استضاف مخيم الإبداع ضمن محور نشاطه الأول "التجمعات والروابط الثقافية" ورشة الزيتون أحد أبرز الروابط الثقافية فى المشهد.. فى ندوة شارك فيها عدد كبير من النقاد والمبدعين. فى البداية أكد الناقد أسامة ريان أهمية وجود مثل هذه التجمعات الأدبية لأنها تثرى العمل الثقافى وتدفعه إلى الأمام وقال: "ما أحوجنا إلى مثل هذه المنارات الثقافية".. و«ورشة الزيتون» تعد إحدى هذه المنارات المتوهجة فى سماء القاهرة ويفوق سطوعها الأخريات والدليل هو انجذاب فراش الإبداع إليها أكثر. فيوم الاثنين - موعد انعقاد الورشة - موعد لنا وللمبدعين جميعا مع الفكر والأدب والثقافة. وأضاف: عندما أذكر «ورشة الزيتون» فلابد من ذكر الشاعر الكبير شعبان يوسف دينامو الورشة وضابط الاتصال بها فمن خلاله صارت الورشة قبلة لكبار الأدباء والمفكرين ليس من مصر وحدها بل من الوطن العربى كله.. ويوسف معه نخبة النقاد الأكاديميين الذين يحرصون على التواجد بالورشة منهم: د. حسين حمودة، ود. حسام عقل، ود. محت الجيار، ود. شريف الجيار وغيرهم من القامات الأدبية والفكرية إلى جانب ذلك هناك مجموعة من محبى الأدب وللثقافة. أما الناقدة سامية أبو زيد فقد أكدت على أهمية التجمعات والروابط الأدبية ودورها المهم فى إِثراء الحراك الثقافى وتفعيل ودعم الحركة الأدبية وأشارت إلى دور ورشة الزيتون تحديداً فى رفد الحياة الثقافية المصرية بالكثير من الأنشطة المهمة خاصة وأن أنشطتها لا تقتصر على الأدب فقط بل تغطى ميادين أخرى كالسياسة، ففى أحيان كثيرة ووفقاً للأحداث الجارية تعقد ندوات سياسية مهمة تسهم فى إثراء الوعى ودعم الأفكار المستنيرة. أشارت الكاتبة سامية أبوزيد أيضا إلى سمة مهمة تخص ورشة الزيتون وحدها دون سائر الندوات الأدبية بالقاهرة ألا وهى الاستمرارية فالورشة مستمرة بصفة منتظمة كما أن روادها حريصون على الحضور دوماً على عكس السائد فى معظم الندوات الأخرى حيث لا يحضر المبدع إلا أثناء مناقشة عمل يخصه أو يخص أحد أصدقائه حتى صارت ندوة ورشة الزيتون بمثابة مدرسة لتعليم معانى الوفاء والإخلاص ومبادئ التواصل الإنسانى الخلاق خاصة وأن المشرف عليها الأستاذ شعبان يوسف إنسان بشوش الوجه مفطم ويعشق إنكار الذات ولديه قدرة مدهشة على الاحتفاء بالأدباء والضيوف لذلك صارت «ورشة الزيتون» الكائنة «1» ش إبراهيم المتفرع من ش سليم الأول قبلة للمثقفين ومنارة عالية من منارات مدينة القاهرة. أما المحور الثانى من محاور المخيم فقد خصص لمناقشة ديوان شعر «تفاحة لا تفهم شيئاً» للشاعر جرجس شكرى أدارها الشاعر الكبير المنجى سرحان وشارك فيها بالدراسة والنقد د. يسرى عبدالله ود. محمد السيد إسماعيل. قدم الندوة الشاعر المنجى سرحان بالحديث عن مكانة الشاعر على مستوى المشهد الثقافى العربى لاسيما وأن بداياته الشعرية كانت قوية ومتوهجة بطريقة أشارت وبجلاء إلى عمق موهبة الشاعر وأصالة مشروعه الشعرى. أما الناقد د. يسرى عبدالله فأكد أن ديوان جرجس شكرى المعنون «تفاحة لا تفهم شيئاً» يحيل القارئ إلى عوالم مختلفة لها سمة المغايرة داخل المشهد الشعرى المصرى والذى تتمتع بداخله بما أسماه دوماً حيوية الاختلاف وذلك بدءاً من القصيدة المركزية فى الديوان والتى يحمل النص اسمها تفاحة لا تفهم شيئاً والتى يحيل عنوانها بدالة المركزية الثقافة إلى ما يسمى بالخطيئة الأولى التى دفعت بآدم للنزول إلى الأرض، والالتحاق بهذا العالم. وقال: غير أن المدلول الشعرى بما يجاوز لحظتها الماضوية تلك، كما يغادر منطقة الميثولوجى الدينى واصلاً إلى أفقه الإنسانى الخاص، فعلى المستوى الإدراكى يبدو الفهم مرحلة تالية على المعرفة ولذا تبدو التفاحة الأيقونة عنوناً على براءة مضمونه فى ظل عالم تحاصره أشباح الماضى والتى تدير صراعها الخاص مع المستقبل بعد أن عجز الراهن المعيشى على أن يقدم حلاً جذرياً لفض الاشتباك. وأضاف: لقد حاول الشاعر جرجس شكرى أن يقدم صورة بصرية إضافية عبر نصوصه مستعيناً فى ذلك بآليات السرد وأدواته وآليات العرض المسرحى المتبدية فى الحواريات الشفيفة التى يصنعها، كما تبدو معارضة الموروث بتنويعاته تيمة مركزية من تيمات الديوان، وتنحو معارضته للمورث نحو مساءلته جمالياً كذلك تبدو الجمل التلغرافية حاضرة قوية فى ثنايا الديوان. أما الناقد د. محمد السيد إسماعيل فقد قدم إضاءة كاشفة ومتكاملة حول الديوان من خلال ورقته النقدية التى ألقت مزيداً من الضوء على نصوص الشاعر جرجس شكرى حيث أكد على عمق وأصالة موهبة الشاعرة وتفرد مشروعه الشعرى الذى بدأه بمجموعته الشعرية البديعة «بلا مقابل أسقط أسفل حذائى» وتلاه بمجموعته الثانية «رجل طيب يكلم نفسه» ثم ديوانه «ضرورة ا لكلب فى المسرحية» وغير ذلك من نصوص وإبداعات حفرت عميقاً فى سراديب الروح وشكلت فى مجملها نصوصاً طازجة قادرة على إثارة الدهشة. كما ذكر الناقد محمد السيد إسماعيل أن للشاعر جرجس شكرى العديد من النصوص التى ترجمت إلى عدة لغات كل ذلك من خلال لغة شيقة وأسلوب بسيط وسهل ورؤية تستلهم الماضى وتشتبك مع الواقع وتسشرف أفاق المستقبل بما يؤكد على تفرد الشاعر وخصوصية مشروعه الشعرى. واختتم مخيم الإبداع نشاطه أمس بالأمسية الشعرية التى استضاف خلالها عدد من شعراء المحافظات من بينهم الشاعر الكبير أمين الديب والشاعر الكبير د. صابر عبد الدايم والشاعر الكبير وحيد الدهشان إلى جانب ذلك مجموعة كبيرة من شباب الشعراء من بينهم عبدالناصر العطيفى وشريف صلاح وفزيد المصرى وعلى إبراهيم وحمدان ضيف الله ومحمود الحافى وإبراهيم عاشور وغيرهم. وقدم الشعراء أمسية شعرية قوامها حزب مصر حيث دارت معظم القصائد حول الوطنية والانتماء وغلبت على معظمهما النبرة الحماسية ولقد تفاعل جمهور المخيم مع الشعراء وقدم عدد من الحاضرين العديد من الأسئلة والمداخلات التى ألقت الكثير من الأضواء حول المشهد الشعرى المصرى المعاصر.