تمر السحابة البيضاء .. يتابعها ببصره .. احس بالدفء يسري في اوصاله .. نهض من جلسته حين رأها تأتي مسرعة .. الشارع المكتظ يخفي ارتعاشته .. هي كما تركها .. لم تتغير ملامحها .. ما زالت تحمل بصماتها الجميلة .. تستقر داخله مدينة من بهجة .. اشجار الطريق تحكي له هوسها .. تتشابك اصابعهما .. تعتصر اللحظات شمس المغيب .. تفكك افتراس الاشياء .. يبدو العالم زاخرا بالوان زاهية .. تساءل داخله : من يداري البسمة حين تكون لمحة الرمش امتداد لعالم لم ينفصل عن جذوره .. في موقف الباص اتكئت سنوات البعد والهجر .. لكنها الان تبدو مثل كف مغمس بالحناء .. تعبيرا عن فرح يتمرى .. مّشيا مع الطريق الممتد باتساع النهر .. مويجاته سر .. ربما تحكي قصة مدينة عاشت بلا توقف .. لكنها تحوي حكايا لم تندمل بعد .. اساطير اغرقت سفر التاريخ .. نبض يسري مع النسمات العابقة .. مسامات الود تظهر بقبلات خجولة .. ربما للمرة الاولى تكتشف الازقة القريبة عنفوان يصهل لرغبة مكبوتة .. البناية الكبيرة عند الاستدارة تكشف عن همسهما المتشظي .. يحاولان استرداد انفاسهما المتقطعة .. تبدو المدينة غافية الا من بوق سيارة تزعق في المساء بحثا عن غانية هّدها التعب او احتمال قائم يزف النزق .. يمارسان همهمة الوجود .. يجمع بينهما هّم واحد .. حياة لاتتجزأ لانها ابتكار افكارهما المحمومة ... وسط نجيع من اطياف تنهمر بلا هوادة .. ّصلتهما الرقود تحت وابل انعكاسات الفضاء المرتج تحت نباح كلاب الشرطة او المشردة .. يختلط المشهد .. لكن غيمة انفاسهما تطفو في سماء لاتعرف سوى اليقظة .. تسكر المواعيد في انتشاء غريب .. من يقاسمهما محنة التودد .. شذى التواصل عبير من الرغبة .. تتسلسل عبر بوابة المساهمة بعالمين متقدين .. لايمنحا الهدوء او الترجي لمساحة التجلي .. حتى يزهر عود مخّضر في باحة مكشوفة ..