تصاعدت الأصوات المطالبة بإعادة انتخابات مجلس نواب السيسي التى شهدت مخالفات وانتهاكات فاضحة من غش وتزوير وتسويد بطاقات وطغيان المال السياسى وعودة ظاهرة الحشود وكراتين المواد الغذائية فيما أكد خبراء أن انتخابات مجلسى نواب وشيوخ السيسي الاخيرة باطلة لسبب قانوني ودستورى وهو مخالفة نظام القوائم للدستور وبطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها . وشدد الخبراء على ضرورة وضع نظام انتخابى جديد وإعادة هذه الانتخابات إذا كنا نريد برلمانا يعبر عن الشعب المصرى ويمثله ويطالب بحقوقه . وأوضحوا أن الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية في مراحلها المختلفة كانت بمثابة زلزال حقيقي ضرب بنيان هذه العملية، وفتحت المجال العام أمام نقاش واسع وهجوم مشروع على أوجه القصور والاختلال التي شابت الأداء الانتخابي .
فى هذا السياق كشف المستشار أحمد الخطيب، الرئيس الأسبق لمحكمة استئناف القاهرة، عن الموقف القانوني والدستوري لتداعيات الطعن على نتائج انتخابات مجلس نواب السيسي، في حال استند أحد الطعون إلى بطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها، وعلى رأسها النصوص المنظمة لنظام القوائم، وما يمكن أن يترتب على ذلك من أثار تمس البنية الكاملة للعملية البرلمانية. وأكد الخطيب، في تصريحات صحفية أنه في حالة الطعن أمام القضاء الإداري أو محكمة النقض على نتائج انتخابات مجلس نواب السيسي، وكان الدفع الأساسي هو بطلان النصوص القانونية التي أُجريت الانتخابات على أساسها، بما في ذلك النصوص الخاصة بنظام القوائم، ثم إحالة هذه النصوص إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستوريتها، وقضت المحكمة بعدم دستوريتها، فإن الأثر القانوني الحتمي لذلك يقتضي إبطال الانتخابات التي تمت في ظل هذه القواعد.
بطلان النتائج
وأوضح أن القاعدة القانونية المستقرة تقضي بأن "ما بني على باطل فهو باطل"، وهو مبدأ لا يحتمل التأويل أو الالتفاف، ويترتب عليه بطلان كافة النتائج التي تأسست على نصوص قانونية ثبت عدم دستوريتها لاحقا، مهما كانت الاعتبارات السياسية أو الواقعية المصاحبة. وأضاف الخطيب أن أثر هذا البطلان لا يتوقف عند حدود مجلس نواب السيسي فقط، بل يمتد بالضرورة إلى مجلس شيوخ البهاليل، لكونه قد تم انتخابه وفق ذات النصوص القانونية المقضي بعدم دستوريتها، الأمر الذي يفضي في النهاية إلى حل برلمان السيسي بغرفتيه، النواب والشيوخ، باعتبار أن الشرعية الدستورية لكليهما تكون قد انتفت بزوال الأساس القانوني الذي قامت عليه. وأشار إلى أن المشهد العام كان واضحًا للغاية لأي متابع للشأن العام، مؤكدًا أن الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية في مراحلها المختلفة كانت بمثابة زلزال حقيقي ضرب بنيان هذه العملية، وفتحت المجال العام أمام نقاش واسع وهجوم مشروع على أوجه القصور والاختلال التي شابت الأداء الانتخابي. وشدد الخطيب على أن عدم وجود نص صريح يقضي بإلغاء الانتخابات لا يعني بأي حال من الأحوال أننا أمام منطقة محظور الاقتراب منها قانونيا أو دستوريا، مؤكدا أن المنطق الدستوري لا يقوم على حرفية النصوص فقط، وإنما على مقاصدها وروحها.
كيانات صورية
وأوضح أن الهدف من العملية الانتخابية ليس مجرد تشكيل برلمان، معتبرًا أن البرلمان في ذاته ليس غاية، بل وسيلة لتحقيق غاية أسمى، تتمثل في التعبير الحقيقي عن الإرادة الحرة للناخبين، وليس مجرد إنشاء كيانات صورية أو ديكورية تفتقر إلى المشروعية الشعبية والدستورية. وأكد الخطيب أن تفعيل القوانين نصا وروحا، وفي ضوء المبادئ الدستورية الحاكمة، يؤدي بالضرورة إلى إلغاء هذه الانتخابات عبر آليات قانونية ودستورية واضحة، في مقدمتها الطعن أمام القضاء الإداري قبل إعلان النتيجة النهائية، أو الطعن أمام محكمة النقض بعد إعلان النتائج النهائية. واوضح أن الاحتكام إلى الدستور وسيادة القانون، هو السبيل الوحيد للحفاظ على مصداقية العملية الانتخابية، وحماية الإرادة الشعبية من أي تشوهات تشريعية أو إجرائية، مهما كانت مصادرها أو مبرراتها.
محسومة مسبقًا
وقال المحامي الحقوقي هيثم محمدين إن الأجواء التي سبقت انتخابات مجلس نواب السيسي كانت مؤشرات واضحة على أن النتائج كانت محسومة مسبقًا لفئات معينة من المرشحين. وكشف محمدين في تصريحات صحفية أن هذه المؤشرات شملت استبعاد مرشحين لأسباب غير قانونية أو متناقضة، مثل نسب كحول مزعومة في التحاليل الطبية، أو مزاعم عدم أداء الخدمة العسكرية رغم توفر المستندات التي تثبت أدائهم لها، أو استبعاد مرشحين بسبب وجودهم على قوة احتياط رغم استكمالهم الخدمة العسكرية. وأشار إلى أن الجولة الأولى من الانتخابات أظهرت أن التنافس على المقاعد الفردية استمر بين شخصيات لها قواعد شعبية محلية أو شبكات مصالح، حتى في صفوف المرشحين الموالين لدولة العسكر، وأنه نتيجة للانحياز أو إدارة العملية الانتخابية بطريقة غير شفافة، ظهرت موجة اعتراضات واسعة، تضمنت نشر فيديوهات وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم تظلمات لم تُقبل، ما أدى إلى فقدان قطاعات شعبية واسعة للثقة في نتائج المرحلة الأولى.
الهيئة الوطنية للانتخابات
واعتبر محمدين أن تدخل السيسي أسهم في تقويض استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات، إذ أعطى الانطباع بأن اللجنة لم تكن قادرة على رصد أو معالجة المخالفات ذاتيًا، مما دفعها إلى إعادة الانتخابات في 19 دائرة بشكل مفاجئ، معتبر أن ذلك مؤشر على جدية المخالفات وحجمها الكبير. وأوضح أن هيئة الانتخابات حالت دون تسليم محاضر الفرز لممثلي المرشحين، وهو ما يضع المسئولية النهائية على عاتق الهيئة ، حتى لو لم يلتزم بعض القضاة أو أعضاء اللجان الفردية بتسليمها من تلقاء أنفسهم دون تعليمات ، لكنها في النهاية هي المسؤول الأول. مشيرًا إلى أن العملية الانتخابية كلها أصبحت مطعونًا في شرعيتها، وأن السيناريو والإخراج الحالي للانتخابات يحتاج إلى إعادة نظر شاملة.