شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    افتتاح الملتقى التوظيفي الأول لطلاب جامعة الفيوم    آخر تحديث.. تراجع جديد للدينار الكويتي مقابل الجنيه في البنوك    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    كتائب القسام في لبنان تعلن إطلاق عشرات الصواريخ تجاه أهداف عسكرية إسرائيلية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    طلب مفاجئ من محمد صلاح يقلب الموازين داخل ليفربول.. هل تحدث المعجزة؟    إمام عاشور يمازح جماهير الأهلي قبل نهائي أفريقيا.. ماذا فعل؟    رسميا.. المقاولون يطلب إعادة مباراة سموحة ويستشهد بالقانون وركلة جزاء معلول أمام الزمالك    آخر تطورات الحالة الجوية بالإمارات.. توقعات بسقوط أمطار غزيرة على عدة محافظات    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    تعرف على موعد عزاء المؤلف عصام الشماع    باسم خندقجي.. الأسير الفلسطيني الذى هنأه أبو الغيط بحصوله على «البوكر»    الأربعاء.. قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال على مسرح 23 يوليو بالمحلة    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    خالد الجندي: «اللي بيصلي ويقرأ قرآن بيبان في وجهه» (فيديو)    «الرعاية الصحية»: نتطلع لتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص بالمرحلة الثانية ل«التأمين الشامل»    رئيس جامعة كفر الشيخ يطمئن على المرضى الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الفلسطينيين في غزة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوبة ملف جديد عن حلم قديم‏ 2..
الأدب النوبي ابن التهجير والنهر
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 11 - 2012

في الجزء الأول من الندوة تحدثنا عن هم النوبة‏,‏ من الناحية السياسية واحلام النوبيين بالعودة الي مسقط رأس الأجداد والآباء‏,‏ وهي الأحلام التي تثير جدلا كبيرا علي اعتبار أنها نبش غير ضروري في ذاكرة الوطن ومحاولة غير علمية قد تجعل لاسئلة العزلة, وربما الانفصال محلا من الاعراب السياسي.و علي رغم النفي الواضح, للنوبين المشاركين بالندوة لموضوع الانفصال عن مصر علي اعتبار أن المرء لا ينفصل عن نفسه, فإن الحديث المستمر عن العودة, والدعوة المتجددة لاستخدام لغة الآباء يجعل الجدل مستمرا لا نسعي في هذا الجزء من الندوة الي تبني الاتهامات الموجهة للنوبيين لأننا نؤمن أن من يدعو لحقه ليس في موضع اتهام ولا نسعي في الوقت نفسه الي تبني دفاعهم عن احلامهم لأننا لسنا جهة اتهام اصلا ولأننا نتبني مقولة اساسية في الأهرام الثقافي هي: ان الحوار هو الحل ونعني به الحوار غير المشروط, الذي تدخله كل الأطراف بحرية, وعلي أرض المحبة.. وبغير الحوار العقلاني المفتوح لن نصل لإجابات عن الاسئلة المطروحة.
في الجزء الثاني نحاول تلمس مشكلة الابداع النوبي متمثلا فيما يسمي بالادب النوبي, والدعوة لحفظ التراث النوبي.
وقد شارك في الحوار الروائي يحيي مختار ومحمد سليمان جدكاب رئيس جمعية حماية التراث النوبي والكاتب مصطفي عبدالقادر ود. زهران جبر استاذ اللغة العربية بجامعة الازهر ود. يسري عبدالله استاذ الادب بجامعة حلوان والكاتبة سمر نور وفي البداية تحدث الروائي النوبي الكبير يحيي مختار عن تجربته الروائية وتجربة زملائه الذين حاولوا توثيق الحياة النوبية, في رواياتهم بدءا من الشمندورة لمحمد خليل قاسم مرورا بإبداع مختار نفسه, وحسن نور والراحل ادريس علي, مشيرا في الوقت نفسه الي خطورة رحيل هؤلاء الرواد لأن الحياة النوبية القديمة ستندثر, والابداع المرتبط بحياة ابناء النوبة في طريقه الي الانقراض.
خاصة ذلك الأدب المكتوب باللغة العربية بعدما باتت الأجيال الجديدة تكتب نصوصا سردية عربية لا تختلف عما يكتبه نظراؤهم من كتاب مصر في كل ربوعها.
د. يسري عبدالله: اتمني أن يتم النظر للأدب النوبي, والثقافة النوبية بعيدا عن الصور النمطية, وسنبدأ هنا بتحديد المصطلح, فالأدب النوبي بوصفه تعبيرا جماليا عن مكان خاص واحد أهم فنون السرد المصري, والتقسيم أو الوصف( النوبي) اجراء للدرس النقدي فقط, لأن الأدب النوبي يكتسب اسمه من موضوعه لا من طرائق سرده الخاصة وهو ادب يشير الي خصوصية مكان وخصوصية عالم قائم ومستقل بذاته مسكون بتعقيدات وتشابكات تتكشف فيها الروح المصرية ليصبح رافدا من روافد الإبداع المصري.
ينطلق الأدب النوبي من الهم الذاتي الي الموضوعي متخذا من المكان المحلي بتنوعه وتمثلاته نقطة انطلاق لمعانقة افق انساني اكثر رحابة, والأمر الذي يسهم في بقاء ما كتبه الروائيون النوبيون هو أنهم لم يتعاملوا مع النوبة بوصفها مكانا معزولا بل تعاملوا معها باعتبارها مكانا متجددا, وباعتبارها مكانا لبشر في أزمة, ولذلك نستطيع أن نقرأ الإبداع النوبي باعتباره سردا انسانيا بنكهة مصرية.
وعند قراءة الشمندورة لمحمد خليل قاسم نلمس حضورا بارزا للمأساة النوبية, ولكن طريقة السرد تجعلها رواية مصرية بامتياز بموضوع نوبي ولا يمكن فصل ما يكتبه النوبيون عن الظرف السياسي, خاصة فيما يتعلق بالازمة النوبية, اذ يظل الابداع مرتبطا بسياقه السياسي.
واذا حاولنا رصد البنية الاساسية في الابداع النوبي سنجد أنها أولا: الجدل السياسي والفني في الابداع بحيث تعالج الروايات النوبية اشتباكات العلاقة بين الظرف التاريخي وتحولات المكان النوبي ويظهر ذلك في الشمندورة لقاسم, وجبال الكحل ليحيي مختار.
ولا يعني هذا أن النوبة( ابداعيا) نص حاضر يعكس اثر السياسة علي المكان بل هي تجلي متعدد الدلالات من آن لآخر, فما يكتبه مختار يختلف عما يكتبه حجاج أدول أو الراحل ادريس علي.
ففي نص اللعب فوق جبال النوبة للراحل ادريس علي نجد النوبة مكانا مغلقا مسكونا بالأعراف الثقيلة, وعلي العكس من ذلك نري النوبة أفقا مفتوحا لاستعادة الحلم في مجموعة يحيي مختار إندو ماندو أو في روايته جبال الكحل, وتتحول النوبة من مكان مغلق الي افق للحلم ثم الي فضاء نفسي يسع انفعالات البشر واحلامهم واحزانهم المرتبطة بالرحيل من المكان البنية الثانية في الأدب النوبي هي بنية النهر, ويمكن وصف ذلك الأدب بأنه ابن النهر, بحيث نري النيل بطلا دائما في الابداع النوبي والنيل هو الجسر بين الفضاء النوبي الخاص, والفضاء المصري العام, البنية الثالثة في الابداع النوبي, بروز قيمة النوستالجيا, أو الحنين الدائم للمكان الأول, فهناك حنين دائم للأمكنة الأولي والأزمنة الأولي ايضا, ففي مجموعة مختار اندو ماندو( وهي تعني باللغة النوبية هنا وهناك) نري يوسف موسي( قاص) ومريم( فنانة تشكيلية) تركا النوبة بسبب التهجير وعندما يسكنان قرية في الشمال يحاولان إيجاد مكان مواز للمكان الأول, وزمان يحاكي الماضي.
البنية الرابعة, وهنا سأجيب عن سؤال طرح في الجزء الأول ويتعلق بموقف النوبيين من عبدالناصر, وسألجأ هنا الي نص من يحيي مختار الأدب وثيقه جمالية وتاريخية في محاولة للإجابة عن سؤال هل هناك ولاء نوبي للمشروع الناصري؟ أم أن هناك غضبا من التهجير! في نصر التمساح نري البطل محيي الدين شريف يقرر أن يقاتل ذلك التمساح الذي يخيف أبناء القرية, لكن التمساح ينال منه, ويحاول أهل القرية البحث عن جثة محيي, ولكنهم لم يجدوها, فيذهبون في اتجاه السد العالي, والي قرية الجنينة والشباك ولكنهم لم يجدوه, وتبقي جثة محيي الدين شريف كافية في مكان بين المكانين, أو في منزلة بين المنزلتين, وكأن النص باختصار يريد أن يشير إلي ذلك التمزت وتلك الحيرة بين الولاء للإيديولوجية الناصرية, والولاء لمكان الاجداد, الولاء للعدالة الاجتماعية التي استفاد منها الكثيرون ومن بينهم النوبيون والحنين لمسقط الرأس الذي يترك ندوبا داخل الروح النوبية.
د. زهران جبر: لي بحث عن الأدب النوبي بين معياري اللغة والمضمون, وأستطيع القول إنه لا توجد رواية نوبية مكتوبة باللغة النوبية لنقول إن هناك أدبا نوبيا في مبناه ومعناه, وما يميز الأدب الذي يكتبه نوبيون أنه يترجم واقعا خاصا, أي أنه لا يستطيع أحد أن يرفع هذا الواقع إلي مستوي الابداع إلا الأديب النوبي الذي عاشه, والواقع النوبي هو البطل في أعمال يحيي مختار وحسن نور وادريس علي وغيرهم, ومن قبل هؤلاء إبراهيم شعراوي الذي كتب كل ما يتعلق بالوجع النوبي فيما يتعلق بالحواديت والحكي الاسطوري القديم.
يحيي مختار: أنا أفضل الحديث عن ثقافة نوبية, لا عن أدب نوبي, فعندما كتبت أعمالا قصصية لم اسمها قصصا نوبية, بل قلت قصص من النوبة, والثقافة النوبية يمارسها النوبيون بالحكي بلغتهم والغناء بلغتهم.
ونعرف أن مصطلح الأدب النوبي تعرض لانتقادات حادة في التسعينيات من القرن الماضي لأنه كان بحسب المعارضين له تعبيرا عن رغبة النوبي في العزلة, والانفصالي واللافت أن النقاد هم من أطلق مصطلح الأدب النوبي ثم هم الذين هاجموه باعتباره تعبيرا عن الانفصال. ولكني أراه تعبيرا عن وجدان نوبي إنساني لا ينفصل عن الوجدان المصري.
وأنا افرق بين جيل كتب روايات نوبية بحسب الموضوع مثلي ومثل حسن نور ومن قبلنا خليل قاسم, فنحن عشنا في النوبة وتعرضنا للتهجر وسجلنا في ابداعنا تجربة إنسانية لا يمكن لأديب عاشها أن يغفلها, أما أبناء النوبة الذين ولدوا في القاهرة, ولم يروا النوبة إلا مقادير فانهم عندما يبدعون يكتبون أدبا قاهريا, أو سكندريا, بل أن القاص المعروف حسن نور له ابداع قاهري لا علاقة له بالنوبة, والقاص المعروف حجاج أدول له عمل أو عملان فقط عن النوبة ومعظم أعماله الابداعية عن القاهرة أما أنا فلم أكتب إلا عن النوبة. واسمحوا لي باستعارة ما كتبه الدكتور شكري عياد عن الأدب النوبي, حيث يقول ربما أثارت عبارة الثفافة النوبية حساسية, خاصة عند بعض القراء الذين يعتبرون أن الوطنية أو القومية يمكن أن تتعرض للتضرر بتعدد الثقافات.
وهذا وهم محض, فالثقافة العربية اغتنت, ولا تزال بالأعمال الابداعية والفنية التي تحمل الطابع النوبي, وإذا قال قائل إن الثقافة النوبية يجب أن يتم استيعابها في الثقافة القومية, أو قال آخر أنه لا يصح أن تذوب في الثقافة القومية, فإن الشيء نفسه يمكن أن يقال عن الثقافة العربية باعتبارها كلا واحدا فهل يجب أن تستوعب في الثقافة العالمية وهل نخشي أن تذوب فيها, وأقول إن كلا الخطرين قائم, وفي كليهما خسارة للطرفين إذ يتحقق الكسب والنماء للطرفين بالعطاء المتبادل, ولا يتحقق العطاء إلا في مناخ الحرية.
حفظ التراث
محمد سليمان جدكاب: تم تهجير النوبيين في عام1964 وبعد16 عاما اكتشفنا أن الوهن أصاب العادات والتقاليد النوبية بسبب مخالطة أبناء الريف والصعيد الذين عاشوا معنا في القري الجديدة التي انتقلنا إليها. فأسس بعض المثقفين النوبيين جمعية التراث النوبي في القاهرة في عام1980, وكان الهدف من إنشائها جمع التراث النوبي, وتوثيق كل ما يكتب عن النوبة, وكانت من أهم القضايا مشكلة الحفاظ علي اللغة النوبية.
واللغة النوبية تستخدم الحرف اليوناني الذي استخدمته اللغة القبطية المصرية( وأضافت إليه ستة أحرف) وهناك برديات مصرية في المتحف القبطي للغة النوبية, وكذا في متحف برلين مكتوبة باللغة النوبية, واستمرت الكتابة بهذه اللغة حتي دخول الإسلام, الي مصر حيث دخل النوبيون الإسلام, واللغة العربية ومن ثم بدأت اللغة النوبية تنحسر شيئا فشيئا.
وفي الجمعية طرحنا سؤالا: تراثنا النوبي من الأحاجي والأساطير والأغاني, والحكايات بأي لغة نسجله, وهنا بدأت الاجتهادات, فهناك من قال: ندونه بلغتنا الأصلية وأنا اكتب الشعر باللغة النوبية والبعض قال ندونه باللغة العربية. وظهرت مشكلة أمامنا, وهي أننا لم نكن نعرف حروف اللغة النوبية بدقة, إذ لم يكن هناك مرجع علمي يوثق هذه اللغة وحروفها لكي نستطيع أن نكتب بها.
وهنا نشير إلي جهود المرحوم د. مختار كبارة الذي كان يعد دراسة للدكتوراه في المانيا واستطاع بعد الرجوع للمراجع الأجنبية, أن يصدر كتابا عن اللغة النوبية وكيف نكتبها؟ وما ان سلم أصول الكتاب لجمعية الدراسات النوبية, توفي عن45 عاما وبعد رحيله ظهرت مشكلة هي: من سيدرب الشباب علي قواعد اللغة التي سجلها كبارة وقد كنت محظوظا بالاقتراب منه وتعلمت أصول اللغة, وابتديت افك الخط بالنوبي وكتبت قصة قصيرة بلغتنا وعرضتها علي الدكتور مختار ففرح بها كثيرا.
وقد جمعنا من أطياف النوبة مجموعة من الشباب من الكنوز والفاتيجا ومن معظم المناطق كحلنا ودنقلة واشتغلنا علي الكتاب لمدة سنتين وخرجنا بتصورات عن تعلم اللغة النوبية, اصدرناها في كتاب وهناك فرعان للكتابة أحدهما كنزي والآخر فاتيجي.
حملت جمعيتكم في البداية اسم إحياء التراث النوبي ثم حذفتم كلمة احياء وصارت جمعية التراث النوبي؟
لأن كلمة احياء تعني أن التراث مات, وأن اللغة ماتت, وهذا لم يحدث ومهمتنا الحفاظ علي هذه اللغة وهذا التراث.
ونحن أبناء النوبة وعددنا يصل إلي نحو المليون نحاول التحدث بلغتنا حتي لاتنقرض.
ألا يعني هذا انفصالا عن مجتمعكم المصري الذي يتحدث العربية.
مصطفي عبدالقادر: عدم التحدث بالنوبية أو الكتابة بها هو الذي يسبب انفصالا نفسيا لدي النوبي, لأنه محروم من أن يكون نفسه, واللغة العربية بالنسبة لنا مكتسب وليست أصلية فنحن عرفناها بسبب المدرسة فقط وأنا لا أجد نفسي إلا عندما أتحدث بلغتي أو أكتب فيها فما الضرر في ذلك.
مصطفي عبدالقادر: وماذا تقولون عن المدارس الأجنبية في مصر التي تعلم الأطفال اللغات الأجنبية ألا يعد ذلك خطرا علي اللغة العربية, أننا لانطالب إلا بالاعتراف بلغتنا فقط لأن عدم استخدامها يجعلها عرضة للاندثار ومعظم أبناء النوبة الآن لا يعرفون شيئا عن لغتهم, لأنهم مضطرون لتعلم العربية واتقانها للنجاح في المدرسة والعمل.
الأهرام: ولكن القياس علي الانجليرية غير دقيق فتعلم لغة أجنبية يجعلك تنفتح ثقافيا علي العالم, بينما تعلم النوبية واستعمالها يجعلك تنغلق علي مجتمعك الخاص فقط.
مصطفي عبدالقادر: أنا أري أن اللغة النوبية لن تندثر لأن ظهور كتب بها يحفز الشباب علي تعلمها, ولا خوف علي الانفلات لأن النوبيين يعرفون العربية, والانجليزية وهم فقط يريدون استخدام لغتهم الخاصة وهذا حلمهم كجماعة ثقافية.
ألا ترون أن هناك مبالغة( عالمية) في دعم اهتمامك بإحياء اللغة النوبية؟
سمر نور جاسر: سأفترض جدلا أن هناك مبالغة, بل سأفترض أن هناك مخططا لإحداث فرقة ثقافية بين النوبيين وبقية أبناء مصر فماذا نحن فاعلون هل نسكت؟ هل نقمع النوبي بحجة أن هناك مخططا ونقول له ليس من حقك أن تتحدث النوبية, ولا أن تبدع بها إننا إذا فعلنا ذلك نكون جزءا من المخطط الانفصالي إذا كان موجودا.
الأهرام: حديثكم ينصب علي الماضي, الموروث والحفاظ عليه, ماذا في لغتكم يغري بمخاطبة المستقبل أم أن الأمر دفاع عن لغة تموت؟
محمد سليمان: وهل تعلم الانجليزية, واستخدامها كلغة علمية يعني أن اللغة العربية عاجزة عن مسايرة العصر.
العربية استطاعت ترجمة علوم العصر واحتواء النظريات العلمية.
محمد سليمان: وكذلك يمكن إذا حافظنا علي لغتنا الأصلية, يمكن تطويرها أما السكوت عنها فهو خطأ فادح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.