مرصد الأزهر يناقش مع شباب الجامعات أسباب التطرف وحلوله وعلاقته بالمشاعر    قيادات دمياط الجديدة يزورون كنيسة العذراء    شيوخ وعواقل حلايب وشلاتين يشيدون بجهود أجهزة الدولة لتوفير الحياة الكريمة في مختلف القطاعات    محافظ المنيا يعلن انطلاق امتحانات النقل للفصل الدراسي الثاني 2023/2024    وزيرة الهجرة: نحرص على تعزيز الانتماء في نفوس أبناء الوطن بالخارج    ميناء دمياط تستقبل 9 سفينة محملة ب 77620 طن بضائع    محافظ أسوان يتابع ميدانيا توافر السلع الغذائية والإستراتيجية بأسعار مخفضة بالمجمعات الاستهلاكية    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    السياحة: مستمرون في محاربة الكيانات الوهمية العاملة في الحج والعمرة    انخفضت 170 ألف جنيه.. أسعار ومواصفات هيونداي أكسنت RB الجديدة بمصر    بعد هجمات جنوب لبنان.. الاحتلال يجلي قتلاه ومصابيه من مستشفى العفولة (فيديو)    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    البرلمان العربي يثمن قرار جزر البهاما بالاعتراف بدولة فلسطين.. انتصارًا جديدًا للقضية    روسيا تشن هجومًا جويًا هائلاً على منظومة الكهرباء الأوكرانية    مواعيد مباريات الجولة 22 من الدوري المصري.. غياب الزمالك    «غريب» يتفقد سير العملية الامتحانية بأول أيام الامتحانات بدمياط    المشدد بين 3 و15 سنوات ل4 متورطين في إلقاء شاب من الطابق السادس بمدينة نصر    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    هاني شاكر متهم بسرقة أغنية «رحماكى»    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    "الصحة" تعلن اكتشاف 32 ألف حالة مصابة ب "الثلاسيميا" في مصر    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    عبد المعطى أحمد يكتب: عظماء رغم الإعاقة «مصطفى صادق الرافعي»    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    مرصد الأزهر: استمرار تواجد 10 آلاف من مقاتلي داعش بين سوريا والعراق    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    قصور الثقافة تصدر كتاب "السينما وحضارة مصر القديمة"    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    سحر فوزي رئيسا.. البرلمان يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة.. يتألف من 13 عضوا.. وهذه تفاصيل المواد المنظمة    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    نائب يسخر من تخفيف أحمال الكهرباء: الحكومة عاملة عرض ساعتين بدل ساعة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشكيلي العراقي محمود شُبُر
نشر في شموس يوم 19 - 02 - 2019

بقلم الفنان والباحث السوري. عبد القادر الخليل – شموس نيوز
الانسان يبني كثيرأ من الجدران وقليل من الجسور “نيوتون”.
للأسف الشديد رأينا في السنين الاخيرة ان الانسانية حطًمت كثيرا من الجسور الصامدة ولم تجد معارضة واضحة من أحد سوى من الفنانين التشكيليين, ومن طليعة هؤلاء الفنانين الذين يحافظوا على تلك الجسور هو الفنان العراقي محمود شُبّر.
في زيارتي إلى منجزاته الكثيرة، رأيت أنه صمّم من الجدرانيات الهامة. وفيها كثير من الجسور, جسوره كثيرة لكن ضمن أسلوبه الرّمزي المتين, ضمن أسلوبه النّقدي للمجتمع. ضمن احتجاجه أمام انحطاط القيم الانسانيّة. ليس غريب أن لا يرسم الجمال الطّبيعي، فكيف يرسم الجمال بينما الدّمار هو الّذي يعمُّ بلاده؟ لقد رأيت ريشته أفصح من مسارح الصَّوت وأكبر من أدوات الدّمار. لكن لسوء الحظ تحتاج للقراءة في منابر الأمم. ونرى الناس من قريب وبعيد، تعيش في عالم الساعة , ولا يفكرون سوى بأنفسهم.
منذ التاريخ رأينا الفن كان سجل الحوادث التاريخية, وكان الشاهد الأول على الظّلم والدّمار, لكن لم يرَ التّاريخ مأساة الدّمار كما رآها في مطلع القرنين, مطلع قرن العشرين في أوربا, ومطلع القرن الحادي والعشرون في الشَّرق الأوسط. وفي هذين القرنين رأينا أنَّ الفنَّ التَّشكيلي والفنّانين هم الَّذين وقفوا شاهدين, ومعارضين ورافضين, ومحتجِّين أمام الدّمار وأمام انحطاط الأخلاق والمعايير الإنسانية. هم الفنَّانون الَّذين وضعوا من دمائهم مواد لتجسيد مآسي الحروب. فهكذا رأينا أنَّ الفنَّ غادر أساليب الجمال البصري ليكتب أجمل الصّحف في الألوان على سطح القماش. رأينا في أوربا منجزات الفنّان الألماني George Grosz, Otto Dix, Ives Alix. فنّانين وقفوا بمنجزاتهم مُعبِّرين عن رفضهم للدمار الّذي سبّبته الحرب العالمية. ثمَّ رأينا أيضاً مجموعة من الفنّانين الَّذين جاؤوا من الشِّمال والجنوب ليضعوا بصماتهم في لائحة المحتجِّين من أمثال الفنّان الرُّوسي كاندينسكي وأيضاً . Kandinsky, Malevich, Marc Chagall. ومن الجنوب رأينا من كبار النُّقَّاد أمام تلك الحوادث كان الفنّان الاسباني بيكاسو وأيضاً الفنّان الفرنسي هنري دومييه. ثمَّ هناك آخرين من كبار الفنِّ في أوربا. نرى في الشَّرق الأوسط وقوف آخرين من الفنَّانين الّذين أيضاً وقفوا في الاحتجاج أمام تلك الحوادث المؤلمة والعدوانيّة على الإنسان, ومن هؤلاء الفنّان العراقي الكبير محمود شبّر والفنّان السُّوري عبد القادر الخليل. وآخرين من العراق وسوريا وفلسطين ولبنان.
يلفتُ نظر النّاقد والباحث الفرق بين الشَّرق والغرب, بينما رأينا أنّ لوحة السَّلام الّتي جسّدها بيكاسو وصلت معلوماتها إلى أنحاء الدُّنيا, لم يهتم الشّرق والغرب في احتجاج الفنّان محمود شُبّر, حيث بلاده عاشت أكبر المآسي. لقد وقف الفنّان محمود شُبّر على أوتوستراد مطار بغداد. وعلى أبوبها من الجنوب والشّرق, ومن على جسور دجلة والفرات, وصرخ في أعماله, وفي حروفه, وفي ألوانه الرَّماديّة, وفي هجرته مازال يصرخ في وجه للعالم كل أنواع الاحتجاج ، وصرخ ليلاً ونهاراً لكن صوته لم يلقَ جواباً, وكأنّه يصرخ في وسط الصّحراء. بينما لو نظرنا نظرة إلى التَّاريخ, نرى أنَّ فنّان النَّروج صرخ صرخة واحدة في المانيا وفي لوحة واحدة, فوصل صوته إلى جميع الكائنات. فهل هكذا كان صوت مانش في الارتفاع؟ أم صوت الفنّان محمود شُبّر مبحوح للدرجة؟ هذا هو الفرق بين الشُّعوب, ولا يمكنني أنّ أفرض على الأمم أن تهتمَّ في صراخنا, بل المفروض من أمّتنا أن تهتمَّ بإنجاز فنّانينها.
الفنّان العراقي محمود شُبّر لم يرسم إشارات المرور رأفة في وزارة المواصلات, بل رسم إشارات المرور نقداً للذين يشاهدون ولا يفكِّرون, وربما أيضاً يشير بها إلى العلم والثَّقافة, (يقول المثل العربي إنّ الأصيل من الإشارة يفهمُ) هذا هو الفنّان ذو إنسانية وأخلاق رفيعة, يملك ضمير مفرد, يعيش مع أمته, مع شعبه, ولهذا يبني الجسور الخيالية. و لهذا يرفض أنواع الدّمار, وهكذا يعيش باحثاً في كل لوحة عن نوع من الاحتجاج. أراه يحتج في تأليف ألوانه الرّماديّة الّتي يشير بها إلى الشّجن، إلى الحزن, ويجاورها بألوان قوية من الأحمر , شعار إلى القوّة وشعار الى المأساة, ومنه يصنع إضاءة منعكسة لكامل اللّوحة. من طبيعة المحتجّين يحتجّون بأسلوب تعبيري فيه من الرّمز والتَّجريد. كما فيه من الحروف والكولاج. للنظر إلى لوحات الفنّان محمود, هل هناك فن تعبيري ذو بعد رمزي أكثر من هذا؟ ولربّما يخطر لأحد أن يقول؟ أنه يستخدم الرُّموز القاسية, والإشارات القابلة للقراءة الحرفية. ؟ أقول. هو أسلوب ذاتي للفنّان نفسه, ينقد المجتمع السّياسي والمجتمع الشّعبي وحتى ينتقد نفسه في بعض أعماله, لأنّه يُشير الى مُهمة الإنسانيّة والّتي فقدها الإنسان في كلِّ مكان., أسلوب ذو ثقافة واسعة يحمل تقارب وتأثير من فنّانين الغرب وأيضاً من فنانين الشّرق, من والده الفنّان الكبير, ومن فنّانين الحقيقة الاشتراكيّة, ومن فنّانين الهجرة في الجنوب والغرب والشّمال. وحتّى أنّه يأخذ من رينه مارجيت زعيم السّيريالية تأثير لصنع بعض منجزاته . هكذا هو فنّان التّعبير بلا حدود والرّموز القاسية لدى بعض الجلود النّاعمة. فنّان التّجريديّة المعارضة وناقد ذاته ومجتمعه وعاداته.
ربما هذه الميزات لا تريح بعض المهتمِّين وبعض الّذين ينظرون إلى الفنِّ نظرة الفائدة الخاصة ؟ علينا أن نعرف أنَّ الفنَّ لم يأتِ لتحسين الجمال, الفنُّ جاء لتسجيل واقع البيئة بما فيها البيئة الأليمة, هكذا رأينا كثيراً من فنّانين الماضي من أمثال الفنّان محمود شُبّر. فنانين هجروا الرّاحة والمنصب كما كان الفنّان باسيله كاندينسكي الّذي رفض أن يكون قاضي وعانق الفن في خدمة الإنسانية العامّة وصمَّم جمعية الجسر والفارس الأزرق لتحطيم القيود.
لو سألنا البعير الَّتي تقف على أبواب بغداد لماذا تضحك ؟ وماذا يعني التّرحيب في القادمين؟ وماذا يخدم العلم إن كان يرفض نصف أفراد المجتمع “النّساء” وماذا تخدمنا رقّة الصَّوت عندما لم نترك ولا صديق. هكذا هو الفنّان الّذي يرفض الجهل بأيِّ شكلٍ كان ويرفض المذلّة لأي إنسان. يستهتر من المتعصِّبين كما كان داوميه يستهتر البرجوازيين, ويهتف الفنّان محمود إلى حرّيّة الشَّعب كما كان الفنّان الفرنسي أوجين ديلاكغوا.
ليس هناك تقصير من فنّانين الأمّة العربيّة في حقوق الشُّعوب, بل هناك تقصير من مسؤولين الثّقافة ومن بعض الطَّبقات الاجتماعية الّتي لا ترغب الحرّية، وتحافظ على عادات الماضي حتّى ولو كانت قطع من نار.
من اسبانيا. 17/2/2019
عبد القادر الخليل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.