثة :
\" النجدة .. إنهم يتساقطون في الداخل .. يتساقطون ! \"
كانت الفوضى ضاربة أطنابها في داخل بيت \" بيني \" وأمها .. فبينما كان رجال الشرطة والإسعاف يشرفون علي حمل الجثث وإخلائها من المكان غمرتهم سحابة من دخان أزرق خفيف .. بدأ الرجال يتساقطون علي أثرها فاقدي الوعي !
مزيد من الصرخات ومزيد من الهلع .. بدأ من بقي بالداخل الآن يظهرون وهم يجرون مبتعدين .. تسللت السحابة الزرقاء وخرجت من نوافذ البيت المفتوحة ومن الباب المفتوح علي مصراعيه .. أخذ الجميع يصرخون ويجرون في هلع بعد أن أصابتهم نوبة فزع يستحيل السيطرة عليها .. لكن أغلبيتهم كانوا قد استنشقوا الدخان الأزرق بالفعل وبدءوا يتساقطون كأوراق ذابلة في كل مكان .. أوقفت عملية الإخلاء فورا وتم سحب القوات وهرعت عربات الإسعاف مبتعدة بسرعة تتبعها سيارات الشرطة !
...
مرت بضع ساعات حتى توصلوا إلي الحل .. كانت السحابة الدخانية الزرقاء قد غطت السماء حول المنزل وبدأ صغار السن والمرضي والعجائز يتساقطون فورا مغمي عليهم .. تحركت السلطات سريعا وأمرت جميع القاطنين في المربع السكني بمغادرة منازلهم .. وتم استدعاء قوة خاصة مزودة بوسائل حماية فريدة وثياب واقية تشبه ملابس رواد الفضاء وأمروا بإخلاء جميع الجثث من المنزل المقصود وجميع ما بها من متعلقات .. أستغرق تنفيذ الأمر بضع ساعات ثم كان القرار قد أتخذ علي أعلي مستوي بالفعل .. تم رش المنزل بكميات هائلة من الوقود وأشعلت فيه النيران مع اتخاذ وسائل حماية كافية لمنع امتداد النار إلي المباني المجاورة !
كان منزل الروح القديمة يحترق تدريجيا ويتحول إلي حفرة في جهنم بينما آخر الجثث يتم أخذها بعيدا .. وكانت بالمصادفة جثة الأم \" خاتانا \" التي تحولت لشيء أكثر بشاعة من أن يوصف !
...
تم إخلاء مبني كامل تابع لمستشفي عسكري محاط بالسرية ونقلت إليه الجثث المستخرجة من منزل \" بيني كينجا \" .. كُدست الجثث الأخرى في ثلاجات ضخمة وحفظت لحين أن يأتي دورها في التشريح لكن الحفل بدأ بالجثة الأكثر غرابة .. جثة \" خاتانا \" الأم !
لم يكن هناك ما يسمي جثة أصلا .. فقد حُملت من البيت وهي كومة مفصصة من الأشلاء لكنها الآن تحولت لما يشبه العجينة .. ذابت أنسجتها وانصهرت الأعضاء الكبرى .. اندمجت العظام وتكلست في هيئة قطع صغيرة من شيء يشبه الأحجار المستديرة .. تغطيت الكتلة الذائبة بسائل أزرق كثيف جدا ما يلبث أن ينز من كل سم فيها .. ومع كل ذلك فلم تتوقف أشلاء \" خاتانا \" الذائبة للحظة عن إطلاق الدخان الأزرق المسبب للغشية ..
كانت هي مصدر سحابة الدخان الأزرق ولم يكن الأطباء المحتمين داخل ثيابهم الخاصة الواقية يفهمون شيئا مما يرونه .. بدت لهم ككتلة من الأنسجة المتحللة لكن أنى مخلوق يتحلل ويتفسخ بهذا الشكل ؟!
مضي بعد الوقت قبل أن يتأكدوا من فشل عملية التشريح التي يجهدون للقيام بها .. فهم لا يعرفون ما الذي يشاهدونه بالضبط ولا حتى يعرفون كيف يصفونه !
حُفظت الجثة داخل عدد لا نهائي من الحقائب والأكياس الواقية وأودعت ثلاجة خاصة بمفردها !
...
الضجة التي أحدثتها قضية مذبحة منزل \" كينجا \" لم يهدأ أوراها بسهولة .. نساء كلهن من مواليد القرن الماضي كيف بقين شابات طوال تلك الأحقاب ولما لم يلتفت أحد لأمرهن من قبل ؟!
وتلك المدعوة \" خاتانا \" التي لم يستدل لها علي أية جنسية أو موطن أو مهد ميلاد من أين أتت .. وما هي قصتها بالضبط .. ولم فشل جميع الأطباء في حل لغز أشلائها المحفوظة بعناية طوال سنوات كثيرة ؟!
فشلت السلطات في العثور علي إجابات فلم تجد أمامها إلا الحل السهل .. إنكار كل شيء !
فمنزل \" بيني كينجا \" شهد مذبحة قامت بها نسوة مختلات عقليا قتلن صديقاتهن ثم أجهزن علي أنفسهن في النهاية .. القتيلات والقاتلات كلهن لُفقت لهن تواريخ ميلاد في سنوات لا تثير الجدل ولا تسبب الهلع !
لم تخرج سحابة زرقاء قاتلة من نوافذ البيت وشرفاته بل كان مجرد تسرب غاز أدي إلي إيقاع رجال الإسعاف والشرطة فاقدي الوعي .. الأشلاء الخاصة بالضحايا عادية وظهرت لها تقارير تشريح إعتيادية روتينية تقطع بأنهم قتلن بواسطة شرب منوم أولا ثم الذبح بعدها !
\" خاتانا \" ليست إلا أسطورة ومن يصدق بوجودها هو نفسه الذي صدق قصة ( روزويل ) الزائفة من قبل !
هكذا لفُقت قصة رسمية محكمة جيدة جدا وأوعز إلي بعض الإعلاميين الساخرين مقابل أجور باهظة بتشريح قصة \" بيني كينجا \" و\" خاتانا \" سخرية وتقريعا وتشريحها وتشويهها ..
نُسيت القصة بعدها واختفت .. لكن من شاهدوا سحابة الدخان الأزرق الغامضة تنسل عبر نوافذ بيت \" بيني \" منذ سنوات لا زالوا أحياء .. الأكثر أهمية أن شموها وتسللت لتلوثهم حتى الداخل لا زالوا شهودا .. لا زالوا شهودا أقوياء وبإمكانهم تقديم قصة محكمة بالغة القوة والإحكام !
لم يكن لديهم دليل بعد أقوالهم .. سوي ما أصابهم هم من تغيير !
لم يتكلموا أبدا .. لكنهم وبعد أن أفاقوا من غشيتهم وجدوا أنفسهم وقد أصابهم ما يعجزون عن وصفه .. إنهم يمتعون بمناعة كاملة !
يكفي أن أحدا منهم لم يصاب بأي مرض طوال السنوات التي تلت وأصحاب المرض المزمن منهم قد شفوا تلقائيا ودون تدخل العناية الطبية .. لكن الأكثر الأهمية هو أنهم يشعرون بدبيب شيء يسري في دمائهم .. من جرؤ علي الكلام منهم أخذ بعيدا وأختفي ولم يُعرف له مصير بعد ذلك !
أما الأكثر حرصا فقد نجوا وبقوا في أماكنهم .. لكن النداء الذي يسري في دمائهم والروح التي تناديهم ليلا وتدفعهم لمغادرة أسرتهم وأن يهيموا علي وجوههم باحثين عن شيء ما ينذر بشيء آت عما قريب .. شيء كبير لا يعرفون ما إذا خيرا أم شريرا بعد !
هناك شيء يقترب وقد بدأ بعض ضحايا الأدخنة الزرقاء يغيرون تغيرا خطرا .. خطرا لدرجة أن الجميع يتساءلون بصمت وبرعب وهم عاجزون عن البوح بما يرعبهم .. يتساءلون لما يتخيلون جميعا وفي ذات الوقت أن هناك من تشبه تلك الأم الغامضة \" خاتانا \" تطوف حول بيوتهم ليلا وتدعوا بعضهم بصوتها الغامض ليحلقوا بها .. حلم جماعي لكن لما يختفون كلهم لساعات بعدها ويظهرون في أماكن أخري بعيدة ؟!
علامة تعجب كبيرة تتلوها مائة علامة استفهام .. فهل لديك أنت إجابة لا تحتاج علامة تعجب بعدها !
تمت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.