فيما لا تزال مدينتا صيدا وعبرا اللبنانيتان تلملمان جراحهما، بقي الشيخ أحمد الأسير متواريًا عن الأنظار ليتحول اختفاءه إلى "لغز" أمني. وعلى إيقاع تداعيات معركة عبرا، خرج ملف تأليف الحكومة اللبنانية على الساحة مرة أخرى، حيث أكد الرئيس المكلف تمام سلام ل"السفير" اللبنانية أن جهوداً تبذل لتحقيق تقدّم، لكن لم تسجل أي حلول بعد، بينما استمر موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي مادة للخلاف بين العماد ميشال عون من جهة وحلفائه وخصومه على حد سواء من جهة أخرى. وفي إطار تمهيد الأرض أمام إقرار اقتراح قانون التمديد، دعا الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني إلى عقد جلسة تشريعية عامة تبدأ في العاشرة والنصف قبل ظهر الاثنين في 1 يوليو المقبل، وتستمر الثلاثاء والأربعاء صباحا ومساء، لدرس المشاريع واقتراحات القوانين المدرجة في جدول الأعمال وإقرارها. لكن يبدو أن الجلسة العامة سترتب نقاشا قانونيا حول مدى سعة صلاحيات مجلس النواب، في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وفي هذا الإطار، علمت "السفير" أن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ردت على مراسلة مقدمة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لإبداء الرأي في مسألتين، أولاهما، هل المجلس النيابي المنعقد في دورة استثنائية فور اعتبار الحكومة مستقيلة وحتى نيل الحكومة الجديدة الثقة، يمارس خلال هذه الدورة كامل صلاحياته الدستورية أم تنحصر في مناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة وإعطائها الثقة؟. وثانيهما، في حال كانت الدعوة للدورة الاستثنائية محصورة بالبيان الوزاري، ألا يمكن لرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة المستقيل، أن يدعو إلى عقد استثنائي وفقا للأصول المنصوص عليها في المادة 33 من الدستور؟. وجاء جواب هيئة التشريع بأن الانعقاد الاستثنائي لا يخول مجلس النواب ممارسة كامل صلاحياته التشريعية على غرار ممارستها عند وجود حكومة مستحوذة على ثقته. وأوضحت "السفير" أن الوزير وائل أبو فاعور قد عاد من السعودية، حيث التقى الرئيس سعد الحريري بحضور غطاس خوري وجرى البحث في أحداث صيدا وموضوع تأليف الحكومة. ووفق المعلومات، فإن أبو فاعور حمل معه إلى السعودية صيغة تدعو إلى التسريع بولادة الحكومة، ولو من خلال تجاوز قضية نسب المشاركة صعوداً أو نزولا، على قاعدة أن الأولوية هي لتحصين الوضع اللبناني، خصوصا بعد أحداث صيدا، غير أن بعض القيادات اللبنانية التي كانت قد زارت الرياض قبيل وصول ممثل النائب وليد جنبلاط اليها، لمست وجود مناخ سعودي متشنج في ضوء أحداث القصير وصيدا، وأنه لا رغبة بتقديم أي تنازل يمكن أن يفسر من جانب "حزب الله" وحلفائه بأنه بمثابة انتصار، وقالت تلك القيادات ل"السفير" إن الاحتمالات المطروحة هي، أولا استمرار واقع تصريف الأعمال حتى إشعار آخر. ثانيا تشكيل حكومة بثلث ضامن لكل من 8 و14 مارس، وهو احتمال مستحيل في ظل التصلب السعودي، ثالثا، تشكيل حكومة أمر واقع، لا تحظى بثقة مجلس النواب بسبب موقف جنبلاط الرافض لخيار كهذا يمكن أن يعتبره أمل وحزب الله خيار تحد، من دون تجاوز موقف رئيس الجمهورية الذي يلتقي مع جنبلاط في رفض توقيع مرسوم حكومة كهذه، ستتحول منذ لحظة ولادتها إلى حكومة تصريف أعمال، وعندها ستدخل البلاد في دوامة التكليف والتأليف والاعتذار والمراوحة ذاتها. وأخيرا إقدام رئيس الحكومة المكلف على الاعتذار وهو خيار يضعه نصب عينيه، إذ أنه أعطى لنفسه مسافة زمنية محددة وليست مفتوحة، كما يتراءى للبعض.