الدكتور مصطفي ووالد السيدة ف يلتقيان بينما كان الرجل الكريم الحليم الاستاذ ساجد والد السيدة ف يتجول في حدائق الجنة وزهورها ورياحينها وجمالها الذي لم ير مثله انسان ولم يسمع به ولم يخطر علي قلب بشر فإذا به يلتقي وجها لوجه مع الدكتور مصطفي ..كانت مفاجأة سارة وممتعة لكل منهما . سأل الدكتور مصطفي الاستاذ ساجد عن أحواله فرد عليه قائلا: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ..ثم وجه سؤاله للدكتور مصطفي : وأنت كيف حالك فرد عليه قائلا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن .إن ربنا لغفور شكور . تأبط كل منهما ذراع الآخر وسارا في أروقة الجنة وأهل الجنة ما بين تسبيح وحمد وذكر وتلاوة القرآن الكريم . سأل الدكتور مصطفي الأستاذ ساجد : كيف دخلت الجنة ؟ فأجاب برحمة ربي حيث أننى توفيت مبطونا كما تعلم فأدخلونى مع الشهداء .. ووجه ساجد نفس السؤال إلي د.مصطفي : وأنت كيف دخلت ؟ أجابه : جاءت الملائكة الكرام يحاسبوننى فشفع لي القرآن الكريم وقال لهم : هذا من أهل القرآن .أهل الله وخاصته . وجاءت الصلاة تخاطبهم عليهم رضوان الله تقول لهم : لقد ظل يؤم الناس في صلاة الفجر ثلاثين عاما إلا من تعب أو مرض ألم به ثم جاءت حسناتى بفضل من الله ورحمة منه تفوق هفواتى . ثم جاءت الآلام الجسام والاحزان الموجعة فزادت في حسناتى وكانت أكثر هذه الآلام ما فعلته ابنتك ف في أيامى التعيسة . نظر ساجد إلي أسفل وهو يشعر بالحزن والانكسار ووجه حديثه لمصطفي قائلا : ألا تفكر في العفو عنها يا أخي الكريم ؟! فرد مصطفي قائلا : وهل يعفو ذو مروءة عن جرح في شرفه ؟ هل يعفو ذو حمية وغيرة علي من مرغت شرفه في الوحل . رد ساجد عليه : صدقني إن الأمر كما قلت لك في الرؤيا لا علاقة له بالخيانة بل كانت صفقة حقيرة وضيعة دبرتها مع عبده بساريا من اجل المال وساعدتها أمها علي ذلك. رد عليه د مصطفي : ولوكانت كذلك فهل يرضي من كان في دمائه ذرة من الرجولة أن تسهر زوجته مع رجل ليلا وتتناول معه العشاء ويصطحبها في سيارته بجواره ذهابا وإيابا .. فرد ساجد قائلا : معك حق في كل ما تقول وأنا لا أهون من الجريمة ولا أبرر الكارثة ولكننى أردت ان انقلها من خانة الخيانة الي خانة أخري من الجرائم وهي علي كل حال جريمة يشيب لها الولدان .. ولكننى أطمع بما أكرمك الله من فضله أن تعفو عنها لأن الله لن يرضي عنها طالما ظللت ساخطا كارها لاعنا لها .. فقال له مصطفي : لا أستطيع أن أعطيك وعدا بذلك الآن . فقال ساجد : لو عرفت أحوالها الآن لتمزق قلبك الرقيق من سوء ما وصلت إليه وليس هذا بمعزل عن غضب الله ثم غضبك عليها. فقال له مصطفي : دعنى أحكي لك جزءا من ذكرياتنا لتري مدى ما وصلنا اليه . وواصل مصطفي : حين بدأنا للاستعداد للخطوبة كانت والدتها تمر أسفل العيادة ثم رفعت رأسها لأعلي ناظرة إلي لافتة العيادة وتضرعت إلي الله أن يتم زواجي من ابنتها ..ولا يخفى عليك أن زوجتى هى التى أخبرتنى بذلك . كنت أقود السيارة في مكان هادئ ثم توقفت ونزلت من السيارة واتجهت ناحيتها وقلت لها : انزلي واركبي مكانى فسوف أعلمك قيادة السيارة من الليلة .فشعرت برهبة ممزوجة بالفرحة وساعدنى علي ذلك ان شوارع طنطا في تلك المنطقة كانت هادئة تماما …وفي اليوم التالي اتصلت بأخيها وقالت له لقد كان زوجى الدكتور مصطفي يعلمنى القيادة ليلة أمس فقال لها حرفيا: لقد أصبحنا من الأعيان ..وحين كانت أختها في انتظار عريس قالت لها أتمنى أن يكون مثل زوجك الدكتور مصطفي . هذه ذكريات تشعرك بمدى العز والفخر لاقترانى بابنتكم فلماذا تحولوا بعد ذلك إلي وحوش ضارية تنهش في لحمى بعد الطلاق وأنا الطرف المجنى عليه. لماذا نسوا أو تناسوا كل ما فعلته من أجلهم كنت لهم الأخ والصديق والعائل وقد بعث لي ابنك برسالة يعترف فيها بأننى انسان أرسله الله لكم لكى يحمل همومهم ويداوى مرضاهم وينقذ المكروب منهم ويحمل عن الصغير والكبير ما يؤرقهم . هذا الابن نفسه هو الذي تصرف بوضاعة ورفض الاعتذار عن جرائمهم في حقي والأخت الكبري مزقت عرضي علي وسائل التواصل الاجتماعى علانية . فابتسم ساجد قائلا : وأنت أيضا شتمتهم ..قال له مصطفي : اولا لم أشتمهم علانية مثلما فعلت ..ثانيا اننى لم أطلق للسانى العنان الا بعد المصيبة الكبري وهي الشتائم علي الفيس وقرأها آلاف مؤلفة من الناس . وأكثر ما أثار همومى وأحزانى أن تبوح زوجتي بأدق أسرارنا حساسية وخطورة .هذه جريمة تعادل جريمتها الكبري . في بداية استعدادنا للزواج كانت قد انفصلت فعليا عن زوجها عامين ولكنها يوم الطلاق اتصلت بي من هاتف خالتها وهي في زيارة لها وأخبرتنى انها ستوقع علي الطلاق الليلة .وقالت ان الزوج السابق لا يريد ان يدفع الا نصف المؤخر أي خمسة آلاف من الجنيهات فقلت لها هذا أمر تافه ولكننى اسألك هل مازلت تعرفين تاريخ ميلادى فقالت نعم .نعم أذكره ..لم نذق ممن هم في العشرينيات الا كل خيبة سواء كان زوجي او أخي أو زوج أختى ..كلهم في اوائل الثلاثينات وكلهم يتنافسون في الخيبة والتفاهة والميوعة . حرصها علي ان تتصل بي لتتأكد أننى مازلت علي وعدي لها يزكى وجهة نظرك التى تقول أنها لا تنهى صفقة الا بعد الاطمئنان الي صفقة جديدة وهذا ما يفسر ضحكها واستهتارها واستهانتها يوم فاتحتها في أمر الخروج مع عبده بساريا كانت قد اتفقت معه علي الزواج وهي مازالت في عصمتى .،تخيل مدي الانحطاط والوضاعة ..كانت تري انها مقبلة علي أسراب من الاموال من مغفل أحمق ولم تكن التافهة تعلم انه يأخذ مصروفه من هناء يوما بيوم كتلاميذ المدارس وأنه قد يأخذ من حصيلة المحل في غيابها وهذا ما حدث يوم فيش هاوس حيث أخرج لفافات الفلوس وأعطى بقشيشا كبيرا امام .ف.فتصورت انها في حضرة بيل جيتس وهي لا تعلم ان السيارة تم شراؤها بالقسط طويل الأجل ..ثم شاء ربك ان هذه الصفقة الخائنة الخائبة تبوء بالفشل . أبدى ساجد اقتناعه الكامل بكل ما قاله مصطفي ..وسأل مصطفي :هل تذكر يوم أن جددت زوجتى دهان الشقة وذهبت انت ذات يوم وقلت لها أريد ان اساهم معك واعطيتها الف جنيه فأخذتهم بلا خجل ولا حياء . هذا هو منطق زوجتى في الحياة : المال اولا وأخيرا….وقد أسال عبده بساريا لعابهم . رد عليه د.مصطفي : كانت ام زوجتى تشكو سنوات من الكلي ولما كشفت عليها اخبرتها بان الكلي سليمة وان المشكلة في التهاب المرارة الحصوى ..فطلبت منى ان تستأصل المرارة بالمنظار ولم يكن في طنطا من يستأصلها بالمنظار فقلت لها ذلك فرأيت الخيبة والانكسار علي وجهها فصممت علي تلبية طلبها و طلبت من أصدقائي أن يستدعوا فريقا من الاسكندرية لعمل الاستئصال بالمنظار وتم ذلك فعلا …كانت العملية تتكلف مابين أحد عشر جنيها إلي خمسة عشر جنيها ولكن الفريق لم يأخذ إلا مبلغا رمزيا وهو ثلاثة آلاف من الجنيهات ..كنت علي وشك ان ادفعهم من جيبي ..ولكننى لاحظت ان ابنها المسافر للخارج يتصرف بوضاعة وانحطاط ولم يهتم بوالدته او يتصل بها ..فسألت زوجتى انا أري أن أخاك يتصرف بانحطاط فهل ترين ان ادفع المال من معى ..فقالت أنه ولد أنانى فلا تدفع شيئا فقلت لها لو كان اهتم بوالدته لدفعت المبلغ فورا. رد ساجد كما قلت لك ان ابنى ديوث تافه لا يهتم بشرف أسرته ولا باحوالهم فقاطعته قائلا : لقد أرسل لي رسالة جعلنى فيها وليا من الصالحين وشكرنى شكرا مبالغا فيه ولا أحبه …فما الذي حدث وجعل هذا الولد ينقلب علي نفسه رد ساجد .: ألم تقل لزوجتك حين أرسلته لك ليسلم عليك في اول مرة تراه الم تقل لها حين سألتك عن انطباعك عنه فقلت لها كلمة واحدة وهى: تافه فهل تنتظر من هذا التافه ان يعترف بالجميل او يسعي للاعتذار عن أخطاء وخطايا إخوته ؟ وأكمل ساجد :أنا أعتذر لك من كل قلبي ولكن استسمحك ان تفكر في العفو عن زوجتك السابقة لأن أحوالها في غاية السوء وأنا أب أتألم لآلامها مهما كانت مخطئة . فأجابه مصطفى سوف أفكر في الأمر ولكن لاتنس ان ذلك مما جنته يداها