كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع السيدة العراقية أيفين سعيد، والتي تتصف شخصيتها بالوعي، وسعة الاطلاع، والجد والاجتهاد، والمثابرة، ووعيها الاجتماعي، وأفكارها القيمة والمنفتحة، كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو: @الرجاء التعريف بشخصيتك للقارئ; جنسيتك ومكان إقامتك، وطبيعة عملك والعمر والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي وهواياتك المفضلة؟؟؟ اسمي أيفين سعيد...جنسيتي عراقية الأصل، من مدينة بغداد العاصمة العراقية...وأقيم حاليا في محافظة صلاح الدين، قضاء الدور..أنا ربة بيت...وعمري أربع وأربعون عاماً...متزوجة...لم انهي دراستي الثانوية، بسبب ظروف الحروب التي عشتهان ولكنني أيضاً اعمل خياطة، وأجيد خياطة بدلات العرائس بالذات، وزوجي موظف في دائرة عسكرية، لكنه أيضاً خياط ماهر جداً، وأنا أيضاً، ادرس أبنائي، هذا العام وكل الأعوام السابقة، وهم من الأوائل، لدي خمسة أبناء وبنت واحدة..هوايتي هي حب الخير لكل الناس، وأحب المراسلة والرياضة بشكل خاص، أحب أن اكتب عن ما يجول من حولي من أحداث. @ما اسم المدينة التي تقيمين بها، واهم معالمها التاريخية إن وجد، والهامة التي تميزها ؟؟؟ مدينتي دور، وهي تجمع صغير، يبعد عن مدينة سامراء ب 25 كم، أما سامراء ففيها معالم حضارية، فيها الأماميين العسكريين..علي الهادي، والحسن العسكري، وفيها معالم أثرية، أهمها الملوية، وقصر العاشق، وأبي دلف، وقصر الحيرة، وفيها اكبر مصنع في الشرق الأوسط، لصناعة الأدوية والمستحضرات الطبية، وفيها اكبر سد وناظم الثرثار، وهي علي نهر دجلة. @ ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمني، بها وتدافعي عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية وجريئة وصريحة ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟ أحب أن تكون المرأة حرة، ويكون لها شأن في المجتمع..أن يعيش المواطن العراقي حر، بدون قيود ...كنت أنا ذاك عندما كنت طالبة...لا أهاب شيء، حتى عند اجتياح العدوان الثلاثيني على العراق، لم أتزحزح من دارنا...رغم القصف الذي شاهدناه، وكنت اذهب إلى كل مكان يُقصف...رغم تألمي، لكني كنت أشارك في معالجة الجرحى...كانت لدي مشاركات شعرية...أنا متفائلة بأن الأمة العربية سوف تجتاز هذه المحن بأذن الله. @هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسياً؟؟؟ نعم أنا مع حرية المرأة...فعندما اقرأ عن الشاعرات او الكاتبات، ازداد ثقة وفخر وإعزاز بالمرأة..وأتمنى أن تكون دائماً متألقة...وان تكون مستقلة في حباتها، بدون قيود. @ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة ؟؟ قراءاتي كلها عن ما يخص المرأة...من كل جوانب الحياة..وعن علاقة الرجل بالمرأة، وهناك خاطرة مثلا لي عن فلسطين وعن بغداد: فلسطين...يا وجعي منذ سنين طوال...فلسطين، يا جراحاً سكنت في الغمد طوال....فلسطين يا أمي، وهمًي سكن منذ سنين....جراحاً تنزف منذ نعومة أظافري....وأهات سكنت أوجاعي....فيك أشدو عزمي، ومنك استمد القوى، ورجالك إبطال لا يهابون العدى. هذه الخاطرة بعنوان...بغداد...كان إحساس يراودني، وأنا أتوجه إلى بغداد...وكلما ازداد تقربي من سور بغداد...كلما زادني الشوق والحنين لرؤية بغداد..انظر من خلال زجاج السيارة إلى الشوارع..أتأملها ملياً....فإذا بي أرى شيء لم اعتاد عليه...عوارض كونكريت تملئ شوارع بغداد..وقد أغلقت جميع النوافذ...وطوابير من السيارات يصل إلى أمد بعيد، وشوارع ممتلئة بأكوام النفايات...وطرق قد دمرت من الدبابات...ومنازل قصفت...ودوائر أحرقت..وأشجار قلعت...ومصارف نهبت...وزهور قطفت...وطيور هاجرت...كل شيء أصبح حطام...وبكيت على بغداد...بغداد دار السلام...وألان أصبحت دار الحطام...فمن يا ترى سيعيد مجدك. @هل أنت مع الديمقراطية، وحرية التعبير، واحترام الرأي، والرأي الآخر، والتعددية السياسية، وحرية الأديان، وسياسة التسامح في المجتمع، ؟؟؟ نعم..فكل إنسان يجب أن يؤمن بحرية واحترام الرأي والرأي الآخر...والديمقراطية...وحرية الأديان، وكما ذكر في القران الكريم....لكم دينكم ولي ديني...نعم أؤيدك، يجب أن يكون سياسة التسامح في المجتمع، لأنه إذا لا يوجد تسامح بين الآخرين، لا يبُنى مجتمع...بل سيكون مجتمع مليء بالمشاكل والخلافات...وأتمنى من الله أن يعيش العالم العربي، مليء بالتسامح. @ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، لذا لا تحاول إصلاحها، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبيخ. لا أؤيد هذا الرأي، فالمرأة أصبحت المجتمع كله، لأنها المربية لأولادها.....وهي تشارك الرجل في كل المجالات، فهي العاملة، والمدرسة، والطبيبة، والمحامية...أما الرجل...فشغله يقتصر فقط على الكد، والعمل في وظيفته....هل سمعت يوماً رجل أنجب طفلاً؟؟؟...او قام بإرضاع طفل؟؟ أما إنهن ناقصات عقل ودين، فهذا كلام غير معقول، لأنه لو ناقصات عقل ودين، لما أصبحن معلمات أو تقلدن مناصب...أما عن أهل النار من النساء، لا أظن بهذا، لأن الله رفعها درجة..وقال الجنة تحت أقدام الأمهات...صحيح، خلقت من ضلع آدم العوج...فهذا لا يمنعها أن تشارك الرجل، في كل شئ..فلا أؤيدهم بهذا الرأي. @كيف تصفي لنا وضع المرأة في العراق من الناحية الثقافية والتعليمية والتوعوية؟؟ وكيف تصفي لنا نظرة الرجل العراقي لها، وتعامله معها، وهل أنت راضية عن ذلك أم لا ؟؟؟ وكيف تحبي أن يعامل الرجل المرأة بشكل عام ؟؟؟ الكل يعلم أن العراق، خاض معارك كثيرة، مما جعل المرأة العراقية، أن تبدأ من الصفر، وخاصة في ظروف الحصار، عانتْ الكثير، وواجهتْ المصاعب، لكنها تفوقتْ في تدبير المعيشة....وكانت تصنع المعجزات...والحمد لله اجتازت تلك الظروف، التي لا أتمناها لأي من نساء العالم....ونهضتْ وتكاتفتْ مع الرجل، وساندته في كل شيء، فكانت إلأم والأب لأبنائها، والحمد لله يزيدني فخر بان أكون امرأة عراقية. @ ما هو في رأيك، أسباب ارتفاع نسبة العنوسة، بين الشابات والشباب في المجتمعات العربية.؟؟؟ وهل أنت مع الزواج المدني، وزواج المسيار، والمتعة، من اجل التقليل من العنوسة؟؟؟ وما هي الحلول في رأيك التي يمكنها ان تقلل من العنوسة في المجتمعات العربية؟؟؟ برأيي أن أهالي البنات يبالغون في مهور بناتهم..فهذا مما يزيد من نسبة العنوسة...لذا لا يستطيع الشاب أن يلبي متطلبات أهل البنت، لذا يعزف الشباب عن الزواج..ويذهب إلى زواج المتعة، وهذا برأيي خطأ...لا انصح الفتيات به، لأنه مجرد قضاء وقت، لفترة محدودة...وهذا حرام مطلقاً طبعاً، بالنسبة لي..فانصح الأهالي بعدم المبالغة في المهور، لكي نقلل من العبوسة، لكلا الجنسين...فزواجي كان مقتصر على محبس الخطوبة فقط، وهذا مما جعل زوجي يحبني، ويحترمني، لهذا اليوم، علماً أنني متزوجة منذ تسعة عشر عاماً. @ ما هي أسباب ظاهرة التحرش الجنسي، في رأيك في العراق، وهل أنت مع نشر وتعليم، الثقافة الجنسية، وكيف يمكننا القضاء على هذه الظاهرة برأي السيدة ايفين؟؟؟ أتمنى أن يكون هنالك....نشر الوعي لكي يتعلم شبابنا، ويدرك هذه العلاقة، ولا يتصرف مثلما يتصرف بعض الشباب، بالتحرش بالبنات..فأتمنى أن تكون هناك رقابة، من قبل الأهالي على أبنائهم. @ ما هو في رأيك مسببات الطلاق، والطلاق العاطفي بين الزوجين، وما يترتب عليه من نتائج سلبية؟؟؟ ابغض الحلال عند الله هو الطلاق...ولكن إذا ضاقتْ السبل بين الطرفين..فالأفضل أن يبتعد كل واحد عن الآخر، لكي يعيد حساباته، وهل يستطيع العيش من غير الآخر....إذا كان هناك أطفال، فهذا سوف يؤثر على نفسية الأطفال. @ ما هي طموحاتك وأحلامك التي تودي تحقيقها، وكذلك طموحات وأحلام المرأة في العراق بشكل عام، التي ترنو لها وتحلم بتحقيقها؟؟؟ هو آن يعم السلام في العراق، وفي أرجاء الأمة العربية...هذا كل ما تتمناه المرأة العراقية..وان تتحرر فلسطين وتعود إلى العرب..