خطة الانطواء الإسرائيلية تعني انتهاء الاحتلال للضفة الغربية شكلاً، وضم غور الأردن، ومحيط القدس، والمستوطنات، وجبال الضفة الغربية إلى إسرائيل فعلاً، وترى الحكومة الإسرائيلية أن خطة الانطواء هي الرد العملي على أي تحرك فلسطيني باتجاه الأممالمتحدة، أو حتى باتجاه الصليب الأحمر. بمعنى آخر، لا تجميد مؤقت للاستيطان، ولا استئناف مفاوضات من النقطة التي توقفت عندها مع حكومة "أولمرت"، ولا موافقة إسرائيلية على مبادرة السلام العربية، ولا موافقة على خارطة الطريق التي تحفظت إسرائيل على ثلاثة عشر بنداً من بنودها، وألف لا ولا إسرائيلية على كل محاولة فلسطينية للتوصل إلى اتفاق. ماذا نفعل للخروج من هذه الورطة ليس هو السؤال المطروح في هذا المقام! فقد سبق السيف العذل، ولم يعد للقيادة السياسية الفلسطينية حول ولا قوة لفعل شيء، وكل ما تدعيه من إمكانيات عمل، ومن خيارات مفتوحة هو هراء، وهذا الرأي ليس من بنات أفكاري، وإنما هذا ما تدركه إسرائيل جيداً، وما تكشف عنه تصرفاتها. ولكنني أزعم أن السؤال الذي يدور في ذهن الفلسطينيين هو: لماذا وصلنا إلى هذا الحالة من التردي؟ ومن هو المسئول عن هذا الاستخذاء الفلسطيني، وعن تنمية التعنت والصلف والغرور والتطرف الإسرائيلي؟ قد يخرج على الفلسطينيين وهم في هذه الحالة من الإحباط الشديد كما صرح بذلك أبو علاء قريع في القاهرة قد يخرج عليهم من يقول: إن الفلسطينيين أحسن شعب في إضاعة الفرص، فما هو مطروح اليوم من حلول أقل بكثير مما كان مطروحاً على السيد عباس زمن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابقة "أولمرت". وما كان مطروحاً على الرئيس عرفات في كامب ديفيد، أكثر بكثير مما طرح على السيد عباس، وما كان مطروحاً قبل ذلك على الثورة الفلسطينية أثناء زيارة أنور السادات للقدس، كان أفضل بكثير مما طرح عليهم فيما بعد، وهكذا حتى نصل إلى قرار التقسيم الذي رفضه الفلسطينيون سنة 47. ليواجهوا اليوم الأسوأ؛ خطة الانطواء الإسرائيلي، وهم مكتوفو الإرادة. مثل هذا الكلام يحمل مسئولية الفشل للشعب برمته، ويعفي القيادة من دورها في إهدار طاقة الشعب، وحرف بوصلته، وتسليم مقاديره في يد حفنه ممن لا يهمهم إلا مصالحهم، وتمكنوا بالتدريج من قتل الوطن في النفوس، ومن تيئيس المجتمع، وكانوا الخنجر الإسرائيلي الذي مزق الانتماء، وشق الصف للخطط الإسرائيلية كي تتحكم في الساحة الفلسطينية. إن الخلاص الفلسطيني من حالة الإحباط والفشل الراهنة لتتمثل في المحاسبة بأثر رجعي، ولو استدعى الأمر نبش القبور، ومقاضاة أصحاب القرار في الساحة الفلسطينية.