تطور مضمون الشعارات أصبح أكثر تنديداً خاصة عندما اندلعت ثورة 1919 فكانت أشهر شعارات تلك الفترة "الهتافات الشعبية" فن شعبي أصيل ربما لم يلتفت إليه الباحثون رغم وجود هذا الفن الإبداعي وتجذره في الثقافة الشعبية كأحد فنون المقاومة المعبرة عن وعي الشعوب تجاه الأزمات المختلفة سياسيًا واجتماعيًا. وقد عرف "المصريون".. "الهتافات" التي جاءت متدرجة في خطابها السياسي والاجتماعي بداية من هتاف "يسقط الظلم" في عصور الاضمحلال السياسي إلي هتاف "يا رب يا متجلي.. إهلك العثمانلي" وغيرها من الهتافات التي رددها المصريون ضد الاحتلال العثماني وضد المماليك والتي أوردها "الجبرتي" في تاريخه ثم هتاف المتظاهرين مع عرابي ضد الخديو توفيق في 1881 حين وقف عرابي وقفته الشهيرة مطالبًا بحق الشعب مرددًا عبارته المأثورة "لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا ولن نستعبد بعد اليوم"، وهنا رددت الجماهير "المجد لك يا عرابي.. والموت للخديو، وجاء من بعده مصطفي كامل ليردد المصريون من خلفه عبارته الشهيرة "لو لم أكن مصرياً.. لوددت أن أكون مصريا"، واستمر نضال الشعب وإبداعه للشعارات التي تقاوم الاحتلال الإنجليزي الذي جثم علي الصدور وتحكم في مقدراتنا واستغل ثروتنا لأكثر من سبعين عاماً وكانت أشهر الهتافات للتعبير عن هذا الرفض لهذا العدوان هي: ياعزيز.. ياعزيز كبة تاخد الإنجليز وسرعان ما تطور مضمون الشعارات وأصبح أكثر تنديداً خاصة عندما اندلعت ثورة 1919 فكانت أشهر شعارات تلك الفترة: "الاستقلال التام.. أو الموت الزؤام" ومناصرة لسعد زغلول باعتباره رمزاً للثورة قائلين: "سعد سعد.. يحيا سعد" يا بلح زغلول.. حلو يابلح وتعبيراً عن رفض المصريين لتصريح 28 فبراير الذي أعطي لمصر استقلالاً ناقصاً جاء هذا الهتاف: يسقط الاستعمار يسقط الاحتلال عاشت مصر حرة مستقلة كما ظهرت في هذه الفترة شعارات الوحدة الوطنية مثل: عاش الهلال مع الصليب الدين لله والوطن للجميع وفي منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين وحتي نهاية الأربعينيات توجهت الحركة الوطنية وتحددت معالمها أكثر فأكثر فظهر شعار: الجلاء بالدماء بيفن.. بيفن.. يسقط بيفن وعاش الطلبة مع العمال تجسيداً لوحدة العمل الوطني في 1946 عندما تكاتفت لجنة العمال والطلبة لمواجهة الإنجليز وحكومات الأقلية في ذلك الوقت خاصة حكومة "إسماعيل صدقي"، وأثناء هذه الفترة كانت الحركات اليسارية قد بدأت تتبلور وتصبح ذات صوت مسموع وشعارات تتردد بين فئات الشعب المختلفة خاصة بين طلاب المدارس والجامعات وعمال المصانع فامتزجت الشعارات الخاصة بالقضية الوطنية بالشعارات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والحريات العامة والنقابات بالإضافة إلي المطالبة بعودة دستور 1923 وإلغاء معاهدة 1936 التي وقعتها حكومة الوفد مع بريطانيا وكان أبرز شعارات تلك الفترة: أعيدوا دستور تلاتة وعشرين الغوا المعاهدة.. الغوا المعاهدة وإذا كان المؤرخون يرون أن أحداث 18 و19 يناير 1977 تعد لحظة فارقة في التاريخ المصري المعاصر، فإنه لولا الحس الشعبي العميق بمدي الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع ارتفاع أسعار السلع الرئيسية في مقامرة سافرة بحياة أكثر من ثلاثين مليون مواطن- هم تعداد الشعب المصري في ذلك الوقت- لولا ذلك الحس الشعبي ما نجحت ثورة ا لفقراء ضد الغلاء، حيث خرجت الألسنة الجائعة لتهتف في وجه من باعوا مصلحة الوطن من أجل منافعهم الشخصية: مش كفاية لبسنا الخيش جايين ياخدوا رغيف العيش ياحرامية الانفتاح.. الشعب جعان.. مش مرتاح وهتف الطلبة في الجامعة والعمال في المصانع- في مظاهرات لم تشهد لها مصر مثيلاً عبر تاريخها- موجهين شعارهم إلي "ممدوح مرعي" وزير الاقتصاد وقتها: ممدوح بيه يا ممدوح بيه كليوا اللحمة بقي بجنيه ولم تقتصر هتافات المصريين في مظاهراتهم علي نقد الواقع الاجتماعي