عمرو عبدالرحمن – يعيد قراءة التاريخ القادم 3 ثورات مصرية أعادت مصر إلي الطريق السريع نحو استعادة مسيرتها الحضارية الكبري ، منهما ثورتين مصريتين عظيمتين هما ثورة 1919 وثورة 30 يونيو ، وتتوسطهما ثورة 23 يوليو … ليكتمل عقد العمل الوطني الشامل الذي توحدت فيه قوي الشعب شعبيا وسياسيا وعسكريا، نحو استعادة مكانة وهوية مصر الإمبراطورية ، ومواصلة تاريخنا القادم ببناء مصر الجديدة ، بنفس أسس بناء مصر القديمة العظيمة وهي ( القوة – العلم – الإيمان ). = في ذكري قيام ثورة 1919 نكتشف أن هناك كثير من أوجه الشبه التاريخية والوطنية الأصيلة ، بينها وبين ثورة 30 يونيو 2013 . = ثورة 1919 كانت البداية الحقيقية لنهضة الوعي الثوري المصري ضد قوي الاستعمار التي سيطرت علي مصر لمدة 3000 سنة ، بدءا بالاستعمار الفارسي الآري الغاشم والاستعمار الروماني الترك آري الفاشي ثم الاستعمار الفاطمي والعثماني ثم الاستعمار الفرنسي والبريطاني … = ثورة 19 بدأت قبلها بكثير، وكان لزعماء عظام علي رأسهم ” مصطفي كامل ” الدور الأكبر في صناعة الوعي الوطني في العقل الجمعي المصري ، وهو من خلال حزبه ” الحزب الوطني ” قد انفرد عن جميع الأحزاب الأخري بالتمسك بمبدأ مقاومة الاستعمار وليس التفاوض معه ، لأن مجرد التفاوض مع المستعمر يعني الاعتراف بشرعيته الباطلة. = ثورة 1919 قدّمت نموذجاً رائعاً للتلاحم الشعبي الذى جمع المصريين على اختلاف عقائدهم، وطبقاتهم، وفئاتهم، وأجيالهم، كما كانت بمثابة مثالاً بديعاً ومُلهِماً لدول العالم التي ترزح تحت نيّر الاستعمار، ومثالاً يُحتذى للثورة الشعبية التي رفعت راية التحرّر الوطني في وجه الاحتلال الأجنبي مطالبة بتحقيق الاستقلال التام . = كان السبب المباشر لقيام الثورة فى التاسع من مارس 1919 عندما خرجت الجماهير للشارع احتجاجا على اعتقال ونفى سعد زغلول وزملائه، واستمرت الجماهير فى الشارع لعدة شهور ، غير أن خروج الجماهير إلى الشارع لم يكن سوى انعكاساً لسلسلة طويلة من المقدمات والأحداث والتفاعلات أكدت معانى الوطنية التى جسدتها الثورة على النحو التالى: . المشهد قبيل ثورة 1919 = اشتعلت الثورة فى عام 1919 ليس فقط بسبب المعاناة التى تحملها المصريون فى سنوات الحرب العالمية الأولى التى فرض عليهم خوضها إلى جانب دولة الاحتلال، وإنما أيضاً تعبيراً عن الظلم والاستغلال الذى تعرض له هذا الشعب خلال تلك الفترة، ففي الريف كانت تصادر ممتلكات الفلاحين من ماشية ومحصول لأجل المساهمة في تكاليف الحرب، كما حرصت السلطات العسكرية على إجبار الفلاحين على زراعة المحاصيل التي تتناسب مع متطلبات الحرب، وبيعها بأسعار قليلة. .. وتم إجبار مئات الآلاف من الفلاحين علي الانضمام قسريا في جيش العدو البريطاني للمشاركة في الحرب العالمية فيما سمي ب “فرقة العمل المصرية” التي استخدمت في الأعمال المعاونة وراء خطوط القتال في سيناء وفلسطين والعراق وفرنسا وبلجيكا وغيرها، كذلك تعرض العمال ونقاباتهم لهجوم بسبب إعلان الأحكام العرفية. = يوم 8 مارس 1919 تم اعتقال سعد زغلول ورفاقه وسجنهم الاستعمار ي ثكنات قصر النيل و منها إلي بورسعيد ثم نفاهم إلي جزيرة مالطة . = ما كاد نبأ اعتقال ونفي سعد زغلول وزملائه يسري بين الشعب حتي اندلع لهيب الثورة يوم 9 مارس في القاهرة و المدن الكبري ثم القري، وخرجت المظاهرات الطلابية لتجوب شوارع القاهرة هاتفة بالاستقلال منادية بسقوط الحماية، وتصدت لها السلطة العسكرية البريطانية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، ولم يرهب المتظاهرون القتل واستمروا فى مظاهراتهم، وانضمت لهم طوائف الشعب كافة ومن بينهم الفلاحين والعمال، وأنشأت قوات العدو البريطاني محاكم عسكرية وكانت تصدر أحكامًا بالحبس أو الجلد أو الغرامة . = قاطع الشعب البضائع الإنجليزية، وكانت الأحياء الوطنية العامة كحي الحسين والسيدة زينب وباب الشعرية والجمالية تشهد تظاهرات قوية، وأقيمت الحواجز والمتاريس في هذه الأحياء لتعطيل سير المدرعات البريطانية، وحفر الثوار خنادق عميقة بالشوارع في الملحمة التي قادها الشعب المصري، كما انتشرت الثورة من القاهرة إلى الدلتا والأقاليم فقلدت العاصمة فى مظاهراتها وإضرابها ، كما توحد المسلمون والمسيحيون فى الجهاد الوطني ضد الاستعمار ولم يعد هناك مكان إلا ويضج بالثورة الوطنية . = بعد نحو شهر من ثورة المصريين المشتعلة، وعدم اكتراثهم بالإنذارات والتهديدات البريطانية التي تطوّرت إلى قمع وحشي، بدأ الاحتلال بإطلاق النار على المُتظاهرين، وانتهى بمحاكماتٍ عسكرية في الشوارع. = وإزاء اتساع نطاق الثورة والعجز عن إخمادها، رضخت سلطات الاحتلال البريطاني لإرادة المصريين، وقررّت الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه في 7 أبريل 1919 ورغم ذلك استمرت الصدامات بين الثوار وقوات العدو البريطاني واستشهد مئات المصريين . . رضوخ بريطانيا الصغري = في النهاية رضخت بريطانيا العظمي التي أصبحت لاحقا؛ بريطانيا الصغري علي أيدي بواسل شعب وجيش مصر في معارك بورسعيد 56 ، و أعلنت أنها مستعدة للتفاوض بشأن استقلال مصر، وسمحت لوفد سعد زغلول بالسفر إلي أوروبا، ولكنهم وجدوا الأبوب موصدة أمامهم، فقد تآمرت الدول الكبري بما فيها أمريكاوبريطانيا وفرنسا علي الحماية البريطانية علي مصر، و لم يسمح لمصر عرض قضيتها، فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم، فألقي الإنجليز القبض علي سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه ثانية إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي (سيلان حاليا)، فازدادت الثورة اشتعالا. . تصريح 28 فبراير 1922 .. خطوة فى طريق الاستقلال = اضطرت بريطانيا بسبب اشتعال الثورة الي إعطاء مصر بعض حقوقها فكان إصدار تصريح 28فبراير 1922 الذي نص على: إلغاء الحماية على مصر، وإعلان مصر دولة مستقلة، وتهيئة البلاد للحياة الدستورية وتم إصدار أول دستور مصري سنة 1923 وإجريت الإنتخابات وفاز فيها حزب الوفد 1924 ، كما شغل المصريون العديد من المناصب الحكومية بدلا من الأجانب، وتم إلغاء وظائف المستشارين الإنجليز . من ثورة 1919 إلي ثورة 2013 = اكتملت أهداف ثورة 1919 بقيام ثورة 23 يوليو التي قضت نهائيا علي الوجود العسكري والسياسي للاستعمار البريطاني الصهيوني الآري في مصر ، وأخيرا قامت ثورة 30 يونيو ضد القوي العميلة للاستعمار العالمي (الامبريالية / النظام العالمي الجديد) وتتمثل في تحالف قوي الشر الداخلية (الفساد و الإرهاب) . – تلاقت ثورة 30 يونيو مع ثورة 1919 وجمع بينهما العديد من أوجه الاتفاق والتشابه، وأبرزها مشاركة جميع فئات الشعب. = فى ثورة 1919 خرجت جميع طوائف الشعب، فقد كانت ثورة شعبية بحق، شارك فيها العمال والطلبة و الفلاحين، حتي المرأة خرجت في المظاهرات فهزت المجتمع بجرأتها ووطنيتها. و أنقض الفلاحون علي خطوط السكك الحديدية و البرق فقطعوها، كما شهدت الثورة تلاحماً كبير بين مسلمي ومسيحي مصر، فهي المناسبة التي اعتلى فيها القمص سرجيوس لمنابر الأزهر الشريف من أجل إلقاء خطبة في المحتشدين بالجامع، كما أرسل الأزهر عددا من الشيوخ ليخطبوا من على منابر الكنائس المصرية . = وجاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتعيد إلى ذاكراتنا هذا التلاحم الشعبى فى سبيل تحقيق إرادة الوطن، وكان اهم مايميزها أنها ثورة كل المصريين ساند مطالبهم جيش قوى يعرف معنى الوطنية جيداً، كما لم تكن مثل الثورات التقليدية التى يقودها فى الغالب النخبة وشارك فيها جميع أفراد الوطن مثقفون وعمالا وفنانون وفلاحون الجميع تكاتفوا لانقاذ مصر من الجماعة الإرهابية، وهى بذلك تعد الثورة الأولى ضد المتاجرين بالدين . = تلاقت أيضاً ثورتى 1919 و30 يونيو فى الاهتمام والحرص على جمع تفويضات وتوكيلات لدعم وتحقيق الحرية والاستقلال، حيث بدأت شرارة ثورة 1919 عندما قام سعد زغلول ورفاقه من الوفديين بعمل حملة لجمع التوقيعات من أجل تمثيل الشعب المصري في مؤتمر باريس للسلام وعرض القضية المصرية عالمياً، والمطالبة بالانفصال عن الحماية الإنجليزية التي كانت مفروضة على مصر حتى تكون لسعد زغلول صفة الوكالة عن الشعب في المطالبة بحقوقه ، بدأت حملة توقيعات علي عرائض بتوكيل سعد و أصحابه. و أشعلت حركة توقيع التوكيلات المشاعر الوطنية و أصبح الشعب في مواجهة سلطات الاحتلال. . استقلال السيادة الوطنية = أهم ما في ثورة 1919 هو التعامل مع ملف استقلال مصر واستعادة قرارها السيادي كقضية محورية، فلم تعد مصر موالية للغرب ولا للشرق ، لا أمريكاوبريطانيا ولا روسيا ولكن مصالح مصر العليا هي البوصلة الحقيقية لكل القرارات الصادرة منذ تولي قائد الثورة المصرية ، السيد المشير / عبدالفتاح السيسي – مصب رئيس الجمهورية بإجماع الأمة المصرية ، التي لم يخرج عن إجماعها سوي خوارج الوطن والدين . . دور المؤسسة العسكرية الوطنية الداعمة للثورة = تعتبر القوات المسلحة المصرية هو العمود الفقرى للدولة المصرية منذ قيامها قبل 26 ألف عام، وهي خط دفاعها الأول على مدار التاريخ، فعلى الرغم من أن وظيفة الجيش المصرى هى حماية الوطن من أى اعتداء خارجى إلا أنه لم يتخاذل يومًا عن نصرة الشعب المصرى ضد الأنظمة الفاسدة التى حكمت مصر فى تاريخها الحديث، فالجيش المصرى لا ينتمى لأى تيار سياسى على مدار التاريخ، لأنه يضم جميع طوائف الشعب المصرى بدون تمييز أو تفرقه وولاؤه الأول والأخير للشعب، وبفضل ثورة 1919 وانتزاع معاهدة 1936 التحقت الطبقات الشعبية بالقوات المسلحة، وكان بينهم قادة ثورة 23 يوليو 1952 وبينهم جمال عبد الناصر، وقد شهدت القوات المسلحة تطورا هائلا، وتمكنت من تحرير سيناء وخوض حربى الاستنزاف واكتوبر، ثم كان تطورها النوعى تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمواجهة التهديدات القائمة وخوضها الحرب الشاملة فى سيناء 2018، لتحريرها من الارهاب وإعادة بناء مصر الكبري بإذن الله.