تعريفي الخاص بالغناء هو فن ترقيق وتزيين الكلمات كي تخترق الاذان والقلوب.. حيث من خلال الغناء حفظ العامة اشعارا لشعراء كبار .. والسيدة ام كلثوم لها باع في هذا المضمار رغم انها لم تكن خريجة مدارس وجامعات ..وتلك كانت عبقرية وهبة من المولي عز وجل .. وفي النوبة هناك المئات الذين يقومون بالغناء وهناك مريديهم ومن يرددون كلماتهم الا ان الذين ابدعوا بكلماتهم والحانهم وايضا بأصواتهم قلة تعد علي اصابع اليد .. والمطرب او المغني الذي يحس بعمق الكلمات يستطيع ان يجبر مستمعيه ان ينصتوا له .. وتكون للكلمات صدي اذا شعر المتلقي بمدي احساس المطرب بكلماته .. واتذكر في بداية الهجرة ان قام الفنان سيد جاير بزيارة النوبة المشرفة علي الغرق وعاد وابدع وتغني بأغنيته الشهيرة (ووحنينه) ورأيت بعيني من ذرفوا الدموع من شيوخنا وهم يستمعون لتلك الاغنية .. والفنان عبدالله باطا رحمه الله كان يعطي للكلمة احساسا وأداءا رائعا رغم انه لم يكن مؤلفا وكان صوته الجميل الشجي يجبر المستمع ان ينصت ويتمتع بأدائه .. واداء المطرب النوبي الذي تعلم النوبية من البداية وعاش وسط بيئة محبة للغة النوبية يختلف عن غيره .. فكنت احس بأن الفنان عبدالله باطا (توربر) أي فلاح نوبي معجون باللغة النوبية ولا يعرف غيرها من اللغات الاخري بالاضافة الي نشأته في قرية (فريغ) ابوسنبل التي تعشق اللغة النوبية ..وتميز الفنان العملاق النوبي الكبير محمد وردي بأشعاره بالنوبية بالاضافة الي التغني بها وتعلمنا منه أسرارا كثيرة من كنوز لغتنا الدفينة حيث تقريبا استخدم كل مفردات الللغة النوبية في أشعاره حتي تلكم الكلمات الصعبة والقاسية حيث ابدع في توظيفها مما اعطي لأشعاره بعدا ثقافيا وجماليا يصعب تكرارها !!.. وهناك مشاهير تغنوا بلغات غير لغتهم الاصلية فلم يقنعونا وتذكروا اغنية داليدا سالمة ياسلامة !!.. وكذلك هناك في النوبة من يتغنون بالنوبية ولكنني احس انهم دخلاء علي الفن النوبي ولا يجبروا اذن الذي يتقن النوبية الاستماع لهم وأتذكر ان واحدا منهم كان يتغني بأغنية المرحوم عبدالله باطا (الله يسادو وللي ) فقال (وللي) بكسر الواو فهدم المعني تماما !!! حيث ان معني (وللي) بكسر الواو تعني الهدم !!عكس ما يقصده الشاعر حيث المعني ان تحيط بنا وتشملنا السعادة !!..والامثلة كثيرة وهناك مشاهيرمنهم .. يحيي_صابر