كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار الرائع، مع الشاعرة المصرية منال عبود غانم، التي تتصف شخصيتها بالوعي، وسعة الاطلاع، والجد والاجتهاد، واعتمادها على الذات في بناء شخصيتها وكيانها، والمثابرة، وعمق ثقافتها، ووعيها الاجتماعي، وأفكارها، كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو: @الرجاء التعريف بشخصيتك للقارئ; جنسيتك ومكان إقامتك، وطبيعة عملك والعمر والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي وهواياتك المفضلة؟؟؟ أنا منال عبود غانم، مصرية الجنسية، أقيم بإحدى القرى التابعة لإحدى محافظات الدلتا المصرية، وأنا ربة منزل، لا أعمل، وربيع عمري سبع وثلاثون عاما، متزوجة، ولي ثلاثة أبناء، وتعليمي متوسط، لكني أحب الثقافة، فثقفت نفسي بنفسي، أما عن هواياتي، فهي الشعر، وهو قمة هواياتي، وسماع الموسيقى العربية، والعالمية، والغناء الطربي، وأسمع الجميل من غناء الشباب، والرسم والرياضة، وأعشق كل ما هو جميل ومختلف. @ما اسم المدينة التي تقيمين بها، واهم معالمها التاريخية والهامة التي تميزها ؟؟؟ أنا أقيم في قرية صغيرة، تابعة لمحافظة المنوفية، وليس بها معالم تاريخية، ولكنها المحافظة التي وقعت بها حادثة دنشواي الشهيرة، على يد الانجليز في العام 1906م. واليك هذه القصيدة من إشعاري وهي بعنوان:(عشبة من خلود) : سلكت من نفسي طريقاً، وعتقاً من قيود حبي مصر، وزنتك في اللب الشقي، أنتي الرباط من البد دهر، يقولون عنك العجاب في طلق، وتقولين المن فيا كالبحر، لا تسأليهم عما يسفهون، فصمتك عنهم عز وفخر، يا أرض الهدى اتركي الأزمان، تنطق الحلو والمر والسحر، أطلقي عنك ابتسامات المتلونين، لا تقطفي منا إلا الوجوه البكر، لا تسمحي للنهر أن يروي المارين، دون إيقاع يرقصه الشوق في جهر، ولتطمع شمس البراح عينيه، فأنتي الزمان يتلوك الزهر، تسيلين من أثيوب إلى جسدي ماءً، على دمائي تسكري الأرض خمر، يصمت الربا حين تشمخين شعبك، سليلة النسب للقرآن تسكبيه نهر، أقسمت بغولة عشقها فيا، فأمطتيت لها العمر جيداً ومهر، وهمت على وجه الزمان فرحاً، لا شقاء يغلب محبك مع الوعر، اذهبي أينما تشاء ريحك وسلمي، فلن يهدأ في القلب لكي ذكر، ويبقى إبريق الشاي على ليله، يجني في انتظارك السهر والصبر، في دوارك تقودني لهفتي، ففارغاً أشرب الكوب عشماً وشكر، ولملمي الليل في سبات، واطرحيه حيث لا يصبح ذكر، تهب عيناك ما لا يرى فينا، فنطل بكي العزيزة عز وستر، لن تبقى قيود وحي طهرك، وإن كبلوكي عشية وبكر، لا تربطي بين النور والإحداق، كثيرون بهم نور ويعجزون البصر، تأتين من آخر نفسك عائدة، فتأثيري غيرتي أنا المحب. @ ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمني، بها وتدافعي عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية وجريئة وصريحة ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟ أنا من عمري حوالي ثلاث سنوات، كان كل همي وطني، وكيف أكون إيجابية، بانتمائي له، وكيف يكون الآخرون إيجابيين بانتمائهم له أيضاً، كي يصبح وطننا مثلما هو بقلوبنا، وكل أفكاري عامة أعلو بها على شخصي، وقيم الدين، هي أعظم القيم، وأتشبث بالعادات والتقاليد في حدود، أن لنا تراث لا يتعارض مع حاضرنا، ويمكننا الأخذ منه لمستقبلنا، ونعطي قبل أن نفكر أن نأخذ، وأنا متفائلة جداً، وثائرة جداً، ونعم شخصيتي جريئة جداً، فوق التخيل، لدرجة أنها تُغضب أحيانا المقربين مني، وأحمل من القوة والعزيمة، ما يجعلني بكل تواضع، أعيب على كل من حولي، أنهم نيام، يأكلون ويشربون فقط..وهذا ما يجعلني أتمتع بالصراحة الكافية، وانفتاحي على المجتمع كبير، لحبي لمساعدة كل من حولي. @هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسياً؟؟؟ نعم أنا مع حرية المرأة، في أن تعبر وتشارك وتبدي الرأي، الذي يشغلها، ولكن أعترض على أن تكون المرأة لها استقلالها التام، مما سيكون له عواقب، يضار بها أقرب من هم لها، في حدود أن تكون متمتعة بحريتها المنضبطة، وليست المشروطة. أما اقتصادياً، فنعم، حيث أنها عنصر فعال في نماء المجتمع، وماهرة بمجالات لا يجيده الرجل، ولا أريدها تكون سلبية، بسبب الماديات، وباستقلالها يجعلها تنتج لتثبت وجودها، وسياسياً، نعم ثم نعم، لها مطلق الحرية، فهي نصف أي مجتمع. @ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة ؟؟ وهل لديك مؤلفات؟؟ لمن تكتبي من فئات ألمجتمع؟؟؟ وما هي الرسالة التي تودي إيصالها للقارئ؟؟؟وما هي طبيعة كتاباتك، هل هي أشعار، أم قصص، أم خواطر وغيرها؟؟؟ ومن هم الكتاب والأدباء الذين تعتبرينهم قدوة لك، سواء عرب أو خلافهم??? أقرأ وأكتب كثيراً، ولي ديوان بالعامية المصرية، وقريباً أنتهي من الديوان الثاني بالعامية والفصحى، الأول أهتم كثيراً بالمصريين، البسطاء والوطن، أزرع فيه حب الوطن، والإحساس بالآخر، هي أشعار بالدرجة الأولى، وهناك أيضاً القليل من الخواطر، أما بخصوص الكتاب، الذين اعتبرهم قدوة لي فمنهم، حافظ إبراهيم، وإبراهيم ناجي، والأبنودي، ونزار قباني، وأمل دنقل، وفدوى طوقان، ومحمود درويش، ومن الشباب تميم البرغوثي، وتركي عبد الملك، وهشام الجخ. @كيف تتمخض كتابة وولادة القصيدة الشعرية لديك، وهل هي من خيالك، آم تعبر عن حالة خاصة مررت بها، او تعبر عن معانا صديقة لك، وكم تستغرق من الوقت لك؟؟؟ في كل وقت ومكان، يوجد لي مخاض قصيدة، وتكون من صميم خيالي المتسع جداً، وقليلاً ما تكون حالة خاصة، وتكتب القصيدة، وتقف حيث يقف إحساسي بتلك الحالة، التي تنتابني، وتنصرف إلى غيرها بعد اكتمال التشبع بها. @هل أنت مع الديمقراطية، وحرية التعبير، واحترام الرأي، والرأي الآخر، والتعددية السياسية، وحرية الأديان، وسياسة التسامح في المجتمع، ؟؟؟ نعم أنا مع الديمقراطية، وحرية التعبير، والاحترام المتبادل، والتعدد السياسي، الفعال والإيجابي، أما عن حرية الأديان، فقد كفلها الله عز وجل نفسه، فكيف لبشر أن يمنعها، والمجتمع إذا غاب عنه التسامح، انهار. واليك هذه القصيدة من أشعاري وهي بعنوان: سر يقبله في حب الوطن إني ووطني جزء، فلن أنتمي إلى قطعه، وسأؤيد من يدمجنا، ويهدم طرقات الفرقة، إنها تحبك في صمت، فأدعو إليها من ألقبله، فلّم الشمل يجعلها، في رأس اليتم هي ألقبله، لا تعجز بها وإن قليلاً، إنها تحذف أدوار ألعجزه، تعدد الأصوات يفرقنا، لا غير، غير صوت الأمة، امسك من نفسك شهوتها، واسمح لجلاء العتمة، يا من تحبها صه قليلاً. أنها تختار المحنة. @ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، لذا لا تحاول إصلاحها، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبي؟؟؟. أنا ضد هذه الثقافة، لأن المرأة ولو ناقصة عقلاً وديناً، فليس ذلك بشكل مطلق، وإلا لما سمح لها الرسول (ص) بالمشاركة في الحروب، والغزوات، ولما اصطفى الله مريم لتحمل قضية من أوعر القضايا البشرية، فالمرأة مكملة للرجل، ولو أنها مثلما يقول، ما قامت بالدورين معاً، في أماكن كثيرة ، أيها الرجل، لا تنسى أنك جئت من إمراة، وحييت مع إمراة، وتموت بين يدي إمراة. @هل أنت مع ظاهرة الصداقة، والحب، والزواج، عبر صفحات، التواصل الاجتماعي؟؟؟وهل تعتقدي أن الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان؟؟؟ نعم، في حدود توازي قيم المجتمعات، هي سلاح ذو حدين نعمة فيما ينفع ونقمة فيما يضر. @ ما هو في رأيك، أسباب ارتفاع نسبة العنوسة، بين الشابات والشباب،.؟؟؟ وهل أنت مع الزواج المدني، وزواج المسيار، والمتعة، من اجل التقليل من العنوسة؟؟؟ للحياة ميزان، وضعه الخالق، حيث أنه لا ينسى خلقه، ولم يأمرنا الله بالزواج والهدم في وقت واحد، تكمن أسباب العنوسة بشكل كبير، الي تردي الحالة ألاقتصاديه للمجتمع، أما الزواج فقوامه بناء بيت مستقيم، ومستديم، وليس بالتقسيط، ومن يستطيع تعديد زوجاته بطريقه شرعية، ويراعي عدم الانتقاص من مهرها، وحقوقها وواجباتها. @ما هي أسباب ظاهرة التحرش الجنسي، في رأيك في مصر هذه الأيام وهل أنت مع نشر وتعليم، الثقافة الجنسية، في مصر؟؟ ظاهرة التحرش الجنسي، ليست بجديدة، فهي موجودة على مر العصور، وما يجعلنا نحس أنها ظاهرة، هي الكثافة السكانية، والبطالة التي تؤثر على زواج الشباب، والبعد عن الدين والرياضة، وكل ما هو مفيد، وكذلك غياب الرقابة الأسرية، لا على الإطلاق، فبحكم موروثاتنا، فهي تورث في حياء ودين. واليك هذه القصيدة من أشعاري وهي بعنوان: مواسم العمر: كنت فاكر بالفلوس، يروح كبوس وييجي علىّ ضل، نحط رجلي ندوس، نزيح ذُل وعِلل، كنت فى مدارى منحوس، وراسي طابخه في الحلل، بعت أيدي لفوق بدعوة، للقمة جاتلي من برّه، كنت فاكر بره جنه، طلع السمك فى اللميه أوفى، الكل ناكر غصب عنه، يصد الريح بقفاه، إيش قولة الريح وشه زيه، لا العم زى الخال، ولا الخال هيزين وشه، ولا صلاحنا من المُحال، القلب الأصفر واجب قطعه، شايف كل الدنيا غِلان، واني ناب بيعض في نفسه، في الحقيقة لما تُهت، دُقت الشوكة في عيني ورد، وشفت العمر كله لحظة، فاتت ليلة في عز الود، وجنه صغرى جايه ريشه تدفي عز البرد، وحظ ينعش ناس مايلين، في جد لصاحبه لو عض الأرض، دخلت الدنيا بهيصه وزفه، وساكن فيها بعزم وغُلب، لو فى ايديه، كنت حجزت وفُت، كنت إن دُقت العز، مسكت فى ديل الدنيا وعشت، وطين الأرض الأسمر، إزاي يعمل لون وورد، مخنوق فيها وعايش، وطينها يُظبط شاييي الأحمر عدل وسرد، لما احترت ثُرت وقُلت أدوني رغيف لله ..... للعبد انسوا حزمة ناس ملفوفة ....إيد مكتوفة، بكلمه يملوا مداه بالود، كل ما عيني تحس بهلة شوف، يرجع عمري كله معايا يعد، هات من أول ما إتلونت بشنبي الأخضر، من أول ما أتربعت الدنيا فى لفة لآخر سوس العضم ما ينخر، هات من أول بنت ما حست إنها حلوه، تفتح كل ما بانت قفل مصدي فيطهر، هات من أول قلب ما قال أنا عايش، مات وقلبه لسه بيظهر، هات من أول ما اتسبحِتْ الفرحة بدم، شبّع كل شقوق الأرض فتمصر، هات من أول صيف جمعكوا في قهوة، خلى الساعي زى العمدة لبره بيسهر، وأول ضلع نبِّت زوجه، وأول نطفة من غير زوج، هات من أول آدم لما أترحل. وأول فيل وأبابيل قالوا لأ، هات من أول ما اتحنطت البني أدمين، والجوع لما شد حزام وشق، هات من أول غالى فارقنا ومات، من يومها فتوة ناسه حزامه ما شد، وست الدار ناصبه الحزن، لحد ما ماتت حازمة رأسها بشد، والأرض الأم تفض عزاها، قطمة وسط بين القضي والجد. @هل لك ان توضحي سيدتي ما يحدث في مصر الآن؟؟؟ وما هي توقعاتك لما ستؤول اليه الأحداث؟؟؟ وهل انت مع حكم الاسلام السياسي لمصر؟؟؟ ما يحدث في مصر الآن، كان لابد له أن يحدث، كي لا يصبح للإخوان حجة، وبهذه الفترة التي حكموا فيها مصر، حكموا على أنفسهم بعدم صلاحيتهم للحكم، وأنا نفسي لست حزينة على أنهم وصلوا للحكم، لعلمي أن عمرهم به قصير، كي لا يقول جموع الشعب بعد ذلك، (يا ليت الإخوان يحكمونا) وأتوقع تدخل المؤسسة العسكرية الوطنية المحبة لمصر، لإنقاذ محبوبتها مصر، ثم أتمنى أن تسير الأمور في مسارها السياسي الصحيح، ولا نكرر خطؤنا مرة أخرى، وستبقى مصر في رباط إلى يوم الدين، ولست مع حكم الإسلام السياسي (المزعوم) في أي مكان في العالم.