قال الناقد محمد المشايخ: إن الشاعر أديب ناصر نجح في محاولاته تسييس الشعر في مجموعته الجديدة «أبحث عني»، التي برزت فيها مواقف وطنية لا تتكرر في شعر غيره من شعراء المرحلة، وعلى غير عادة الشعراء فقد خلا الديوان من قصائد الغزل، حيث برزت الصور الشعرية التشخيصية التي تقوم على إبراز المعاني المجردة والمظاهر الجامدة في صورة كائنات حية تتحرك وتحس وتتنفس، وكان الشاعر يكسبها تفردا وطاقة إيحائية وحيوية وحركة ونبضا يتجاوز التشبيهات والاستعارات والكنايات. وأضاف الناقد المشايخ، في ورقته التي قدمها في الأمسية التي نظمها صالون نور الثقافي مساء الأربعاء الماضي، أن الشاعر أديب ناصر أضاف إلى بعض قصائده صورا تشكيلية، وهي الصور المبنية على تنسيق مجموعة من الجماليات اللغوية، سواء كانت صوتية أو تركيبية أو دلالية، ولا نقصد بذلك الرسم الكتابي الذي يملأ صفحات الديوان، بل نشير إلى توارد الألفاظ المتشابهة الشكل المختلفة الدلالة، عدا عن التناسق الشكلي والإيقاعي، لافتا النظر إلى أن قصائد الشاعر ناصر القصيرة اشتملت كل منها على صورة واحدة أو أكثر، وفيها خيوط شعورية ونفسية متشابكة تميزت بقدرتها على توليد الإطناب من التكثيف والإيجاز. ورأى المشايخ أن الشاعر أديب ناصر امتلك معجمه الوطني المتميز، وقدرة على توسيع مدلول الكلمات من خلال تحريك الخيال والتخييل وتشغيل الانزياح والرموز، وتجاوز اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة الإيحاء، فيما كان يستدعي التراث الشعبي وبعض مفرداته العامية من غير حرج، وهو استدعاء لما يرتبط في وجدان المتلقي بظلال إيحائية معينة وقيم روحانية ووجدانية وفكرية خاصة. وختم المشايخ ورقته بالقول: إن أديب ناصر شاعر عمودي ملتزم ببحور الخليل، ولكن في هذا الديوان بدا لنا شاعر تفعيلة، وقد لعب الإيقاع دورا مهما في تنضيد موسيقاه الداخلية، وذلك من خلال تكراره بعض الأحرف والكلمات، ومن خلال اختياره ألفاظا رشيقة متناغمة كانت تؤدي إلى إحداث سحر صوتي خاص، يحدث موائمة بين الشاعر والمتلقي، وبين الشاعر نفسه وحالته النفسية. وفي الأمسية ذاتها قرأ الشاعر المحتفى بتجربته ومجموعته الشعرية الجديدة عددا من قصائده، منها: مشهور العاروري، العنيد، لي كل شيء في البلد وغيرها من القصائد التي قدمت صورة عن تجربته الشعرية الممتدة لأكثر من نصف قرن، وأنجبت ثماني مجموعات شعرية وعددا من الكتب النثرية، فيما طاله الجمهور بإعادة قراءة قصيدته «لي كل شيء في البلد» التي تتحدث عن العرب المسيحيين. وكان الشاعر ناصر بدأ قراءاته بمقطع شعري حيا فيه الناشطة إيناس مسلم، ابنة الشاعرة نور تركماني، قال في مطلعه «تتزينين بطعنتين.. طعن القناع وما يشاع»، ليقرأ عدد من الشعراء الحاضرين أيضا مقاطع من قصائد حيت إيناس وتضامنت معها. الزميل الشاعر هشام عودة الذي أدار الأمسية، قدم تعريفا بالشاعر أديب ناصر، وأشار إلى محطات من تجربته السياسية والشعرية والمهنية، وهو الشاعر الذي قضى أكثر من ثلاثين عاما في العراق، ليدور بعد ذلك حوار بين الشاعر وجمهور الصالون، حول تجربته وقصائده، ليشارك عدد من الشعراء الحاضرين بقراءة قصائدهم في الأمسية، وهم الشعراء: مؤيد العتيلي، نزار سرطاوي، محمد ذيب سليمان، ماجد المجالي، ربيحة الرفاعي، ميسر حرب، صلاح أبو لاوي، وصاحبة الصالون ومديرته الشاعرة نور تركماني التي رحبت بالحضور، وأشادت بتجربة الشاعر المحتفى به. المصدر : الدستور - عمان