يحتل موضوع الأوبئة والأمراض مكانة خاصة في تصوير الأدب والسينما الحياة الاجتماعية في المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين فمنذ ظهور رواية زينب -الرواية التي أسست لتيار الأدب المصري المعاصر – تم استخدام المرض بكثرة باعتباره رمزا أو محركا الفعل فقد صورت رواية زينب التي كتبت عام 1914 الريف المصري من خلال قصة زينب الشابة الجميلة التي تموت بمرض السل في ظل انتشار الجهل والفقر في قريتها . كما نجد أيضا وباء الكوليرا عام 1947 حاضر يحرك أحداث رواية المعذبون في الأرض لعميد الأدب العربي طة حسين حيث استعرض مدى سوء اوضاع الفقراء في مصر عامة أثناء انتشار الوباء . أما الكاتب الكبير توفيق الحكيم فيجعل موضوع الصحة العنصر الأساسي والمحرك لروايته يوميات نائب في الأرياف العمل الذي يعد إطلالة شاملة على الريف المصري من خلال عمل طبيب في إحدى القرى ويسجل مشاهداته لأحوال سكان هذه القرية . وفي أعمال الأديب العالمي نجيب محفوظ حكايات عن الأوبئة والأمراض فبداية من رواية خان الخليلي التي عالجت موضوع السل والإصابة به وأثر ذلك على الأسرة المصرية الحضرية مرورا بالثلاثية التي يذكرنا فيها نجيب محفوظ بالمرض من جديد من خلال أثر إصابة اسرة عبد الجواد بمرض التيفود على الرغم من أنها ميسورة الحال . وبالانتقال إلى السينما عدسة نقل الحياة الاجتماعية نجد أنه لم يكن من المعقول إغفال الأوبئة والأمراض والأزمات الصحية عن صناع الفن السابع ومن الأعمال التي ناقشت الازمات الصحية فيلم (اليوم السادس) المأخوذ عن رواية مكتوبة باللغة الفرنسية للكاتبة المصرية (أندرية شديد) وإخراج يوسف شاهين وبطولة (داليدا)، والفيلم تأريخ لفترة انتشار الكوليرا عام 1947م وتبدو فيه البلاد كمدينة مغلفة بالمرض والضباب فى الحارات الشعبية، ويدور الفيلم حول سيدة كبيرة فى السن تعيش مع زوجها القعيد وحفيدها الصغير فى بدروم صغير، وعندما ضرب الوباء البلاد رصدت البلاد 7 جنيهات لكل من يبلغ عن مريض لكى تسحبه بعيدًا فى الصحراء إن أمكن وتحرق جثته فى حال الوفاة، لذا فعلى أهل المريض أن ينتظروا 6 أيام وفى اليوم السادس يفقدون الأمل ويتأكدون من وفاته، وفى تلك الظروف تعيش بطلة الفيلم إلى أن يصاب مدرس حفيدها بالمرض ويتم القبض عليه فتحدث أزمة نفسية للطفل، ثم يصاب بالمرض، فلم تجد الجدة فى ظل الظروف الصعبة التى تعيشها فضلاً عن ما هو موروث من عدم الثقة فى الطب الحكومى إلا أن تهرب مع حفيدها فوق مركب صغير إلى الدلتا لاعتقادها أن وصول الصغير إلى البحر وتعرضه للهواء النقى سيسهم فى شفائه