رغم بدء إجراءات الانتخابات البرلمانية وتقدم المرشحين بأوراقهم رسميًا إلى اللجنة العليا للانتخابات، إلّا أن استكمال إجراء تلك الانتخابات والانتهاء بالفعل منها ليتم تشكيل البرلمان، أمر غير محسوم حتى الآن، وذلك بسبب حالة الجدل حول الطعون القضائية المقدمة فى بعض نصوص القوانين المتعلقة بالإنتخابات البرلمانية والتى تنظرها حاليًا المحكمة الدستورية العليا. ففي الوقت الذي يرى البعض أن تلك الطعون سيتم الفصل فيها قبل إجراء الانتخابات، طبقًا للتعديل الذي جرى مؤخرًا على قانون "الدستورية العليا" والذي ألزم المحكمة بتقصير مدة الفصل في القضايا المتعلقة بالانتخابات، وبالتالي تصبح العملية الانتخابية في مأمن قانوني أو "محصنة دستوريًا"، يرى أخرون عكس ذلك، مؤكدين بأن ليس معنى رفض الدستورية تلك الطعون أو إقرارها بدستورية تلك النصوص المطعون عليها، ألا يتم الطعن عليها مرة أخرى، بالإضافة إلى أن تعديل قانون الدستورية العليا من الأساس هو أمر مخالف للدستور. تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية العليا تنظر خلال الأسبوع الحالي، عددًا من الدعاوى القضائية، تتعلق جميعها بمدى دستورية قوانين الانتخابات، وطالبت واحدة من تلك الدعاوى، وتحديدًا التي أقامها تحالف العدالة الاجتماعية، ببطلان قانونين تنظيم مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب وتقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، حيث طعن محامى التحالف في عدم دستورية المواد (4 و6 و10) من قانون مجلس النواب، موضحًا أن هناك تباينًا واختلافًا بين القائمة التي تحتوى على 15 مرشحًا والقائمة التي تحتوى على 45 مرشحًا، ما يؤكد أن هناك نوعًا من عدم تكافؤ الفرص بين المرشحين والناخبين. كما طعن مقدم دعوى ثانية في عدم دستورية المادة 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي تجعل الحد الأقصى للدعاية الانتخابية للمرشح الفردي 500 ألف جنيه، وتضاعف المبلغ لكل 15 مرشحًا، تضمهم قائمة واحدة، وهو ما اعتبره المدعي عدم مساواة يتضرر منه مرشحو القوائم، وكذلك طعن في عدم دستورية المادة 57 من نفس القانون والتي تنص على معاقبة المتخلفين عن الإدلاء بأصواتهم بغرامة لا تجاوز 500 جنيه، وهو ما يخالف النص الدستورى الذي نص على أن الانتخاب حق وليس واجبًا، وفقا لصاحب الدعوى. وكذلك طعن مقدم دعوى أخرى وليست أخيرة، في عدم دستورية المادة 2 من قانون مجلس النواب، نظرًا لأنها تحرم الشباب الأقل من 25 عامًا والأكثر من 35 عامًا حتى 40 عامًا من الترشح بصفة شاب، لأنها حددت سن الشباب من 25 عامًا إلى 35 سنة ميلادية يوم فتح باب الترشح، وأيضًا طعن في نفس الدعوى في عدم دستورية المادة 4 من قانون تقسيم الدوائر، نظرًا لأنه قسم الجمهورية إلى 4 دوائر تخصص للانتخاب بنظام القائمة، وهو ما يجعل المواطن ينتخب قائمة لا يعرف أكثر من 10% من عدد مرشحيها، وهو الأمر الذي لا يعد انتخابات فعلية حقيقية حسب وصف صاحب الدعوى. من جانبه قال الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، عضو لجنة العشرة التي أعدت اللتعديلات الدستورية، إن الطعون المقدمة ضد القوانين المتعلقة بالانتخابات، لا تمثل أي تهديد للبرلمان المقبل، لافتًا إلى أنها سيتم الفصل فيها قبل إجراء الإنتخابات طبقًا للقانون المتعلق بالمحكمة الدستورية العليا، والذي تم تعديله بعض نصوصه بالقانون رقم 26 لسنة 2014، ليقضى بتقصير مدد التقاضى أمام المحكمة الدستورية؛ إذا كانت الدعاوى تتعلق بالانتخابات، بحيث يلزم المحكمة الفصل في تلك الدعاوى المنظورة أمامها حاليا، خلال 20 يوما من تاريخ قيدها بالمحكمة. أوضح فوزي، ل"ويكيليكس البرلمان" أن ذلك الأمر يشير إلى أن تلك الطعون سيتم الفصل فيها قبل إجراء الانتخابات، وبالتالي تمنع تهديد تعرض الانتخابات للإيقاف أو الإلغاء حال إقرار المحكمة بدستورية تلك النصوص. في السياق ذاته قال الدكتور علي عبدالعال، أستاذ القانون الدستوري، عضو اللجنة التي أعدت قانون تقسيم الدوائر الانتخابية: "حال إقرار المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية أي نص من نصوص القوانين المتعلقة بالانتخابات، فلن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية إلّا بعد تعديل ذلك النص، وفقًا لما قضت به المحكمة الدستورية العليا". أوضح عبدالعال، أن مصير إجراء الانتخابات البرلمانية أصبح في يد المحكمة الدستورية العليا، طالما لا تزال مستمرة في نظر تلك الدعاوى القضائية المتعلقة بقوانين الانتخابات. بينما أكد الخبير الدستورى، المستشار نور الدين علي، أن إحالة القوانين المتعلقة بالانتخابات البرلمانية، للمحكمة الدستورية العليا، للنظر فيها، من شأنه التأثير بالسلب على إجراء الانتخابات حال الفصل فيها بعدم الدستورية قبل إجراء الانتخابات، حيث سيترتب على ذلك وقف العملية الانتخابية، ليتم إجراء تعديل في تلك القوانين التي قضى بعدم دستوريتها لتتماشى مع حكم المحكمة الدستورية، وذلك منعًا للطعن على شرعية البرلمان المقبل. أشار نور الدين، إلى أن استناد المحكمة الدستورية على تعديل القانون الخاص بها، والذي يمنحها الحق في الفصل في الدعاوى القضائية المتعلقة بالانتخابات، هو أمر شائك ويسبب ارتباكًا للمجلس المقبل والحياة السياسية بالبلاد، لافتًا إلى أن تعديل نصوص قانون المحكمة الدستورية من الأساس غير دستورى، نظرًا لأن تقصير مدة التقاضى في مثل تلك الدعاوى يخل بحق الدفاع في نظر الدعوى، خاصة أنها دعاوى مهمة يترتب عليها مصير مؤسسات.