«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات.. عن الثورة
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2019

تحتفل الأمة المصرية هذا العام بذكرى مئوية ثورة 1919، تلك الثورة الشعبية الأبرز فى تاريخ مصر الحديث، والتى وحدت صفوف الشعب المصرى ليس فقط ضد الاستعمار الإنجليزى وإنما الخلافة العثمانية التى ظلت مصر تابعة لها لعدة قرون.
وقد شارك فى هذه الثورة مختلف طوائف الشعب من مسلمين ومسيحيين ويهود، والتى نتج عنها أبرز شعاراتها «يحيا الهلال مع الصليب»، والذى أصبح فيما بعد شعار حزب الوفد، كما وحدت الثورة القوى السياسية المختلفة فى البلاد، من أجل مقاومة الاحتلال ونيل الاستقلال لمصر، وهو ما تحقق فيما بعد بصدور تصريح 28 فبراير 1922، ودستور 1923.
وبمناسبة هذه الذكرى تحدثت «الوفد» مع عدد من الشخصيات والكتاب من مختلف التوجهات السياسية، والذين أكدوا على أهمية هذه الثورة ودورها فى تحقيق الاستقلال لمصر، وإحداث نهضة فكرية وفنية فى مختلف الفنون والآداب.
سكينة فؤاد: ثورة 1919 ستظل من أنصع صفحات تاريخ النضال المصرى
إن ثورة 1919 ستظل من أنصع الصفحات فى تاريخ النضال المصرى، فقد واجهت استعمار كان قد تجبر عبر سنوات طويلة وخطط ليبقى فى مصر ولا يغادرها.
ومن أعظم ما حققته الثورة جمع صفوف الأمة ووحدة نسيجها الذى كان الاستعمار يلعب دائما على التفرقة بين المسلمين والمسيحيين، ولذلك ظهر جليا شعار الهلال مع الصليب فى التظاهرات الحاشدة التى شهدتها المدن المصرية.
ومن أبرز دروس ثورة 1919، أن أى خطر إذا اجتمعت عليه الأمة ووحدت صفوفها وآمنت بما تفعل فلابد أن تنتصر، كما أنه لا يجب أن ننسى كيف شاركت المرأة فى هذه الثورة وتلقت رصاص الإنجليز وسقوط الشهداء منها، وقول المعتمد البريطانى وقتها «إننا لا نستطيع الاستمرار فى أمة بها هذا النوع من النساء».
وحدة صفوف أبناء الأمة وعناق المسلمين والمسيحيين الذى لم يكن شكلا فقط بل كان مضمونا حقيقيا فى هذه الثورة وتعبيرا عن أن الدين لله والوطن للجميع، وكيف هبت الأمة كلها فى أنحاء أقاليم مصر والصعيد والزحف على القاهرة، كان من أبرز مظاهر الثورة.
كما أن الثورة أثبتت قدرة الشعوب على هزيمة المحتل مهما كانت قواته وعتاده، فهى لم تكن منفصلة عن الشعب والقاعدة الأساسية لها الحراك وسط الجماهير وإحساسها بوجود قيادات أمينة عليها تريد الحفاظ على مصلحة الوطن.
دروس ثورة 1919 مطلوب أن يحييها حزب الوفد حاليا من خلال المشاركة فى حراك سياسي يستعيدها فى مواجهة التحديات التى تواجهها الأمة والعمل على أرض الواقع.
قيمة روح النضال والكفاح وتوحد المصريين وإلمامهم بأمانة من يتحركون باسمهم وتعظيم دور المرأة وكل القوى الشعبية، هى مقومات أساسية لانتصار أى لحظة وطنية، كما أنه يجب وجود معارضة وطنية تختلف فى الآراء لكنها لا تختلف على مصلحة الوطن.
فريدة النقاش: ثورة 1919 علمت الشعب كيف يحافظ على حقوقه
إن ثورة 1919 كانت نقطة مضيئة للغاية فى تاريخ مصر ومعمل لتعليم الشعب المصري كيف يحافظ على حقوقه وامتدت دروسها لتشمل تاريخ مصر الحديث كله.
ورغم ما كتب عن الثورة من مواد تاريخية طوال السنوات السابقة، إلا أن هناك بعض الجوانب التى لا تزال خفية ومسكوت عنها فيها، وهى الجوانب الفكرية والثقافية وطبيعة المشاركة السياسية فيها، فثورة 1919 لم تكن ثورة شعبية ضد الاستعمار فقط، وإنما كانت ثورة اجتماعية ضد الظلم وقمع الحريات العامة.
ومن أبرز قيم ثورة 1919 إعلاء قدرة الشعب المصرى والاعتراف بقوتها للسيطرة على مصيره وبناء حياته، فقد كانت استنهاضا لطاقات الشعب كما أنه لا يمكن إغفال دور النساء فيها والذى لم يكتب بشكل جيد حتى الآن، فبعضهن قام بخلع قضبان السكك الحديدية فى بعض المحافظات ردا على اعتقال سلطات الاحتلال لأزواجهن، ولذلك فالشعب المصرى فى هذه الثورة تقدم للسيطرة على مصيره وهو ما أدى فى النهاية إلى خروج أول دستور حديث للنور وهو دستور 1923.
ولا يجب أن ننسى إن الشعب استدعى فى ثورتى 25 يناير2011 و30 يونيو2013، روح الثورات الشعبي ة فى التاريخ المصرى الحديث ومنها ثورة 1919، منذ واجهت الجماهير الحملة الفرنسية وشاركت فى الثورة العرابية وبعدها ثورة 1919.
إقبال بركة: يجب أن نطالب الإنجليز بالاعتذار عن إساءاتهم البالغة لمصر
إن مصر استهلت القرن العشرين بروح يقظة واعية متأهبة للتغيير متمثلة فى ثورة 1919 بعد أن اخترق جدارها المنيع المحتل البريطانى عام 1882، محدثا هزة عنيفة حطمت القناع العثمانى الرازح فوق صدرها منذ قرابة نصف قرن، وأيقظت الروح الوطنية.
وقد كانت الصحافة من أبرز ما عبر به الشعب المصرى عن استعادة وعيه وعزمه على المضى إلى آخر مدى فى طريق المستقبل، بعد أن سجن طويلا فى ظلام الماضى، وكان تحرر المرأة المصرية واحدا من العلامات التى أضاءت طريق الشعب الذى
أدرك شبابه كم الظلم الذى عانته تحت دعاوى دينية زائفة لا تمت للاسلام بصلة.
ومن أبرز ظواهر وعى المرأة انغماسها فى العمل الوطنى الذى تشكل سرا ثم علنا لطرد المحتل البريطانى ونيل الاستقلال التام أو الموت الزؤام كما هتف الثائرون فى الثورة.
كان سعد زغلول صديقا مقربا للمستشار الشاب قاسم أمين الذى أصدر كتابين طالب فيهما بتحرير العقل المصرى من شوائب العثمانية وإعادة الحقوق التى كفلها الاسلام للمرأة المصرية، وهزت صيحة قاسم أمين المدوية أرض التخلف القابع وحطمت القيم الراسخة، وحررت المرأة من شرنقة التعصب الجنسى، وبعد عشر سنوات خرجت المئات من المصريات فى التاسع من مارس 1919 فى مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن سعد زغلول واستقلال مصر.
الصوت الذى ظل عورة لمئات السنين ارتفع بالهتافات الوطنية، مع اشتعال غضب المصريين الذين انتفضوا ثائرين فى كل المدن المصرية مرددين سعد سعد يحيا سعد.. الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وعندما عاد سعد من المنفى فى جزيرة مالطة استقبلته السيدة هدى شعراوى ورفيقتها سيزا نبراوى على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه فلم يعترض بل حياهما مرحبا، تلك اللحظة الفارقة شهدت مولد المرأة الجديدة التى حلم بها صديقه المقرب الذى مات حزينا قبل عشر سنوات.
وقد كانت ثورة 1919 لحظة تاريخية خالدة يوم مزقت المرأة المصرية الشرنقة التى فُرضت عليها قسرا وعلا صوتها مطالبا بالحرية لوطنها وهى فى الحقيقة تصرخ مطالبة بحريتها هى والاستقلال التام لمصر أو لها أولا.
وبمناسبة احتفال مصر بمئوية ثورة 1919، لابد أن نطالب الإنجليز بالاعتذار عن إساءاتهم البالغة لمصر التى احتلوها غصبا عن أهلها، وأساءوا إليها إساءات بالغة، ثم نسجد شكرا لله لأن هذا الاحتلال زاد من الوعى الوطنى وحرك المشاعر ضد الظلم لكل الشعب بكل فئاته.
عواطف عبدالرحمن: إعادة روح النضال للصحفيين أحد أهم إنجازات ثورة 1919
إن ثورة 1919 تعد أول ثورة قومية فى دول الجنوب، فهى ثورة شعبية حقيقية هزت الدنيا، وجميع فئات الشعب عدا الأعيان شارك فيها.
فقد استطاعت الثورة أن تصهر في بوتقتها كافة التيارات الثقافية وطبقات المجتمع بمختلف الانتماءات، ما ساهم في تحولها لثورة شعبية حقيقية تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع».
وارتبطت الصحافة المصرية بثورة 1919 ارتباطا عضويا وشكلت مرجعا رئيسيا في متابعة أحداثها، حيث سجلت بكافة اتجاهاتها أحداث الثورة وما حوتها من اختلافات وانقسامات.
كانت لدينا أيام الثورة 19صحيفة، 60% منها مصرية، و40% مملوكة لغير المصريين، ومع اشتداد الثورة اكتسحت أخبارها جميع الصحف حتي صحف الاحتلال التى حاولت تشويهها باعتبارها تهدف للتخريب والعنف، ولكن من الأشياء التي أُخذت على الصحف عدم نشرها للمظاهرات النسائية، وبعض الصحف التى ظل موقفها من الثورة صامتا وعليها رقابة شديدة كالأهرام والمحروسة.
وقد منعت السلطات البريطانية نشر خبر نفي سعد زغلول في وقته وتم نشره يوم 10 مارس في صحيفة المقطم الموالية للاحتلال، ورغم التقييد والرقابة عليها استمرت الصحافة في تأييد الوفد والثورة لكن انقسمت في ذكرى إعلان الحماية على مصر، وأعيد فرض الرقابة عليها من جديد في 6 مارس 1920 بعد فشل لجنة ملنر، ما أدى لاحتجاج الصحفيين وخروجهم في مظاهرات عارمة بالقاهرة والاسكندرية وتم وقف صحف عن الصدور.
وأثرت الثورة على الصحافة فأصبحت معظمها شبه مسيسة، ولكن الاحتلال فشل في استمالة أي صحيفة تابعة للوفد، في الوقت الذى نجح فيه الوفد من استمالة بعض الصحف الموالية للاحتلال، حيث إن من أهم إنجازات الثورة إعادة روح النضال لدى الصحفيين.
إبراهيم عبدالمجيد: توسيع ثورة 1919 لمساحة الليبرالية سبب رئيسي فى الطفرة الأدبية والثقافية بمصر
إن مصر انتقلت بعد ثورة 1919 إلى مرحلة متقدمة من الحياة الليبرالية، رغم وجود الاستعمار البريطاني، ومندوبه السامى.
وجاءت الثورة بدستور جديد قلص كثيرا من صلاحيات الملك، كما جاءت باستقلال وطني وإن لم يكن كاملا، وبرغبة عارمة في الاندفاع إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي، فى الوقت الذى تمت مؤامرات كثيرة عليها وعلى منجزاتها السياسية، خاصة دستور 1923 الذي تعطل مرتين، الأولى مع وزارة محمد محمود والثانية مع وزارة إسماعيل صدقي، اللذان كانا
من رواد الثورة في البداية، لكن حركة الاحتجاجات الشعبية لم تتوقف، خاصة بين أبناء الطبقة الوسطى في الجامعة.
وفيما يخص الآداب والفنون، فقد ظهر بعد ثورة 1919 جيلا جديدا في الكتابة والفنون، لأن الأجيال ترتبط بالأحداث الكبرى، وليس كما صنفها النقاد المحدثون منذ الستينيات كل عشر سنوات، فحركة الفن التشكيلي انتعشت بعدها مع جماعة محمود مختار ومحمود سعيد وغيرهم، ثم جماعة السيرياليين، وبدأت أدوات السينما المصرية تتشكل مثل الاستوديوهات، كما بدأت الإنجازات مثل الأفلام الصامتة ثم الناطقة، وبدأت الرواية تجد لها طريقا أوسع، فلم تكن قد صدرت إلا رواية أو اثنتان.
وظهرت في عالم القصة القصيرة أسماء مثل يحيى حقي والاخوان شحاتة وعيسى عبيد، الذين قالوا بضرورة نقاء القصة من الشوائب البلاغية، كما لم يكن هناك روائيون مختصون بها فكتب المفكرون روايات لتدشين هذا الفن مثل طه حسين، وانطلق المسرح الشعري على يد أحمد شوقي والمسرح العادي على يد توفيق الحكيم الذي أيضا كتب الرواية ثم ظهر نجيب محفوظ.
وبعد الثورة تجدد الشعر مع مدرسة الديوان ثم مدرسة أبوللو، أما الموسيقى والغناء فكانت عظمة سيد درويش قبل وبعد الثورة، وأم كلثوم وأسمهان وعبد الوهاب وغيرهم، كما أن المفكرين أيضا انشغلوا بدراسة تاريخ مصر والتاريخ العربي والإسلامي بحثا عن جذور الحضارة والمناطق المضيئة واشتعلت المعارك حول الكتب والأفكار مثل معركة العامية والفصحى ومعركة كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين ومعركة الخلافة للشيخ على عبدالرازق وغيرها من المعارك التى كان يراد منها أن يتسع الطريق ويضيء للشعب.
كما تركت الثورة الباب مفتوحا على آخره للمجتمع الأهلي، فكانت الصحف وتعددها الكبير وبكل اللغات، والمستشفيات والمدارس التى تبرع أصحابها بها لوزارتى الصحة والمعارف، وبناء العمارات على الطراز الأوروبي.
ولا يجب أن ننسى هنا أن المفكرين من إنتاج ثورة 1919 هم من قادوا الحياة الثقافية والفنية بعد يوليو 1952، ولم يكن سهلا أن يتخلوا عما تعلموه من الثقافة الرفيعة، ولذلك فأي نجاح لعهد يوليو في هذا السياق يرجع إلى مُنتج ثورة 1919، حتى أن أصغر المفكرين سنا وقتها وهو يوسف إدريس نشر قبل يوليو بعامين أو ثلاثة أعوام، حيث إن توسيع ثورة 1919 لمساحة الليبرالية هو السبب الرئيسي فى الطفرة الأدبية والثقافية.
جمال بخيت: تأسيس مفهوم الأمة المصرية أبرز إنجازات ثورة 1919
إن ثورة 1919 واحدة من أهم المحطات العظيمة للشعب المصرى فى التاريخ الحديث، لأنها أسست لفكرة ومفهوم الأمة المصرية.
فمفهوم الأمة المصرية مع طول فترة الاحتلالات التى تعرضت لها مصر منذ البطالمة وحتى العثمانيين والإنجليز كان قد توارى وأصبح مستقرا فى وجدان المصريين أننا تابعين للخلافة العثمانية، حتى أن زعيما كبيرا وهو مصطفى كامل كان يطالب فى جهاده ضد الإنجليز بخروج الاحتلال من مصر حتى تعود للخلافة العثمانية للأسف، وذلك لأن مفهوم الأمة المصرية لم يكن تبلور بالفعل.
ولذلك فثورة 1919 هى التى أشعلت هذا المفهوم ووضعته فى المقدمة من خلال شعارها مصر للمصريين وبقية الشعارات الأخرى التى أسست لشكل هذه الأمة مثل مساواة المرأة مع الرجل، والمواطن مع المواطن الآخر بصرف النظر عمن دينه، تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع»، حيث كانت هذه الشعارات أبرز ملامح الأمة المرجوة التى دعا إليها المصريون فى الثورة.
ومن بين المفاهيم المهمة والقيم التى أرستها ثورة 1919 مفهوم الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة، الذى نحتاج إليه بشكل كبير فى وقتنا الحالى ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم كله، وأبرز مثال على ذلك، اغتصاب الكيان الصهيونى لفلسطين لأنه يملك القوة، رغم أن الفلسطينيين هم أصحاب الحق، فالقوة أصبحت هى الحاكمة للعالم وليس الحق.
1919 ثورة عظيمة نستلهم روحها من خلال بعث هذه المفاهيم والقيم، لأن هناك بعض المفاهيم أصيبت بانتكاسات فى الفترات الماضية منها مفهوم المواطنة بسبب سيطرة أفكار الإسلام السياسي والتدين الشكلى على الحياة فى مصر، ونحتاج إلى استعادتها فى الوقت الحالى.
مصطفى الطويل: 1919 الثورة الشعبية الحقيقية فى تاريخ مصر المعاصر
إن ثورة 1919 هى الثورة الشعبية الحقيقية التى حدثت فى تاريخ مصر المعاصر، وخلاف ذلك انقلابات عسكرية أو انقلابات مختلطة بتأييد شعبى، عدا ثورة 30 يونية 2013.
فى هذه الثورة تحرك الشعب من تلقاء نفسه بمجرد علمه باعتقال الزعيم سعد زغلول ورفاقه، وهب مندفعا فى الشوارع مطالبا بعودته، كما أن نزوله فى 30 يونية 2013 يقارب إلى حد ما ثورة 1919 ولكن هذه المرة كان تلبية لنداء قائد القوات المسلحة وقتها عبدالفتاح السيسي.
وقد كانت ثورة 1919 ضربة قاسمة وقوية فى وجه الاستعمار الإنجليزي ما اضطرهم لإعادة سعد ورفاقه إلى مصر حتى تهدأ الأمور وتعود الحياة إلى ما كانت عليه، حيث قامت الثورة على مبدأين أساسيين كانا من أفكار سعد زغلول، أولهما الاستقلال التام لأن كل شىء فى البلد وقتها كان إنجليزيا كالقضاء والشرطة وقيادات الوزارات، وقد توافق هذا المبدأ مع مطالب الشعب نتيجة الظلم والقهر الواقع عليه وهو ما جعله يقف بجوار سعد، وثانيهما وضع دستور للبلاد وهو ما تحقق بالفعل فى عام 1923.
وبجانب هذه المبادئ لا يجب أن ننسى مظاهر الوحدة الوطنية التى كانت منبثقة من الشعب نفسه، وهذه عظمة ثورة 1919، لأنها وحدت عناصر الشعب كله ضد الاستعمار، فلم تقتصر المشاركة على المسلمين فقط وإنما شارك فيها المسيحيون واليهود المصريون.
وفى هذا السياق، فإننا يجب أن نذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي الذى يعد أول رئيس منذ 1952 يدعم الوحدة الوطنية بشكل كبير ويعمل على توحيد صفوف الشعب المصري، وآخر مثال على ذلك بناء مسجد وكنيسة العاصمة الإدارية الجديدة وافتتاحهما فى نفس التوقيت، وهذا نتيجة وتأكيد لمطالب ثورة 1919 منذ مائة عام.
ما أتمناه من الشعب المصري حاليا هو استعادة روح ثورة 1919 التى كان الشعب فيها يحب بلده ويموت فى الشوارع من أجلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.