من فوق ظهر الحصان، احتفالات مرشحين مستقلين في إطسا بالفيوم بعد نتائج الحصر العددي (صور)    "الأوقاف" تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    فانس: قد تظهر "أخبار جيدة" قريبا بشأن التسوية في أوكرانيا    عاجل- أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    الجيش الأمريكي: مقتل 4 أشخاص في غارة على سفينة يشتبه أنها تنقل المخدرات    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    إعلام فلسطيني: زوارق وطائرات جيش الاحتلال تطلق نيرانها على ساحل خان يونس    استمرار عمليات تجميع الأصوات داخل اللجان العامة في سوهاج.. فيديو    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي بالمسيرات على العاصمة كييف    محمد موسى: الاحتلال يثبت أقدامه في الجولان... والتاريخ لن يرحم الصامتين    محطة شرق قنا تدخل الخدمة بجهد 500 ك.ف    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    وزير الكهرباء: رفع كفاءة الطاقة مفتاح تسريع مسار الاستدامة ودعم الاقتصاد الوطني    إعلان القاهرة الوزاري 2025.. خريطة طريق متوسطية لحماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الأزرق    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    غرفة التطوير العقاري: الملكية الجزئية استثمار جديد يخدم محدودي ومتوسطي الدخل    صفر صوت ل 20 مرشحًا.. أغرب لجنتي تصويت بنتائج الفرز الأولية للأصوات بانتخابات النواب بقنا    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    وزير العدل يلتقي وفداً من ممثلي مصلحة الخبراء    تفوق للمستقلين، إعلان نتائج الحصر العددي للأصوات في الدائرة الثانية بالفيوم    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    كرة سلة - سيدات الأهلي في المجموعة الأولى بقرعة بطولة إفريقيا للاندية    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يستضيف توقيع اتفاقية سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    مراسل "اكسترا": الأجهزة الأمنية تعاملت بحسم وسرعة مع بعض الخروقات الانتخابية    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    انسحاب 4 دول من مسابقة «يوروفيجن 2026» وسط خلاف بشأن مشاركة إسرائيل    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    دار الإفتاء تحذر من البشعة: ممارسة محرمة شرعا وتعرض الإنسان للأذى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    وزير الصحة: أمراض الجهاز التنفسي تتطلب مجهودا كبيرا والقيادة السياسية تضع الملف على رأس الأولويات الوطنية    ما الحكمة من تناثر القصص القرآني داخل السور وعدم جمعها في موضع واحد؟.. خالد الجندي يوضح    صحة مطروح: إحالة عاملين بإدارتي الضبعة والعلمين إلى التحقيق لتغيبهم عن العمل    الأزهر للفتوى يوضح: اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملك عبدالله الثاني، :التعددية والوحدة الوطنية العمود الفقري لأمن الأردن
نشر في شموس يوم 22 - 09 - 2013

نشرت مجلة وورلد بوليسي جورنال الأميركية في عددها الحالي مقالا بقلم جلالة الملك عبدالله الثاني، تحت عنوان "التعددية والوحدة الوطنية: العمود الفقري لأمن الأردن".
ورأت المجلة في مقدمة لها للمقال، الذي يأتي قبيل زيارة جلالته إلى نيويورك حيث يرأس الوفد الأردني المشارك في اجتماعات الدورة الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الأردن يعد مثالاً في السكينة والأمن والتقدم بثبات، بالرغم من الاضطرابات التي شهدتها المنطقة.
وأضافت: "منذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد السلطة، تطوّر الاقتصاد الأردني بشكل ملحوظ، كما يضطلع جلالته بدور رئيسي في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وفيما يلي نص المقال: منذ نشأة الأردن، مثّلت منطقة الشرق الأوسط خط المواجهة لصراعات مريرة، ونقطة التقاء للقوى الاقتصادية العالمية، لكن ما تتمتع به المملكة من أمن لم يأت نتيجة قوة كبيرة، ولا مصادر طبيعية ضخمة، بل إن أمننا ينبع من قيم أساسية راسخة لشعبنا، جعلت الأردن حصيناً على مدار عقود من التحديات المستمرة والتغيرات، واليوم، تساهم قيم الوحدة والاعتدال والتعددية والاحترام، في إنجاز إصلاح ديمقراطي توافقي يتجاوز الضغوطات الإقليمية والدولية الاستثنائية، وفي الوقت الذي يسير فيه إقليمنا نحو المستقبل، يبرز النموذج الأردني للتحول الديمقراطي، كنموذج جدير بالدعم والاهتمام.
يقول البعض بأن العالم العربي لا تناسبه الديمقراطية، وهذا يشكل انطباعا تاريخيا خاطئا، لقد بنت الشعوب العربية من مختلف الخلفيات حضارة عريقة، وفي الأردن ساهمت العشائر ومختلف مكونات الشعب الأردني من مختلف المناطق ببناء دولتنا القائمة على الاعتدال، والتعددية، وسيادة القانون، وتعود أصول شعبنا الأردني للبادية، وللقرى، وللمدن، وبعضها إلى جبال أوراسيا البعيدة، ولطالما عاش المسلمون والمسيحيون مع بعضهم البعض وباحترام متبادل في وطننا.
ومن رحم هذه الفسيفساء، التي تشكل نسيجنا الوطني، نستمد قوانا وقدرتنا الفريدة، ومن أهمها القدرة على التعامل مع التحديات التي تتطلب التغيير الإيجابي، وفي السنوات الأخيرة، واجهنا تحديا غير مسبوق، إذ دخلنا القرن الواحد والعشرين بكتلة سكانية فتية كبيرة، تتمثل بغالبية من الشباب والشابات لديهم توقعات عالية، حالهم حال أترابهم في كل دول العالم، إنهم بحاجة لفرص عمل كريمة، حتى يتمكنوا من تأمين عائلاتهم وتأمين مستقبلهم، ليكونوا بذلك الطبقة الوسطى التي يستند إليها الأردن، لكن الوضع السابق لم يعد يلبي الطموح، وعليه، فإن الإصلاح السياسي والاقتصادي يشكل الطريق الوحيد للمضي قدماً، وتوفير فرص للجميع للمساهمة في عملية (التطوير)، والمشاركة في النجاح.
وعندما تشرفت بتولي عرش المملكة الأردنية الهاشمية، قبل خمسة عشر عاماً، عاهدت نفسي أن أساهم بكل ما أتيت من قوة لجعل الوطن أكثر ازدهاراً، وقد كان هذا الأمر يعني لي وبمنتهى الوضوح، أنه يجب أن يصبح الأردن أكثر ديمقراطية أيضاً، وتضمَّن الأسلوب الذي اتبعناه انفتاحاً اقتصاديا متوازنا، ومبادرات اجتماعية - اقتصادية لتوسيع الطبقة الوسطى، المحرك الرئيس للإصلاح السياسي، وعملنا من أجل إيجاد إطار من الشراكة والتكامل، يربط بين القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تحقيق نمو يشمل الجميع وتنمية مستدامة، في حين كُرست جهود أخرى نحو تحسين نهج الحوكمة، وتوسيع المشاركة، وقد تمكنا من شق الطريق، لكن ما زال أمامنا الكثير من العمل الجاد.
وقد برزت ثقافة الأحزاب السياسية كقضية محورية، وكان هدفنا ومازال حكومة برلمانية فاعلة تحت مظلة الملكية الدستورية الجامعة، والنظام السياسي النيابي المرتكز للدستور، لكن للحكومة البرلمانية متطلبات عملية عدة، وهي: الأحزاب ذات الامتدادات الوطنية القادرة على وضع البرامج، وإعداد حملات مبنية على قضايا ومواضيع عامة بغية الفوز بالأصوات، وأن تتشكل كتل برلمانية على أسس حزبية (وهذا ينطبق على الأغلبية التي تشكل الحكومات، وعلى الأقلية التي تعمل كحكومات ظلّ)، وأن تكون الأحزاب قادرة على تطبيق برامج يحاسبها الناخبون على أساسها، وعليه، كان من الضروري أن يتم إرساء أطر وأنماط تفكير جديدة ضمن نظامنا السياسي.
الإصلاح حاجة لا غنى عنها بحلول العام 2011، تباطأ التقدم على مسار الإصلاح، وطغت الأزمات العالمية المالية، وأزمات الطاقة والغذاء على بوادر التقدّم الاقتصادي والإصلاحي، كما حصدت الصراعات الإقليمية الكثير من الخسائر، وكان هناك مقاومة للتغيير من أصحاب المصالح، في حين وقف البعض خارج العملية ينتقدون ويرفضون الانخراط في الحوار والتغيير.
لقد كان الإصلاح بحاجة إلى من يقرع الجرس، وهذا ما فعله الربيع العربي، فقد قمنا بتحديد محطّات إنجاز للإصلاح من أجل مواكبة طموحات شعبنا وتأمين مستقبل بلدنا، لقد أرسينا قواعد التغيير في الدستور، حامي الحقوق والحريات، وعليه، تم تعديل ثلث الدستور بهدف تقوية الضمانات للحقوق والحريات المدنية، وتعزيز الفصل والتوازن بين السلطات، كما تم وضع أطر دستورية جديدة لمسؤوليات الملك، ونصوص إضافية أنتجت محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخاب.
وقد تمثلت المهمة الأولى للهيئة المستقلة للانتخاب بإجراء انتخابات نيابية في كانون ثاني 2013 والإشراف عليها، وبالرغم من محاولات البعض للترويج لمقاطعتها، وصلت نسب التسجيل إلى 70 بالمائة ، وقام مراقبون محليون ودوليون بمراقبة جميع مراحل عملية الاقتراع، وفي يوم الاقتراع، سُجلت نسب مشاركة هي من الأعلى في تاريخ الأردن، والمجلس النيابي الجديد يضم كتلاً نيابية تمثل تيارات وطنية، وإسلامية، ويسارية، وناشطين وقياديين لحركات شعبية، كما أن 61 بالمائة من أعضاء مجلس النواب هم أعضاء لأول مرة، ويضم المجلس 18 امرأة، 15 منهن فزن بمقاعدهن عبر نظام الكوتا النسائية، و3 فزن بمقاعدهن عن القائمة الوطنية والدوائر المحلية، واضطلع هذا المجلس النيابي بدور للمرة الأولى في تاريخه وهو مشاورته في اختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، وشرع بمناقشة التصويت على الثقة للحكومة الجديدة بكل حيوية وحماس.
وضمن مسؤوليتي كضامن لعملية الإصلاح السياسي، فإنني عازم على المضي قدماً، فقد سعيت من خلال أربع أوراق نقاشية إلى إطلاق حوار عام حول الخطوات المستقبلية، كما أننا عززنا من ضوابط الفصل والتوازن بين السلطات بهدف حماية التعددية، وجعل العمل السياسي متاحا بشكل متساوٍ أمام الجميع، وذلك عبر إجراءات تحول دون إساءة استخدام السلطة من أجل التضييق على الآخرين أو تهميشهم، والآن، بات من الضروري لثقافة الأحزاب السياسية أن تستمر بالتقدم، وأن يتم تطوير الجهاز الحكومي من أجل دعم الانتقال التدريجي نحو نظام حكومي برلماني مكتمل العناصر، كما لا بد من تدعيم مستوى الثقة الشعبية في المؤسسات العامة (ولهذه الغاية تم تشكيل لجنة للنزاهة الوطنية، ولجنة لتقييم التخاصية، وإجراءات للقضاء المستعجل للنظر في قضايا الفساد، وبما يضمن أن تأخذ العدالة مجراها).
ومن أهم شروط نجاح هذه العملية مشاركة المواطنين، والمقصود بذلك ليس مجرد التعبير عن آرائهم، ولكن الاستماع للآخرين باحترام، بغية الوصول بشكل جماعي لحلول قابلة للتنفيذ لأولويات وطنية مثل إيجاد فرص العمل، وتعزيز مصادر الطاقة والمياه وغيرها، إنني أنظر للمواطنة الفاعلة، كأكثر من مجرد حق، إنها مسؤولية، فهي تشكل جوهر التطور السلمي والأمن والاستقرار، كما أن بناء الثقافة الديمقراطية، المستندة في جوهرها إلى المواطنة الفاعلة، هو صلب المبادرة الأردنية الجديدة "ديمقراطي" التي تهدف لدعم المجتمع المدني، خاصة القادة الشباب والناشطين في المجتمعات المحلية.
إننا في الأردن نريد إصلاحا لا رجعة عنه؛ إصلاحا مبنيا على التغيير السلمي والمتدرج والتعددية واحترام الآخرين، فمن خلال المضي بشكل حازم نحو خيار الإصلاح، رغم كل التحديات الأمنية المحيطة بنا فعلياً من كل الجهات، وأيضاً عبر إطلاق عملية تحول سياسي غير مسبوقة ترتكز إلى مبادئ إدماج الجميع والمشاركة، تمكنا من تدعيم أسس أمننا القائمة على الوحدة الوطنية.
إن العالم الديمقراطي أجمع معني بمثل هذا النموذج للتطور التدريجي، وسيمثل نجاحنا نجاحاً للعالم الديمقراطي أيضاً، ويمكن دعم نجاح هذا النموذج عبر ثلاث وسائل: أولاً، اقتصاديا، لقد ترك التباطؤ الاقتصادي العالمي أثراً صعباً على الأردنيين، يمكن استشعاره في الخيارات الصعبة التي يمضي بها الوطن لاستعادة الديمومة المالية، وقد أشادت المؤسسات العالمية بخطتنا الوطنية، والدعم المستمر ضروري لتوفير الفرص وبث روح الأمل، والاستقرار إذ يواجه الناس تجربة التغيير.
وهنا علينا أن نؤكد أن الدعم الدولي ضروري أيضاً للتعامل مع كارثة اللاجئين السوريين الآخذة بالاتساع، فحتى الآن، بلغت نسبة اللاجئين السوريين 10بالمئة من السكان، ومن الممكن لهذه النسبة أن تتضاعف مع حلول نهاية العام، إن أقوى الاقتصاديات في العالم عاجزة عن مواجهة مثل هذه النسب لوحدها، يضاف إلى ذلك حقيقة أن الأردن هو رابع أفقر دولة في العالم في المصادر المائية، ويستورد 96بالمائة من احتياجاته من الطاقة و 87بالمائة من الغذاء، وعليه، فإن المجتمع الدولي يدرك أنه يجب ألا يترك الأردن وحيداً في تحمل التبعات الاقتصادية والأمنية الهائلة، فقد بات المزيد من الدعم للاجئين حاجة ملحة.
وبالتوازي مع ذلك، لا بد من بذل جهد دبلوماسي نحو عملية انتقال سياسي شامل، والتي تمثل الحل الوحيد القادر على إنهاء إراقة الدماء، والحيلولة دون تفكك سوريا ونمو التطرف، ووقف التداعيات الإقليمية والصراع المذهبي، ومواجهة خطر الأسلحة الكيماوية، لقد نمت جميع هذه المخاطر، كما حذّرت سابقا، بسبب طول أمد النزاع واستمراره، إن العالم لم يعد بإمكانه أن لا يتوافق على حل سياسي انتقالي يشمل الجميع في سوريا.
أما ثالث وسائل الدعم فتتمثل في ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، والذي يعدّ القضية المركزية في إقليمنا، وفتيل إشعال التطرف في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك، إن الأردن في مقدمة الداعين لحل الدولتين، الذي تدعمه مبادرة السلام العربية، والذي يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني، بما ينهي احتلالا تجاوز 46 عاماً، ويوفر لإسرائيل الأمن الحقيقي الذي يستطيع السلام فقط أن يضمن استمراره، وقد جاء استئناف المفاوضات في تموز الماضي شهادة على ما يمكن إنجازه بتوافر قيادة أميركية بمساندة إقليمية ودولية واسعة. ومن المؤكد أن العملية ستكون صعبة، لكن البدائل، وبكل صراحة، لا يمكن تصورها، وعلينا أن نتذكر هنا أن الإقليم والعالم سيغدوان أكثر أمناً بتحقيق السلام.
وأخيرا، فإن التغيير التدريجي والتوافقي والاعتدال والتعددية واحترام الآخرين تمثل أركان التقدّم والتطور والأمن والاستقرار بين الدول وداخلها، وهي قيم يتميز بها الأردن، وبينما تتكشف الأحداث الإقليمية، سنستمر في متابعة مسارنا الإصلاحي، بهدف تأمين المستقبل الزاهر الذي يستحقه شعبنا.
إن الأردن يسير على طريق يبلور من خلاله نموذجا ذاتياً يقلب التحديات إلى فرص، وتاريخنا شاهد على منعتنا وقدرتنا، كأردن وكأردنيين وأردنيات، على تجاوز التحديات بمرونة، وعلى حقيقة أننا قادرون على إنجاز الكثير بالقليل، وهذا مسار يستحق دعم المجتمع الدولي برمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.