دعا النائب اللبناني وليد جنبلاط إلى تبني لغة "الحوار العقلاني" والتركيز على أهمية التلاقي العربي، بعد اعتذار رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري عن تشكيل حكومة جديدة أمس الخميس ، مشيرا إلى أنه كان من الممكن لقسم من المعارضة تليين شروطه ، ومن ثم تأجيل الاعتذار. وقال جنبلاط في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية- في عددها الجمعة- إنه "بعد الاعتذار فإن المطلوب أكثر من أي وقت مضى ، وإلى جانب احترام الأصول الدستورية المعهودة ، التركيز جميعا على أهمية التلاقي العربي ، بالحد الأدنى بين السعودية وسوريا ومصر ، لكي نتفادى لعبة دول كبرى تريد فسخ وتفتيت كل المسارات لضرب ما تبقى من تضامن عربي". وأشار إلى أن "أفضل مثال على هذا ما يجري في اليمن ، وبين سوريا والعراق ، وفي فلسطين بين السلطة وحماس". وطالب النائب اللبناني ب "خطاب هادئ لتجنيب البلاد تشنجات نحن في غنى عنها" ، معتبرا أنه كان "بإمكان قسم من المعارضة أن يلين شروطه ، وفي المقابل كان يمكن تأجيل الاعتذار ولو لبضعة أيام". وأضاف: "أما وقد حصل ما حصل ، فلتكن لغة الحوار العقلاني بدل الدخول في السجالات والاتهامات". وقال مصدر قريب من الحريري ل`"الشرق الأوسط" إنه "يدرس الآن على المستوى الشخصي ما إذا كان مهتما بالعودة إلى هذا الموقع أم لا ، على أن يعود بعدها إلى كتلته النيابية لاستشارتها ، ثم إلى حلفائه في 14 آذار للوصول إلى أفضل قرار حول من هو الأفضل لتمثيلها في رئاسة الحكومة". وفي المقابل، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تمديد مفاعيل "صيامه" عن الكلام في الشأن الحكومي ، مبررا ذلك بأن "تعثر تأليف الحكومة الذي أوصل إلى الاعتذار كان من أسباب صيامه ، ولا مبرر للإفطار بعد". وأكدت مصادر معارضة قريبة من بري للصحيفة اللندنية أنه "صائم عن الكلام لا عن الحركة السياسية" ، مشيرة إلى أن دور بري الآن مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان وجنبلاط ` هو احتواء تداعيات الاعتذار. غير أن هذه المصادر أكدت مجددا أنه "ما لم يكن هناك تحرك سوري-سعودي ، حده الأدنى إنقاذ الوضع في لبنان ، ستبقى الأمور رهن المفاجآت" ، جازمة بأن بري سيعود إلى تسمية الحريري رغم اعتذاره. وفيما عمد أعضاء تكتل عون إلى مهاجمة الحريري بعنف بالغ ، قال ممثل حزب الله في الحكومة ووزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش ل`"الشرق الأوسط" إن المعارضة ستنتظر من تسميه الأكثرية لتكليفه بتشكيل الحكومة ، غير أنه رأى "أنهم (الأكثرية) يضيعون الوقت لا أكثر". وأضاف: "لا مفر من حكومة وحدة وطنية مهما حصل" ، ودعا هؤلاء إلى "التفتيش عن حلول وعدم المكابرة وإبداء المرونة" ، مؤكدا أنه "لا يمكن تأليف حكومة من دون شراكة مع المعارضة وهي تريد أن تكون شريكة فعلية بالثلث زائدا واحدا في شكل مباشر أو غير مباشر ، إذ إن صيغة ال (15`10`5) كانت الحد الأدنى الذي يجمع الجميع. وكان الحريري أعلن بعد لقائه سليمان في قصر بيت الدين أمس ، أنه قدم لرئيس الجمهورية اعتذاره عن تشكيل الحكومة. وقال :" تعهدت أمام اللبنانيين العمل على تأليف حكومة وحدة وطنية تعكس نتائج الانتخابات ، وعملت على مدى 73 يوما لتحقيق هذا الهدف قناعة مني أن حكومة الائتلاف الوطني حاجة في هذه المرحلة وان التحديات الكثيرة التي تواجه لبنان توجب قيام مثل هذه الحكومة.. فطوينا قيام حكومة من لون واحد واتفقنا على مد اليد للتعاون من الجميع وعلى صيغة أخذت من الأكثرية حقها بالنصف زائدا واحدا". وأضاف في البيان الذي اوردته الوكالة الوطنية للإعلام ، وكالة الانباء اللبنانية الرسمية: "أجرينا مشاورات كانت تنتهي إلى طرح شروط تستهدف إلغاء نتائج الانتخابات ، بناء عليه قدمت تشكيلة حكومية أرى فيها صيغة حكومة الوحدة وفتح صفحة جديدة من التضامن بين اللبنانيين ، وهي فرصة حقيقية ضاعت بمهب الشروط مع معرفة الجميع أنها لا تلغي أحدا بل تحترم حق الجميع بالمشاركة". وتابع : "لما كنت أعرف أنها لن تنجح وان الرئيس لن يتحول إلى مجرد صندوق بريد ، ولما كان التزامي تشكيل حكومة وحدة اصطدم بحائط مسدود ، أعلن تقديمي للرئيس اعتذاري عن تشكيل حكومة ، آملا أن يشكل مناسبة لإطلاق عجلة الحوار وإجراء استشارت تنتهي إلى قيام حكومة تستطيع قيادة البلاد".