حزب الله ينعى القيادي هيثم علي الطبطبائي بعد هجوم إسرائيلي    سنوات من الاختراق.. تحقيق عسكري إسرائيلي يكشف تفاصيل تجسس حماس على 100 ألف جندي وعتادهم    نقل دونجا إلى المستشفى بعد إصابة قوية مع الزمالك    البابا تواضروس الثاني يشهد احتفالية مرور عشر سنوات على تأسيس COPTICAD    تخفيض 25% مقابل التصالح حال السداد الفوري لكامل القيمة على المباني بالجيزة    محافظ سوهاج: انتهينا من حصر الأماكن المؤجرة وبدأنا التطبيق    الأرصاد: أمطار رعدية متفاوتة الشدة غدا على القاهرة والوجه البحري    تموين القليوبية يداهم مستودعات البوتاجاز ومحطات الوقود    «الملك لير» يُزَيِّن قرطاج المسرحى | عطوة:نجاح كبير .. سرور: شرفنا مصر الشيوى: العرض فى تونس تتويج لمسيرة الفخرانى    بعد انتشاره في عدة دول.. «الصحة» تحسم الجدل: مصر خالية من فيروس ماربورغ    برلماني: المشاركة الكبيرة للمصريين بالخارج في الانتخابات تمثل رسالة وطنية    وزير الري الأسبق: إثيوبيا تحتفظ بكميات ضخمة من المياه.. وسد النهضة يهدد دولتي المصب    روسيا: دول غير صديقة قدمت عروضا للتعاون خلال قمة العشرين    مدارس نفرتاري الدولية تنفي صلتها ب"سيدز" بعد واقعة الاعتداء على الأطفال    النصر يهزم الخليج برباعية في الدوري السعودي    ضبط 130 طن أغذية فاسدة.. وتحصين 131 ألف رأس ماشية بالقليوبية    وزارة النقل تناشد المواطنين دعم جهود التوعية بمخاطر رشق القطارات بالحجارة    إزاى تكسب 5000 جنيه دخل شهرى ثابت    أحمد شاكر عبد اللطيف: انزل وشارك فى الانتخابات واختر من يمثلك فى مجلس النواب    ثقافة الفيوم تنظم ورشة فنية لذوي الاحتياجات الخاصة    محمد منير يحتفل مع ويجز بإطلاق كليب "كلام فرسان" الذي يجمعهما لأول مرة    صندوق التنمية الحضرية يطرح محال ومقرات للحرفيين داخل درب اللبانة بالقاهرة    الإفتاء توضح حكم الشرع في الأخ الذي يحرم أخوته من الميراث    أسعار الحديد في مصر تتراجع بشكل ملحوظ بسبب ركود سوق مواد البناء    كتب له عمر جديد.. إنقاذ حياة طفل ببنها مصاب بقطع خطير فى الرقبة    واشنطن تستعد ل «عمليات عسكرية» ضد فنزويلا    وزير الرياضة يبحث تعزيز سبل التعاون المشترك مع رابطة الدوري الإسباني    لليوم ال23.. «البترول» تواصل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر نوفمبر 2025    جامعة دمنهور تحصد 12 ميدالية في بارالمبياد الجامعات المصرية بالإسكندرية تحت شعار "أنت الحياة"    هل يجوز جمع الصلاة مع أخرى بسبب الدروس؟.. أمين الفتوى يجيب    هل كان السبت الممتاز..حقًا؟    د. أمجد سعيد الوكيل يكتب: الضبعة ومحاور التنمية المستدامة - رؤية مصر 2030    محافظ بورسعيد: عمليات على مدار الساعة خلال يومي الانتخابات    نائب رئيس حزب المؤتمر: مشاركة المواطنين في انتخابات النواب 2025 واجب وطني    ضبط سائق ميكروباص خالف الحمولة القانونية بعد تداول فيديو بالفيوم    عودة النصر للسيارات.. انطلاقة صناعية جديدة تقودها الربحية والتطوير الشامل    وزير الصحة يبحث جهود توطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية وتطوير الخدمات التشخيصية    الصحة العالمية تكرم الزميلة أمل علام لفوزها بجائزة AMR Media    تأجيل محاكمة 17 متهما بخلية العجوزة    "تصميم وتشييد وتقييم الفاعلية البيولوجية لمشتقات جديدة من البنزايميدازول" رسالة دكتوراه بجامعة بنى سويف    بأمر النائب العام.. متابعة حالة الطفلة حور ضحية التنمر    فيديو.. إكسترا نيوز: تكدس غير مسبوق للشاحنات الإنسانية عند معبر رفح البري    مركز المناخ بالزراعة يحذر من أمطار تصل لحد السيول يومي الأحد والاثنين    "القاهرة الإخبارية": الغارة الإسرائيلية ببيروت أسفرت عن عدد كبير من الضحايا شهداء ومصابين    الإفتاء تكرم المفتين السابقين وأسر الراحلين في احتفالها بمرور 130 عامًا على إنشائها    متحدثة الحكومة الإسرائيلية: غزة ستكون منزوعة السلاح.. ولن يكون لحماس مستقبل فيها    تعرف على غيابات الزمالك في مواجهة زيسكو الزامبي بالكونفدرالية الليلة    أغنية إيطالية عن "توت عنخ آمون" تشعل المنصات وتعيد وهج الحضارة المصرية للعالم    وزير الخارجية يبحث مع رئيس وزراء قطر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    موعد ميلاد هلال شهر رجب 1447 وأول أيامه فلكيا . تعرف عليه    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    كلية التمريض بجامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "السكري والصحة | غدًا    أسامة الأزهري: الإفتاء تستند لتاريخ عريق ممتد من زمن النبوة وتواصل دورها مرجعًا لمصر وسائر الأقطار    مواجهات مثيرة.. مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    مركز المناخ يتوقع تقلبات جوية قوية يومى الإثنين والثلاثاء.. وسيول محتملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    هشام نصر: الزمالك يواجه صعوبات استثمارية بسبب المديونيات وعدم الاستقرار الإداري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب نضال البزم في مجموعته القصصيّة ” بيت من قماش “القلق والسّؤال وهجاء الواقع
نشر في شموس يوم 23 - 10 - 2018

بقلم :د.سناء الشعلان/الجامعة الأردنية / الأردن
شموس نيوز – خاص
المجموعة القصصية” بيت من قماش” للأديب الأردنيّ نضال البزم هي رشفة من العيار المرّ الموجع من ترياق القلق والسّؤال وهجاء الواقع،وفيها حراك حقيقيّ بقوّة تأثير هذا التّرياق،وهو بذلك يقدّم طريقته السّرديّة الخاصّة في سبر أزمات الواقع ومآزقه وإكراهاته ومباغتاته الخانقة؛ليشرك المتلقيّ في نسيج سرديّ جميل بمعطيات واقعه الذي يربأ به على أن يكون صوراً هلاميّة مشوشة لا يُدرك كنه تفاصيلها؛ولا غرو في ذلك إذ إنّ الملتقيّ العربيّ هو المتأثّر-شئنا أم أبينا- بواقع هذه التّفاصيل،وقد يكون –في حقيقة الحال- أشدّ المتأثرين بمخاضاته لا سيما على المستوى الاجتماعيّ والسياسيّ بإفرازاتهما جميعها من معطيات وأحداث وإكراهات ونتائج.
ومنذ البداية يواجهنا نضال البزم في قصّة ” ربيع أسود” بقلق الأسئلة حول ما يسمّى بالرّبيع العربيّ،ويهجو صراحة المعطيات والجهات التي أفرزت هذا الرّبيع المزعوم بما حمل من كوارث وويلات ومعاناة وخسائر على المنطقة وعلى الإنسان العربيّ،مخيباً آماله بما كان يُرتجي ويأمل وينشد من هذا الرّبيع.وهو يحمّل هذا القلق والهجاء وتواتر الأسئلة دون إجابات حاسمة مانعة للطّفل الصّغير “أحمد،ويشركه-
بشكل مأساويّ محبط- في تحمل جزء من ذاكرة هذا الظّرف القلق الذي مرّ على المنطقة،ليقع ضحية من ضحاياه،وينجو من الموت بأعجوبة في خضمّ اضطراباته.
أمّا في قصّة “الصّديق الافتراضيّ” فهو يضعنا مباشرة أمام ذلك التّخبط والضّياع الالكترونيّ الذي انزلق الكثيرون فيه،كما انزلقت فيه “سلمى”بطلة قصّته”؛إذ خسرت الكثير من قيمها ومبادئها وسعادتها الأسريّة وراحة بالها وضميرها أمام حفنة من الأوهام التي يقدّمها لها العالم الافتراضيّ بما يسيح فيه من دجّالين وكذّابين ومجرمين.وهو الحال ذاته الذي آل إليه “فراس” في قصّة”إرهاب إلكترونيّ” ؛إذ قاده الفضاء الإلكترونيّ إلى عوالم الجريمة والإرهاب وخيانة الذّات والوطن؛لأنّه انزلق في هذا العالم دون أن يتسلّح بالوعي والحذر والتّمسّك بالفطنة والتيقّظ والمبادئ.
ونضال البزم يشهر سلاح السّخرية اللاذعة للمواطن العربيّ الذي سرقته المسلسلات المدبلجة من واقعه وظروفه وواجباته بل وإنسانتيه أحياناً؛فنجد أن بطلة قصّة “ساعة الموت” لا تعير عائلتها أو زوجها أو نفسها اهتماماً بسبب انشغالها بمتابعة هذه المسلسلات المدبلجة التي لا يفلح أيّ أمر جلل في استدرار انتباهها في خضم انشغالها بها،ولا تدرك قدر الخراب الذي يدور حولها إلاّ عندما يصفعها مرض زوجها بالسّرطان،ويشدّ انتباهها إلى مدارات معاناته بعيداً عن أوهامها السّادرة في عوالم المسلسلات المدبلجة التي تقطّع أزمانها في متابعة حلقاتها .
وأسئلة الواقع ورصد تفاصيله لا تتوقّف عند نضال البزم في رصف مجموعته القصصيّة بحجارة صغيرة تمثّل درب الواقع في المشهد الحياتيّ المعاصر للإنسان العربيّ،بل هي تتسامى لتطير إلى عنان أكبر قضاياها عدالة مثل القضية الفلسطينية،حيث الصّمود والإصرار على التّمسك بالوطن والنّضال كما نراه في واقع حال أبطال قصّة ” بيت من قماش” ؛إذ يتحوّل قماش خيمة مبنية فوق ركام بيت فلسطينيّ إلى رمزٍ من رموز النّضال والصّمود ومقارعة العدوّ الصّهيونيّ بكلّ جلد واقتدار وإباء وتأبّي على الرّكوع له،فبيت القماش في هذه القصّة يتحوّل- في مفارقة صارخة- إلى قوة عملاقة لا يستطيع غاصب أن يمزّقها أو يفتك بها؛إذ يتحوّل إلى معادل موضوعيّ لقيم الرّفض والتّفاني والإصرار على التمسّك بالحقّ.
وفي إزاء هذه القضايا الكبرى يكمل نضال البزم المشهد الحياتيّ العربيّ في مجموعته القصصيّة بقصص سرديّة تكمل فسيفساء هذا المشهد بكلّ ما فيه من جماليات وقبح وتناقضات ومعطيات؛ففي قصّة ” مكافأة سخيّة” هناك العطف والمحبّة والإنسانيّة وحفظ الجميل وردّه على خير وجه،وفي المقابل هناك قبح الخيانة وسوء مآل الخائن والخائنة في قصّتي “أخي ليس خائناً” وقصّة “فنجان قهوة”،وفي قصة ” سكرتيرة المدير” هناك تعرية للواقع وفضح الذّئاب فيه؛حيث التّطاول على أعراض النّساء الغافلات المسحوقات تحت ثقل ضنك الفقر ممّن دفعتهنّ الحاجة إلى البحث عن لقمة العيش في سوق العمل الذي يعج بالمتصيدين والمتربصين من الذّئاب،وهناك حسن عاقبة حفظ الأمانة في قصّة “بائع العلكة”،وردّ الإحسان بالإحسان في قصة “ثمن رغيف الخبز”،في إزاء هجاء شديد للواسطات والفساد في المجتمع في قصة “مستشفى خمس نجوم” ؛إذ إنّ المريض لا يلقى الرّعاية الصحيّة المرتجاة في مستشفى حكوميّ ما إلاّ إن كان له فيه واسطة ما من أيّ عيار كانت.
وهناك صوت الفجيعة والضّياع يعلو في قصّة ” الوداع الأخير”؛إذ الغربة تسرق”هاني”،وتقوده نحو الانحلال والضّياع والتنكّر لمبادئه وإيمانياته ومبادئه وأسرته ومسؤولياته،لينتهي به الحال مريضاً بمرض الإيدز.وصوت هذه الفجيعة يتردّد في أجواء قصّة “أمين المستودع” حيث حكاية حبّ “يزيد” و”أميرة”؛إذ تفرّق الظّروف الماديّة بينهما،وتعين الأقدار”أميرة” على الظّفر بالنّجاح والتّوفيق،في حين يكون نصيب “يزيد” هو الخذلان والفشل والانكسار.في حين أنّ الأم في قصّة “الجوكر” هي من تخلق أجواء الفجيعة عندما تشجّع ابنها “سمير”على الانسياق في التّجاوزات الصّحيّة إلى أن يغدو مدمناً على المخدرات.
لنا القول في نهاية هذا التّطواف العاجل على هذه المجموعة القصصيّة التي تكوّنت من خمس عشرة قصّة قصيرة إنّ الأديب نضال البزم يبدو فيها منغمساً في التّجربة الإنسانيّة،ومنصاعاً لبساطة التركيب وسهولة اللّغة ومباشرة النّسق في سبيل توصيف الحالة،وتجسيد المعطيات،دون الجري في دروب التّعقيد اللّغويّ أو الانسياق لاشتراطات البناءات الجديدة في القصّة في عوالم التّجريب والحداثة وما بعدها،إنّه مبدع يشكّل حساسيته الخاصّة تجاه مجتمعه وفق منظومته الإبداعيّة التي تجسّد
الواقع بأدواته المباشرة دون الالتفات حوله للوصول نهاية إليه،إنّه –باختصار شديد- يصوّر الواقع بأدواته المباشرة ليقف بنا مباشرة عند تخومه وجدله وقلقه؛فهو يطرح الأسئلة،ويتسربل بالقلق،ويشاركنا الفجيعة والتّوجّع والحيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.