إلى البحر أيها الليبيون، هنالك؛ في مياه البحر ألقوا بأنفسكم، واتركوا الموج الأزرق بمسح عن وجوهكم غبار السنين التي لطخها القذافي، إلى البحر، هنالك؛ تطهروا أيها الليبيون من دنس الطاغية الذي تعلق في فضائكم، وألقوا بملابسكم على الرمل يدعكها مما علق فيها من رائحة القذافي، ومن لوثة حكمه التي أهانت العرب جميعهم، إلى البحر كي يعفر الموج رذاذه، ويمسح وجوهكم بالملح الأبيض، ويجفف عن طريقكم مخلفات معتوهٍ صار بفعل الصهيونية رئيساً، إلى البحر يغسل عيونكم من أسوأ منظر يطل عليكم، إلى البحر كي يتغلغل هديره في مسامعكم، ويعزف في قلوبكم لحن الحرية، ويطهركم من حاكم سخط الإنسانية السمحة على هيئة قاتل، إلى البحر يغسلكم من سيرة مخلوق فتت وهج العروبة لتصير استخذاءً على بوابات إسرائيل وأمريكا، وتصير ظلمات يبشر فيها، ويرشها على الطرقات، كي يخفي ألق أحفاد عمر المختار، ويسقط تاريخهم في حفر الاستهتار. قبل اليوم، لم نكن نعرف أن أحرار ليبيا على هذا القدر من التضحية والمحبة، كان وجه ليبيا هو وجه معمر القذافي؛ الذي يشهد كل من رآه بأن الله سريع العقاب، قبل اليوم كان صوت ليبيا ولغتها العربية هو لسان القذافي الذي نشك في انتمائه إلى الشعب الليبي، ونتشكك في انتمائه إلى الأمة العربية والإسلامية، قبل اليوم حسبنا أن الليبيين من سلالة ملك الملوك، الزعيم الثائر المناضل الرئيس العقيد معمر القذافي، حسبنا ليبيا قد صارت مكب نفايات إسرائيل، ومحطة تجارب تفريغ الإنسان من محتواه، قبل اليوم لم نكن نعرف أن قبضة أحفاد عمر المختار حين تلوح بالتحدي يتساقط مطر الحرية، ويتهاوي الدكتاتور، لم نكن نعرف أن الأرض الليبية ستنبت كل هذه السواعد التي أقسمت بالله العظيم على تطهير التراب الليبي من مخلفات مرحلة حزبية يتيمة حزينة من تاريخ العرب. أيها الليبيون، يموت الإسرائيليون في غيظهم، يموتون وأنتم تفاجئونهم بثورتكم مثلما فاجأهم التونسيون، ومثلما فاجأهم من قبلكم المصريون، يموت الإسرائيليون، وهم يرتجفون، ويتوجسون، ويتحسبون الموت يزحف عليهم من عواصم العرب الثائرة على نظام سايكس بيكو، النظام الذي وفر الحماية والأمن والبقاء للغاصبين اليهود على أرض فلسطين.