مذبحة القيادات.. مسمار جديد في نعش التعليم المصري    إدراج 29 جامعة مصرية في نسخة تصنيف QS للاستدامة    سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    البيضاء تواصل الانخفاض، أسعار الفراخ اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    رئيس الوزراء: الحكومة تولى اهتماما كبيرا بتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسى للنمو الاقتصادى    أمين الأعلى للآثار: 350 بعثة محلية وأجنبية لاكتشاف وترميم الآثار المصرية    محكمة أمريكية تأمر بوقف نشر الحرس الوطنى بواشنطن فى تحدى ل ترامب    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    طاقم جكام مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة    إصابة غريبة ل كول بالمر تبعده عن تشيلسي    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    حبس 3 متهمين بسرقة أجهزة إشارة بالسكة الحديد فى قنا    الجيزة تبدأ تطبيق منظومة نقل حديثة بديلة للتوك توك.. سيارات بالكهرباء والغاز    منير محمد فوزى: لم نتخذ إجراءات قانونية ضد كريم الحو وادعاءاته.. اعتدنا عليها    شيرين كرامة بعد فوزها بجائزة جيل المستقبل: شعرت أن فى شىء يُحضر لى    السفير ياسر شعبان: إقبال جيد من الجالية المصرية فى عُمان على تصويت الانتخابات    مديريتا أمن البحيرة وأسيوط تنظمان حملة للتبرع بالدم    تطورات جديدة في ملف تجديد عقود ثنائي الزمالك    بقيادة ميسي.. إنتر ميامي يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة أوستن    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الانتهاكات وشلال الشهداء لا يتوقف    غدا .. وزارة التضامن تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات وتعديات الباعة الجائلين بشوارع منفلوط فى أسيوط    "متبقيات المبيدات" ينفذ برنامجه التدريبي الدولي السابع لمتخصصين من تنزانيا    كواليس جلسة هاني أبوريدة ووزير الرياضة    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    مجلس الأمن الأوكراني: نتوقع مراعاة الولايات المتحدة ضرورة مشاركتنا في العمل بشأن خطة السلام    في عيد ميلادها.. جارة القمر فيروز كما لم تعرفها من قبل.. تعتني بابنها المعاق وترفض إيداعه مصحة خاصة    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    10 ملايين جنيه حصيلة البيع بجلسة مزاد سيارات جمارك مطار القاهرة وتفتيش الركاب    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    ضجة بعد تحذير جنرال فرنسي من خسارة الأبناء ضد هجوم روسي محتمل    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    بسبب أعمال المونوريل.. غلق كلي لمحور 26 يوليو في اتجاه طريق الواحات    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيح المحاور
نشر في شموس يوم 22 - 05 - 2014

يعطينا الرّب في النّص الإنجيليّ (يسوع والمرأة السّامريّة) (يوحنا 4-1-30) خير مثال للحوار. إذ إنّه يبادر بالحوار مع امرأة سامريّة، رغم العداء الشّديد بين اليهود والسّامريين، وعلى الرّغم من أنه متعب من السّفر كما يقول كاتب الإنجيل، { فتَرَكَ اليهودِيَّةَ ورجَعَ إلى الجَليلِ. وكانَ لا بُدَّ لَه مِنَ المُرورِ بالسّامِرَةِ، فوصَلَ إلى مدينةٍ سامرِيَّةٍ اَسمُها سُوخارُ، بالقُربِ مِنَ الأرضِ الّتي وهَبَها يَعقوبُ لاَبنِهِ يوسُفَ، وفيها بِئرُ يَعقوبَ. وكانَ يَسوعُ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، فقَعَدَ على حافَّةِ البئرِ. وكانَ الوَقتُ نحوَ الظُّهرِ.} ( يوحنا 4- 3/6).
جلس على حافة البئر، وكان الوقت نحو الظّهر، ولا بدّ أنّه كان متعباً وجائعاً أيضاً. وعلى الرغم من التّعب والجوع، بادر بالحوار مع سامرية آتية لملئ جرّتها من البئر.
ولنلاحظ كيف يبدأ الرّب الحوار بسؤال بسيط وطبيعيّ أجبر به السّامريّة على الرّد والاندهاش من طلبه وهو اليهوديّ الّذي من المفروض أنّه لا يخالط السّامريين. إذ قال لها: { أعطني لأشرب}. فتردّ قائلة: { أنتَ يَهوديٌّ وأنا سامرِيَّةٌ، فكيفَ تَطلُبُ مِنِّي أنْ أسقِيَكَ؟} (يوحنا 4/9).
لعلّ ردّها سيأتي ساذجاً في ما بعد، عندما يعرض عليها السّيّد ماء الحياة فتجيبه بأنّه لا يملك دلواً! ورغم ذلك يتابع يسوع الحوار، ويقول: { كُلُّ مَنْ يَشرَبُ مِنْ هذا الماءِ يَعطَشُ ثانيةً، أمَّا مَنْ يَشرَبُ مِنَ الماءِ الّذي أُعطيهِ أنا، فلَنْ يَعطَشَ أبدًا. فالماءُ الّذي أُعطيهِ يَصيرُ فيهِ نَبعًا يَفيضُ بِالحياةِ الأبديَّةِ} (يوحنا 4/ 13-14). وللمرة الثّانية يأتى ردّ السّامريّة بسيطاً ويتبيّن لنا أنّها لم تفهم معنى" لن يعطش أبداً "، وطلبت من هذا الماء كي لا تعود مجدّداً إلى البئر.
ويكمل يسوع الحوار ولا يستهزئ ببساطتها، ولا ينفر من ردودها ولا يتأفّف من عدم فهمها، بل يطلب منها أن تدعو زوجها مع أنّه يعلم أنّ لا زوج لها، إلّا أنّ السّيّد لا يدخل الحوار بأحكام مسبقة. وتجيب السّامريّة بأنّه لا زوج لها، ويصدّق يسوع على أقوالها ويثني على صدقها. وهنا بدأت السّامريّة تنجذب أكثر إلى الحوار معه وتتلمّس أنّه ربما يكون نبيّاً، وتقدم على طرح السّؤال الأوّل عن كيفيّة عبادة الله. ونرى يسوع يعطي سؤالها أهمّيّة ويأتي ردّه عميقاً وواضحاً: { تأتي ساعة، بل جاءت الآن يعبد فيها الصّادقون الآب بالرّوح والحقّ }. ( يوحنا 4/23).
استنارت المرأة من هذا الحوار، وسألته عن المسيّا أي المسيح، فأجابها: " أنا هو الّذي يكلّمك". وهنا توقّف الحوار لأنّه بلغ هدفه، فتركت المرأة جرّتها، ولم تعد مهتمة بملئها، بل هرعت تبشّر بالمسيح، وعادت بعدد من المؤمنين به.
هذا الحوار الهادئ مع امرأة بسيطة، والأهم أنّها ليست يهوديّة حقّق نتائج رائعة. وإن قارنّا حواراتنا، بالحوار الّذي حصل بين يسوع والسّامريّة سنجد أنّ ما نسمّيه حوارات ليس إلّا ثرثرات وعرض عضلات.
كيف نبادر بالحوار مع الآخر؟
نحن لا نبادر للأسف، فغالباً ما نتهجّم، ونرشق اتّهامات، ونستهزئ بالآخر خاصّة إذا كان مختلفاً عنّا. نتكبّر عليه وندّعي المعرفة أكثر منه، وبدل أن نوصل له المعرفة ببساطة، نعاند لنقنعه بالقوّة بأفكارنا، وإن لم يقتنع نرذله وتبدأ المشاحنات والاتهامات والرّشق بالأحكام المسبقة.
يقول السّيّد المسيح، أنّ التّلميذ ليس أفضل من معلّمه، وهذا يشمل كلّ خطوة قام بها المسيح. وبالتّالي وجب علينا الغوص أكثر في كلمات ربنا وأعماله كي نكون صادقين ونحن نعلن إيماننا به كلّ يوم.
ما الذي دفع بيسوع إلى الحوار مع تلك السّامريّة غير بلوغ أعماق إنسانيّتها واستخراج منها جماليات صورته، وكماليتها؟ هو دافع المحبّة، والمحبّة فقط. بمحبّة بادر إليها بالسّؤال، وبمحبّة ترفّق بسذاجتها وبساطتها، حتّى بلغ هدفه الّذي هو تفجير المحبّة من قلبها.
قد نشكو من صعوبة هذا السّلوك، ومن عدم قدرتنا على الصّبر على الآخر، متذرّعين بحجج كثيرة وعديدة. ولكن هل طلب منّا يسوع يوماً ما هو سهل، أو هل سأل أن نسلك كما يسلك العالم؟ ألم يقل: إنّنا في العالم ولكنّنا لسنا من العالم؟ وبالتّالي كلّ ما نقدّمه للعالم الّذي لسنا منه، لا بدّ أن يكون سماويّاً إلهيّاً.
المسيحيّة، ليست كلمات على صفحات فارغة، بل هي طريقة حياة، ورقيّ فكريّ، وانفتاح على الآخر بمحبّة وصبر، متشدّدين بمن يقوّينا، ويصلّي في داخلنا، ويبث نوره في أعماق فكرنا ونفسنا.
كم هو ضعيف إيماني حين أراك يا إلهي ولا أتمثّل بك. كم هو ضعيف إيماني حين تصبر عليّ وتحترم سذاجتي، ولا أصبر على أخي وأستهزئ به. كم هو ضعيف إيماني عندما أعلم أنّك تصغي لي دوماً ولا أحتمل الإصغاء لأخي. كم هو ضعيف إيماني حين أقرأ كلماتك ولا أدرك عمقها، وكم هو ضعيف إيماني أمامك أيّتها السّامريّة الصّالحة، لأنني كل يوم أعلن إيماني بالرّب ولا أترك جرّتي وأذهب لأبشّر به.
مادونا عسكر/لبنان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.