دليل اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. مكتب التنسيق يوضح كيفية التسجيل.. محظورات خلال أداء الامتحانات.. و7 خطوات لسداد الرسوم    5 معلومات ترصد آخر مستجدات إنشاء المحطة النووية بالضبعة    وزيرة التضامن: 11866 إجمالي عدد الأطفال المكفولين في مصر    تستهدف 140 ألف رأس، انطلاق الحملة الثانية لتحصين الماشية بالفيوم السبت المقبل    العراق: أكبر خزان مائي أرضي سيدخل الخدمة نهاية العام الجاري    بعد حريق سنترال رمسيس.. المصرية للاتصالات تعلن استعادة الخدمات بعد نقلها إلى سنترالات بديلة    علاء فاروق: صندوق التكافل ركيزة أساسية لدعم صغار المزارعين    وزير الإنتاج الحربي يستقبل محافظ جنوب سيناء لبحث تعزيز التعاون المشترك    واشنطن تدين هجوم الحوثيين على سفينتين في البحر الأحمر    مرصد كوبرنيكوس: شهر يونيو الأكثر حرارة على الإطلاق في أوروبا هذا العام    وكالة الطاقة الذرية: ألمانيا قادرة على صنع أسلحة نووية خلال أشهر    الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة مفاجئة لمباراة ريال مدريد ضد باريس سان جيرمان    النيابة العامة تذيع مرافعتها في قضية حادث الطريق الإقليمي بأشمون (فيديو)    اللجنة الوطنية المصرية للتربية تُعلن عن جائزة الشارقة للاتصال الحكومي 2025    مبيعات فيلم ريستارت تصل إلى 676 ألف تذكرة في 6 أسابيع    بالأسماء، تعيينات قيادات جديدة بكليات ومراكز جامعة القاهرة    وزير الصحة: ضرورة تعميم مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    طب قصر العيني تستضيف الامتحان الإكلينيكي للزمالة المصرية في تخصص الأنف والأذن والحنجرة    وزير الدفاع السعودي ووزير الخارجية الإيراني يبحثان الاستقرار الإقليمي والدولي    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قيادي في وحدة بدر بحزب الله جنوب لبنان    البورصة المصرية تعلن استئناف التداول اعتبارًا من اليوم الأربعاء بعد توقفها بسبب سنترال رمسيس    انطلاق منافسات تتابع الناشئين والناشئات ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    أسامة ربيع يبحث سبل التعاون مع مجموعة قبرصية لرفع تنافسية ترسانة بورسعيد    ارتياح بين طلاب الأزهر بالفيوم بعد امتحان التفسير: 'نهاية هادئة لماراثون صعب"    ضبط 10.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    هربا من الحر للموت.. وفاة طالبين غرقًا داخل ترعة في قنا    «الداخلية»: ضبط مواد مخدرة داخل بؤر إجرامية بعدة محافظات بقيمة 34 مليون جنيه    مصرع طالبين غرقا داخل ترعة بقنا    الاستماع لأقوال شهود عيان لكشف ملابسات مقتل سيدة على يد طليقها بأكتوبر    مصرع طفلة أسفل عجلات سيارة في الشرقية    ل5 مساء.. «الوطنية للانتخابات» تواصل تلقي وفحص طلبات الترشح ل انتخابات مجلس الشيوخ 2025    القدرة والقوة    ارتفاع في الطماطم.. أسعار الخضار اليوم الأربعاء في أسواق مرسى مطروح    ما بين السينما والدراما.. نجوم في بلاتوهات التصوير    الثانية هذا العام.. محمد عساف يكسر صمته الغنائي في ليلة من أجل غزة بمهرجان قرطاج الدولي    أوكرانيا: روسيا أطلقت 728 طائرة مسيرة و13 صاروخا خلال الليل    سول تعيد 6 صياديين من كوريا الشمالية إلى بلادهم بعد إنقاذهم في البحر    تشغيل وحدة القسطرة القلبية بمستشفى طنطا العام وإجراء 12 عملية    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    مدرب الزمالك السابق يحذر الإدارة من التسرع في ضم نجم بيراميدز: "تحققوا من إصاباته أولًا"    البابا تواضروس يلقي محاضرة بالكلية الإكليريكية ويلقي عظة روحية بكنيسة القديسين (صور)    60 فيلمًا و120 مسرحية.. ذكرى رحيل عبد المنعم مدبولى في كاريكاتير اليوم السابع    اغفروا لها هذا الخطأ.. «ليزا نيلسون» تقبل اعتذار مها الصغير    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    الرمادي يكشف أفضل 2 مدافعين في مصر    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشكيلي العراقي محمود شُبُر
نشر في شموس يوم 19 - 02 - 2019

بقلم الفنان والباحث السوري. عبد القادر الخليل – شموس نيوز
الانسان يبني كثيرأ من الجدران وقليل من الجسور “نيوتون”.
للأسف الشديد رأينا في السنين الاخيرة ان الانسانية حطًمت كثيرا من الجسور الصامدة ولم تجد معارضة واضحة من أحد سوى من الفنانين التشكيليين, ومن طليعة هؤلاء الفنانين الذين يحافظوا على تلك الجسور هو الفنان العراقي محمود شُبّر.
في زيارتي إلى منجزاته الكثيرة، رأيت أنه صمّم من الجدرانيات الهامة. وفيها كثير من الجسور, جسوره كثيرة لكن ضمن أسلوبه الرّمزي المتين, ضمن أسلوبه النّقدي للمجتمع. ضمن احتجاجه أمام انحطاط القيم الانسانيّة. ليس غريب أن لا يرسم الجمال الطّبيعي، فكيف يرسم الجمال بينما الدّمار هو الّذي يعمُّ بلاده؟ لقد رأيت ريشته أفصح من مسارح الصَّوت وأكبر من أدوات الدّمار. لكن لسوء الحظ تحتاج للقراءة في منابر الأمم. ونرى الناس من قريب وبعيد، تعيش في عالم الساعة , ولا يفكرون سوى بأنفسهم.
منذ التاريخ رأينا الفن كان سجل الحوادث التاريخية, وكان الشاهد الأول على الظّلم والدّمار, لكن لم يرَ التّاريخ مأساة الدّمار كما رآها في مطلع القرنين, مطلع قرن العشرين في أوربا, ومطلع القرن الحادي والعشرون في الشَّرق الأوسط. وفي هذين القرنين رأينا أنَّ الفنَّ التَّشكيلي والفنّانين هم الَّذين وقفوا شاهدين, ومعارضين ورافضين, ومحتجِّين أمام الدّمار وأمام انحطاط الأخلاق والمعايير الإنسانية. هم الفنَّانون الَّذين وضعوا من دمائهم مواد لتجسيد مآسي الحروب. فهكذا رأينا أنَّ الفنَّ غادر أساليب الجمال البصري ليكتب أجمل الصّحف في الألوان على سطح القماش. رأينا في أوربا منجزات الفنّان الألماني George Grosz, Otto Dix, Ives Alix. فنّانين وقفوا بمنجزاتهم مُعبِّرين عن رفضهم للدمار الّذي سبّبته الحرب العالمية. ثمَّ رأينا أيضاً مجموعة من الفنّانين الَّذين جاؤوا من الشِّمال والجنوب ليضعوا بصماتهم في لائحة المحتجِّين من أمثال الفنّان الرُّوسي كاندينسكي وأيضاً . Kandinsky, Malevich, Marc Chagall. ومن الجنوب رأينا من كبار النُّقَّاد أمام تلك الحوادث كان الفنّان الاسباني بيكاسو وأيضاً الفنّان الفرنسي هنري دومييه. ثمَّ هناك آخرين من كبار الفنِّ في أوربا. نرى في الشَّرق الأوسط وقوف آخرين من الفنَّانين الّذين أيضاً وقفوا في الاحتجاج أمام تلك الحوادث المؤلمة والعدوانيّة على الإنسان, ومن هؤلاء الفنّان العراقي الكبير محمود شبّر والفنّان السُّوري عبد القادر الخليل. وآخرين من العراق وسوريا وفلسطين ولبنان.
يلفتُ نظر النّاقد والباحث الفرق بين الشَّرق والغرب, بينما رأينا أنّ لوحة السَّلام الّتي جسّدها بيكاسو وصلت معلوماتها إلى أنحاء الدُّنيا, لم يهتم الشّرق والغرب في احتجاج الفنّان محمود شُبّر, حيث بلاده عاشت أكبر المآسي. لقد وقف الفنّان محمود شُبّر على أوتوستراد مطار بغداد. وعلى أبوبها من الجنوب والشّرق, ومن على جسور دجلة والفرات, وصرخ في أعماله, وفي حروفه, وفي ألوانه الرَّماديّة, وفي هجرته مازال يصرخ في وجه للعالم كل أنواع الاحتجاج ، وصرخ ليلاً ونهاراً لكن صوته لم يلقَ جواباً, وكأنّه يصرخ في وسط الصّحراء. بينما لو نظرنا نظرة إلى التَّاريخ, نرى أنَّ فنّان النَّروج صرخ صرخة واحدة في المانيا وفي لوحة واحدة, فوصل صوته إلى جميع الكائنات. فهل هكذا كان صوت مانش في الارتفاع؟ أم صوت الفنّان محمود شُبّر مبحوح للدرجة؟ هذا هو الفرق بين الشُّعوب, ولا يمكنني أنّ أفرض على الأمم أن تهتمَّ في صراخنا, بل المفروض من أمّتنا أن تهتمَّ بإنجاز فنّانينها.
الفنّان العراقي محمود شُبّر لم يرسم إشارات المرور رأفة في وزارة المواصلات, بل رسم إشارات المرور نقداً للذين يشاهدون ولا يفكِّرون, وربما أيضاً يشير بها إلى العلم والثَّقافة, (يقول المثل العربي إنّ الأصيل من الإشارة يفهمُ) هذا هو الفنّان ذو إنسانية وأخلاق رفيعة, يملك ضمير مفرد, يعيش مع أمته, مع شعبه, ولهذا يبني الجسور الخيالية. و لهذا يرفض أنواع الدّمار, وهكذا يعيش باحثاً في كل لوحة عن نوع من الاحتجاج. أراه يحتج في تأليف ألوانه الرّماديّة الّتي يشير بها إلى الشّجن، إلى الحزن, ويجاورها بألوان قوية من الأحمر , شعار إلى القوّة وشعار الى المأساة, ومنه يصنع إضاءة منعكسة لكامل اللّوحة. من طبيعة المحتجّين يحتجّون بأسلوب تعبيري فيه من الرّمز والتَّجريد. كما فيه من الحروف والكولاج. للنظر إلى لوحات الفنّان محمود, هل هناك فن تعبيري ذو بعد رمزي أكثر من هذا؟ ولربّما يخطر لأحد أن يقول؟ أنه يستخدم الرُّموز القاسية, والإشارات القابلة للقراءة الحرفية. ؟ أقول. هو أسلوب ذاتي للفنّان نفسه, ينقد المجتمع السّياسي والمجتمع الشّعبي وحتى ينتقد نفسه في بعض أعماله, لأنّه يُشير الى مُهمة الإنسانيّة والّتي فقدها الإنسان في كلِّ مكان., أسلوب ذو ثقافة واسعة يحمل تقارب وتأثير من فنّانين الغرب وأيضاً من فنانين الشّرق, من والده الفنّان الكبير, ومن فنّانين الحقيقة الاشتراكيّة, ومن فنّانين الهجرة في الجنوب والغرب والشّمال. وحتّى أنّه يأخذ من رينه مارجيت زعيم السّيريالية تأثير لصنع بعض منجزاته . هكذا هو فنّان التّعبير بلا حدود والرّموز القاسية لدى بعض الجلود النّاعمة. فنّان التّجريديّة المعارضة وناقد ذاته ومجتمعه وعاداته.
ربما هذه الميزات لا تريح بعض المهتمِّين وبعض الّذين ينظرون إلى الفنِّ نظرة الفائدة الخاصة ؟ علينا أن نعرف أنَّ الفنَّ لم يأتِ لتحسين الجمال, الفنُّ جاء لتسجيل واقع البيئة بما فيها البيئة الأليمة, هكذا رأينا كثيراً من فنّانين الماضي من أمثال الفنّان محمود شُبّر. فنانين هجروا الرّاحة والمنصب كما كان الفنّان باسيله كاندينسكي الّذي رفض أن يكون قاضي وعانق الفن في خدمة الإنسانية العامّة وصمَّم جمعية الجسر والفارس الأزرق لتحطيم القيود.
لو سألنا البعير الَّتي تقف على أبواب بغداد لماذا تضحك ؟ وماذا يعني التّرحيب في القادمين؟ وماذا يخدم العلم إن كان يرفض نصف أفراد المجتمع “النّساء” وماذا تخدمنا رقّة الصَّوت عندما لم نترك ولا صديق. هكذا هو الفنّان الّذي يرفض الجهل بأيِّ شكلٍ كان ويرفض المذلّة لأي إنسان. يستهتر من المتعصِّبين كما كان داوميه يستهتر البرجوازيين, ويهتف الفنّان محمود إلى حرّيّة الشَّعب كما كان الفنّان الفرنسي أوجين ديلاكغوا.
ليس هناك تقصير من فنّانين الأمّة العربيّة في حقوق الشُّعوب, بل هناك تقصير من مسؤولين الثّقافة ومن بعض الطَّبقات الاجتماعية الّتي لا ترغب الحرّية، وتحافظ على عادات الماضي حتّى ولو كانت قطع من نار.
من اسبانيا. 17/2/2019
عبد القادر الخليل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.