تحل اليوم السبت، الذكرى 94 للثورة الشعبية العظيمة التى فجرها الشعب المصرى عام 1919 فهي الثورة المصرية العظيمة التى قادها سعد زغلول زعيم الحركة الوطنية المصرية. وفى ذكرى الثورة تجولت "البديل" بين عدد من القياديين بحزب الوفد الذى كان الحزب الأساسى فى قيام ثورة 19 وبين مؤرخين تاريخيين لنعرف حقيقة الثورة العظيمة التى نجحت فى هزيمة الاحتلال وإقامة "مصر" جديدة بدستور ربما هو أفضل الدساتير على مر الزمان. لنأخذ الدرس من تلك الثورة العظيمة ونستفيد من ما حدث لنتعلم من الشعب المصرى فى هذا الوقت. فقد أوضح دكتور "عاصم الدسوقى "المؤرخ التاريخى، بأن ثورة 1919 قامت للمطالبة بجلاء الإنجليز عن البلاد تحت شعار "الاستقلال التام أو الموت الزؤام". ولكن الثورة انتهت ببقاء الإنجليز وظلت الحماية البريطانية قائمة وكانت قد فرضت فى ديسمبر 1914، ولم يصبح المندوب السامى البريطانى فى مصر سفيرا ولم تكن لنا سفارة فى لندن، وهذا يعنى أن الثورة لم تحقق أهدافها. وأكثر من هذا أن الدستور الذى صدر فى أبريل 1923 لم يرد فى أهداف الثورة. وأوضاف "دسوقى" إننا إذا رجعنا إلى صيغة التوكيل الذى حصل عليه سعد زغلول ورفاقه الستة نجد أنه ينص على أن الموقعين عليه قد "أنابوا الوفد فى أن يسعى بالطرق السلمية لاستقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى وحلفاؤها، ويؤيدون بموجبها تحرير الشعوب". فلما نشرت هذه الصيغة استاءت منها قيادات الحزب الوطنى وذهب أربعة منهم إلى سعد زغلول واحتدمت المناقشة معه لأن صيغة التوكيل لم تشترط الاستقلال التام وانتهى الأمر بإعادة الصياغة لتكون "للسعى فى استقلال مصر استقلالا تاما". مؤكدا أن ما حدث فى مارس 1919 ثورة شعبية وراء سعد زغلول لكن قيادة الثورة غير ثورية بدليل ما كتبه سعد زغلول بخط يده فى مذكراته عن تلك الأيام، فعندما وصلته أنباء المظاهرات فى مصر قال: من الأمور الغريبة التى وصلتنى مؤخرا قيام ثورة فى مصر، وعلق قائلا: هل تبدل حال الأمة بين ليلة وضحاها. وعندما علم شقيق أمير رومانيا وكان منفيا فى مالطة هو الآخر بوجود سعد زغلول فى الجزيرة بأن هناك ثورة فى مصر تهتف باسمه طلب مقابلته فشعر سعد زغلول بالحرج إذا ما عرف الإنجليز بأمر الزيارة. ولما انتهت زيارة الأمير كتب يقول: إن ما حدث لا نريده أن يتكرر مرة أخرى حتى لا يغضب الإنجليز، إن كل ما نريده أن نصل إلى حل يرضى الإنجليز ويرضينا، وعندما كانت تصله أخبار أحداث العنف فى مصر من الجماهير كان يعلق قائلا إن هذا لن يكون فى صالح قضيتنا. مشيرا إلى أن النضال الوطنى من أجل الجلاء سلسلة متصلة الحلقات، فقد تولى مصطفى كامل ومحمد فريد بناء الوعى بقضية الجلاء، وحاولت قيادة 1919 تحقيق الاستقلال، ولكل فترة ظروفها الموضوعية والدولية بما فى ذلك البنية الاجتماعية والثقافية لكل قيادة. ومن الناحية السياسية قال "محمد عبد الحميد المنهراوى "سكرتير العام لحزب الوفد إن ثورة 1919 هى من أنجح الثورات العربية التى قامت ضد الاحتلال ، فكان سعد زغلول هو القائد الشعبى الحقيقى الذى استحق أن تلتف حوله كل القوى السياسية والشارع المصرى فى ذلك الوقت، وحزب الوفد سمى بذلك بسبب ما تم إرساله من توقيعات من "الوفد" لذلك سمى فيما بعد حزب الوفد لأنه كان من العوامل الأساسية لقيام تلك الثورة . وأكد "المنهراوى" أن الوضع الحالى مختلف عما كان عليه فى ثورة 19 فالحكم الإخوانى لمصر الآن يفعل بنا، أشد مما فعله الاحتلال فى الشعب المصرى، فالاحتلال كان من السهل جلاؤه على الرغم من الصعوبات التى واجهت القيادات الثورية فى ذلك الوقت، ولكن المختلف أن الشعب المصرى كان يدا واحدة ولم يكن متفككا ومتفرقا مثلما هو الحال الآن. ومن جانبه قال "حسين منصور"عضو الهيئة العليا لحزب الوفد إن اليوم يحتفل الشعب المصرى بمرور 94 سنة على أول ثورة شعبية مصرية فى القرن الماضى، فهى الثورة الشعبية الوحيدة فى القرن الماضى. مشيرا إلى أن ثورة 19 هى التى فتحت أفاق الوطن نحو فكرة الحرية والحقوق والواجبات بين المحكوم و الحاكم وهى التى فتحت الطريق نحو استقلال الوطن السياسى واستقلال الشعب وحريته فى دستور يحدد العلاقه بين الحاكم والمحكوم. وأوضح إن ثورة 19 هى أبرز نموذج لقدرة الشعب في التعبير عن أحلامه، والوصول لقدر كبير من طموحاته، فاستطاع الشعب المصرى أن يواجه الإنجليز والملك المستبد، واستطاع مقاطعة لجنة ملنر وأن يبدأ فى أول ثورة اعتبرت من أعظم الثوارت لأنها بالفعل حققت أهدافها. وأضاف "حسين منصور" إن ثورة 19 عندما قامت ظلت مصر تعيش فى عصور مضطربة لمدة 20 عاما بعدها ، حتى حدث هدوء نسبى فى أحوال الوطن، وهكذا ثورة يناير فأحوال الثورات دائما متقلبة والهدوء يصل إليه الشعب عند الاقتراب من تحقيق الأهداف، وهذا الهدوء لم يصل إليه ثوار يناير لأننا لم نحقق الأهداف بعد، لأننا فى مرحلة الاضطراب الذى يعقب كل الثوارت. وأشار "منصور"إلى إنه من المدهش للغاية أن يتحدث البعض الآن على انتهاء الثورة وأن يصف البعض أن المحتجين بلطجية وكل هذا تعتيم وجهل مقصود لقراءة تاريخ الوطن وتاريخ البشرية، فلينظروا جيدا إلى ثورة 19 ليروا كيف تحققت الثورات الشعبية.