كان يمكن لنهار الاثنين 1 يونيو 2013 ان يكون يوما تصالحيا يعطي مشهدية التقاء في مجلس النواب تحتاجها الساحة اللبنانية، بعد التوتر الكبير الذي عاشته الاوساط السياسية والشعبية على وقع الاحداث الاليمة التي حصلت في عبرا شرق مدينة صيدا الجنوبية، الا ان الامر انقلب عكس ما كانت تشتهيه سفن كاسحات الالغام السياسية التي يقودها رئيس الجمهورية ومعه رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، وتحولت الجلسة النيابية غير المكتملة النصاب الى مناسبة لتقاذف التهم ولتوتير الاجواء اكثر مما هي متوترة. موافقة هيئة مكتب المجلس النيابي المؤلفة من اغلبية محسوبة على قوى 14 آذار على جدول اعمال الجلسات الذي وضعه رئيس المجلس نبيه بري اوحت ان هذه القوى وفي طليعتها تيار المستقبل راضية عن كل البنود المطروحة بما في ذلك القضايا التي لا تنطبق عليها صفة الضرورة لتسيير امور الدولة التي عادة ما يتم طرحها فقط امام البرلمان في الوقت الذي تكون فيه الحكومة مستقيلة وتقوم بتصريف الاعمال. الرئيس نبيه بري يحاول منذ فترة طويلة تدوير الزوايا ولجم حمى التوتر ما امكن، وهو محرج مع حليفه حزب الله، حيث وقع تدخل هذا الاخير في سورية ثقيل عليه، ويسير بين النقاط في مشواره المتعب مع الحليف العوني الذي يريد منه بشكل خاص تسويق صهر العماد ميشال عون العميد شامل روكز لقيادة الجيش، في الوقت الذي لا تستطيع الحكومة تعيين الموظفين وهي في وضعية تصريف الاعمال، وبري بالتأكيد لا يريد للمشكلة الواقعة مع تيار المستقبل و«الجوالسني بشكل عام» ان تتفاقم، ويدرك مدى خطورتها على مستقبل لبنان وتداعياتها على الطائفة الشيعية، على وجه الخصوص. هل كان هناك خطة لتضليل الرئيس بري قبل جلسة الاثنين ام ان المعطيات السياسية قد تغيرت بعد احداث عبرا؟ ربما تكون هناك خطة من قبل قوى 14 آذار تقف وراء الاستعجال بعقد الجلسة التشريعية لاصابة عصفورين بحجر واحد، الهدف الاول توسيع الشرخ القائم بين فرقاء 8 آذار وتحديدا بين الرئيس بري والعماد عون، والهدف الثاني الاستعجال بالتمديد للعماد قهوجي في قيادة الجيش قطعا للطريق امام وصول صهر عون العميد روكز للقيادة. هذه الفرضية لا تلغي اطلاقا فرضية تغير المعطيات بعد الاحداث الاليمة التي وقعت في منطقة عبرا شرق صيدا بين الجيش اللبناني ومسلحين مؤيدين للشيخ احمد السير (المجهول المصير)، وادت الى حراك شعبي واسع فاجأ القوى الاساسية في الساحة السنية، لاسيما في طرابلس وصيدا والطريق الجديدة في بيروت، واصبح لزاما على هذه القوى التي اعلنت جهارا تأييدها للجيش اعادة النظر بمواقفها، خصوصا تخفيف الحماس تجاه الاستعجال بالتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي لاسيما بعد انتشار الصور على المواقع الالكترونية ومعظمها يبين تجاوزات قام بها بعض العسكريين او ارتكبتها عناصر مسلحة محسوبة على حزب الله رغم نفي الجيش لهذه الوقائع. والارجح ان تأخر قائد الجيش بالجواب على المذكرة التي قدمها له الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري في مكتب رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي كانت سببا رئيسيا في تحلل تيار المستقبل من الالتزام بالاستعجال بإقرار التمديد، على الرغم من الملاحظات الدستورية التي غلفت الاعتراض على الجلسة النيابية لكون الحكومة مستقيلة، وكتلة المستقبل كانت على علم بجدول الاعمال ولم تبد اعتراضا عليه قبل ذلك، ولم يتحدث احد عن النظام المجلسي قبل احداث صيدا، علما ان النظام المجلسي الذي يهيمن بموجبه مجلس النواب على اعمال السلطة التنفيذية لا يمكن العمل به في لبنان، لأنه لا يوجد اكثرية نيابية مؤيدة لرئيس مجلس النواب تستطيع تمرير الاقتراحات الرئاسية فيما لو كانت هناك نية عند الرئيس بممارسة هذه اللعبة، ولكن المعطيات ومواقف رئيس المجلس التي وردت في مؤتمره الصحافي قبل جلسة الاثنين تؤكد عكس ذلك. هل تتغير المعطيات مجددا وتعود المياه الى مجاري قنوات التشريع لتمرر ما هو ضروري للظروف الاستثنائية خصوصا التمديد لقائد الجيش؟ وبالتالي تطوى صفحة تنازع الصلاحيات الرئاسية في الوقت القاتل، حيث التعصب سيد الموقف، هذا ما تأمله الاوساط المراقبة قبل 16 الجاري. المصدر: Lebanon Debate.com