جامعة المنيا تستضيف أسبوع شباب الجامعات ال 14    أسعار الذهب في ختام التعاملات اليوم السبت 2025.12.27    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    فتح المطارات للاستثمار |شراكة تشغيلية مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة    مصر و20 دولة عربية وإسلامية تعلن رفضها اعتراف إسرائيل باستقلالية إقليم أرض الصومال    فرنسا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا    انطلاق مباراة تونس ونيجيريا في كأس أمم أفريقيا 2025    النصر يحطم أرقام دوري روشن بانطلاقة تاريخية بعد ثلاثية الأخدود    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    رصاصة أنهت الخلاف.. مصرع حداد في مشاجرة بالأسلحة النارية بشبرا الخيمة    هنا شيحة ناعية داوود عبد السيد.. «ترك لنا أفلامًا ما زالت تعيش»    شاهد أولى كواليس «حد أقصى» بطولة روجينا | رمضان 2026    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على «إعلام وراثة» | رمضان 2026    الوطنية للانتخابات تعلن انتهاء اليوم الأول من التصويت بإعادة الدوائر ال19    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هزيمتنا فى حرب 48 سببها خيانة الأردن للجيوش العربية وليس الأسلحة الفاسدة
نشر في شباب مصر يوم 16 - 07 - 2014

مما لاشك فيه أن حرب 1948 هي حرب نشبت في فلسطين بين كل من المملكة المصرية ومملكة الأردن ومملكة العراق وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية من جهة ضد المليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين والتي تشكلت من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين.... وكانت المملكة المتحدة قد أعلنت إنهاء انتدابها على فلسطين وغادرت تبعا لذلك القوات البريطانية من منطقة الانتداب، وأصدرت الأمم المتحدة قرارا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية الأمر الذي عارضته الدول العربية وشنت هجوما عسكريا لطرد المليشيات اليهودية من فلسطين في مايو 1948 استمر حتى مارس 1949.... قرار التقسيم سبقه تمهيد المسرح السياسى حيث زادت الهجرة اليهودية بصورة مكثفة لفلسطين بتشجيع من إنجلترا و الولايات المتحدة الأمريكية و رئيسها هاري ترومان نفسه، و ذلك لتغيير كثافة اليهود علي أرض فلسطين استعدادً لقرار التقسيم....و بالفعل صدر قرار التقسيم من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م، و يقضي بتقسيم أرض فلسطين إلي دولة عربية و دولة يهودية.....
يجب أن تعلم فلسطين حتى العام 1914 كانت ضمن حدود الدولة العثمانية لتشكل الحدود الإدارية لمتصرفية القدس، وبعد أن دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى بجانب الألمان خسرت كافة أراضيها في البلاد العربية لصالح بريطانيا وفرنسا بحسب معاهدة سيفر الموقعة عام 1920 ومعاهدة لوزان الموقعة عام 1923....وكانت كل من بريطانيا وفرنسا قد وقعتا اتفاقا لتقاسم الأراضي العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى فكانت فلسطين من ضمن الأراضي التابعة لبريطانيا بحسب الاتفاق البريطاني-الفرنسي...وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى خضعت فلسطين للانتداب البريطاني حتى العام 1948....في 29 نوفمبر 1947 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية وتدويل منطقة القدس (أي جعلها منطقة دولية لا تنتمى لدولة معينة ووضعها تحت حكم دولي)وكان التقسيم كالتالي :(56% :لليهود , 43% :للعرب ,1% : منطقة القدس (وهي منطقة دولية ووضعت تحت الأنتداب بأدارة الأمم المتحدة)...، وقد شمل القرار على الحدود بين الدولتين الموعودتين وحدد مراحل في تطبيقه وتوصيات لتسويات اقتصادية بين الدولتين...وبشكل عام، رحب الصهاينة بمشروع التقسيم، بينما شعر العرب والفلسطينيون بالاجحاف..... كانت عصبة التحرر الوطني، وهي مجموعة إميل حبيبي، إميل توما وآخرين من العرب الذين تركوا الحزب الشيوعي الفلسطيني، الحركة العربية الفلسطينية الوحيدة التي دعت إلى قبول خطة التقسيم....
وتصاعدت حدّة القتال بعد قرار التقسيم ،في بداية عام 1948، تشكل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، وبحلول يناير 1948 كانت منظمتا الأرجون وشتيرن قد لجأتا إلى استخدام السيارات المفخخة .... فى 4 يناير، قاموا بتفجير مركز الحكومة في يافا مما أسفر عن مقتل 26 مدني فلسطيني.... وفي مارس 1948 قام المقاتلون الفلسطينيون الغير نظاميين بنسف مقر الوكالة اليهودية في القدس مما أدى إلى مقتل 11 يهوديا وجرح 86.... وفي 12 أبريل 1948 تقر الجامعة العربية بإرسال الجيوش العربية إلى فلسطين وأكدت اللجنة السياسية أن الجيوش لن تدخل قبل أنسحاب بريطانيا المزمع في 15 مايو... على صعيد أخر عين ين جوريون يغال يادين مسؤولا عن إيجاد خطة للتحضير للتدخل العربي المعلن.... وخرجت تحليلات يغال يادين بالخطة دالت، والتي وضعت حيز التنفيذ منذ شهر إبريل وما تلاه و ترسم "الخطة دالت" الجزء الثاني من مراحل الحرب، حيث انتقلت فيها الهاجاناه من موقع "الدفاع" إلى موقع الهجوم.....
على صعيد أخر كانت القيادة السياسية في مصر لم تكن علي وعي تام بما يجري علي الساحة الدولية، حتي أن الملك فاروق نفسه كان مندهشاً من حماسة الأمريكان والسوفيت لإقامة وطن قومي لليهود....في نفس الوقت، كان الملك عبد الله يسعي إلي توسيع مملكته الجديدة في شرق نهر الأردن ، و من أجل هذا الهدف باع الملك عبد الله أرض فلسطين في اتفاق سري مع الإنجليز و الوكالة اليهودية يقضي بضم الضفة الغربية لنهر الأردن إلي مملكته في شرق الأردن، بدلاً من أن تقوم بها دولة فلسطينية ، و في المقابل تنسحب القوات الأردنية من الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفقاً لقرار التقسيم....من ناحية أخرى لم يكن الملك فاروق و لا الساسة المصريون علي علم بهذا الاتفاق، و إنما كانت تساورهم الشكوك في نوايا الملك عبد الله !!....لذلك كان الملك عبد الله يمني نفسه ألا تدخل مصر الحرب، و ذلك حتي يقود هو الفيلق العربي إلي الضفة الغربية لنهر الأردن و القدس و يضمها لمملكته في الشرق، و حتي لا تفسد مصر عليه اتفاقه السري مع الإنجليز و اليهود... و كان يعرف أنه إذا لم تدخل مصر الحرب، فإن السعودية و سوريا و العراق لن تدخلها.... لذلك عمل الملك عبد الله علي الاتصال بالملك فاروق بالقنوات السياسية ليوصل له فكرة عدم جدوي دخول مصر بجيشها في الحرب، لأن النتائج محسومة لصالح اليهود و الإنجليز الذين يقفون وراءهم....
وبعد أن قررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف الليل بين ال14 و15 من مايو 1948 بضغط من الأمم المتحدة التي طالبت بريطانيا بانهاء أنتدابها على فلسطين ...في الساعة الرابعة بعد الظهر من 14 مايو أعلن المجلس اليهودي الصهيوني أن قيام دولة إسرائيل سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل، وقد سبقت هذا الإعلان تشاورات بين ممثل الحركة الصهيونية موشيه شاريت والإدارة الأمريكية دون أن تعد حكومة الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة، وبالفعل نشر الرئيس الأمريكي هاري ترومان رسالة الاعتراف بإسرائيل بعد إعلانها ببضع دقائق..... أما الاتحاد السوفيتي فاعترف بإسرائيل بعد إعلانها بثلاثة أيام.... على صعيد أخر امتنعت القيادة الصهيونية عن تحديد حدود الدولة في الإعلان عن تأسيسها واكتفت بتعريفها ك"دولة يهودية في إيرتس يسرائيل"، أي في فلسطين.... و أسفر الإعلان مباشرة عن بدء الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة.... في 26 مايو 1948 أقيم جيش الدفاع الإسرائيلي بأمر من ديفيد بن غوريون رئيس الحكومة الإسرائيلية المؤقتة.....
من نا حية أخرى قبل حرب فلسطين بستة أشهر لم تكن القيادة السياسية في مصر قد خططت لما ستفعله عند إعلان نهاية الانتداب البريطاني في 14 مايو 1948، و كان أقصي ما قام به رئيس الوزراء النقراشي هو إقامة مركز قيادة عسكري في العريش فيه كتيبة مشاة معززة بمدافع هاون لمنع الاضطرابات التي قد تحدث في فلسطين أن تعبر إلي مصر..... على صعيد أخر كان إسماعيل صدقي و النقراشي يعارضان تدخل عسكري مصري في فلسطين علي اعتبار أن مصر عسكرياً ليست مستعدة.... و كان رأي إسماعيل صدقي أن مصر ممكن أن تتعايش مع دولة يهودية علي حدودها الشرقية وفقاً لقرار التقسيم.... أما الملك فاروق فكان يتنازعه آراء ساسته من ناحية و تشجيع السعودييين و العراقيين له لدخول الحرب من ناحية أخري، و كذلك رغبته في إثبات قيادة مصر للعالم العربي و قيادته هو شخصياً للأمة العربية و ما يترتب علي ذلك من مسئوليات....و لكن قبل انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين بأسبوعين، حدث تغير كبير في الموقف المصري، و أصبح الملك فاروق و رئيس وزرائه النقراشي من المؤيدين لدخول جيش مصر الحرب..... حدث هذا التغير كنتيجة لما لمسه النقراشي من رضا الإنجليز و موافقتهم علي دخول جيش مصر الحرب... كان الإنجليز يريدون أن تكون هناك مقاومة عربية إلي حد ما حتي لا يتحول انسحاب الإنجليز من فلسطين إلي قيام اليهود بمذابح و حمامات دم لعرب فلسطين.....و بالفعل عرض النقراشي المسألة علي مجلس النواب في جلسة سرية مساء يوم 12 مايو 1948م أي قبل إعلان انتهاء الانتداب بيومين، ووافق المجلس علي دخول الحرب.....
أما علي الجانب اليهودي، فقد كانت الوكالة اليهودية تمثل القيادة السياسية اليهودية و يرأسها ديفيد بن جوريون، و القوة العسكرية متمثلة في الهاجانا و هو جيش الدفاع، بالإضافة إلي جماعات أخري متطرفة مثل جماعتي أرجون و شتيرن الإرهابيتين....كانت أهداف اليهود واضحة، و شرعوا في تنفيذها منذ بدأ الهجرة اليهودية لفلسطين، و سابقوا الوقت في تغيير معالم الواقع لصالحهم بعد صدور قرار التقسيم من الأمم المتحدة.... أما الهدف الرئيس فتمثل في مقولة بن جوريون ” لاحظوا أن خطوط التقسيم (يقصد تقسيم الأمم المتحدة) هي البداية و ليست النهاية”..... لذلك قامت استراتيجية التنفيذ لليهود علي الأرض فكانت تتلخص في ثلاث نقاط:
أولاً: تأمين احتلال و السيطرة علي الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفقاً لقرار التقسيم سواء بالتعاون مع الإنجليز أو بالعمل المسلح ضدهم، و هو ما حدث في احتلال يافا و حيفا مباشرةً بعد انسحاب القوات البريطانية منها....
ثانياً: السيطرة علي كل التلال و المواقع المرتفعة الكاشفة لما حولها، و كل مفارق الطرق المهمة، و كذلك المناطق القريبة من حدود الدول العربية المجاورة، دون النظر إلي كون هذه المناطق تخضع للجزء اليهودي أو العربي، و ذلك لتطويق ميدان الصراع و التحكم فيه....
ثالثاً: العمل بكل الوسائل علي دفع أكبر عدد ممكن من السكان العرب إلي الهرب من أراضيهم و بيوتهم و مزارعهم.... فكانت مذبحة دير ياسين الذي كان هدفها الأساسي زرع الرعب في قلوب العرب ليهربوا بأنفسهم و أولادهم من المذابح التي تنتظرهم.... و لقد ورد في مذكرات اسحاق رابين الذي كان في ذلك الوقت ماجور في الهاجاناه أنه قام وحده بطرد ما بين خمسين و ستين ألفاً من العرب من بيوتهم و قراهم في المنطقة الواقعة بين اللد و الرملة....
وعندما اقترب موعد انتهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين، و اتفقت الدول العربية علي أن يتولي الملك عبد الله مركز القائد الأعلي للجيوش العربية في فلسطين، و تولي المصري اللواء محمد أحمد المواوي القيادة العامة للقوات العربية، بالإضافة إلي قوة خفيفة من المتطوعين يقودها البكباشي أحمد عبد العزيز تعمل علي المحور الشرقي من خط العوجة إلي بير سبع إلي الخليل و بيت لحم....لقد كانت الجيوش العربية تتكون من الفيلق العربي الأردني و الجيش المصري و فرق من العراق و سوريا و متطوعين ليبيين و مصريين...
وهنا تقفز قضية الأسلحة الفاسدة التى هي من أشهر القضايا التي ارتبطت بحوادث جسيمة في تاريخ مصر ، أهمها هزيمة مصر في حرب فلسطين عام 1948 م و قيام ثورة يوليو عام 1952 ... لذلك تعالوا معى نفصل في هذه القضية بين ما ثبت أنه حقائق تاريخية، و بين ما هي استنتاجات و مبالغات روجت لها وسائل الإعلام بطرق متعددة و في عهود مختلفة لتكوين انطباعات معينة لدي الشارع المصري عن هذه القضية.... لقد قررت القيادة السياسية المصرية ممثلة في الملك فاروق و رئيس الوزراء النقراشي باشا دخول حرب فلسطين عام 1948م قبل نهاية الانتداب البريطاني علي فلسطين باسبوعين فقط... و أقر البرلمان المصري دخول الحرب قبلها بيومين فقط....و نظراً لضيق الوقت و القصور الشديد في السلاح و العتاد الحربي اللازم لدخول الجيش الحرب،تم تشكيل لجنة سميت لجنة احتياجات الجيش يوم 13 مايو كانت لها صلاحيات واسعة بدون أي قيود أو رقابة لاحضار السلاح من كل المصادر و باسرع وقت ممكن....و كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراراً بحظر بيع الأسلحة للدول المتحاربة في حرب فلسطين..... و هو قرار كان يقصد منه الدول العربية بالذات..... لذلك اضطرت الحكومة المصرية للتحايل علي هذا القرار أن تجري صفقات الأسلحة مع شركات السلاح تحت غطاء اسماء وسطاء و سماسرة مصرييين و أجانب، مما فتح الباب علي مصرعيه للتلاعب لتحقيق مكاسب ضخمة و عمولات غير مشروعة.... فكان التلاعب يتم في شيئين أساسيين هما: سعر شراء السلاح الذي كان مبالغ فيه بدرجة كبيرة، و مدي مطابقة السلاح للمواصفات و صلاحيته للاستعمال.....
لقد تفجرت قضية الأسلحة الفاسدة في أوائل عام 1950 م بعد توقيع اتفاق الهدنة بين مصر و إسرائيل، و بذلك انتهت حرب فلسطين فعلياً بهزيمة مصر و الدول العربية و استيلاء إسرائيل علي كل أرض فلسطين ما عدا قطاع غزة و الضفة الغربية و القدس العربية، و هو أكثر بكثير مما كان مقرراً لليهود وفقاً لقرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة.... وبسبب تقرير ديوان المحاسبة ( مثل الجهاز المركزي للمحاسبات الآن) الذي ورد فيه مخالفات مالية جسيمة شابت صفقات أسلحة للجيش تمت في عامي 1948 و 1949 م....و لما حاولت الحكومة برئاسة مصطفي النحاس الضغط علي رئيس الديوان لحذف ما يتعلق بهذه المخالفات من التقرير، رفض و قدم استقالته.... فقدم النائب البرلماني مصطفي مرعي من المعارضة استجواب للحكومة عن اسباب الاستقالة و فضح في جلسة مجلس الشعب يوم 29 مايو 1950 للمجلس المخالفات الجسيمة التي شابت صفقات الأسلحة....و للأسف استخدمت الحكومة الوفدية برئاسة مصطفي النحاس و الملك فاروق كل الوسائل المشروعة و غير المشروعة لاسكات أصوات المعارضة التي أرادت فتح ملفات القضية للوصول إلي المتورطين فيها....و يرجع الفضل إلي احسان عبد القدوس و مجلته روزاليوسف أن وصلت أخبار هذه الصفقات المشبوهة إلي الرأي العام الذي هاله مبلغ الفساد الذي استشري في كل شئ حتي وصل إلي المتاجرة بدماء جنود مصر في أرض المعركة....و نجحت روزاليوسف في تكوين ضغط شعبي كبير اضطر معه وزير الحربية مصطفي نصرت في ذلك الوقت أن يقدم بلاغ للنائب العام لفتح تحقيق فيما نشر بصحيفة روزليوسف عدد رقم 149 بتاريخ 20 يونيو 1950م عن صفقات الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين....
أما عن مدي تسبب الأسلحة الفاسدة في هزيمة الجيش المصري في حرب 1948م ، فقد ثبت بالدليل القاطع و من خلال تحقيق أكثر من جهة و شهادات الجنود و الضباط أن الأسلحة الفاسدة التي تم توريدها في صفقات سلاح مشبوهة قام بها سماسرة و من وراءهم الملك فاروق لم يكن لها تأثير في مجريات الحرب.....فعندما وجدت لجنة احتياجات الجيش أن الوقت ضيق جداً للحصول علي السلاح الذي يحتاجه الجيش للحرب، قررت اللجوء إلي مصادر كثيرة و منها مصادر سريعة و غير مضمونة لتوريد السلاح منها:
أولاً: تجميع الأسلحة و المعدات من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية و اختيار الصالح منها و ارساله للجيش.... و لقد وصلت من هذه المعدات إلي أرض المعركة، ذخيرة مدافع عيار 20 رطلاً، و التي ثبت في التحقيق أنها كانت غير صالحة للاستعمال و تسببت في انفجار أربعة مدافع يومي 7 و 12 يوليو 1948م، مما أدي إلي مقتل جنديين و جرح ثمانية.....
ثانياً: كان الجيش المصري يحتاج إلي دبابات لاقتحام المواقع الحصينة التي أقامها اليهود في مستعمراتهم... ولكن بريطانيا كانت ترفض أن تبيع دبابات للجيش المصري خوفاً أن يستخدمها ضد قواتها في القناة...لذلك قامت لجنة الاحتياجات بارسال ضباط في زي مدني لشراء دبابات انجليزية من طراز لوكاست تباع خردة في المزاد العلني في معسكرات الإنجليز بقناة السويس بعد نسف فوهات مدافعها.... و بالتالي فكان مدي اطلاق كل مدفع يختلف حسب الطول المتبقي من الفوهة..... و لقد أدي استخدام هذه المدافع في ميدان المعركة إلي سقوط قتلي كثيرين في الوقت الذي كان فيه الجيش الإسرائيلي مزود بأحدث الدبابات....
ثالثاً: تسببت قنابل يدوية إيطالية الصنع في جرح جندي واحد هو النقيب مختار الدسوقي يوم 4 يناير 1949م...... و هي القنابل اليدوية التي وردها أحد سماسرة السلاح للجيش المصري.... و هي تعد صفقة السلاح الوحيدة المشبوهة التي ظهر ضررها في أرض المعركة...
و بالتالي فيمكن القول أنه كانت هناك بالفعل صفقات أسلحة فاسدة لا تصلح لاستعمال الجيش قام سماسرة مصريين و أجانب بتوريدها للجيش المصري بمبالغ طائلة يفوق سعرها الأصلي بكثير... و لقد حقق من وراء هذه الصفقات سماسرة السلاح و الحاشية الملكية و الملك نفسه ثراء غير مشروع.....و لكن هذه الأسلحة لم تستخدم في ميدان القتال، فقد ظل معظمها في صناديقها في المخازن، فيما عدا صفقة القنابل اليدوية الإيطالية التي ثبت بالفعل أن الجيش المصري استخدمها في المعارك و كانت غير صالحة للاستعمال، و أحدثت أصابات....أما باقي القتلي و الإصابات التي حدثت من أسلحة غير صالحة للاستعمال فكان يرجع ذلك إلي استخدام أسلحة من مخلفات الحرب في الصحراء الغربية و استخدام أسلحة تباع خردة في معسكرات الإنجليز بمنطقة القناة.....وعلى صعيد أخر يجب ألا نغفل تضحيات جماعات الفيدائيين المصريين في الإسماعيلية بزعامة عبد الحميد صادق الذين كانوا يقومون بحملات سرقة سلاح من مخازن الجيش الإنجليزي في القناة لإمداد الجيش المصري بما يحتاجه.... و مات و جرح الكثير في هذه العمليات.... و قاموا بتزويد الجيش المصري بسلاح بما يعادل قيمته 6 ملايين جنيه....
و في مساء يوم 13 مايو 1948م عبرت أول كتيبة للجيش المصري كوبري الفردان عند قناة السويس متجهة إلي فلسطين....وبدأت العمليات يوم 14 مايو 1948م ، و بدأ هجوم الجبش المصري علي المستعمرات اليهودية في منطقة غزة، و قامت طائراته بالإغارة علي تل أبيب فضربت محطات توليد الطاقة و المطار العسكري.... و في يوم 15 مايو، وصلت طلائع القوات المصرية مدينة غزة....و في 20 مايو اقتحمت القوات المصرية مستعمرة دير سنيد الاستراتيجية لليهود علي الطريق من غزة إلي تل أبيب بعد قتال استمر عشر ساعات، فقد كانت المستعمرة محصنة تحصيناً شديداً “علي أحدث فنون الهندسة العسكرية” كما جاء في إشارة قائد القوات المصرية إلي عثمان باشا المهدي رئيس أركان حرب. و استمرت المعارك داخل المستعمرة حتي حسمها الجيش المصري لصالحه و رفع العلم المصري علي المستعمرة يوم 24 مايو....كان أداء الجيش المصري في بداية الحرب جيداًً، و عند بدء سريان الهدنة الأولي في 11 يونيو 1948 ، كان الجيش المصري قد استولي علي خان يونس و دير البلح و غزة و بييت حانون و بير سبع و دير سانيد و الخليل و بيت لحم و المجدل و أسدود و الفالوجا و عراق المنشية و بيت جبرين و نيتسانيم و عجور و عرطوف. و الحقيقة أن كل هذه المدن كانت تتبع الأراضي المخصصة الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم. لذلك لم يبد اليهود مقاومة عنيفة إلا في دير سانيد......
أما علي الجانب الأردني ( الفيلق العربي)، فقد استولي الفيلق علي القدس القديمة يوم 21 مايو، كما حاصر الحي اليهودي (القدس الغربية) و سقط منها الجامعة العبرية ومستشفي هداسا.....و الحقيقة التي تكشفت بعد ذلك هو أنه كان هناك اتفاق مسبق بين قيادة الجيش الأردني بقيادة جلوب باشا الإنجليزي و جيش هاجاناه اليهودي علي ما هو مخصص لكل منهم وفقاً لخطة التقسيم، فلا يعتدي أي منهم علي مواقع الآخر....و بعد سريان الهدنة الأولي في 11 يونيو 1948، تدفقت الإمدادات علي اليهود من الخارج، و بدأوا في تعزيز مواقعهم، و لم يتوقفوا عن خرق الهدنة بالهجوم علي مواقع الجيوش العربية و الاستيلاء علي الأراضي و طرد الأهالي من قراهم....و فوق ذلك كله، بدأت الجبهة العربية في التصدع نتيجة انسحاب القوات الأردنية من المواقع التي تحتلها لتفسح المجال للقوات اليهودية لتحقيق المزيد من المكاسب علي الأرض.... ديفيد بن جوريون أصدر تعليمات إلي رئاسة أركان جيش الهاجاناه بضرورة احتلال مثلث جنين طولكرم لاترون، و لتحقيق ذلك فإن عليها أن تبدأ بإزاحة القوات الأردنية و العراقية من اللد و الرملة ( و كلها مناطق مخصصة للعرب بمقتضي قرار التقسيم).....و كان ذلك يواجه الجنرال “جلوب”- قائد الفيلق العربي الأردني- بمعضلة لأن هذه المناطق واقعة ضمن ما هو مخصص للعرب بمقتضي قرار التقسيم.... و لكنه في نفس الوقت لديه أوامر واضحة من الإنجليز بعدم مهاجمة قوات اليهود. فأرسل جلوب إلي الملك عبد الله ليعاونه في هذه المسألة.....
فقرر الملك عبد الله أن يفسح لليهود لتحقيق أغراضهم...... و لكي يفعل ذلك دون أن يثير الشكوك، أرسل إلي قادة الدول العربية يطلب منهم المدد العسكري بدعوي أن القوات الأردنية المدافعة عن اللد و الرملة ليس لديها ذخيرة كافية للدفاع عن المنطقة ، و هي تتعرض لضغوط القوات اليهودي....ة. و كان الملك عبد الله يعلم أن القوات العراقية و المصرية ليس لديها ما يكفيها هي أصلاً، و بالتالي لن تستطيع أن ترسل ذخيرة إضافية للقوات الأردنية.....و بالفعل انسحبت القوات الأردنية من اللد و الرملة، و بدأت القوات اليهودية دخول المناطق المخصصة للعرب وفقاً لقرار التقسيم بدون قتال، و هو ما تكرر بعد ذلك في الجليل الأعلي و في النقب حتي شاطئ خليج العقبة.... و أصبح شعور الأهالي تجاه الجيش الأردني غير مرض، تكررت حوادث إطلاق النار علي الإنجليز الضباط....و بدأ الانقسام يدب بين الضباط و الجنود الأردنيين تجاه القادة الإنجليز.....و تكررت حوادث تعدي جنود العراق علي الأردني لعدم قيام الأردني بواجبه تماما.... كل ذلك يشير إلي تقاعص الجيش الأردني في الحرب، كما تشير أيضاً إلي عدم رضاء الجنود و الضباط الأردنيين عن الأوامر التي تصدر لهم من قيادتهم العليا التي تأتمر بأمر الإنجليز......
ثم تجددت الهدنة في 18 يوليو 1948، لكن اتفاقيات الهدنة كانت بالنسبة للإسرائيليين حبر علي ورق، أما الجيوش العربية فقد ظلت حائرة لا تدري كيف ترد علي خروقات الجانب اليهودي، فاكتفت برصد الخروقات و ارسالها إلي مراقب الهدنة من الأمم المتحدة.... و مع تصاعد الخروقات اليهودية، بدأ اليهود في شن غارات جوية علي مدن القاهرة و عمان و دمشق، و ذلك للتأثير سلباً علي معنويات الشعوب العربية، و القيادات السياسية، حتي أن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق قصري عابدين و القبة يوم 18 أكتوبر.....و بسبب الخسائر التي منيت بها القوات المصرية، جري تغيير القائد العام للقوات ليصبح اللواء أحمد فؤاد صادق بدلاً من اللواء المواوي.... و بعد استشهاد أحمد عبد العزيز، تولي قيادة المتطوعين القائمقام عبد الجواد طباله.....و عندما بدأت القوات الأردنية في تنفيذ مخططها بضم الضفة الغربية للأردن، بدأت المشاحنات بين القوات الأردنية و الأهالي الفلسطينيين...و الحقيقة أن القوات المصرية كانت من الفروسية أو السذاجة أن وثقت في القوات الأردنية علي الرغم من كل الإشارات التي تنبئ بعدم جدية الموقف الأردني في الحرب.....
و إذا أردنا استجلاء الحقيقة عن أسباب هزيمة مصر في حرب 1948م، يتضح لنا أنه كان هناك أسباب سياسية مهدت لهذه الهزيمة و أسباب أخري عسكرية علي أرض المعارك منها:
أولاً: مساندة إنجلترا و الولايات المتحدة و فرنسا لليهود في الحصول علي دولة خاصة بهم علي أرض فلسطين....... هذه المساندة تمثلت في تشجيع هجرة اليهود بأعداد ضخمة لفلسطين، و إمدادهم بالأسلحة و الذخيرة ، و منعها عن الجانب المصري، و تدريب اليهود علي الفنون العسكرية.....و علي الرغم أن إنجلترا وافقت علي دخول الدول العربية الحرب بجيوشها، إلا أنها كانت تعلم تمام العلم أن القوات العربية بتسليحها و قدرتها لن تستطيع أن تحقق نصراً علي قوات اليهود التي تفوقها عدداً و تسليحاً و قدرات عسكرية..... كما انها مارست ضغطاً كبيراً علي حكومات الدول العربية لكي تضمن قيام دولة يهودية في الأرضي التي خصصت لها بموجب قرار التقسيم....
ثانياً: غياب استراتيجية واضحة لدي القيادة السياسية في مصر التي لم يكن لديها الدراسات السياسية و العسكرية و التاريخية عن فلسطين و خطورة المخطط الصهيوني، و طبيعة و اسباب و ابعاد المساندة الغربية لقيام هذه الكيان فوق أرض عربية.... كما لم يكن لديها مخابرات بالمعني الاحترافي، بحيث تكون قادرة علي معرفة ابعاد المخطط الإنجليزي اليهودي، و تواطؤ الملك عبد الله في هذا المخطط.....
ثالثاً: دخول الملك عبد الله في اتفاق سري مع الإنجليز و الوكالة اليهودية ، و هو ما أحدث تصدع في الجبهة العربية، لأن الأردن كانت هي الدولة المعنية الأولي بموضوع فلسطين، و لكنها في نفس الوقت هي الدولة التي قرر ملكها ألا يدافع عن فلسطين و ألا يسمح حتي بقيام دولة فلسطينية لها حدود مع دولته، و إنما قرر أن يلتهم الأرض الفلسطينة لتكون ضمن حدود مملكته....... كما أن قيادات الجيش الإردني ( الفيلق العربي) كانت كلها من الضباط الإنجليز.... مما يعني أن الفيلق العربي كان يأتمر بأمر الإنجليز و ليس بأمر القيادة العربية....
أما علي أرض المعارك، فكانت فكانت هناك أسباب أخرى منها : فارق الخبرة العسكرية و العدد و العدة بين الجيش المصري و جيش الهاجاناه اليهودي، فلم تكن لدي قيادة الجيش المصري سابق خبرة في قيادة أي معارك حربية، لأن الخطط الحربية ليست معلومات مكتوبة في الكتب و إنما تجارب و ممارسات علي أرض الواقع..... فآخر الحروب التي خاضها الجيش المصري كانت بقيادة إبراهيم باشا في الشام سنة 1839م...... و منذ ذلك الحين لم يشارك الجيش المصري في أي معارك حربية...... أما جيش الهاجاناه اليهودي فقد شارك جنوده و ضباطه في الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الأولي ثم في الحرب العلمية الثانية، و أعطيت له مهام عسكرية في الحرب العالمية الثانية مثل طرد حكومة فيشي من سوريا.... فأكتسب اليهود خبرات كبيرة في هذه الحروب متعددة الجبهات.....
و من حيث العدد و العدة القوات الإسرائيلية كانت تفوق القوات المصرية في العدد بنسبة 1:2.... و بلغت نسبة تفوق القوات الإسرائيلية علي المصرية في المعدات و الذخائر من حيث الكم و الكيف نسبة 1:3،5 .... إلى جانب قيام القوات الأردنية بالانسحاب من مواقعها بأوامر من قيادتها السياسية المتواطئة مع الإنجليز و اليهود ضد العرب.... فأدت بانسحابها خسارة أراضي واسعة كانت مخصصة للدولة العربية وفقاً لتقسيم فلسطين، و هي الجليل الأعلي و صحراب النقب..... كما أن الانسحابات الأردنية أدت إلي كشف المواقع المصرية و محاصرتها من قبل قوات العدو كما حدث في الفالوجا.... مع الوضع فى الحسبان أن الإنجليز كانوا يتحكمون في توريد الأسلحة للجيش المصري، و عندما بلغ تقدم الجيش المصري في فلسطين مبلغاً مقلقاً بالنسبة لهم، رفضوا طلبات مصر بتوريد الأسلحة و الذخيرة، و بدأ الجيش في الجبهة يعاني من نقص شديد في الأسلحة و الذخيرة..... إلى جانب أن فرق المقاومة الفلسطينية المساندة للجيش المصري كانت أضعف من التصدي للهاجانا، و كانت تتمثل في قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني و قوات الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، فانكسرت بسرعة أمام اليهود لأنها كانت أقل تنظيماً و خبرة و تسليحاً، و الحقيقة أن هذه الفرق كانت تقاتل بشجاعة الرجال و فقط، و لم يتوفر لها أي اساليب أخري....
وعلاوة على ذلك جاء استخدام الجيش المصري لأسلحة فاسدة من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فقيادة الجيش المصري اعتمدت علي سماسرة السلاح لشراء أسلحة الجيش، و أصر الملك علي شراء الأسلحة من إيطاليا التي كانت تربطه بها علاقات قوية، و كانت النتيجة أن الأسلحة جاءت من مخلفات الحرب العالمية الثانية في مخازن الجيش الإيطالي، فكان بعضها فاسد و أدي إلي إصابات في صفوف الجيش المصري.....إلى جانب أن بعض المسئولين في الدول العربية الذين كانت في أيديهم مقاليد الأمور، لم يكونوا جادين و لا مصممين في مواجهة هذه المشكلة و لم يعالجوها بما تتطلبه خطورتها من الحزم و الاهتمام، بل كانوا هازلين، خائرين، مترددين، بينما كان اليهود جادين كل الجد..... بينما كان اليهود يعملون بقوة و تصميم بوحي من مصالحهم العامة و تنفيذاً لبرنامجهم الصهيوني الخطير، كان بعض المسئولين في بعض الدول العربية يعملون إما بوحي الاستعمار الأجنبي أو بتأثير مصالحهم الخاصة .... و قد نتج عن تضارب الأهواء و المصالح، و تباين الغايات و الأهداف و التخاذل بين دول الجامعة، وقوع هذه الكارثة الأليمة.....و مما لا شك فيه أن ملف هزيمة حرب فلسطين ما زال مفتوحاً، و سيظل كذلك لمدة غير قصيرة، حتي نستلهم منه الدروس الكافية و الكفيلة بعدم تكراره.. الهزيمة فى حرب فلسطين 1948 سببها الرئيس كان خيانة الأردن للجيوش العربية وليس الأسلحة الفاسدة كما أشاعوا فينا وعلمونا ذلك !!!...
حمدى السعيد سالم
صحفى ومحلل سياسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.