عالم السياسة لايعرف الحقيقة .. هذا ما اكده البعض فالكذب هو الطريقة المثلى لإدارة الشئون السياسية ، ومايجرى خلف الستار هو ما يحدد مصائر الشعوب وليس مايقال فى المؤتمرات الصحفية والمقابلات الإعلامية . ومع ذلك .. فالشرارة التى أطلقها "ويكيليكس "أصبحت مصدر الهام لصحفى العالم ليؤكدوا ان قاعدة واحدة فقط لها حق الأستمرار .. المعرفة حق للجميع . الاسم جاء من دمج كلمة "ويكي" والتي تعني الباص المتنقل مثل المكوك من وإلى مكان معين، وكلمة "ليكس" وتعني بالإنجليزية "التسريبات". لهذا كانت الصدمة العالمية من الوثائق السرية التى نشرها موقع ويكيليكس ، وبالرغم من فرح الشعوب بحصولها على معلومات مصنفة بانها " سرية " على النقيض كان حال الحكومات ، التى تعتبر المراسلات التى تتم عبر قنواتها الدبلوماسية سرا لايجب ان يكون متاحا للجميع .. تراوحت ردود الفعل فى الأوساط الدبلوماسية العالمية بين الصدمة والإحراج أثرقيام موقع ويكيليكس بنشر مضمون نحو ربع مليون برقية دبلوماسية امريكية ، كشف الكثير من أسرار الأتصالات الخارجية الأمريكية والعلاقات الدولية . ورغم ان بعض المعلومات التى تضمنتها الوثائق لم تكن مفاجئة للبعض وخاصة فيما يتعلق بإيران وباكستان ، إلا أن توقيتها يحمل دلالات هامة جدا وخاصة فيما يتعلق بتراجع الثقة فى أمريكا حتى فى عيون أصدقائها الذين اكتشفوا ماوصفه المراقبون بالملامح القبيحة للدبلوماسية الأمريكية. وسائل الإعلام بالطبع كانت المستفيد الأول من هذا التسرب المعلوماتى ، لكن فى نفس الوقت لام البعض على " جوليان أسانج مؤسس الموقع لتسريبه مثل هذه المعلومات. و كتب المحلل السياسي " ديرك اشونج " بجريدة "نيو يورك تايمز " الأمريكية أنه يوجد فرق بين محاسبة الحكومات على أفعالها وقرارتها وبين جعل المسئولين الحكوميين سجناء لكلماتهم ومحاسبتهم عليها بصرف النظر عن الظروف التى قيلت فيها . ويتساءل الخبير السياسى الأمريكى مثله مثل الملايين فى العالم حول النوايا الحقيقية للموقع من خلال نشر هذه الوثائق ، فكشف الحقائق وأكاذيب الحكومات دائما شيء جيد وبين انه مهما حدث يجب أن تظل الشعوب واثقة بحكومتها كى لاتحدث عملية إنهيار للمجتمع الدولى فى حالة فقدان هذه الحكومات للمصداقية . وبالرغم أن الصحف صورت هذه الواقعة بأنها انتصار وحدث تاريخى فى حرية نشر المعلومات الا أن البعض شكك فى الهدف من وراء نشر هذه الوثائق وتساءل عن ماهو الهدف الذى تحقق أو الوضع الذى تغير جراء هذا التسريب ؟! أم الهدف منه هو إشاعة الفوضى . وقد رصدت بعض المواقع عدم اقتناع الصحفيين أنفسهم بأن الهدف وراء التسريب هو كشف الحقائق وإظهار المواقف الدولية على حقيقتها ولكنهم لم يمانعوا أن يستمتعوا قليلا بممارسة النميمة والثرثرة حول أسرار المجتمع الدولى . "جوليان أسانج " مؤسس موقع ويكيليكس أرسل لمجلة " تايم " يقول : انه سوف يقوم بكشف وفضح القيادات الكاذبة والفاسدة فى العالم . وأضاف : أنه يستهدف فقط المؤسسات التى تستغل السرية لتغطية وتبرير السلوك الظالم . دعونا نقترب من " جوليان أسانج " الشهير برجل الفضائح .. فبرغم أنه فضح الكثير من أسرار الولاياتالمتحدة وزعزع ثقة حلفائها فيها إلا ان الفضائح طالته هو شخصيا ، حيث أعلنت الشرطة الدولية ( الإنتربول ) أنها أصدرت مذكرة توقيف دولية أو مايعرف بالمذكرة الحمراء بحق مؤسس موقع ويكيليكس " جوليان أسانج " المطلوب فى السويد فى إطار تحقيق بتهمة الإغتصاب والإعتداء الجنسى ، ويتعرض حاليا لهجوم شرس من قراصنة الإنترنت بعد نشره آلاف الوثائق السرية . " جوليان أسانج " يبلغ من العمر تسعة وثلاثين عاما ، نشأ بصورة غير تقليدية ، حيث ولد فى أستراليا وكان والداه قد ألتقيا فى مظاهرة ضد حرب فيتنام وأورثا أبنهما الإحساس بالتمرد . فى طفولته تسجل فى سبع وثلاثين مدرسة مختلفة وكان انتقاله المستمر بسبب أن والديه كانا يديران فرقة مسرحية متجولة ، ثم واصل دراسته فى الرياضيات والفيزياء فى الجامعه فى استراليا ، ترك " أسانج " منزل والديه وهو فى السابعة عشر من عمره وأمضى بعض الوقت ينام بدون مأوى فى شوارع " ميلبورن " أستحوذ الإنترنت على " أسانج " منذ صغره لدرجة أنه فى أواخر مراهقته أصبح جزءا من العالم السرى للكومبيوتر، فتعلم اقتحام الحسابات المصرفية على الإنترنت للشخصيات الثرية وذوى النفوذ وإطلع على أسرارهم . من اوائل الأسرار التى فضحها كانت لعالم فيزياء يبيع نتائج أبحاثه الى مؤسسه عسكرية ووكالة استخباراتية . ورغم شهرة الموقع فأن مؤسسه " أسانج " لايزال شخصية غامضة تتجنب الأضواء ونادرا مايشاهد فى الأماكن العامة وهو لايمتلك عنوان سكن ثابت ويفضل أن يسافر الى المناطق التى تصبح مركزا للحدث وغالبا مايقيم فى السويد او فى ايسلدا وهما بلدان تحمى فيهما القوانين استخدام الإنترنت بحرية وبغير الإسم الصحيح أو حتى بدون إسم ، ولايوافق على اجراء مقابلات صحفيه معه الا فيما ندر . وأخيرا .. يقول " أسانج " أن الإستخدام العالمى للإنترنت ولموقعه يمكن أن يعزز النقاشات حول المعلومات الحساسة مع ضمان الدقة وبإستطاعة أى شخص لديه منفذ للإنترنت ان يسلم الموقع مايشاء من المعلومات والموقع يعلن بأن إهتمامه الرئيسى هو فضح الأنظمة القمعية فى أسيا والدول التى كانت عضوه فى الكتله السوفيتيه والدول الأفريقية المحيطة بالصحراء ودول الشرق الاوسط . لاتنسوا أننا فى عصر المعلومات والفضاء المفتوح والإختراق الإلكترونى النافذ ، والإغارة على مواطن السرية والنشر على المشاع .. عصر نفذ فيه المحكومون لداخل أستار الحكام ، كلها عناصر واستجدت ، تتوالى وتتفاعل وتشكل شبكات من تحالف ، أقرب الى فرسان الزمن الغابر لبسوا مسوح العصر ، فئة من ناشطين ، متطوعين خوضوا الصعب ، مقاتلون بطريقتهم من باب الشجاعة والشهامة والصالح العام فقط لاغير ...