بوابة شموس نيوز – خاص وكان تأريخ شعراء النوبة للفترات التاريخية التي عايشوها في بعض الاحيان كان مقيدا ببعض القيود السياسية ..وحينما ظهر برنامج (من وحي الجنوب) الذي كان يذاع ضمن برامج اذاعة ركن السودان التي كانت تبث من القاهرة وكان يقدم ذلك البرنامج المذيع عبدالفتاح والي رحمه الله وكان قد اجري معي حوارا في بداية السبعينات حينما كنت سكرتيرا لنادي توشكي الرياضي بالاسكندرية ..فقد كان مدة البرنامج نصف ساعة في الاسبوع وبالتالي لم يفي بتطلعات مطربي وشعراء النوبة وذلك لقيود الرقابة في ذلك الوقت الذي اجبر فنانا كبيرا مثل المرحوم عبدالله باطا الغناء للنوبة الجديدة !! فقد شعرنا جميعا ونحن نستمع له انه غير راض عن تلك الاغنية !!.. ويبدو ان ذلك الامر أثر فيه نفسيا فراح ضحية حادث سيارة بعد التهجير بشهور قليلة ارجو ان لا اكون محقا اذا قلت ان ذلك الحادث لم يكن قضاءا وقدرا !!..وفي نفس المكان في ايتاي البارود راح ايضا مشاهير ضحية لحوادث سيارات اتذكر منهم لاعب الاسماعيلي في كرة القدم رضا وايضا الفنانة صباح شقيقة الفنانة سعاد حسني !!..والتهجير القسري فتح قريحة شعرائنا الكبار للتغني بالنوبة الغريقة .. فقد تغني صالح ولولليه قائلا (قربيل اوناتي فانا فالاكير غيملا تونا) أي حتي القمر حينما يظهر في خشم القربة يختفي مرة اخري بفعل الغيوم !!..وكذلك نفس الشئ فعله فناننا الكبير المرحوم سيد جاير حينما تغني بأغنيته الخالده (ووحنينه اركي نوبايون ووحنينه) وذلك بعد التهجير مباشرة وقد رأيت بعيني الدموع تنساب من شيوخنا وهم يستمعون لتلك الاغنية ..ولكن شاعرنا الكبير واستاذنا الجليل الصديق الدكتور مصطفي عبدالقادر استطاع في قصيدتين تلخيص كل معاناة النوبيين بعد التهجير القسري ..وكانت قصيدة (اشددوesheddu) اي ياللحسرة بعد التهجير يتغني بها كل من يعرف النوبية (اشددو وو ايلانغا جرحنغا فيا منجون نوبة .. اشددو وودووا لالاي بنجيويك المينا دافون نوبة) اي يا للحسرة علي النوبة التي اصبحت جرحا غائرا في قلوبنا .. ياللحسرة علي النوبة التي لم تجد احدا ينقذها من الغرق حتي بكلمة لا.. ثم كانت قصيدته (وابور كوسونا) اي وانطلقت الباخرة حيث يروي قصة النوبة بعد الغرق بأبيات رائعة تجبر كل من عاش هناك ان يذرف الدم بدلا من الدموع .. وهكذا سطر شعرائنا بأشعارهم بعض من تاريخنا .. رحم الله من رحلوا وبارك في عمر الباقين ..#يحيي_صابر