قالتْ : هل الموت وحده – يا عزيزى - هوالذى يُبكى الرجال ، ويُدمع العيون ، فتتساقط العبرات ؟ قلتُ ( نافياً ) : لا . . فكل فراق يهتز له إنسان ، يبكى من أجله الرجال . قالت : حتى فراق الحبيب . . بالبعاد أو الرحيل ؟ قلت : فراق الحبيب ؟ آه ثم آه . . من فراق الحبيب . . يا عزيزتى . . على قدرالحب و الحبيب ، يأتى الفراق الأليم . والرجل حين يحب ، ويتملكه الغرام ، ويعيش فى محراب الحب ليل نهار ، وصباح مساء ، وكل وقت وأوان . . فإنه يضحى أسير ذلك الحب ، ولا يطيق للحبيب بعاداً . . وحين يقع الفراق . . يُدمى قلبه ، ويؤلمه أشد الإيلام . . ولا تكفيه حينذاك ، دموع كل البشر ، ولا العبرات . فأنا – يا عزيزتى – أعرف من الرجال ، من ذاقوا مرارة فراق الحبيب ، وحسرة البعاد . . وظلوا رهائن سجون الآلام والأحزان ، أعواماً وأعوام . . فلا الدموع أنقذتهم مما هم فيه ، ولا البكاء أفاد . ذهب عنهم أحباؤهم ورحلوا ، بعد أن كانوا ساكنى القلوب ، وشاغلى العقول ، ورفقاء الأرواح والنفوس . ذهبوا وتركوهم يعانون آلام البعاد ، كما يعانى من مات له عزيز آلام الخسران . ففيم - إذن - يا عزيزتى ، يختلف الرجال عن النساء ، حين الآلام والأحزان ؟ ؟ قالتْ : صدقت يا عزيزى . . . وما أصعب . . أن يبكى الرجال ! ! !